في قديمِ الزَّمانِ، في بلادٍ بعيدةٍ جدًّا، كان هناكَ طفلٌ اسمهُ شاهين يعيشُ معَ والديه وأختهِ الكُبرى سَما. كان شاهين طفلًا مفعمًا بالحيويَّة، يُحبُّ استكشافَ ما حوله.
وعلى الرَّغمِ من أنَّ أسرةَ شاهين كانت تعيشُ بعيدًا عنِ الطَّبيعة، إلَّا أنَّه كان يقضي معظمَ وقتِه في البحثِ عنِ الحيواناتِ والحشراتِ بجانبِ منزله. كان شاهين مأْسورًا بالزَّواحفِ، وخاصّةً السَّحالي، وكيف أنَّها تستطيعُ أن تجدَ منزلًا لها خلفَ الطَّابوقِ الإسمنتي. وكان يُحاولُ دائمًا الإمساكَ بها بشتَّى الطُّرق.
بعدَ يومٍ طويلٍ من الاستكشافِ والبحث، كان شاهين يعودُ إلى المنزلِ مُتعبًا وجائعًا. وعندما تقومُ والدتُه بإعدادِ العشاء، يكونُ هو أوَّلَ الجالسينَ على مائدةِ الطَّعام.
في يومٍ من الأيّام، ألقت أمُّ شاهين نظرةً فاحصةً عليه وهي تقومُ بوضعِ الطَّعام على المائدة. لقد كانت ملابسُه مغبَّرةً ووجهُه موحِلًا، أمَّا جواربُه فقد كانت ممزَّقةً تمامًا.
“يا إلهي يا شاهين! لا بُدَّ أنَّك قضيتَ وقتًا ممتعًا تبحثُ فيه عن السَّحالي.” قالت أمُّهُ مصدومةً من حاله.
“لن تُصدِّقي يا أُمِّي، لقد رأيتُ عائلةً صغيرةً من السَّحالي يعيشون في فناءِ المنزل!” قال شاهين ذلك وهو يسكبُ لنفسهِ مغرفةً كبيرةً من الأرز.
“انتظر يا شاهين! ما رأيك بأن تأخذَ حمَّامًا سريعًا قبل أن تبدأَ بتناولِ العشاء؟”
“حمَّام!!” قال شاهين، “إنّي جائعٌ جدًّا يا أمّي. ربَّما فيما بعد.” وذهب سريعًا ليغسلَ يديه، ثمّ عاد إلى مائدةِ الطَّعام.
ذهب شاهين بعد العشاء مباشرةً للّعب مع صديقيه المفضَّلين رايا وشايان، اللّذين كانا يقطنان في المبنى نفسه. بعد وقتٍ قصير من اللّعب، عاد شاهين إلى المنزل غاضبًا وكان يتمتم بعباراتٍ: “لن ألعب معهم مرّةً أخرى، إنّهم لا يدعوني ألعب بالطّريقة التي أفضّلها.”
نظرت الأمّ إلى شاهين ثمّ قالت مرّةً أخرى: “ما رأيك بأن تذهب للاستحمام، ثمّ تنضم إليهم بعد ذلك؟”
قال شاهين وهو منزعج: “سينتهون حينها من اللّعب، أريد اللّعب الآن! ”
ذهب شاهين إلى أخته سما الّتي كانت في تلك الأثناء تقرأ كتابًا، وسألها:
“هل تريدين أن نلعب معًا؟”
قالت سما: “ربّما فيما بعد، فقد وصلتُ إلى جزءٍ مهمٍّ من الكتاب الّذي أقرأه.”
لم يتوقّف شاهين عن الحركة والقفز وهو يحاول أن يقنع أخته أن تلعب معه، حتى وقع عليها وسقطا من فوق الأريكة!
قالت سما متألّمة: “لقد آذيتني! والآن يجب أن أبحث عن الصّفحة الّتي كنتُ أقرأها.”
قالت الأمُّ للمرّة الثّالثة: “لماذا لا تذهب للاستحمام الآن يا شاهين، وبعدها تستطيع أن تلعب مع سما؟”
قال شاهين: “سوف يحين وقت النّوم! لماذا يا أمّي تصرِّين عليَّ أن أستحمَّ؟”!
قالت الأمّ: “في الواقع يا شاهين، عندما كنتُ في مثل عمرك لم أكن أحبّ الاستحمام أيضًا! عندها أخبرتني أمّي عن بيانٍ لحضرة عبدالبهاء يتفضّل فيه: ʹإنّ النّظافة الظّاهريّة ولو أنّها أمر جسمانيّ لكنْ لها تأثيرًا شديدًا على الرّوحانيّات.ʽ أحيانًا نشعر بأنّ هناك أمورًا بسيطة تضايقنا عندما نكون متّسخين، ولكنّنا نشعر بالرّاحة الجسديّة والعقليّة أيضًا عندما نكون نظيفين.”
قال شاهين: “حسنًا يا أمّي، ولكنّي لا أريد أن تفوت عليَّ اللّحظات الجميلة الّتي أقضيها باللّعب مع أصدقائي أو أثناء ملاحقتي للسّحالي.”
قالت الأمّ: “أتفهّم ذلك تمامًا، ولكن تأكّد بأنّك سوف تكون في مزاج أفضل عندما تكون نظيفًا، وسوف تقضي وقتًا أكثر متعة مع أصدقائك.”
“والآن، ما رأيك بأن تأخذ بعض الألعاب معك وتستمتع بحمّام فقّاعات؟”
“حمَّام فقّاعات! هذه فكرة جيّدة يا أمّي، ولكنّي لن أبقى طويلًا في الحمَّام.” قفز شاهين في حمَّام الفقّاعات الدّافئ.
انتعش قلب وعقل شاهين بعد أن أحسَّ بالنّظافة، وهرع إلى اللّعب مع أصدقائه مرّةً أخرى حتّى حان وقت النّوم.
أتى شاهين، بعد أن نظّف أسنانه بالفرشاة، وقال لأمّه : “أمّي، حقًّا إنّ الاستحمام كان منعشًا. فقد أعطى جسمي وعقلي شعورًا جيّدًا. حتى إنّ أصدقائي لاحظوا أنّني في مزاجٍ أفضل. غريبٌ كيف أنّ نظافة أجسامنا تؤثّر على مشاعرنا.”
قرأ شاهين مناجاةً قبل النّوم، وطبعت أمّه قبلةً حنونةً على خدّه، ثمّ مرّت أحداث اليوم سريعًا في مخيّلته قبل أن يغطَّ في نومٍ عميق.
بعد عدّة أيّام، وعندما كان شاهين يلعب مع رايا وشايان، توقَّف عن اللّعب فجأةً، ثمّ ذهب مباشرةً إلى الحمَّام، حتى أوقفته أمّه سائلة: “إلى أين أنت ذاهب؟”
قال شاهين: “يبدو أنَّه حان وقت الاستحمام يا أمّي.”
ابتسمت أمّ شاهين ثمّ سألته: “حمَّام فقّاعات؟!”
على الرّغم من أنّ شاهين ما يزال يحبّ الاستكشاف واللّعب مع أصدقائه، إلّا أنّه أدرك الآن بأنّ الحفاظ على جسمه نظيفًا وصحّيًّا يساعده حتى يصبح المخلوق الرّوحانيّ الّذي خُلق ليكون.
هناك شيئان يحبّهما شاهين، استكشاف الطّبيعة واللّعب مع أصدقائه. وفي هذا الكتاب، يتعلّم شاهين درسًا قيّمًا عن النّظافة.