محبة العالم الإنساني إشراق من محبة الله…
1
يا معلّم أيَّة وصيَّةٍ هي العُظمَى في الناموس. فقال لهُ يسوع تحبُّ الربَّ إلهك من كلّ قلبك ومن كلّ نفسك ومن كلّ فكرك. هذه هي الوصيَّة الأُولى والعُظَمى. والثانية مثلها تحبُّ قريبك كنفسك. بهاتين الوصيَّتين يتعلَّق الناموس كلُّهُ والأنبياءُ.
2
هذه هي وصيَّتي أن تحبُّوا بعضكم بعضًا كما أحببتكم. ليس لأحدٍ حبٌّ أعظم من هذا أن يضع أحدٌ نفسَهُ لأجل أحبَّائِهِ.
3
وألَّفَ بينَ قلوبِهم لو أنفقتَ ما في الأرض جميعًا ما ألَّفتَ بينَ قلوبِهِم ولكنَّ الله ألَّفَ بينهم إنّهُ عزيزٌ حكيمٌ.
4
يا أهل العالم إن دين الله قد وجد من أجل المحبة والاتحاد، فلا تجعلوه سبب العداوة والاختلاف.
5
إنّا نحبُّ أن نرى كلّ واحد منكم مبدء كلّ خير ومشرق الصّلاح بين العالمين آثروا إخوانكم على أنفسكم… إن ظهرت كدورة بينكم فانظروني أمام وجوهكم وغضّوا البصر عمّا ظهر خالصًا لوجهي وحبًا لأمري المشرق المنير. إنّا نحبّ أن نراكم في كلّ الأحيان في جنّة رضائي بالرّوح والريّحان ونجد منكم عرف الألفة والوداد والمحبّة والاتّحاد كذلك ينصحكم العالم الأمين. إنّا نكون بينكم في كلّ الأوان إذا وجدنا عرف الوداد نفرح ولا نحبّ أن نجد سواه يشهد بذلك كلّ عارف بصير…
6
المحبة نور يضيء في كل منزل والعداوة ظلمة تأوي إلى كل كهف.
7
قال الله تعالى: حَقَّتْ مَحبّتِي للمتَحابِّينَ فيَّ، وَحَقَّتْ مَحبَّتي للمُتجَالِسين فيَّ، وَحَقّتْ مَحبَّتي لِلمُتزَاوِرِينَ فيَّ.
8
سمعتم أنهُ قيل تحبُّ قريبك وتبغض عَدُوَّك. وأما أنا فأقول لكم أَحِبُّوا أعداءَكم. باركوا لاعنيكم. أحسنوا إلى مُبغِضيكم… لأنهُ إن أحببتم الّذين يحبُّونكم فأيُّ أجرٍ لكم.
9
كونوا في غاية الاتحاد، لا تغضبوا من بعضكم البعض أبدًا… أحبّوا الخلق لوجه الله لا لأنفسهم، ولأنّكم أحببتموهم لوجه الله فلن تغضبوا منهم، فالبشر بعيدون عن الكمال ولا بدّ من وجود نقص في كلّ إنسانٍ. إذا نظرتم إلى النفوس فسوف تغضبون دومًا، أمّا إذا نظرتم إلى الله فستحبون الجميع وترأفون بهم لأجله، لأن عالم الحقّ عالم الكمال والرحمة التامة.
10
العين الكاشفة للعيوب ترى العيوب، أمّا العين الساترة فتنظر إلى خالق النفوس، فهو الذي خلقهم وربّاهم ورزقهم ووهبهم النفس والروح ومنحهم السمع والبصر، لهذا فالكلّ آيات قدرته. عليكم أن تحبّوا الجميع وترأفوا بالجميع، فتقدِّموا الرعاية للفقراء والحماية للضعفاء والشفاء للمرضى والتربية والتعليم للجهلاء.
11
إن كنتُ أتكلَّم بألسِنَةِ الناس والملائِكة ولكن ليس لي محبَّةٌ، فقد صرتُ نحاسًا يطنُّ أو صنجًا يرنُّ. وإن كانت لي نبوَّةٌ وأعلم جميع الأسرار وكلَّ علمٍ، وإن كان لي كلُّ الإيمان حتى أنقل الجبالُ، ولكن ليس لي محبَّةٌ فلستُ شيئًا. وإن أطعمتُ كلَّ أموالي وإن سلَّمتُ جسدي حتى احترق ولكن ليس لي محبَّةٌ فلا أنتفع شيئًا. المحبَّة تتأَنَّى وترفق. المحبَّة لا تحسد. المحبَّة لا تتفاخر ولا تنتفخ. ولا تُقبِّح ولا تطلب ما لنفسها ولا تحتدُّ ولا تظنُّ السوءَ. ولا تفرح بالإثم بل تفرح بالحقّ. وتحتمل كلَّ شيءٍ وتصدّق كلَّ شيءٍ وترجو كلّ شيءٍ وتصبر على كل شيءٍ. المحبَّة لا تسقط أبدًا.
12
حينما ننظر إلى عالم الوجود لا نرى أمرًا أعظم من المحبة. فالمحبة سبب الحياة والمحبة سبب النجاة والمحبة سبب ارتباط قلوب البشر والمحبة سبب عزة البشر ورقيهم والمحبة سبب الدخول في ملكوت الله والمحبة سبب الحياة الأبدية. وكما يتفضل حضرة المسيح أن الله هو المحبة فأي شيء أعظم من الله. إذن فبموجب قول حضرة المسيح ليس في عالم الوجود شيء أعظم من المحبة.
13
قال داودُ عليه السلام فيما يخاطبُ رّبَّهُ: يَا رَبِّ أيُّ عِبادِكَ أَحَبُّ إليْكَ، أحِبُّهُ بحبِّكَ؟ قالَ: يَا دَاودُ أحَبُّ عِبَادي إليَّ تَقِيُّ القلبِ، نَقِيُّ الكفَّيْنِ، لا يَأتي أحَدًا سُوءًا، وَلا يمشيَ بالنَّميمةِ، تزولُ الجبَالُ وَلا يزُولُ، أحَبَّني وَأَحبَّ مَنْ يُحِبّني وَحَبَّبَني إلى عِبَادي. قالَ: يَاربِّ إنَّكَ لتَعْلُم أني أحِبُّكَ وَأحبُّ مَنْ يحبكَ فكيْفَ أحَبّبُكَ إلى عِبادِكَ؟ قالَ: ذَكِّرْهُمْ بآلائِي ونَعْمائي يَا دَاودُ إنَّهُ ليْسَ مِنْ عَبْدٍ يُعِينُ مَظلومًا أوْ يمَشى مَعهُ في مَظلمَتِه إلاَّ أُثَبِّتُ قدَمَيْهِ يَوْمَ تزولُ الأقدَامُ.
14
لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه.
15
أوصاني ربي بتسع، أوصاني بالإخلاص في السر والعلانية، والعدل في الرضا والبغض، والقصد في الفقر والغنى وأن أعفو عمن ظلمني وأعطي من حرمني وأصل من قطعني وأن يكون صمتي فكرًا ومنطقي ذكرًا ونظري عبرًا.
16
أيُّها الأحباء لنحب بعضنا بعضًا لأن المحبة هي من الله وكلُّ من يحب فقد وُلد من الله ويعرف الله. ومن لا يحب لم يعرف الله لأن الله محبة.
17
يا ابن جندب: صِلْ من قطعك. وأعط من حرمك وأحسن إلى من أساء إليك وسلم على من سبّك. وانصف من خاصمك. واعفُ عمن ظلمك، كما إنك تحب أن يعفى عنك، فأعتبر بعفو الله عنك، ألا ترى أن شمسه أشرقت على الأبرار والفجار وأن مطره ينزل على الصالحين والخاطئين.
18
أُنْظُرُوا إلى عالَمِ الوُجُودِ تَرَونَ أنَّ المَحَبَّةَ والأُلْفَةَ هُما سَبَبُ الحَياةِ. يا أَحِبَّاءَ اللهِ كُونُوا مَظاهِرَ مَحَّبَةِ اللهِ.
19
طوبى لنفس إتكأ على فراشه وقلبه منور بنور محبة أهل العالم.
المراجع
.9. The Promulgation of Universal Peace, Wilmette: Baha’i Publishing Trust, 1982, p.93
طوبى لصـانعي السلام…
1
يا أيُّها الَّذين آمنوا ادخلوا في السّلمِ كافّةً ولا تتَّبعوا خطواتِ الشّيطانِ إنَّهُ لكم عدوٌّ مُّبينٌ.
2
ولما رأَى الجموع صعد إلى الجبل. فلما جلس تقدَّم إليهِ تلاميذهُ. ففتح فاهُ وعلَّمهم قائلًا. طوبى للمساكين بالروح. لأن لهم ملكوت السموات. طوبى للحزانى. لأنهم يتعزَّون. طوبى للوُدَعاءِ. لأنهم يرثون الأرض. طوبى للجِياع والعِطاش إلى البِرّ. لأنهم يُشبَعون. طوبى للرُّحماءِ. لأنهم يُرحَمون. طوبى للأَنْقِياءِ القلب. لأنهم يعاينون الله. طوبى لصانعي السلام. لأنهم أبناءَ الله يُدعَون. طوبى للمطرودين من أجل البرّ. لأن لهم ملكوت السموات.
3
وإن جنحوا للسَّلمِ فاجنح لها وتوكَّل على اللهِ إنَّهُ هو السميعُ العليمُ.
4
لَقَدْ خُلِقَ الجَميعُ مِنْ أجْلِ إصلاحِ العالَمِ، ولَعَمْرِ الله لَيْس مِنْ شِيَمِ الإنْسانِ السُّلوكُ مَسْلَكَ وُحوشِ الغابِ وَلا يَليقُ ذَلِكَ بِمَقامِهِ… فَشَأنُ الإِنْسانِ الرَّحْمَةُ وَالمَحَبَّةُ وَالشَّفَقَةُ وَالوِئامُ مَعَ جَميعِ أهْلِ العالَمِ
5
قُلْ إِيَّاكُمْ أنْ تَزْرَعوا زُؤانَ الخُصُومَةِ بَيْنَ البَرِيَّةِ وشَوْكَ الشُّكُوكِ في القُلُوبِ الصَّافِيَةِ المُنِيرةِ. قُلْ يا أَحِبَّاءَ اللهِ لا تَعْمَلُوا ما يَتَكَدَّرُ بهِ صَافي سَلْسَبِيلِ المَحَبَّةِ ويَنْقَطِعُ بهِ عَرْفُ المَوَدَّةِ. لَعَمْرِي قدْ خُلِقْتُمْ لِلوِدَادِ لا لِلضَّغِينَةِ والعِنَادِ. ليسَ الفَخْرُ لِحُبِّكُمْ أنْفُسَكُمْ، بَلْ لِحُبِّ أبْناءِ جِنْسِكُمْ. ولَيْسَ الفَضْلُ لِمَنْ يَحِبُّ الوَطَنَ بَلْ لِمَنْ يُحِبُّ العاَلَمِ.
6
واللهُ يدعو إلى دارِ السَّلامِ ويَهدي من يشاءُ إلى صراطٍ مستقيمٍ.
7
دعواهم فيها سبحانكَ اللَّهمَ وتحيَّتهم فيها سلامٌ وآخرُ دعواهم أن الحمدَ للهِ ربِّ العالمينَ.
8
إنَّا أَمَرْنا الكُلَّ بالصُّلْحِ الأَكْبرِ الَّذي هو السَّبَبُ الأَعْظَمُ لِحِفْظِ البَشَرِ. إنَّ سَلاطِينَ الآفاقِ يَجِبُ عَلَيْهِمْ أَنْ يَتَّفِقُوا فِيما بَيْنَهُمِ على التَّمَسُّكِ بِهذا الأَمْرِ الَّذي هو السَّبَبُ الأَعْظَمُ لِراحَةِ العالَمِ وحِفْظِ الأُمَمِ. فَهُمْ مَشارِقُ قُدْرَةِ اللهِ ومَطالِعُ اقْتِدارِهِ نَسْأَلُ الحَقَّ أَنْ يُؤَيِّدَهُم على ما هو السَّبَبُ لِراحَةِ العِبادِ.
9
أرى لزامًا أن يوجه كل واحد منكم أفكاره ومشاعره نحو المحبة والاتحاد، وكلما خطر بقلبه خاطر من الحرب قاومه بخاطر أكبر منه من الصلح والوئام. ويجب محو فكرة العداوة بفكرة أكثر مهابة وجلالًا منها ألا وهي فكرة المحبة.
10
ويا إلهي أَغِث هؤلاء البؤساء، ويا موجدي ارحم هؤلاء الأطفال، ويا إلهي الرؤوف إقطع هذا السيل الشديد، ويا خالق العالم أخمد هذه النار المشتعلة، ويا مغيثنا أغِث صراخ هؤلاء الأيتام، ويا أيها الحاكم الحقيقي سَل الأمهات جريحات الأكباد، ويا رحمن يا رحيم ارحم أعين الآباء الدامعة وقلوبهم المحترقة وسكّن هذا الطوفان وبدّل هذه الحرب العالمية إلى صلح وسلام وإخاء. إنك أنت المقتدر القدير وإنك أنت السميع البصير.
11
ثلاثة من مكارم الدنيا والآخرة: أن تعفو عمن ظلمك، وتصل من قطعك، وتحلم إذا جهل عليك.
12
فأطلب إليكم أنا الأسير في الربّ أن تسلكوا كما يحقُّ للدعوة التي دُعِيتم بها. بكلّ تواضعٍ ووداعةٍ وبطول أناةٍ محتملين بعضكم بعضًا في المحبَّة. مجتهدين أن تحفظوا وحدانيَّة الروح برباط السلام. جسدٌ واحدٌ وروحٌ واحدٌ كما دُعِيتم أيضًا في رجاء دعوتكم الواحد.
13
هَلُمَّ أَيُّها البَنُونَ اسْتَمِعُوا إِليَّ فَأُعَلِّمَكُمْ مَخافَةَ الرَّبِّ. من هو الإِنْسَانُ الَّذي يهْوَى الحَياةَ ويّحِبُّ كَثْرَةَ الأَيَّامِ لِيَرَى خَيْرًَا. صُنْ لِسانَكَ عَنِ الشَّرِّ وشّفّتّيْكَ عن التَّكَلُّمِ بِالغِشِ. حِدْ عن الشَّرِّ واصْنَعِ الخَيْرَ. اطلُبِ السَّلامَةَ واسْعَ ورَاءَها.
14
أخيرًا أيُّها الإخوة افرحوا. أكملوا تعزَّوا. اهتُّموا اهتمامًا واحدًا. عيشوا بالسلام وإله المحبَّة والسلام سيكون معكم.
15
تعلّموا الحلم فإنّ الحلم خليل المؤمن ووزيره، والعلم دليله والرفق أخوه، والعقل رفيقه، والصبر أمير جنوده.
المراجع
ألا بذكر الله تطمئن القلوب…
1
يا أيُّها الَّذينَ آمنوا اذكروا اللهَ ذكرًا كثيرًا. وسبِّحوهُ بُكرةً وأصيلًا.
2
ادعوا ربَّكم تضرُّعًا وخُفيةً إنَّهُ لا يحبُّ المعتدينَ.
3
يا ابْنَ الوُجُودِ: اذْكُرْني في أَرْضي لأَذْكُرَكَ في سَمَائي، لِتَقرَّ بهِ عِيْنُكَ وتَقَرَّ بهِ عَيْني.
4
تحبُّ الرب إلهك من كلّ قلبك ومن كلّ نفسك ومن كلّ عقلك. هذه هي الوصيّة الأولى والعظمى. والثانية مثلها، تحبُّ قريبك كنفسك. بهاتين الوصيّتين يتعلّق الناموس كلُّه والأنبياء.
5
اتلوا آياتِ اللهِ في كلِّ صباحٍ ومساءٍ إنَّ الّذي لمْ يتلُ لم يُوفِ بعهدِ الله وميثاقِهِ والّذي أعرضَ عنها اليومَ إنَّهُ ممّن أعرضَ عن اللهِ في أزلِ الآزالِ إتّقُنَّ اللهَ يا عبادي كلُّكُم أجمعون.
6
أدْعُني فَأُجِيبَكَ وَأُخْبِرَكَ بِعَظَائِمَ وَعَوائِصَ لَمْ تَعْرِفْها.
7
فوجَّهتُ وجهي إلى الله السيّد طالبًا بالصلاة والتضرُّعات بالصوم والمسح والرماد. وصلَّيتُ إلى الربّ إلهي واعترفتُ وقلتُ أيها الربّ الإله العظيم المهوب حافظ العهد والرحمة لمحبّيهِ وحافظي وصاياهُ. أخطأنا وأثمنا وعملنا الشرَّ وتمرَّدنا وحِدْنا عن وصاياك وعن أحكامك. وما سمعنا من عبيدك الأنبياءِ الّذين باسمك كلَّموا ملوكنا ورؤَساءَنا وآباءَنا وكل شعب الأرض.
8
سُبحانَكَ من أنْ تصعدَ إلى سماءِ قربِكَ أذكارُ المُقرَّبين أو أنْ تصلَ إلى فِناءِ بابِكَ طيورُ أفئدةِ المخلصين، أشهدُ أنَّكَ كنتَ مقدَّسًا عن الصِّفاتٍ ومُنزَّهًا عن الأسماءِ لا إلهَ إلاّ أنتَ العليُّ الأبهى.
9
تفكّروا يا قوم أين أيّامكم الماضية وأين أعصاركم الخالية طوبى لأيّام مضت بذكر الله ولأوقات صرفت في ذكره الحكيم. لعمري لا تبقى عزّة الأعزّاء ولا زخارف الأغنياء ولا شوكة الأشقياء سيفنى الكلّ بكلمة من عنده إنّه لهو المقتدر العزيز القدير.
10
يا إلهي أستغْفِرُكَ وأتوبُ إليكَ كما تُحِبُّ من عِبادكَ لِنفسِكَ، فَتُبْ علينا كما أنتَ أهلُهُ واغفر لي ولأبَوَيَّ ولمن دخل َ بيتَ محبَّتِكَ كما يُحيطُ عِلمُكَ كما يَنبَغي لِعِزِّ عَظَمَتِكَ وجلالِ قّدرّتكَ، فَيا إلهي أنتَ ألهَمتَني دَعْوَتي إليكَ فلولا أنتَ ما أدْعُوكَ، فَسُبْحانكَ أحمَدُكَ كما أنتَ عَرَّفْتني نَفْسَكَ وأستغفِرُكَ كما أنا قد ٌَ قَصَّرْتُ عن معرفَتكَ وعن سبيل سلوكِ مَحَبَّتَكَ.
11
فأسأُلكَ اللَّهُمَّ بنورِ وجهِكَ العَظيمِ وجَلالِ كِبريائِكَ القديمِ وسُلطانِ ربُوبِيَّتكَ المنيعِ أنْ تُقدِّرَ لنا في ذلك الحينِ مواقِعَ الخيرِ كُلَّها ومعادِنَ الفضلِ بِأَسرها، إذ العطاءُ لا يَضُرُّكَ والموهِبَةُ لا تُنْقِصُ من مُلْكِكَ، سُبحانكَ رَبِّ إِنَّني أَنا فقيرٌ وإنَّكَ أنتَ غَنيٌّ، وإنَّني أنا حقيرٌ وإنّكَ أنتَ كبيرٌ، وإنَّني أنا عاجزٌ وإنَّكَ أنتَ مُقتدرٌ، وإنَّني أنا ذليلٌ وإنَّك أنتَ عزيزٌ، وإنَّني أنا مُضْطَرٌّ وإنَّكَ أنتَ قَديرٌ.
12
إلهي إلهي لا تنظرْ إلى آمالي وأعمالي بلْ إلى إرادتِكَ الّتي أحاطَت السّمواتِ والأرضِ. واسمِكَ الأعظمِ يا مالكَ الأممِ ما أردتُ إلاّ ما أرَدْتَهُ ولا أُحِبُّ إلاّ ما تُحِبُّ.
13
توكّل على الرب بكل قلبك وعلى فهمك لا تعتمد. في كل طرقك إعرفه وهو يقوّم سبلك.
14
أذكر ربَّك في الليالي والأيّام إنَّ بذكره أشرقت الشمس وأضاء الآفاق.
15
إنَّما المؤمنونَ الَّذينَ إذا ذُكرَ اللهُ وجِلَت قلوبُهم وإذا تُليت عليهم آياتُهُ زادتهم إيمانًا وعلى ربِّهم يتوكَّلونَ.
16
الَّذينَ آمنوا وتَطمئنُّ قُلوُبُهُم بذكرِ اللهِ ألا بذكرِ اللهِ تطمئنُّ القلوبُ.
17
يا أيُّها الَّذينَ آمنوا اركعوا واسجُدوا واعبُدوا ربَّكم وافعلوا الخيرَ لعلَّكم تُفلحونَ.
18
وإذا سألكَ عبادي عنّي فإنّي قريبٌ أُجيبُ دعوةَ الدَّاعِ إذا دَعاني فليستجيبوا لي وليُؤمنوا بي لعلَّهم يَرشُدون.
19
إنه الله خالقُ الكونِ وكلِّ ما فيه… لأنه هو الذي يُعطي البشَرَ كلَّهم الحياةَ ونسمةَ الحياةِ وكلَّ شيءٍ. خلقَ البشرَ كلَّهم مِن أصلٍ واحدٍ، وأسكنّهم على وجهِ الأرضِ كُلِّها، ووقَّتَ لهم الأزمنةَ وحَدَّدَ لسكناهم الأماكنَ، حتى يَطْلُبوه لعَلَّهم يَتَلَمَّسُونَه فَيَجِدُوه، وهو غيرُ بعيدٍ عن كلِّ واحدٍ منا.
20
أيْ ربِّ فاجعلْ صلاتي كوثرَ الحَيَوانِ ليبقى بهِ ذاتي بدوامِ سلطنتِكَ ويذكرَكَ في كلِّ عالمٍ من عوالمِكَ.
21
هكذا قال الرب. لا يفتخرنَّ الحكيم بحكمته ولا يفتخر الجبار بجبروته ولا يفتخر الغنيُّ بغناه. بل بهذا يفتخرنَّ المفتخر بأنّه يفهم ويعرفني إنّي أنا الرب الصانع رحمةً وقضاءً وعدلًا في الأرض لأنّي بهذه أسرُّ يقول الرب.
22
وكلُّ ما تطلبُونه في الصلاة مؤمنين تنالونه.
23
أنِ اقرأ يا عبدُ ما وَصَلَ إليكَ من آثارِ اللهِ برَبَواتِ المُقَرَّبينَ لتستجذِبَ بها نفسُكَ وتُستجذِبُ من نغماتِكَ أفئدةُ الخلائقِ أجمعين ومن يقرأُ آياتِ اللهِ في بيتِهِ وحدَهُ لَيَنْشُرُ نفحاتِها الملائكةُ النّاشراتُ إلى كلِّ الجهاتِ وينقلبُ بها كلُّ نفسٍ سليمٍ ولو لن يستشعرَ في نفسِهِ ولكن يظهرُ عليهِ هذا الفضلُ في يومٍ من الأيّامِ كذلكَ قَدَّرَ خفيّاتِ الأمرِ من لدن مُقَدِّرٍ حكيم.
24
قال موسى: يَارَبَّ أقَرِيبٌ أنْتَ فأنَاجِيكَ، أمْ بَعيدٌ فَأُنَادِيكَ، فإنِّي أُحِسُّ حِسَّ صوْتِكَ وَلا أرَاكَ، فأيْنَ أنتَ؟ فقالَ الله: أنَا خَلفَك وَأمَامَكَ وعَنْ يَمينِكَ وَعَنْ شمالِكَ، يا مُوسى أنا جليسُ عبدي حِين يذكُرُني، وأنا معهُ إذَا دعَاني.
25
افرحوا كلَّ حينٍ. صلُّوا بلا انقطاعٍ. اشكروا في كلّ شيءٍ… لا تطفئُوا الروح. لا تحتقروا النبوَّات. امتحنوا كلّ شيءٍ. تمسّكوا بالحَسَن. امتنعوا عن كلّ شبه شرٍّ. وإله السلام نفسهُ يقدّسكم بالتمام ولتُحفَظ روحكم ونفسكم وجسدكم كاملةً بلا لومٍ عند مجيء ربّنا يسوع المسيح.
26
لن يطمئن قلب الإنسان إلاّ بعبادة الرحمن ولن تستبشر الروح سوى بذكر الله، إن قوة العبادة بمثابة الجناح الذي يرفع روح الإنسان من الحضيض الأدنى إلى الملكوت الأبهى، ويهب الكينونات البشرية الصفاء والنقاء، ولن ينال أحد المقصود إلاّ عن طريق ذلك.
27
إصغِ يا رب إلى صلاتي وأنصت إلى صوت تضرّعاتي في يوم ضيقي أدعوك لأنّك تستجيب لي، لا مثل لك… يا رب ولامثل أعمالك، كلُّ الأمم الذين صنعتهم يأتون ويسجدون أمامك ويمجّدون إسمك لأنّك عظيمٌ أنت وصانعُ عجائب، أنت الله وحدك.
28
وأمّا من افتخر فاليفتخر بالربّ، لأنّه من مدح نفسه هو المذكّى بل من يمدحه الربّ.
29
يقول الله تعالى: يَا ابْنَ آدَمَ إِنْ ذكرْتني في نَفْسِكَ ذَكَرْتُكَ فِي نَفْسي، وَإنْ ذكرْتني في مَلأٍ ذكرْتُكَ في مَلأٍ أفْضَلَ مِنهُمْ وَأكرَمَ، وَإنْ دَنوْتَ مِني شِبْرًا دَنوْتُ مِنْكَ ذِرَاعًا، وَإنْ دَنوْتَ مِني ذِراعًا دَنوْتُ مِنْكَ بَاعًا، وَإنْ مَشَيْتَ إليَّ هَرْوَلْتَ إليكَ.
30
…ما من قوم اجتمعوا يذكرون الله عزّ وجل لا يريدون بذلك إلا وجهه، إلا نادهم منادٍ من السماء أن قوموا مغفورٌ لكم قد بدّلت سيئاتكم حسنات.
31
إنّ أرقى نوعٍ من المناجاةِ هو الذي يُقصَدُ منه محبةُ الله، لا خوفًا منه تعالى أو من نارِه ولا أملًا بفضلِهِ أو بفردوسِهِ… وإذا هامَ إنسانٌ بحُبِّ حبيبٍ فمن المستحيل أن لا يَلْهَجَ بذكْرِ اسْمِهِ. فكيفَ بمن يشعُرُ بمحبةِ الله؟ ألا يصعبُ عليه السّكوتُ عنْ ذكرِ اسمِهِ؟ والرجلُ الرُّوحَانيُّ لا يجدُ لذّةً في شيءٍ إلاّ في ذكرِ اللهِ.
32
قال الله تعالى: مَن شَغَلهُ ذِكْرِي عَن مَسألتِي أعْطِيه قبْلَ أنْ يَسألِني.
33
إذا شعرَ إنسانٌ بالمحبّة نحو إنسانٍ آخرَ، فإنّهُ يرغبُ في أنْ يقولَ لهُ أنَّهُ يحبُّهُ. وبالرّغمِ من أنَّهُ يعلَمُ أنَّ صاحبَهُ مطّلعٌ على حبِّهِ له، إلاّ أنّه يبقى على رغبتِهِ في أن يقولَ لهُ أنَّهُ يحبُّهُ… وكذلكَ اللهُ يعلمُ رغائِبَ جميعِ القلوبِ، ولكنَّ الدافعَ إلى المناجاةِ دافعٌ طبيعيٌّ ينبُعُ من قلبِ الإنسانِ نحوَ اللهِ.
34
الرَّبُّ بَارٌّ في كُلِّ طُرُقِهِ ورَحِيمٌ في كُلِّ أَعْمَالِهِ. الرَّبُّ قَرِيبٌ لِكُلِّ الَّذينَ يدْعُونَهُ. الَّذينَ يَدْعُونَهُ بِالحَقِّ. يَعْمَلُ رِضَى خَائِفِيهِ ويَسْمَعُ تَضَرُّعَهُمْ فَيُخَلِّصُهُم. يَحْفَظُ الرَّبُّ كُلَّ مُحِبِّيهِ ويُهْلِكُ جَميعَ الأَشْرَارِ. بِتَسْبيحِ الرَّبِّ ينْطِقُ فَمي. ولِيُبارِكْ كُلُّ بَشَرٍ اسْمُه القُدُّوسَ إلى الدَّهْرِ والأَبَدِ.
35
يا ابن النّور. إنْسَ دوني وآنِسْ بروحي، هذا من جوهرِ أمري فاقبِلْ إليه.
المراجع
كلّكم أثمار شجرة واحدة وأوراق غصن واحد…
1
يا أيّها الناس إنّا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم وإنّ الله عليمٌ خبيرٌ.
2
أنْ أنيروا قُلوبَكُمْ وَطَهِّروها مِنْ أشْواكِ الضَّغينَةِ وَالبَغْضاءِ، إنَّكُمْ أهْلُ عالَمٍ واحِدٍ، وَخُلِقْتُمْ بِكَلِمةٍ واحِدَةٍ، فَطوبى لِنَفْسٍ تُعاشِرُ كُلَّ الأنامِ بِتَمامِ المَحَبَّةِ وَالوِئامِ…
3
ولكنّي أقول لكم أيّها السامعون: أحبّوا أعداءكم، وأحسنوا إلى مُبغضيكم… وصلّوا لأجل المسيئين إليكم. من ضربك على خدّك، فحوّل له الآخر. ومن أخذ رداءك، فلا تمنع عنه ثوبك. ومن طلب منك شيئًا فأعطه، ومن أخذ ما هو لك فلا تطالبه به. وعاملوا الناس مثلما تريدون أن يعاملوكم… فإن أحببتم من يحبُّونكم، فأي فضل لكم؟ لأنّ الخاطئين أنفسهم يحبّون من يحبّونهم. وإن أحسنتم إلى المحسنين إليكم، فأي فضل لكم؟ لأنّ الخاطئين أنفسهم يعملون هذا… ولكن أحبّوا أعداءكم، أحسنوا وأقرضوا غير راجين شيئًا، فيكون أجركم عظيمًا، وتكونوا أبناء الله العليّ، لأنّه ينعم على ناكري الجميل والأشرار. كونوا رحماء كما أنّ الله أباكم رحيمٌ.
4
يا أهل العالم كلكم أثمار شجرة واحدة وأوراق غصن واحد. سيروا بكمال المحبة والاتحاد والمودة والاتفاق. قسمًا بشمس الحقيقة إن نور الاتفاق كفيل بإنارة جميع الآفاق يشهد بهذا ربك العليم.
5
إيّاكم أن تفرّقكم شؤونات النّفس والهوى كونوا كالأصابع في اليد والأركان للبدن كذلك يعظكم قلم الوحي إن أنتم من الموقنين.
6
وإنَّ هذهِ أُمَّتُكم أُمَّةً واحدةً وأنا ربُّكم فاتَّقُونَ.
7
ولستُ أسأَل من أجل هؤُلاءِ فقط بل أيضًا من أجل الذين يُؤمنون بي بكلامهم. ليكون الجميع واحدًا كما إنك أنت أيُّها الآب فيَّ وأنا فيك ليكونوا هم أيضًا واحدًا فينا ليُؤمن العالم أنك أرسلتني. وأنا قد أعطيتهم المجد الذي أعطيتني ليكونوا واحدًا كما إننا نحن واحدٌ.
8
يجب على أهل الصفاء والوفاء أن يعاشروا جميع أهل العالم بالروح والريحان، لأنّ المعاشرة لم تزل ولا تزال سبب الإتحاد والإتفاق، وهما سبب نظام العالم وحياة الأمم. طوبى للذين تمسّكوا بحبل الشفقة والرأفة، وخلت نفوسهم وتحرّرت من الضغينة والبغضاء. وإنّ هذا المظلوم ليوصي أهل العالم بالتسامح والعمل الطيّب، وهذان هما السراجان لظلمة العالم والمعلِّمان لتهذيب الأمم.
9
…فعلِم يسوع أفكارهم وقال لهم: “كلّ مملكة منقسمة على ذاتها تخرب، وكلّ مدينة أو بيت منقسم على ذاته لا يثبت”.
10
يا أبناءَ الإِنْسانِ: هَلْ عَرَفْتُمْ لِمَ خَلَقْناكُمْ من تُرابٍ واحِدٍ، لِئَلاَّ يَفْتَخِرَ أَحَدٌ على أَحَدٍ. وتَفَكَّرُوا في كُلِّ حِينٍ في خَلْقِ أَنْفُسِكُمْ، إِذًا يَنْبَغِي كَما خَلَقْناكُم من شَيءٍ واحدٍ أَنْ تَكُونُوا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ، بِحَيْثُ تَمْشُونَ على رِجْلٍ واحِدَةٍ، وتَأكُلُونَ من فَمٍ واحِدٍ، وتَسْكُنُونَ في أَرْضٍ واحِدَةٍ، حتَّى تَظْهَرَ من كَيْنُوناتِكُمْ وأَعْمالِكُمْ وأَفْعالِكُمْ آياتُ التَّوحِيدِ وجَواهِرُ التَّجْريدِ. هذا نُصْحِي عَلَيْكُمْ يا مَلأَ الأَنْوارِ، فَانْتَصِحُوا مِنْهُ لِتَجِدُوا ثَمَراتِ القُدْسِ من شَجَرِ عِزٍّ مَنِيعٍ.
11
أيّها الناس، إنّ ربّكم واحدٌ وإنّ أباكم واحد كلّكم لآدم وآدم من تراب “إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم” وليس لعربيّ على أعجميّ فضل إلا بالتقوى. ألا هل بلّغت؟ قالوا: نعم، قال: فليبلّغ الشاهد الغائب.
12
يا قوم البدار البدار إلى الألفة، عليكم بترك البغضاء والشحناء، عليكم بترك الجدال، عليكم بدفع الضلال، عليكم بكشف الظلام، عليكم بتحري الحقيقة في ما مضى من الأيام، فإذا ائتلفتم اغتنمتم وإذا اختلفتم اعتسفتم عن سبيل الهدى، وغضضتم النظر عن الحقيقة والنهي وخضتم في بحور الوهم والهوى إن هذا لضلالة مهلكة للورى، وأما إذا اتحدتم وامتزجتم وائتلفتم فيؤيدكم شديد القوى بصلح وصلاح وحب وسلام وحياة طيبة وعزة أبدية وسعادة سرمدية والسلام على من اتبع الهدى.
13
كلكم أثمار شجرة واحدة وأوراق غصن واحد. فشبّه عالم الوجود بشجرة واحدة، وجميع الناس بالأوراق والأزهار والأثمار. ولهذا وجب أن يكون الجميع – من الغصن إلى الورق إلى البراعم إلى الثمر – في غاية الطراوة واللطف. وحصول هذه الطراوة وهذا اللطف منوط بالألفة والارتباط. لهذا يجب أن يحافظ بعضكم على بعض بغاية القوة، ويدعو بعضكم لبعض بالحياة الأبدية.
14
بعض المخلوقات في عالم الوجود تستطيع أن تعيش في عزلة وعلى إنفراد. فالشجرة مثلًا يمكنها العيش دون مساعدة ومعاونة غيرها من الأشجار، وبعض الحيوانات إنطوائية وتحيا حياة منعزلة عن سائر جنسها، إلاّ أن ذلك مستحيل بالنسبة للإنسان، فالتعاون والمعاشرة أساسيان لحياته وكيانه، إننا نشعر بالسعادة ونتطور خلال المعايشة والتلاقي، أفراد أو جماعات.
15
ولمَّا صلَّوا تزعزع المكان الذي كانوا مجتمعين فيهِ. وامتلأَ الجميع من الروح القدس وكانوا يتكلَّمون بكلام الله بمجاهرةٍ. وكان لجمهور الذين آمنوا قلبٌ واحدٌ ونفسٌ واحدة. ولم يكن أحدٌ يقول أن شيئًا من أموالهِ بل كان عندهم كلُّ شيءٍ مشتركًا.
16
إن العالم كله وطن واحد، وكل الأمم تسبح في بحر رحمانية الله الواحد لو كانوا يعلمون. وإن الله خلق الكل ورزق الكل وربى الكل في كنف عنايته. ويجب علينا أن نقتدي بالرب الجليل ونقضي على كل المنازعات والخلافات.
المراجع
The Promulgation of Univeral Peace, Wilmette: Baha’i Publishing Trust 1982, p.35. .14
أحب لغيرك ما تحب لنفسك…
1
أكرم أباك وأمّك كما أوصاك الربّ إلهك لكي تطول أيامك ولكي يكون لك خير على الأرض. لا تقتل. ولا تزن. ولا تسرق. ولا تشهد على قريبك شهادة زور. ولا تشته إمرأة قريبك ولا تشتهِ بيت قريبك ولا حقله…
2
وأمَّا الّذينَ آمنوا وعَملوا الصَّالحاتِ فيوفّيهمْ أُجورَهم واللهُ لا يحبُّ الظَّالمينَ.
3
من جاءَ بالحسنةِ فلهُ عَشرُ أمثالها ومن جاءَ بالسَّيّئةِ فلا يُجزىَ إلاَّ مثلَهَا وهم لا يظلمونَ.
4
وسارعوا إلى مغفرة من ربّكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدّت للمتقين الذين ينفقون في السرّاء والضرّاء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحبّ المحسنين.
5
طوبى لمن تزيّن بطراز الآداب والأخلاق إنّه ممّن نصر ربّه بالعمل الواضح المبين.
6
كونوا رحماء كما أنّ الله أباكم رحيم. ولا تدينوا فلا تدانوا. ولا تحكموا على أحد فلا يُحكم عليكم. أغفروا، يُغفر لكم. أعطوا، تُعطوا… لماذا تنظر الى القشّة في عين أخيك، ولا تبالي بالخشبة في عينك؟ وكيف تقدر أن تقول لأخيك: “يا أخي دعني أخرج القشّة من عينك”، والخشبة التي في عينك أنت لا تراها؟ يا مرائي، أخرج الخشبة من عينك أوّلًا، حتى تبصر جيدًا فتخرج القشّة من عين أخيك!
7
سراج الجسد هو العين. فإن كانت عينك سليمة كان جسدك كلّه منيرًا وإن كانت عينك مريضة. كان جسدك كلّه مظلمًا.
8
كونوا في الطرف عفيفًا وفي اليد أمينًا وفي اللسان صادقًا وفي القلب متذكّرًا.
9
قل أن اتّحدوا في كلمتكم واتّفقوا في رأيكم واجعلوا إشراقكم أفضل من عشيّكم وغدكم أحسن من أمسكم، فضل الإنسان في الخدمة والكمال لا في الزّينة والثروة والمال.
10
فكلّ ما تريدون أن يفعل الناس بكم إفعلوا هكذا أنتم أيضًا بهم لأنّ هذا هو الناموس والأنبياء.
11
لا تقبل خبرًا كاذبًا. ولا تضع يدك مع المنافق لتكون شاهد ظلم، لا تتبع الكثيرين الى فعل الشرّ… ابتعد عن كلام الكذب…
12
يا عليّ: عليك بالصدق ولا تخرج من فيك كذبة أبدًا تجترئن على خيانة أبدًا، والخوف من الله كأنّك تراه، وأبذل مالك ونفسك دون دينك، وعليك بمحاسن الأخلاق فأركبها وعليك بمساوئ الأخلاق فاجتنبها.
13
يا بنيّ اجعل نفسك ميزانًا فيما بينك وبين غيرك. فأحب لغيرك ما تحب لنفسك. واكره له ما تكره لها ولا تَظلِم كما لا تحب أن تُظلَم وأحسِن كما تحب أن يُحسَن إليك واستقبح من نفسك ما تستقبحه من غيرك. ولا تقل ما لا تعلم وإن قل ما تعلم ولا تقل ما لا تحب أن يقال لك.
14
وأمّا أنت يا إنسان الله فاهرب من هذا واتبع البرّ والتقوى والإيمان والمحبّة والصبر والوداعة. جاهد جهاد الإيمان الحسن وامسك بالحياة الأبدية التي إليها دعيت أيضًا…
15
يا كميل: أحسن حلية المؤمن التواضع، وجماله التعفّف، وشرفه التفقّه، وعزّه ترك القال والقيل.
16
ليس الإيمان بالتحلّي ولا بالتمنّي ولكن الإيمان ما خلص من القلوب وصدقته الأعمال.
17
يا أبناء آدم تصعد الكلمة الطيبة والأعمال الطاهرة المقدسة إلى سماء العزة الأحدية فابذلوا الجهد أن تتطهّر أعمالكم من غبار الرياء وكدورة النفس والهوى فتدخل ساحة العزة مقبولة لأنه عما قريب لن يرتضي صيارفة الوجود بين يدي المعبود إلا التقوى الخالصة ولن يقبلوا إلا العمل الطاهر، هذه هي شمس الحكمة والمعاني التي أشرقت من أفق فم المشيئة الربانية طوبى للمقبلين.
18
توجّهوا إلى الله وصلوا له وناجوه واسعوا إلى عمل الخير عسى أن توفّقوا.
19
قل يا قوم دعوا الرذائل وخذوا الفضائل، كونوا قدوة حسنة بين الناس وصحيفة يتذكّر بها الأناس… فضل الإنسان في الخدمة والكمال لا في الزينة والثروة والمال.
20
لا خيرَ في كثيرٍ من نجواهم إلاَّ من أمرَ بصدقةٍ أو معروفٍ أو إصلاحَ بين النَّاسِ ومن يفعل ذلك ابتغاءَ مرضاتِ اللهِ فسوفَ نؤتيهِ أجرًا عظيمًا.
21
هكذا الإيمان أيضًا إن لم يكن لهُ أعمال، ميتٌ في ذاتهِ. لكن يقول قائِلٌ أنت لك إيمانٌ وأنا لي أعمالٌ. أَرِني إيمانك بدون أعمالك وأنا أريك بأعمالي إيماني… لأنهُ كما أن الجسد بدون روحٍ ميتٌ هكذا الإيمان أيضًا بدون أعمالٍ ميتٌ.
22
الإنسان اليوم هو من قام على خدمة جميع من على الأرض، طوبى لمن أصبح قائمًا على خدمة الأمم.
23
خصلتان ليس فوقهما من البرّ شيء: الإيمان بالله والنفع لعباد الله، وخصلتان ليس فوقهما من الشرّ شيء: الشرك بالله والضرّ لعباد الله.
24
كونوا لجروح الجائرين مرهمًا ولألم الظالمين علاجًا فإن سقوكم سمّا أشرِبوهم شهدًا، وإن طعنوكم بخنجر أعطوهم سكّرًا وحليبًا، وإن أهانوكم كونوا لهم عونًا، وإن لعنوكم إلتمسوا لهم رحمة، وقوموا بالمحبّة وعاملوهم بأخلاق رحمانيّة، ولا تدنّسوا ألسنتكم قط بكلمة بذيئة في حقّهم.
25
إن الخدمة هي المغناطيس الذي يجذب التأييدات الربانية، لذا حينما يكون الأشخاص فعّالين يباركهم الروح القدس، وحينما يكونون غير فعّالين لا يجد الروح القدس مستودعًا في وجودهم، فيمسون محرومين من أشعته الشافية المحيية.
المراجع
إلهي اسمك شفائي…
1
يا إلهي إسمك شفائي وذكرك دوائي وقربك رجائي وحبّك مؤنسي ورحمتك طبيبي ومعيني في الدنيا والآخرة إنّك أنت المعطي العليم الحكيم.
2
باركي يا نفسي الربّ وكلّ ما في باطني ليبارك اسمه القدّوس، باركي يا نفسي الربّ ولا تنسي كلّ حسناته. الذي يغفر جميع ذنوبك الذي يشفي كلّ أمراضك، الذي يفدي من الحفرة حياتك الذي يكلّلك بالرحمة والرأفة، الذي يُشبِع بالخير عمرك فيتجرّد مثل النسر شبابك.
3
طوبى لفقير قصد بحر الغناء ولعليل توجّه إلى مطلع الشفاء ولضعيف أقبل إلى أفق الإقتدار.
4
يا أيُّها النَّاسُ قد جاءَتكم موعظةٌ من ربِّكم وشفاءٌ لما في الصُّدورِ وهدى ورحمةٌ للمؤمنينَ.
5
بِسْمِهِ المُهَيمنِ على الأسماءِ: إلهي إلهي أسْألُكَ بِبَحْرِ شِفَائِكَ وإِشْراقاتِ أنْوارِ نيِّرِ فَضلِكَ وبالاسمِ الَّذي سَخَّرتَ بهِ عبادَكَ وبنُفُوذِ كَلِمتكَ العُليا واقْتدارِ قَلَمِكَ الأعلى وبِرحمَتِكَ الَّتي سَبَقَتْ من في الأرضِ والسَّماءِ أنْ تُطَهِّرَني بِماءِ العَطاءِ من كُلِّ بَلاءٍ وسُقْمٍ وضَعْفٍ وعَجْزٍ. أيْ رَبِّ تَرَى السَّائِلَ قائِمًا لَدَى بابِ جُودِكَ والآمِلَ مُتَمَسِّكًا بِحَبْلِ كَرَمِكَ، أَسْألُكَ أنْ لا تُخَيِّبَهُ عَمَّا أرَادَ من بَحْرِ فَضْلِكَ وشَمْسِ عِنايَتِكَ إِنَّكَ أنتَ المُقْتَدِرُ على ما تَشَاءُ لا إلهَ إلاّ أنتَ الغَفُورُ الكَرِيمُ.
6
الله لا إله إلا هو الحيّ القيّوم لا تأخذه سِنَةٌ ولا نومٌ له، ما في السموات وما في الأرض، من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه، يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيءٍ من علمه إلا بما شاء، وسع كرسيّه السموات والأرض ولا يؤده حفظهما وهو العلي العظيم.
7
إذا اشتكى أحدكم عينه فليقرأ آية الكرسي وليضم في نفسه أنّها تبرأ فإنّه يعافى إن شاء الله.
8
تعالوا إليّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم، إحملوا نيري عليكم وتعلموا منّي. لأنّي وديع ومتواضع القلب. فتجدوا راحة لنفوسكم. لأنّ نيري هيّن وحملي خفيفٌ.
9
اللَّهُمَ لكَ الحمدُ على ما لمْ أزَلْ أتصرَّفُ فيهِ من سلامة بدني، ولكَ الحمدُ على ما أحْدَثْتَ بي من عِلَّةٍ في جسدي، فما أدري، يا إلهي، أيُّ الحاليْنِ أحَقُّ بالشكرِ لكَ؟ وأيُّ الوَقْتَيْنِ أولى بالحمدِ لكَ؟ أوَقْتُ الصِّحَّةِ الَّتي هَنَّأتْني فيها طَيِّباتُ رِزقكَ، ونشَّطْتَني بها لإِبتغاءِ مرضَاتِكَ وفَضْلكَ، وقوَّيتني معها على ما وفَّقتني لهُ من طاعتِكَ؟ أم وقتُ العلَّةِ الَّتي محَّصتني بها، والنِّعم الَّتي أتحفتني بها تخْفيفًا لما ثَقُلَ بهِ على ظهري من الخطيئاتِ، وتطهيرًا لما انغمستُ فيه من السَّيِّئاتِ…
10
إلهي إلهي، أشكرك في كلّ حال وأحمدك في جميع الأحوال. في النعمة الحمد لك يا إله العالمين. وفي فقدها الشكر لك يا مقصود العارفين. في البأساء لك الثناء يا معبود من في السموات والأرضين وفي الضرّاء لك السناء يا من بك انجذبت أفئدة المشتاقين… لك العطاء يا مولى العطاء. أشهد أنّك محمود في فعلك يا أصل العطاء ومطاع في حكمك يا بحر العطاء ومبدأ العطاء ومرجع العطاء.
11
هل فيكم محزون؟ فليصلِّ! هل فيكم مسرورٌ؟ فليسبّح بحمد الله! …فالصلاة مع الإيمان تخلّص المريض، والربّ يعافيه.
12
أَنتَ الَّذي يا إِلهي بِأَسْمائِكَ يُبْرَاُ كُلُّ عَليلٍ، ويَشْفى كُلُّ مَرِيضٍ ويُسْقَى كُلُّ ظَمْآنٍ، ويَسْتَريحُ كُلُّ مُضْطَرِبٍ ويُهْدى كُلُّ مُضِلِّ، ويُعَزُّ كُلُّ ذَليلٍ ويَغْنى كُلُّ فَقيرٍ، ويَفْقَهُ كُلُّ جاهِلٍ ويَتَنَوَّرُ كُلُّ ظُلْمَةٍ، ويَفْرَحُ كُلُّ مَحْزُونٍ ويَسْتَبرِدُ كُلُّ مَحْرُورٍ، ويَسْتَرْفِعُ كُلُّ دانٍ.
المراجع
إنّ ثمرة وجود الإنسان هي محبّة الله…
1
يا ابن الروح في أول القول أملك قلبًا جيدًا حسنًا منيرًا لتملك ملكًا دائمًا باقيًا أزلًا قديمًا.
2
قل إن ماء الحيوان هو حبّ الرحمن في الإمكان تعالى من أخذ وشرب باسمي العزيز البديع.
3
ولكن من يشرب من الماء الذي أعطيه أنا فلن يعطش إلى الأبد. بل الماء الذي أعطيه يصير فيه ينبوع ماء ينبع إلى حياة أبديّة.
4
إنّما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانًا وعلى ربّهم يتوكّلون، الذين يقيمون الصلاة وممّا رزقناهم ينفقون أولئك المؤمنون حقًا لهم درجات عند ربّهم ومغفرة ورزقٌ كريمٌ.
5
طهّروا قلوبكم عن ذفر الدنيا مسرعين إلى ملكوت ربكم فاطر الأرض والسماء.
6
ما أراد الله من الأرض وما عليها إلاّ قلوب عباده وجعلها عرشًا لظهور تجلياته إذًا قدّسوها عن دونها ليرتسم عليها ما خلقت لها.
7
فلا تهتمّوا قائِلين ماذا نأكل أوماذا نشرب أو ماذا نَلبَس. فإن هذه كلها تطلبها الأمم. لأن أباكم السماوي يعلم أنكم تحتاجون إلى هذه كلها. لكن اطلبوا أولًا ملكوت الله وبرَّهُ وهذه كلها تزاد لكم. فلا تهتمّوا للغد. لأن الغد يهتمُّ بما لنفسهِ. يكفي اليومَ شرُّهُ.
8
قل إن كنتم تحبّون الله فأتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم.
9
قل إنَّ صلاتي ونُسُكي ومحيايَ ومماتي للهِ ربِّ العالمينَ.
10
ما خلقت الجنّ والإِنس إلاّ ليعبدون.
11
أين الّذين كانوا قبلكم وتطوف في حولهم ذوات الجمال أن اعتبروا يا قوم ولا تكوننّ من الغافلين، سوف يأتي دونكم ويتصرّف في أموالكم ويسكن في بيوتكم، اسمعوا قولي ولا تكوننّ من الجاهلين، لكلّ نفس ينبغي أن يختار لنفسه ما لا يتّصرف فيه غيره ويكون معه في كلّ الأحوال تالله إنّه لحب الله إن أنتم من العارفين، عمّروا بيوتًا لا تخربها الأمطار وتحفظكم من حوادث الزّمان كذلك يعلّمكم هذا المظلوم الفريد.
12
الدّنيا هي غفلتكم عن موجدكم واشتغالكم بما سواه والآخرة ما يقربكم إلى الله العزيز الجميل، وكلّما يمنعكم اليوم عن حبّ الله إنّها لهي الدّنيا أن اجتنبوا منها لتكونّن من المفلحين، إنّ الذي لن يمنعه شيء عن الله لا بأس عليه لو يزين نفسه بحلل الأرض وزينتها وما خلق فيها لأنّ الله خلق كلّ ما في السّموات والأرض لعباده الموّحدين.
13
يا ابن الإنسان، كنت في قِدَم ذاتي وأزلية كينونتي عرفت حبي فيك خلقتك وألقيت عليك مثالي وأظهرت لك جمالي.
14
كنتُ كنزًا مخفيًّا أحببت أن أُعرَف فخلقت الخلق لكي أُعرَف.
15
يا رفيق عرشي! لا تسمع سوءًا ولا ترَ سوءًا، ولا تُذِلَّ نفسك ولا تُعوِل: لا تقل سوءًا فتسمعه ولا تعظّم عيب الناس لكيلا يَعظُمَ عيبك، ولا ترتض ذلّة أحدٍ كيلا تتجلّى ذلّتك. إذًا فافرغ بسريرةٍ نقيّةٍ وقلبٍ طاهرٍ وصدرٍ مقدّسٍ وخاطرٍ منزّهٍ في أيام عمرك التي تعدّ أقل من برهةٍ حتّى تعود فارغ البال من هذا الجسد الفاني وتستقرَّ في الملكوت الباقي.
16
…أنا هو نور العالم. من يتبعني فلا يمشي في الظلمة بل يكون له نور الحياة.
17
أُشهِدُ عليكم اليوم السماءَ والأرض. قد جعلتُ قدامك الحياة والموت. البركة واللعنة. فاخْتَرِ الحياة لكي تحيا أنت ونسلك. إذ تحبُّ الربَّ إلهك وتسمع لصوتهِ وتلتصق بهِ لأنهُ هو حياتك والذي يطيل أيامك.
18
وقال له رجل: أوصني بشيء ينفعني الله به، فقال: صلى الله عليه وسلم: “أكثر ذكر الموت يسلّك عن الدنيا وعليك بالشكر فإنّه يزيد في النعمة، وأكثر من الدعاء فإنّك لا تدري متى يستجاب لك وإياك والبغي فإنّه الله قضى أنّه من بُغِيَ عليه لَينصرنّه الله،” وقال: “أيّها الناس إنّما بغيكم على أنفسكم” (يونس 23)، وإياك والمكر، فإنّ الله قد قضى أنّ “لا يحيق المكر السيّئ إلا بأهله” (فاطر 24).
19
يقول الله عز وجل: “إذا كان الغالبُ على العبدِ الاشتغال بي جَعلْتُ بُغْيَتهُ ولذَّتَهُ في ذِكري، فإذا جَعلْتُ بُغْيتَهُ وَلذَّتَهُ في ذكري عَشِقَني وعَشِقتُهُ، فإذا عَشِقني وعَشِقْتُهُ رَفعْتُ الحِجَابَ فِيما بيْني وبَيْنَهُ وصيَّرْتُ ذلك غالبًا عليه، لا يَسْهو إذا سَها الناسُ، أولئكَ كلاَمُهم كلامُ الأنبياءِ، أولئكَ الأبطَالُ حقاُ، أولئك الذين إذا أرَدْتُ بأهلِ الأرضِ عقوبةً أو عذابًا ذكرتُهم فصَرفتُ ذلك.”
20
ناموس الربّ كامل يردّ النفس. شهادات الربّ صادقة تُصيّر الجاهل حكيمًا، وصايا الربّ مستقيمة تفرّح القلب. أمر طاهر ينير العينين. خوف الربّ نقيٌّ ثابت الى الأبد. أحكام الربّ حقٌ عادله كلّها. أشهى من الذهب والأبريز الكثير وأحلى من العسل وقطر الشهاد. أيضأً عبدك يُحَذّرُ بها وفي حفظها ثوابٌ عظيمٌ… من الخطايا المستترة أبرئني أيضًا من المتكبرين احفظ عبدك فلا يتسلّطوا عليّ، حينئذٍ أكون كاملًا وأتبرّأ من ذنبٍ عظيمٍ. لتكن أقوال فمي وفكر قلبي مرضية أمامك يا ربّ صخرتي ووليي.”
21
لا يمكن أن يتأتّى انشراح القلوب إلا بمحبة الله، وبالرغم من أن الانشراح قد يحصل من أمور أخرى، الا أنه انشراح عَرَضي موقّت سرعان ما يتبدل بالضيق، وأما السرور والانشراح اللذان يتأتّيان من محبة الله فأبديان… فإذا كان سرور الإنسان في الصحة، فإن الصحة قد تزول في يوم من الأيام، فمما لا شك فيه إذن أن الصحة ليست سببًا للسرور، وإذا كان سرور الإنسان كامنًا في الثروة فإن الثروة قد تزول، وإذا كان سروره في المنصب فإن المنصب قد يضيع من يده، وطالما كان السبب قابلًا للزوال كان المسبب كذلك زائلًا، ولكن عندما يكون سبب السرور هو الفيض الإلهي، يكون ذلك السرور أبديًا، وذلك لأن الفيوضات الإلهية أبدية ولما كانت محبة الله أبدية فإن الإنسان إذا تعلق قلبه بالفيض الإلهي استقرت في قلبه المحبة الإلهية وكان سروره أبديًا، وما تعلق القلب بالأمور الفانية إلا ارتد يائسًا آخر الأمر، إلا بمحبة الله ومحبة العالم الإنساني.
22
وخلاصة القول إياكم أن تُحزنوا قلب أحد أو تغتابوا أحدًا وكونوا مع جميع الخلق متحدين واعتبروهم أقرباءكم وليكن مقصدكم دائمًا أن تُفرحوا قلبًا وتطعموا جائعًا وتكسوا عاريًا وتعزّوا ذليلًا وتكونوا فرَجًا للمساكين وملجأً ومأوى للمضطرين. هذا هو الرضاء الإلهي وهذه هي السعادة الأبدية وهذه هي نورانية العالم الإنساني. وحيث إنني أريد لكم العزة الأبدية لهذا أنصحكم بمثل هذه النصيحة.
المراجع
هل من مفرّج غير الله…
1
هَلْ مِنْ مُفَرِّجٍ غَيْرُ اللهِ قُلْ سُبْحَانَ اللهِ هُوَ اللهُ كُلٌّ عِبَادٌ لَهُ وَكُلّ بِأَمْرِهِ قَائِمُونَ.
2
ما أصابَ من مُصيبةٍ إلاَّ بإذنِ اللهِ ومن يُؤمن باللهِ يهدِ قَلبَهُ واللهُ بكلِّ شيءٍ عليمٌ.
3
ما أصابَ من مُصيبةٍ في الأرضِ ولا في أنفُسَكم إلاَّ في كتابٍ من قبلِ أن نَبرأها إنَّ ذلكَ على اللهِ يسيرٌ.
4
يا ابن الإنسان بلائي عنايتي ظاهره نار ونقمة وباطنه نور ورحمة فاستَبِق إليه لتكون نورًا أزليًا وروحًا قِدَميًا وهو أمري فاعرفه.
5
قل لن يُصيبَنا إلاَّ ما كتبَ اللهُ لنا هو مولانا وعلى اللهِ فليتوكَّلِ المؤمنونَ.
6
إلاَّ الَّذينَ صبروا وعملوا الصَّالحاتِ أولئكَ لهم مغفرةٌ وأجرٌ كبيرٌ… واصبِر فإنَّ اللهَ لا يضيعُ أجرَ المُحسنينَ.
7
يا أيُّها الّذين آمنوا استعينُوا بالصَّبرِ والصَّلاةِ إنَّ اللهَ مع الصابرينَ… الّذينَ إذا أصابتهم مُصيبةٌ قالوا إنَّا للهِ وإنَّا إليهِ راجعونَ. أولئكَ عليهم صلواتٌ من رَّبّهمْ ورحمةٌ وأولئكَ همُ المهتدونَ.
8
يا ابن الإنسان لكل شيء علامة وعلامة الحب الصبر في قضائي والاصطبار في بلائي.
9
تالله الحق لو أنتم تُظلَمون أحب عندي من أن تَظلِموا على أحد وهذا من سجيتي وأحسن خصالي لو أنتم من الموقنين، أن اصبروا يا أحبائي في البأساء والضراء وإن يظلمكم من ظالم فارجِعوا حُكمَه إلى الله الذي بيده ملكوت كل شيء وإنه لهو المقتدر على ما يشاء وهو أشد المنتقمين.
10
تعالوا إليّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم. احملوا نيري عليكم وتعلّموا منّي لأنّي وديعٌ ومتواضع القلب. فتجدوا راحة لنفوسكم. لأنّ نيري هينٌ وحملي خفيف.
11
فوعزتك بحبك لا أجزع من شيء وفي رضائك لا أفزع من بلايا الأرض كلها ليس هذا إلاّ بحولك وقوتك وفضلك وعنايتك من غير استحقاقي بذلك.
12
يا ابْنَ الإِنْسَانِ: إِنْ لا يُصيبُكَ البَلاءُ في سَبِيلي كَيْفَ تَسْلُكُ سُبُلَ الرَّاضِينَ في رِضَائِي وإِنْ لا تَمَسَّكَ المَشَقَّةُ شَوْقًا لِلِقَائي كِيْفَ يُصِيبُكَ النُّورُ حُبًّا لِجَمَالي.
13
توكّل على الربّ بكلّ قلبك وعلى فهمك لا تعتمد. في كلّ طرقك اعرفه وهو يقوّم سبلك. لا تكن حكيمًا في عيني نفسك. اتّقِ الربّ وابعد عن الشرّ. فيكون شفاء لسرتك وسقاء لعظامك. أكرم الربّ من مالك ومن كلّ باكورات غلتك. فتمتلئ خزائنك شبعًا وتفيض معاصرك مسطارًا. يا ابني لا تحتقر تأديب الربّ ولا تكره توبيخه. لأنّ الذي يحبّه الربّ يؤدّبه وكأب بابن يُسرُّ به.
14
قال عز وجل: إذا وَجّهْتُ لِعَبْدٍ مِن عِبادِي مُصيبَةً في بَدَنِه أوْ مالِه أوْ وَلدِهِ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَ ذلكَ بِصَبْرٍ جميل اسْتَحيَيْتُ مِنْهُ يَومَ القَيامَةِ أن أنْصِبَ لهُ ميزانًا أوْ أنشُر لَهُ ديوانًا.
15
إذا كانت للإنسان إحساسات روحانية وتوجّه إلى الملكوت الإلهي، فإنّ هذا مدار تسليته، فهو حينما يتوجّه إلى الله ينال إحساسات روحانية، وينسى كل همّ وغمّ، فلو هجمت عليه البلايا من جميع الجهات فإنّ لديه التسلية، لأنّه حينما يتوجّه إلى الله تزول جميع هذه الهموم والغموم والأحزان، ويحصل على منتهى الفرح والسرور وتحيط به البشارات الإلهية، ويرى العزّة وهو في منتهى الذلّة ويرى نفسه غنيًّا وهو في منتهى الفقر.
16
اللهمّ يا سُبّوح يا قُدّوس يا رحمن يا منّان فرِّج لنا بالفضل والإحسان إنّك رحمنٌ منّانٌ.
17
الربّ راعيّ فلا يعوزني شيء. في مراعي خضر يربضني. إلى مياه الراحة يوردني. يردّ نفسي. يهديني الى سبل البرّ من أجل اسمه. أيضًا إذا سرتُ في وادي ظل الموت لا أخاف شراًّ لأنّك أنت معي. عصاك وعكّازك هما يعزّيانني. ترتّب قدامي مائدة تجاه مُضَايِقيّ. مسحت بالدهن راسي. كأسي ريّا. إنّما خيرٌ ورحمةٌ يتبعانني كلّ أيام حياتي وأسكن في بيت الربّ إلى مدى الأيام.
18
تعلموا الحلم فإنّ الحلم خليل المؤمن ووزيره، والعلم دليله والرفق أخوه، والعقل رفيقه، والصبر أمير جنوده.
19
عينا الربّ نحو الصديقين وأذناه الى صراخهم. وجه الربّ ضد عاملي الشرّ ليقطع من الأرض ذكرهم. أولئك صرخوا والربّ سمع ومن كلّ شدائدهم أنقذهم. قريب هو الربّ من المنكسري القلوب ويخلّص المنسحقي الروح. كثيرة هي بلايا الصديق ومن جميعها ينجّيه الربّ… الربّ فادي نفوس عبيده وكلّ من اتّكل عليه لا يعاقب.
20
رَبِّ أنتَ تَعْلَمُ بِأَنَّ النُّفُوسَ مَحْفُوفَةٌ بِالنَّوائِبِ والآفاتِ ومُحاطَةٌ بِالمَصَائِبِ والرَّزِيَّاتِ. كُلُّ بَلاءٍ يَحُومُ حَول الإنسَانِ وكُلُّ دَاهِيَةٍ دَهْمَاءَ تَصُولُ صَولَةَ الثُّعْبَانِ وليسَ لَهُمْ مَلْجَأٌ ومَنَاصٌ إِلاَّ حِفْظُكَ وحِمَايَتُكَ ووقَايَتُكَ وكَلاءَتُكَ يا رَحْمانُ. رَبِّ اجْعَلْ حِفْظَكَ دِرْعِي ووقَايَتَكَ جَنَّتِي وفِنَاءَ بابِ أحَدِيَّتِكَ مَلاذِي وحِفْظَكَ وحِراسَتَكَ حِصْني ومَعَاذِي واحْفظْنِي من شَرِّ نَفْسي وهَوائِي واحرُسني من كُلِّ بَلاءٍ وسَقَمٍ ومِحْنَةٍ وعَنَاءٍ. إنَّكَ أنتَ الحَافِظُ الحَارِسُ الواقِي الوَافي وإنَّكَ أنتَ الرَّحمانُ الرَّحِيمُ.
المراجع
15 خطب حضرة عبد البهاء في أوروبا وأمريكا، من منشورات دار النشر البهائية في البرازيل 1998، ص358.
محبّة الله هي حقيقة جميع الأديان…
1
عاشروا مع الأديان بالرّوح والرّيحان ليجدوا منكم عرف الرّحمن…
2
أيَّتُها الأحْزابُ المُخْتَلِفَةُ تَوَجَّهوا نَحْو الاتِّحادِ وَنوِّروا أنْفُسَكُمْ بِنورِ الاتِّفاقِ، أنِ اجْتَمعوا لِوَجْهِ اللهِ في مَقَرٍّ واحِدٍ وَأزيلوا كُلَّ ما هُوّ سَبَبُ الاِخْتلافِ فيما بَيْنَكُمْ… فَلا رَيْبَ في أنَّ أحْزابَ العالَمِ وَشُعوبَها مُتَوَجِّهَةٌ إلى الأفقِ الأعْلى وَمُنَفِّذَةٌ لأمْرِ الحَقِّ. وَما الاخْتلافُ بَينَ الشَّرائِعِ وَالأحْكامِ التي تُجْريها إلاّ نَتيجَةَ مُقْتَضَياتِ العَصْرِ وَالزَّمانِ، فّكُلُّها مِنْ عِنْدِ اللهِ أنْزّلّها بِمَشيئَتهِ سِوى بَعْضِ ما خَلَقَهُ العِناد… أنِ اكْسِروا بِيَدِ الإيقانِ أصْنامَ الاخْتلافِ وَالأوْهامِ.
3
إنَّا أنزلنا التَّوراةَ فيها هدى ونورٌ يحكمُ بها النَّبيُّونَ الّذينَ أسلموا للَّذينَ هادوا والرَّبَّانيونَ والأحبارُ بما استحفظوا من كتابِ اللهِ وكانوا عليهِ شهداء فلا تخشوا النَّاسَ واخشونِ ولا تشتروا بآياتي ثمنًا قليلًا… وقفَّينا على آثارهم بعيسى ابن مريمَ مصدِّقًا لما بينً يديهِ من التوراةِ وآتيناهُ الإنجيلَ فيهِ هدى ونورٌ ومصدِّقًا لما بينَ يديهِ من التَّوراةِ وهدى وموعظةً للمتَّقينَ… إنَّ الَّذين آمنوا والَّذينَ هادوا والصَّابئونَ والنَّصارى من آمنَ باللهِ واليومِ الآخرِ وعملَ صالحًا فلا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنونَ.
4
وتلكَ حُجَّتنا آتيناها إبراهيمَ على قومهِ نرفعُ درجاتٍ من نشاءُ إنَّ ربَّك حكيمٌ عليمٌ. ووهبنا لهُ إسحاقَ ويعقوبَ كلاًّ هدينا ونوحًا هدينا من قبلُ ومن ذرّيَّتهِ داودَ وسليمانَ وأيُّوبَ ويوسُفَ وموسى وهارونَ وكذلك نجزي المحسنين. وزكريّا ويَحيى وعيسى وإلياسَ كلٌّ من الصَّالحينَ. وإسماعيلَ واليَسَعَ ويونسَ ولوطًا وكلاًّ فضَّلنا على العالمينَ. ومن آبائِهم وذرّيَّتهم وإخوانهم واجتبيناهم وهديناهم إلى صراطٍ مُّستقيمٍ.
5
لأنّكم لو كنتم تصدّقون موسى لكنتم تصدّقونني لأنّه هو كتب عنّي.
6
ولا تجادِلوا أهلَ الكتابِ إلاَّ بالَّتي هي أحسَنُ إلاَّ الَّذينَ ظلموا منهُم وقولوا آمنَّا بالَّذي أُنزلَ إلينا وأُنزلَ إليكم وإلهُنا وإلهُكم واحدٌ ونحن له مسلمونَ.
7
شرع لكم من الدين ما وصّى به نوحًا والذي أوحينا إليك وما وصّينا به ابراهيم وموسى وعيسى أن اقيموا الدين ولا تتفرّقوا فيه.
8
والواقع أنّ محبّة الله هي حقيقة فضائل العالم الإنساني بها تتطهر طينة البشر، وبمحبّة الله ينجو الإنسان من نقائص العالم الإنساني. وبمحبّة الله أيضًا يرتقي في عالم الفضائل، فتصبح هي سببًا لنورانية العالم، ولوحدة جميع البشر. إنّ محبّة الله دواء لكلّ داء، ومرهم لكلّ جرح. ومحبّة الله سبب سعادة عالم البشر. وبها يفوز الإنسان بالحياة الأبديّة والسعادة السرمديّة. فيجب علينا إذن أن نحصر سعينا وجهدنا في أن نكون تجسيدًا لمحبّة الله. ذلك لأنّ محبّة الله هي حقيقة جميع الأديان. وهي أساس تعاليم عالم الإنسان.
9
…إلاّ أن الأبصار قد قرت وأن الآذان قد وعت وأن العقول قد أدركت أن الأديان الإلهية مبنية على الفضائل الإنسانية، ومنها الألفة والوداد بين العموم والوحدة والاتفاق بين الجمهور. يا قوم ألستم من سلالة واحدة ألستم أفنانًا وأوراقًا من دوحة واحدة ألستم مشمولين بلحظات أعين الرحمانية مستغرقين في بحار الرحمة من الحضرة الوحدانية ألستم عبيدًا للعتبة الربانية، هل أنتم في ريب أن الأنبياء كلّهم من عند الله وأن الشرائع كلها قد تحققت بكلمة الله، وما بعثهم الله إلا لتعليم وتربية الإنسان وتثقيف عقول البشر والتدرج إلى المعارج العالية من الفلاح والنجاح وقد ثبت بالبرهان الساطع أن الأنبياء اختارهم الله رحمة للعالمين وليسوا نقمة للسائرين وكلهم دعوا إلى الهدى وتمسّكوا بالعروة الوثقى…
المراجع