قبلَ سنواتٍ عديدة، وفي أرض بلاد فارس الّتي تُعرَف اليوم باسم إيران، رأى رجلٌ حكيمٌ رؤيا في منامه بأنّ طفلًا استثنائيًّا سيُولَد عمّا قريب. فأخبر النّاس إنّ هذا الطّفل سيكبر وسيكون الرّسول الّذي وعد الله به، وأنّ عليهم أن يبدأوا الـبَـحثَ عنه.
لقد وُلِـدَ هذا الطّفل في 20 تشرين الأوّل/أكتوبر 1819 وسُمِّـيَ عليّ محمّد.
تُوُفِّـيَ والدُهُ وهو طفلٌ صغير، فتولّى أحدُ أخواله رعايتَهُ هو وأمّه. أخذه خاله إلى المدرسة، لكنّ معلّمه دُهش لدى إدراكه أنّ ’عليّ محمّد‘ كان مُميّـزًا بين جميع الأطفال الآخرين. كان يعلم الكثير من الأمور لدرجة أنّه كان أكثر حكمةً وحصافةً من المعلّم، فَـتَمَّ إرجاعه إلى المنزل!
عندما كان عليّ محمّد يلعب مع أصدقائه، كان دائمًا لطيفًا وودودًا. لم يكن يلعب كثيرًا كما كان يفعل الأطفال الآخرون، فغالبًا ما كان يحبّ أن يدعو الله ويصلّي. كانت ابنة عمّ والدته تسكن في البيت المجاور، وعندما كَـبُرا تزوَّجا.
عمل لبضع سنوات عند خاله في التّجارة، إلّا أنّه كان يعلم أنّ حياته ستتغيّر. فقد حان الوقت ليعلن للجميع بأنّه الرّسول الموعود من عند الله.
في 22 أيّار/مايـو 1844، وبينما كانت الشّمس تقترب من المغيب، جاء رجلٌ يُدعى المُلّا حسين إلى مدينة شيراز وكان يبحث عن القائم الموعود، فـدعاه عليّ محمّد إلى منزله.
تناولا الشّاي معًا وتحدّثا عن القائم الموعود. سُـرَّ المُلّا حسين كثيرًا عندما أعلن عليّ محمّد بأنّه هو القائم الموعود.
واستطاع ثمانيةُ عشر شخصًا أن يهتدوا إليه بأنفسهم دون أنْ يخبرهم أحدٌ بمكانه.
بعد ذلك، عُرِفَ عليّ محمّد بلقب “الباب”. أخبر حضرته الّذين آمنوا به بأنّ الوقت قد حان ليخبروا الجميع بأنّ هناك رسالةً جديدةً من عند الله ستجعلهم سُعَداء للغاية. وقال لهم بأنّه لن يستمع إليهم الجميع، وأنّ بعض النّاس سيغضبون بشدّة ولن يعاملوهم بِـلُطف.
لم يخافوا قطُّ. وبالرّغم من أنّهم عوملوا معاملةً سيّـئة للغاية، إلّا أنّهم أخبروا الكثير من النّاس أنّ الله قد حقّق وعده، ممّا أشعل في الحاكم والقادة الآخرين نار الغضب لدرجة أنّهم أرسلوا حضرة الباب إلى سجنٍ بعيدٍ مُظلَمٍ قارسِ البرودة. لقد ظنّوا أنّ هذا سيمنع النّاس من اتّباع حضرته.
كان الحاكم والقادة قُساةً جدًّا، وعندما رأوا أنّ النّاس العاديّين في البلاد ما زالوا متحمّسين حيالَ حضرة الباب ورسالته، قرّروا أنْ يجترحوا فعلةً شنيعةً. فأعلنوا أنّه يجب أن يُعدَم حضرة الباب. أحد أتباعه، الّذي كان شابًّا، أحبّ حضرته كثيرًا لدرجة أنّه أبدى رغبته في أنْ يموت مع حضرته.
أُمِرَ عددٌ من الجنود أن يطلقوا النّيران من بنادقهم على حضرة الباب، إلّا أنّ القائد لم يُرِد أن يُلحق الأذى بحضرة الباب.
بعد أن أُطلِقَتِ النّيرانُ من البنادق، دُهش الجميع إذ كان الشّابّ لا يزال حيًّا وحضرة الباب قد اختفى.
لقد وجدوا حضرة الباب في زنزانته وهو يكتب رسالة لم يكن قد سُمح له بإكمالها.
امتنع القائد عن إطلاق النّار على حضرة الباب مرّة أخرى فـغادر هو وجنوده. فـكان عليهم العثور على جنودٍ آخرين. في هذه المرّة، قُتل حضرة الباب والشّابّ.
لم يرغب حضرة الباب في أن يكون النّاس قُساةً كما كان الحاكم والقادة حيالَ حضرته. وأوصى النّاس بأن يكونوا ودودين وصادقين بأقصى ما في وسعهم. وأخبرهم أيضًا بأنّ الله سيرسل قريبًا رسولًا آخر سيساعد العالم في أن يصبح مكانًا يسوده السّلام – لكنّ هذه قصّة أخرى.
لقد أُقيمَ مبنًـى جميل فوق البقعة الّتي تحتضن رفات حضرة الباب. وسُمِّـيَ بـالمقام الأعلى.
يقع هذا المبنى على جبلٍ يُدعى جبل الكرمل في حيفا، والكثير من النّاس يأتون لزيارته من جميع أنحاء العالم.
(بالنّسبة لبعض الأطفال، يمكن للوالدين أو المعلّم طباعة صورة بَوّابة أو نسخها لكي يلوّنوها، ومن ثَمَّ قد يحتاجون إلى المساعدة في القصّ.)
اروِ القصّة (للأطفال الأكبر سنًّا). اكتب بكلماتك الخاصّة قصّةَ ذلك اليوم الّذي أُطلق فيه النّار على حضرة الباب وقُتل. قد ترغب بعد ذلك في تزيـيـن ما كتبته، ربّما باستخدام الأفكار الموجودة في صور هذا الكتاب.
إنّ البهائيّ هو أحد أتباع حضرة بهاء الله، مؤسّس الدّين البهائيّ، الّذي يعدّ الأحدث من بين الأديان الرّئيسة المستقلّة في العالم.
إنّ تاريخه المبكّر، في بلاد فارس في القرن التّاسع عشر، لهو مُذهِلٌ ومُروِّعٌ في آنٍ معًا، مليءٌ بالأبطال رجالًا ونساءً، الّذين صمدوا أمام قسوة الحُكّام ورجال الدّين الّذين كان هدفهم تقويض الدّين الجديد وتدميره بالكامل.
لقد أعلن حضرة بهاء الله وحدة جميع الأديان العالميّة وقدسيّـتها. فهناك فقط إلهٌ واحدٌ يهدي الجنس البشريّ دائمًا بواسطة رسله المُختارين في أوقات معيّنة عبر التّاريخ. قد يكون لهؤلاء الرُّسُل أسماء مختلفة وقد يأتون بأحكامٍ اجتماعيّة مختلفة وفق احتياجات العصر، لكنّ رسالتهم الرّوحانيّة الخالدة ثابتة.
ظهر حضرة الباب ممهّدًا الطّريق لمجيء حضرة بهاء الله، إلّا أنّه يعدّ رسولًا في حدّ ذاته.
لقد نُفِـيَ حضرة بهاء الله وسُجِنَ، إلّا أنّ هذا لم يمنع انتشار تأثيره النّفّاذ. يعدّ الدّين البهائيّ اليوم، بعد الدّين المسيحيّ، أكثر الأديان انتشارًا في العالم، ويبلغ عدد أتباعه الحاليّين قُرابة 8 ملايين شخص.
كما ستُلاحظ من هذا الكتاب، فإنّ البهائيّين لا يصوّرون ولا يرسمون رسل الله، وذلك احترامًا لهم حيثُ إنّ طبيعتهم تفوق كثيرًا فهمنا وإدراكنا.