مناجاة
مناجاة

مناجاة

(1)

سُبْحانَكَ يا إِلهي يَشْهَدُ كُلُّ ذِي بَصَرٍ بِسَلْطَنَتِكَ وَاقْتِدَارِكَ وَكُلُّ ذِي نَظَرٍ بِعَظَمَتِكَ وَاجْتِبارِكَ؛ لا تَمْنَعُ الْمُقَرَّبينَ أَرْياحُ الافْتِتانِ عَنِ التَّوَجُّهِ إِلى أُفُقِ عِزِّكَ. وَلا تَطْرُدُ المُخْلِصِينَ عَواصِفُ الامْتِحانِ عَنِ التَّقَرُّبِ إِلَيْكَ، كأَنَّ فِي قُلُوبِهِمْ أَضاءَ سِرَاجُ حُبِّكَ وَمِصْباحُ وُدِّكَ.  لا يُقَلِّبُهُمُ البَلايا عَنْ أَمْرِكَ، وَلا القَضَايا عَنْ رِضائِكَ.  أَسْئَلُكَ يا إِلهِي بِهِمْ وَبِالزَّفَراتِ الَّتِيْ تَخْرُجُ مِنْ قُلُوبِهِمْ فِيْ فِراقِكَ، بِأَنْ تَحْفَظَهُمْ مِنْ شَرِّ أَعْدائِكَ، وَتَرْزُقَهُمْ ما قَدَّرْتَه لأَوْلِيائِكَ الَّذِينَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ.

(2)

سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي أَسْئَلُكَ بِآياتِكَ الَّتِي أَحاطَتِ المُمْكِناتِ، وَبِنُورِ وَجْهِكَ الَّذِيْ مِنْهُ أَشْرَقَتِ الأَرَضُونَ وَالسَّمواتُ، وَبِرَحْمَتِكَ الَّتِيْ سَبَقَتِ المَوْجُوداتِ، وَفَضْلِكَ الَّذِيْ أَحاطَ الكائِنَاتِ بِأَنْ تَخْرُقَ لِي حُجُباتِ المَنْعِ لأَسْرُعَ إِلى مَنْبَعِ عِزِّ إِلْهامِكَ وَمَطْلَعِ وَحْيِكَ وَإِفْضالِكَ وَأَنْغَمِسَ فِيْ بَحْرِ قُرْبِكَ وَرِضائِكَ، أَيْ رَبِّ لا تَحْرِمْنِي عَنْ عِرْفانِكَ فِيْ أَيَّامِكَ، وَلا تَجْعَلْنِي عَرِيًّا عَنْ خِلَعِ هِدايَتِكَ، فَأَشْرِبْنِي كَوْثَرَ الحَيَوانِ الَّذِيْ جَرى عَنِ الرِّضْوانِ الَّذِيْ فِيهِ اسْتَقَرَّ عَرْشُ اسْمِكَ الرَّحْمنِ، لِتُفْتَحَ بِهِ عَيْنِي، وَيَسْتَضِيءَ بِهِ وَجْهِيْ، وَيَطْمَئِنَّ بِهِ قَلْبِيْ، وَيَسْتَنِيرَ بِهِ صَدْرِيْ، وَيَسْتَقِيمَ بِهِ رِجْلِيْ، إِنَّكَ أَنْتَ الَّذِيْ لَمْ تَزَلْ كُنْتَ مُقْتَدِرًا بِمَشِيَّتِكَ وَمُرِيدًا بِإِرادَتِكَ لا يَمْنَعُكَ عَنْ أَمْرِكَ مَنْ فِيْ أَرْضِكَ وَسَمائِكَ، أَيْ رَبِّ فَارْحَمْنِي بِجُودِكَ وَكَرَمِكَ، ثُمَّ أَسْمِعْنِي نَغَماتِ الطُّيُورِ الَّتِي يُغَرِّدْنَ بِثَنآءِ نَفْسِكَ عَلَى أَفنانِ سِدْرَةِ فَرْدَانِيَّتِكَ، وَإِنَّكَ أَنْتَ المُعْطِ الغَفُورُ الرَّحِيْمُ.

(3)

سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي أَسْئَلُكَ بِاسْمِكَ الأَعْظَمِ الَّذِيْ ابْتُلِيَ بَيْنَ أَيْدِي المُشْرِكينَ مِنْ بَرِيَّتِكَ، وَأَحَاطَتْهُ الأَحْزانُ مِنْ كُلِّ الجِهاتِ عَلَى شَأْنٍ لا يُذْكَرُ بِالبَيانِ، بِأَنْ تُوَفِّقَنِي عَلَى ذِكْرِكَ وَثَنائِكَ فِيْ هذِهِ الأَيَّامِ الَّتِي كُلٌّ أَعْرَضُوا عَنْ جَمالِكَ، وَاعْتَرَضُوا عَلَيْكَ، وَاسْتَكْبَرُوا عَلَى مَظْهَرِ أَمْرِكَ، أَيْ رَبِّ لَمْ أَرَ لَكَ نَاصِرًا دُونَكَ وَلا مُعِينًا سِواكَ، أَسْئَلُكَ بِأَنْ تَجْعَلَنِيْ ثابِتًا عَلَى حُبِّكَ وَذِكْرِكَ، وَهذا ما أَسْتَطِيعُ عَلَيهِ، وَإنَّكَ تَعْلَمُ ما فِيْ نَفْسِيْ وَإنَّكَ أَنْتَ العَلِيمُ الخبِيرُ، أَيْ رَبِّ لا تَحْرِمْنِي مِنْ بَوارِقِ أَنْوارِ وَجْهِكَ الَّذِيْ بِهِ اسْتَضَاءَ الآفاقُ، لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ المُقْتَدِرُ العَزِيزُ الغَفَّارُ.

(4)

سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي أَنْتَ الَّذِيْ كُنْتَ إِلهًا وَلا مَأْلُوهٌ وَرَبًّا وَلا مَرْبُوبٌ، وَعَالِمًا وَلا مَعْلُومٌ أَحْبَبْتَ أَنْ تُعْرَفَ تَكَلَّمْتَ بِكَلِمَةٍ بِها خُلِقَتِ المُمْكِناتُ وَذُوِّتَتِ المَوْجُوداتُ، لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ الخالِقُ الباعِثُ المُقْتَدِرُ القَدِيرُ، أَسْئَلُكَ بِهذِهِ الكَلِمَةِ الَّتِيْ ظَهَرَتْ عَنْ أُفُقِ مَشِيَّتِكَ بِأَنْ تُشْرِبَنِي مِنَ الكَوْثَرِ الَّذِيْ بِهِ أَحْيَيْتَ قُلُوبَ أَصْفِيائِكَ وَأَفْئِدَةَ أَوْلِيائِكَ، لأَتَوَجَّهَ إِلَيْكَ فِيْ كُلِّ الأَحْيانِ وَإِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ العَزِيزُ المَنَّانُ، لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ المَلِكَ العَزِيزُ العَلِيمُ.

(5)

سُبْحانَكَ يا إِلهِي تَرانِي تَحْتَ أَيْدِيْ الظَّالِمِينَ، كُلَّما أَتَوَجَّهُ إِلَى اليَمِينِ أَسْمَعُ ضَجِيجَ أَحِبَّائِكَ الَّذِينَ جَعَلَهُمُ المُشْرِكُونَ أُسارَى بِما آمَنُوا بِكَ وَبِآياتِكَ وَأَقْبَلُوا إِلى أُفُقِ فَضْلِكَ وَعِنايَتِكَ، وَإِذا أَلْتَفِتُ إِلى اليَسارِ أَسْمَعُ نِداءَ الفُجَّارِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِكَ وَبِآياتِكَ، وَكانُوا مُصِرِّينَ فِيْ إِطْفآءِ سِراجِ أَحَدِيَّتِكَ الَّذِيْ أَضاءَ بِنُورِ ذاتِكَ بَيْنَ سَمائِكَ وَأَرْضِكَ، أَيْ رَبِّ قَدْ ذابَتْ قُلُوبُ أَصْفِيائِكَ فِيْ فِراقِكَ، وَاحْتَرَقَتْ أَكْبادُ أَحِبَّائِكَ بِنارِ الاشْتِياقِ فِيْ أَيَّامِكَ، أَسْئَلُكَ يا فاطِرَ السَّماءِ وَمالِكَ الأَسْماءِ بِنَفْسِكَ الأَبْهى وَذِكْرِكَ العَلِيِّ الأَعْلى بِأَنْ تُنَزِّلَ عَلَى أَحِبَّتِكَ ما يُقَرِّبُهُمْ إِلَيْكَ وَيُسْمِعُهُمْ آياتِكَ، أَيْ رَبِّ فَاخْرُقْ سُبُحاتِ الجَلالِ بِيَدِ القُدْرَةِ وَالإِجْلالِ لِيَرَوْكَ المُخْلِصُونَ عَلَى عَرْشِ عَظَمَتِكَ، وَتَقَرَّ عُيُونُ المُوَحِّدِينَ مِنْ بَوَارِقِ أَنْوارِ وَجْهِكَ، أَيْ رَبِّ قَدْ غُلِقَتْ أَبْوابُ الرَّجآءِ عَلَى قُلُوبِ المُشْتَاقِينَ وَعِنْدَكَ مَفاتِيحُها، أَنِ افْتَحْ بِقُدْرَتِكَ وَسُلْطانِكَ، إِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ عَلَى ما تَشآءُ، وَإِنَّكَ أَنْتَ العَزِيزُ المَنَّانُ.

(6)

سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي وَعِزَّتِكَ مِنْ تَتابُعِ البَلايا مُنِعَ القَلَمُ الأَعْلى مِنْ إِظْهارِ ما هُوَ المَسْتُورُ عَنْ أَنْظُرِ بَرِيَّتِكَ، وَمِنْ تَرادُفِ القَضَايا مُنِعَ لِسانُ الإِمْضآءِ عَنْ بَدائِعِ ذِكْرِكَ وَثَنائِكَ، إِذًا يا إِلهِي بِهذا اللِّسانِ الكَلِيلِ أَدْعُوكَ، وَبِهذا القَلَمِ العَلِيلِ أَشْتَغِلُ بِذِكْرِكَ، هَلْ مِنْ ذِي بَصَرٍ يا إِلهِي لِيَراكَ بِعَيْنِكَ.  وَهَلْ مِنْ ذِي ظَمَأٍ يَتَوَجَّهُ إِلى كَوْثَرِ حُبِّكَ، وَأَنَا الَّذِيْ يا إِلهِي مَحَوْتُ عَنْ قَلْبِي ذِكْرَ دُونِكَ وَكَتَبْتُ عَلَيهِ أَسْرارَ حُبِّكَ، فَوَعِزَّتِكَ لَوْلا البَلايا لَمْ يَظْهَرِ الامْتِيازُ بَيْنَ عِبادِكَ المُوْقِنِينَ وَالمُرِيبِينَ، إِنَّ الَّذِينَهُمْ سَكِرُوا مِنْ خَمْرِ مَعَارِفِكَ، أُولئِكَ يُسْرِعُونَ إِلى البَلايا شَوْقًا لِلِقائِكَ، أَسْئَلُكَ يا مَحْبُوبَ قَلْبِي وَالمَذْكورُ فِيْ صَدْرِي بِأَنْ تَحْفَظَ أَحِبَّائِي مِنْ شائِبَةِ النَّفْسِ وَالهَوی، ثُمَّ ارْزُقْهُمْ خَيْرَ الآخِرَةِ وَالأُولی، وَإِنَّكَ أَنْتَ الَّذِيْ بِمَنِّكَ هَدَيْتَهُمْ وَسَمَّيْتَ نَفْسَكَ بِالرَّحْمنِ، لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ العَزِيزُ الْمُسْتَعَانُ.

(7)

سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي أَسْئَلُكَ بِهذا الظُّهُورِ الَّذِيْ فِيهِ بُدِّلَ الدَّيْجُورُ بِالبُكُورِ، وَبُنِيَ البَيْتُ المَعْمُورُ، وَنُزِّلَ اللَّوْحُ المَسْطُورُ، وَظَهَرَ الرَّقُّ المَنْشُورُ، بِأَنْ تُنَزِّلَ عَلَيَّ وَمَنْ مَعِي ما يُطَيِّرُنَا إِلى هَوآءِ عِزِّ أَحَدِيَّتِكَ، وَيُطَهِّرُنَا مِنَ الشُّبُهاتِ الَّتِي بِها مُنِعَ المُرِيبُونَ عَنِ الدُّخُولِ فِيْ حَرَمِ تَوْحِيدِكَ، أَيْ رَبِّ أَنَا الَّذِيْ تَمَسَّكْتُ بِحَبْلِ عِنايَتِكَ وَتَشَبَّثْتُ بِذَيْلِ رَحْمَتِكَ وَأَلْطافِكَ، قَدِّرْ لِي وَلأَحِبَّتِي خَيْرَ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ، ثُمَّ ارْزُقْهُمْ مِنَ النِّعْمَةِ المَكْنُونَةِ الَّتِيْ قَدَّرْتَها لِخِيرَةِ البَريَّةِ، أَيْ رَبِّ هذِهِ أَيّامٌ الَّتِيْ فَرَضْتَ فِيها الصِّيامَ عَلَى عِبادِكَ، طُوبى لِمَنْ صَامَ خالِصًا لِوَجْهِكَ، مُنْقَطِعًا عَنِ النَّظَرِ إِلى دُونِكَ، أَيْ رَبِّ وَفِّقْنِي وَإِيَّاهُمْ عَلَى طاعَتِكَ وَإِجْرآءِ حُدُودِكَ، وَإِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ عَلَى ما تَشاءُ، لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ العَلِيمُ الحَكِيمُ، وَالحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ العالَمِينَ.

(8)

سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي تَرَى مَقَرِّيْ وَمَحْبَسِي وَابْتِلاَئِي، فَوَعِزَّتِكَ قَدْ عَجِزَ القَلَمُ عَنْ ذِكْرِهَا، وَالبَيانُ عَنْ بَيانِهَا وَشَرْحِهَا، لَمْ أَدْرِ يا إِلهِي بِأَيِّ جِهَةٍ تَرَكْتَنِي بَيْنَ أَعادِي نَفْسِكَ، فَوَعِزَّتِكَ لا أَجْزَعُ عَنِ الشَّدائِدِ فِيْ حُبِّكَ وَلا أَضْطَرِبُ عَنِ البَلايا فِيْ سَبِيلِكَ، بَلْ حُزْنِي فِيْ تَأْخِيرِكَ فِيمَا قَضَيْتَهُ فِيْ أَلْواحِ أَمْرِكَ وَصَحائِفِ قَضائِكَ وَتَقْدِيرِكَ، وَإِنَّ دَمِي يُخاطِبُنِي فِيْ كُلِّ الأَحْيانِ وَيَقُولُ يا طَلْعَةَ الرَّحْمنِ إِلى مَتى حَبَسْتَنِي فِيْ حِصْنِ الأَكْوانِ وَسِجْنِ الإِمْكانِ بَعْدَ الَّذِيْ وَعَدْتَنِي بِأَنْ تَحْمَرَّ الأَرْضُ مِنِّي وَتُصْبَغَ وُجُوهُ أَهْلِ مَلإِ الفِرْدَوْسِ مِنْ رَشَحاتِي، وَأَنَا أَقُولُ أَنِ اصْبِرْ ثُمَّ اسْكُنْ لأنَّ ما تُرِيدُ يَظْهَرُ فِيْ سَاعَةٍ، وَيَتِمُّ فِيْ سَاعَةٍ أُخْرى، وَلكِنْ ما أَنَا عَلَيْهِ فِيْ سَبِيلِ اللّهِ لأَشْرَبَ فِيْ كُلِّ حِينٍ كَأْسَ القَضَاءِ وَلا أُرِيدُ أَنْ يَنْقَطِعَ القَضَاءُ وَالبَلاءُ فِيْ سَبِيلِ رَبِّيَ العَلِيِّ الأَبْهی، وَإِنَّكَ أَرِدْ ما أُرِيدُ، وَلا تُرِدْ ما تُرِيدُ، ما حَبَسْتُكَ لِحِفْظِي بَلْ لِقَضاءٍ بَعْدَ قَضَاءٍ وَبَلاءٍ بَعْدَ بَلاءٍ، قَدِ انْعَدَمَ حَبِيبٌ يُمَيِّزُ بَيْنَ الشَّهْدِ وَالسَّمِّ فِيْ حُبِّ مَحْبُوبِهِ، كُنْ راضِيًا بِما قَضَى اللَّهُ لَكَ، وَإِنَّهُ يَحْكُمُ عَلَيْكَ ما يُحِبُّ وَيَرْضی، لا إِلهَ إِلاَّ هُو العَلِيُّ الأَعْلی.

(9)

سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي، لَمْ أَدْرِ بِأَيِّ ماءٍ خَلَقْتَنِي وَبِأَيِّ نارٍ اشْتَعَلْتَنِي وَبِأَيِّ تُرابٍ عَجَنْتَنِي، قَدْ تَمَّتْ أَمْوَاجُ البُحُورِ وَما تَمَّتْ أَمْواجُ هذا البَحْرِ الَّذِيْ مَوَّجَتْهُ أَرْياحُ مَشِيَّتِكَ، قَدْ خَمَدَتْ كُلُّ نارٍ وَمَا خَمَدَتْ هذِهِ النَّارُ الَّتِيْ اشْتَعَلْتَها بِأَيْدِي قُدْرَتِكَ وَاشْتَهَرْتَها بِاسْمِكَ بَيْنَ سَمائِكَ وَأَرْضِكَ، كُلَّما يَشْتَدُّ البَلايا يَزْدادُ لَهِيبُها، إِذًا تَرَى يا إِلهِي مِصْبَاحَكَ بَيْنَ هُبُوبِ أَرْياحِ قَضائِكَ، وَكُلَّما تَمُرُّ عَلَيْهِ العَواصِفُ مِنْ كُلِّ شَطْرٍ يَزْدادُ نُورُهُ وَضِيائُهُ لَكَ الحَمْدُ فِيْ كُلِّ ذلِكَ، أَسْئَلُكَ بِاسْمِكَ الأَعْظَمِ وَسُلْطانِكَ الأَقْدَمِ بِأَنْ تَنْظُرَ أَحِبَّتَكَ الَّذِينَ اضْطَرَبَتْ قُلُوبُهُمْ فِيما وَرَدَ عَلَى مَظْهَرِ نَفْسِكَ، وَإِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ عَلَى ما تَشاءُ وَإِنَّكَ أَنْتَ العَلِيمُ الحَكِيمُ.

(10)

يا مَنْ وَجْهُكَ كَعْبَةُ المُشْتَاقِينَ، وَلِقائُكَ أَمَلُ المُخْلِصِينَ، وَقُرْبُكَ رَجاءُ المُقَرَّبِينَ، وَطَلْعَتُكَ صَحِيفَةُ العارِفِينَ، وَاسْمُكَ رُوحُ المُشْتاقِينَ، وَنِدائُكَ حَيوةُ العاشقِينَ، وَما يَخْرُجُ مِنْ شَفَتَيْكَ كَوْثَرُ الحَيَوانِ لِمَنْ فِيْ السَّمَواتِ وَالأَرَضِينَ، أَسْئَلُكَ بِمَظْلُوميَّةِ نَفْسِكَ وَبِابْتِلائِها بَيْنَ جُنُودِ الظَّالِمِيْنَ بِأَنْ تُنَزِّلَ عَلَيَّ مِنْ سَحَابِ رَحْمَتِكَ ما يَجْعَلُنِي مُقَدَّسَةً عَمَّا سِواكَ لأَكُونَ لائِقَةً لِذِكْرِكَ وَقابِلَةً لِحُبِّكَ، أَيْ رَبِّ لا تَمْنَعْنِي عَمَّا قَدَّرْتَهُ لإِمائِكَ اللاَّئِي يَطُفْنَ فِيْ حَوْلِكَ وَيَتَجَلَّى عَلَيْهِنَّ فِيْ كُلِّ حِينٍ شَمْسُ جَمالِكَ وَأَنْوارُ وَجْهِكَ، إِنَّكَ لَمْ تَزَلْ كُنْتَ مُعِينَ مَنْ أَرادَكَ وَمُعْطِيَ مَنْ سَئَلَكَ، لا إِلهَ إِلاَّ أَنتَ العَزِيزُ الْباقِ المُعْطِ الْكَرِيمُ.

(11)

سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي قَدْ أَخَذَتِ الظُّلْمَةُ كُلَّ الأَقْطارِ وَأَحاطَتِ الْفِتْنَةُ كُلَّ الأَشْطَارِ، وَلكِنْ إِنِّي أَرَى فِيها بَيْضآءَ حِكْمَتِكَ وَأَنْوارَ تَدْبِيرِكَ، وَالَّذِينَ احْتَجَبُوا ظَنُّوا بِأَنَّهُمْ مُطْفِئُ نُورِكَ وَمُخْمِدُ نارِكَ وَمُرْكِدُ أَرْياحِ فَضْلِكَ، لا فَوَعِزَّتِكَ لَوْ لَمْ يَكنِ البَلايا حامِلَ حِكْمَتِكَ وَالقَضايا وَعاءَ تَدْبِيرِكَ لَنْ يَقْدِرَ أَحَدٌ أَنْ يَعْتَرِضَ عَلَيْنا وَلَوْ يَجْتَمِعُ أَهْلُ السَّمَواتِ وَالأَرْضِ، وَإِنِّي لَوْ أَذْكُرُ ما أَرَى مِنْ بَدائِعِ حِكْمَتِكَ لَيُقْطَعُ أَكْبادُ أَعْدائِكَ، فَسُبْحَانَكَ يا إِلهِي أَسْئَلُكَ بِاسْمِكَ الأَعْظَمِ بِأَنْ تَجْمَعَ أَحِبَّائَكَ عَلَى شَرِيعَةِ رِضائِكَ ثُمَّ أَنْزِلْ عَلَيْهِمْ ما يُطَمْئِنُهُمْ، وَإِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ عَلَى ما تَشاءُ وَإِنَّكَ أَنْتَ المُهَيْمِنُ القَيُّومُ.

(12)

سُبْحانَكَ يا إِلهِي هذا عَبْدُكَ الَّذِيْ شَرِبَ خَمْرَ رَحْمَتِكَ مِنْ أَيادِي فَضْلِكَ وَذاقَ طَعْمَ حُبِّكَ فِيْ أَيَّامِكَ، أَسْئَلُكَ بِأَسْمائِكَ الَّتِيْ لا تَمْنَعُهَا الأَحْزانُ عَنِ الشَّغَفِ فِيْ حُبِّكَ وَالنَّظَرِ إِلى وَجْهِكَ، وَلا يَمْنَعُهُمْ جُنُودُ الغافِلِينَ عَنْ سَبِيلِ رِضائِكَ بِأَنْ تَرْزُقَهُ خَيْرَ ما عِنْدِكَ وَعَرِّجْهُ إِلى المَقامِ الَّذِيْ يَرَى الدُّنْيا كَظِلٍّ يَمُرُّ فِيْ أَقْرَبِ مِنْ لَمْحِ البَصَرِ، ثُمَّ احْفَظْهُ يا إِلهِي بِعَظَمَتِكَ الكبْرَى عَنْ كُلِّ ما يَكْرَهُهُ رِضاكَ، وَإِنَّكَ أَنْتَ مَوْلاهُ وَمَوْلَى العالَمِينَ.

(13)

سُبْحانَكَ يا إِلهِي تَرَى كُلَّ ذِي اسْتِقامَةٍ حَرَّكَتْهُ أَرْياحُ الامْتِحانِ، وَكُلَّ ذِي اسْتِقْرارٍ انْقَلَبَتْهُ نَفَحاتُ الافْتِتانِ، إِلاَّ الَّذِينَ أَخَذُوا خَمْرَ الحَيَوانِ مِنْ يَدِ مَظْهَرِ اسْمِكَ الرَّحْمنِ، أُولئِكَ لا يُؤَثِّرُ فِيهِمْ كَلِمَةٌ إِلاَّ كَلِمَتُكَ العُلْيا وَما تَجْذِبُهُمْ إِلاَّ نَفَحاتُ قَمِيصِ ذِكْرِكَ يا مالِكَ الأَسْماءِ وَفاطِرَ الأَرْضِ وَالسَّماءِ، أَسْئَلُكَ يا مُؤْنِسَ البَهآءِ بِاسْمِكَ الأَبْهَى بِأَنْ تَحْفَظَ هَؤُلٓاءِ فِيْ ظِلِّ جَناحِ رَحْمَتِكَ الكُبْرَى لِئَلاَّ يَرِدَ عَلَيْهِمْ سِهامُ الإِشاراتِ مِنْ أَشْقِياءِ خَلْقِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِكَ، أَيْ رَبِّ لا يَمْنَعُ قُدْرَتَكَ مَنْ عَلَى الأَرْضِ كُلِّها وَلا يَرُدُّ مَشِيَّتَكَ مَنْ فِيْ مَلَكُوتِ الأَسْمآءِ، فَأَظْهِرْ فِيْ الأَرْضِ سَلْطَنَتَكَ وَاقْتِدارَكَ وَعَلِّمْ أَحِبَّتَكَ ما يَنْبَغِي لَهُمْ فِيْ أَيَّامِكَ، إِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ المُتَعالِ العَزِيزُ العَظِيمُ.

(14)

سُبْحانَكَ يا إِلهِي تَرَى عَجْزِي وَفَقْرِي وَتَشْهَدُ ضُرِّيْ وَابْتِلائِي، إِلى مَ تَرَكْتَنِي بَيْنَ عِبادِكَ فَأَصْعِدْنِي إِلَيْكَ، فَوَعِزَّتِكَ إِنَّ البَلايا أَحَاطَتْنِي عَلَى شَأْنٍ لا أَقْدِرُ أَنْ أَذْكُرَها تِلْقآءَ وَجْهِكَ وَإِنَّكَ أَنْتَ أَحْصَيْتَها بِعِلْمِكَ، أَسْئَلُكَ يا مُؤْنِسِي فِيْ وَحْدَتِي بِأَنْ تُنْزِلَ عَلَى أَحِبَّائِكَ مِنْ سَحابِ رَحْمَتِكَ ما يَجْعَلُهُمْ أَرْضِياءَ مِنْكَ وَمُقْبِلِينَ إِلَيْكَ وَمُنْقَطِعِينَ عَمَّنْ سِواكَ، ثُمَّ قَدِّرْ لَهُمْ كُلَّ خَيْرٍ أَحاطَهُ عِلْمُكَ وَقُدِّرَ فِيْ كِتابِكَ، وَإِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ الَّذِيْ لا يُعْجِزُكَ شَيْءٌ، لَمْ تَزَلْ كُنْتَ فِيْ عُلُوِّ الرِّفْعَةِ وَالاقْتِدارِ وَسُمُوِّ  العَظَمَةِ وَالاجْتِبارِ، لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ المُقْتَدِرُ الْعَزِيزُ الغَفَّارُ، وَالحَمْدُ لَكَ يا مَنْ بِيَدِكَ مَلَكُوتُ الأَرَضِيْنَ وَالسَّمواتِ.

(15)

يا رَبَّ الأَرْضِ وَالسَّماءِ وَمُوجِدَ الأَسْماءِ، تَسْمَعُ ضَجِيجَ الأَبْهى مِنْ حِصْنِ العَكَّا وَتَرَى أَحِبَّائَهُ الأُسَرآءَ بِأَيْدِي الأَشْقِيآءِ، أَيْ رَبِّ لَكَ الحَمْدُ بِما وَرَدَ عَلَيْنا فِيْ سَبِيلِكَ، يا لَيْتَ قَدَّرْتَ لِظاهِرِ جَسَدِي عُمْرَ الأَوَّلِيْنَ وَالآخِرِينَ، بَلْ ما لا يُحْصِيهِ أَحَدٌ مِنْ العالَمِينَ، وَنَزَّلْتَ فِيْ كُلِّ آنٍ بَلاءً جَدِيدًا فِيْ حُبِّكَ وَرِضائِكَ، وَلكِنْ يا إِلهِي أَنْتَ تَعْلَمُ بِأَنِّي ما أَرَدْتُ إِلاَّ ما أَردْتَ وَقَضَيْتَ لِي بِأَنْ أَرْتَقِيَ إِلَى الرَّفِيقِ الأَبْهى وَالمَلَكُوتِ الأَسْنَی، أَيْ رَبِّ قَرِّبْهُ بِفَضْلِكَ وَعِنايَتِكَ ثُمَّ أَنْزِلْ عَلَى أَحِبَّتِكَ ما لا يَضْطَرِبُهُمْ بَعْدِي، إِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ عَلَى ما تَشآءُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ، أَيْ رَبِّ تَرَى بِأَنَّ أَحِبَّائَكَ خَرَجُوا عَنْ دِيارِهِمْ شَوْقًا لِلِقائِكَ وَمَنَعَهُمُ المُشْرِكُونَ عَنْ زِيارَةِ طَلْعَتِكَ وَالطَّوافِ حَوْلَ حَرَمِ كِبْرِيائِكَ، أَيْ رَبِّ فَأَنْزِلْ عَلَيْهِمْ صَبْرًا مِنْ عِنْدِكَ، وَسُكُونًا مِنْ لَدُنْكَ، إِنَّكَ أَنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.

(16)

سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي تَرَى عَبَراتِي وَزَفَراتِي وَتَسْمَعُ حَنِينِي وَعَوِيلِي وَضَجِيجِي، أَيْ رَبِّ أَنَا الَّذِيْ تَمَسَّكْتُ بِحَبْلِ رَحْمَتِكَ الَّتِيْ سَبَقَتِ الأَشْياءَ كُلَّها وَتَشَبَّثْتُ بِذَيْلِ عِنايَتِكَ، يا مَنْ بِيَدِكَ مَلَكُوتُ الأَسْمآءِ فَارْحَمْنِي وَمَنْ مَعِي بِبَدائِعِ رَحْمَتِكَ وَقُوَّتِكَ، ثُمَّ احْفَظْنا يا إِلهِي مِنْ شَرِّ أَعْدائِكَ، ثُمَّ اجْعَلْنا ناصِرِينَ لِدِينِكَ وَحافِظِينَ لأَمْرِكَ وَناطِقِينَ بِثَنائِكَ، إِنَّكَ أَنْتَ الَّذِيْ لَمْ تَزَلْ كُنْتَ فِيْ عُلُوِّ تَوْحِيدِكَ وَلا تَزالُ تَكُونُ بِمِثْلِ ما قَدْ كُنْتَ، لا يَعْزُبُ عَنْ عِلْمِكَ مِنْ شَيْءٍ وَلا يُعْجِزُكَ مِنْ شَيْءٍ، لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ المُقْتَدِرُ المُعْتَمَدُ المُتَعالِي الْعَزِيزُ الْمَحْبُوبُ، وَالْحَمْدُ وَالشُّكْرُ لَكَ يا مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ الوُجُودِ.

(17)

سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهَ السَّماءِ زَيِّنْ رَأْسَ البَهآءِ بِتاجِ الشَّهادَةِ فِيْ سَبِيلِكَ، كما زَيَّنْتَ هَيْكَلَهُ بِطِرازِ البَلآءِ بَيْنَ أَهْلِ مَمْلَكَتِكَ، وَقَرِّبِ المُشْتاقِينَ إِلى أُفُقِ فَضْلِكَ الَّذِيْ أَشْرَقَ مِنْهُ شَمْسُ جَمالِكَ، ثُمَّ قَدِّرْ لَهُمْ ما يَجْعَلُهُمْ غَنِيًّا عَمَّا سِواكَ، وَمُنْقَطِعًا عَنِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِكَ، لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ المُهَيْمِنُ القَيُّومُ.

(18)

سُبْحانَكَ يا إِلهِي كَيْفَ أَشْكُرُكَ بِما اخْتَصَصْتَنِي بَيْنَ عِبادِكَ، وَاصْطَفَيْتَنِي لِعِرْفانِ نَفْسِكَ بَعْدَ الَّذِيْ أَعْرَضَ كُلٌّ عَنْ جِمالِكَ، أَشْهَدُ يا إِلهِي لَوْ أُقْتَلُ فِيْ سَبِيلِكَ فِيْ كُلِّ حِينٍ أَلْفَ مَرَّةٍ لا يُعادِلُ بِقَلِيلِ ما أَعْطَيْتَنِي بِفَضْلِكَ، كُنْتُ نائمًا فِيْ رَقْدِ الهَوى أَيْقَظْتَنِي بِنِدائِكَ الأَعْلى وَكَشَفْتَ لِي جَمالَكَ وَأَسْمَعْتَنِي آياتِكَ وَعَرَّفْتَنِي نَفْسَكَ وَأَنْطَقْتَنِي بِذِكْرِكَ وَثَنائِكَ وَجَعَلْتَنِي ثابِتًا فَيْ حُبِّكَ إِلى أَنْ صِرْتُ أَسِيرًا بِأَيْدِي الغافِلِينَ مِنْ عِبادِكَ، إِذًا تَرَى غُرْبَتِيْ فِيْ أَيَّامِكَ وَاشْتِياقِيْ بِلِقائِكَ وَشَوْقِيْ إِلى سَاحَةِ عِزِّ فَرْدانِيَّتِكَ وَاهْتِزازِي مِنْ هُبُوبِ أَرْيَاحِ رَحْمَانِيَّتِكَ، أَسْئَلُكَ يا مالِكَ مَمالِكَ الإِنْشآءِ وَسُلْطَانَ الأَسْمآءِ بِأَنْ تَكْتُبَ اسْمِي مِنَ الَّذِينَ لَمْ يَزَلْ طَافُوا حَوْلَ سُرادِقِ مَجْدِكَ وَتَشَبَّثُوا بِذَيْلِ عِنايَتِكَ وَتَمَسَّكُوا بِحَبْلِ عُطُوفَتِكَ إِنَّكَ أَنْتَ الْمُهَيْمِنُ الْقَيُّومُ.

(19)

سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي أَسْئَلُكَ بِاسْمِكَ الأَعْظَمِ الَّذِيْ بِهِ أَحْيَيْتَ العِبادَ وَعَمَّرْتَ البِلادَ بِأَسْمائِكَ الحُسْنَى وَصِفاتِكَ العُلْيا بِأَنْ تُؤَيِّدَ عِبادَكَ عَلَى الإِقْبالِ إِلى شَطْرِ مَواهِبِكَ وَالتَّوَجُّهِ إِلى كَعْبَةِ عِرْفانِكَ، أَيْ رَبِّ فَاشْفِ الأَمْراضَ الَّتِيْ أَحَاطَتِ النُّفُوسَ وَمَنَعَتْهُمْ عَنِ التَّوَجُّهِ إِلى الفِرْدَوْسِ فِيْ ظِلِّ اسْمِكَ الَّذِيْ جَعَلْتَهُ سُلْطانَ الأَسْمآءِ لِمَنْ فِيْ الأَرْضِ وَالسَّمآءِ، وَإِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ عَلَى ما تَشآءُ وَبِيَدِكَ مَلَكُوتُ الأَسْمآءِ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ، أَيْ رَبِّ أَنَا الفَقِيرُ قَدْ تَشَبَّثْتُ بِذَيْلِ غَنائِكَ وَالمَرِيضُ قَدْ تَمَسَّكْتُ بِعُرْوَةِ شِفائِكَ، خَلِّصْنِيْ مِنْ دآءِ الَّذِيْ أَحَاطَنِي وَغَسِّلْنِي فِيْ بَحْرِ رَحْمَتِكَ وَإِحْسَانِكَ، ثُمَّ أَلْبِسْنِي ثَوْبَ العافِيَةِ بِعَفْوِكَ وَأَلْطافِكَ ثُمَّ اجْعَلْنِي ناظِرًا إِلَيْكَ وَمُنْقَطِعًا عَنْ دُونِكَ، أَيْ رَبِّ وَفِّقْنِيْ عَلَى ما أَنْتَ تُحِبُّ وَتَرْضَى إِنَّكَ أَنْتَ رَبُّ الآخِرَةِ وَالأُوْلى إِنّكَ أَنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.

(20)

سُبْحانَكَ يا مَنْ تَرَى وَلا تُرَى تَسْمَعُ ضَجِيجَ أَحِبَّتِكَ عَنْ كُلِّ الأَقْطارِ وَصَرِيخَ أَهْلِ وِلايَتِكَ مِنْ كُلِّ الأَشْطارِ، لَوْ يُسْأَلُ الظَّالِمُونَ بِأَيِّ جِهَةٍ ظَلَمْتُمْ هؤُلآءِ وَجَعَلْتُمُوهُمْ أُسارى فِيْ الزَّوْرآءِ وَدِيارٍ أُخْرى، هَلْ ظَلَمُوا فِيْ الأَرضِ وَهَلْ خانُوا مَعَ أَهْلِها وَهَلْ سَفَكُوا الدِّماءَ أَوْ غارُوا البِلادَ، لَيَتَحَيَّرُونَ فِيْ الْجَوابِ، وَأَنْتَ تَعْلَمُ يا إِلهِي بِأَنَّ لَيْسَ لَهُمْ ذَنْبٌ إِلاَّ حُبُّكَ، لِذا أَخَذُوهُمْ وَفَرَّقُوهُمْ فِيْ الأَكْنَافِ أَهْلُ الاعْتِسافِ، وَلَوْ أَنِّي يا إِلهِي أَعْلَمُ بِأَنَّكَ لا تُنَزِّلُ عَلَى أَحِبَّتِكَ إِلاَّ ما هُو خَيْرٌ لَهُمْ، وَلكِنْ أَسْئَلُكَ بِاسْمِكَ الْمُهَيْمِنِ عَلَى الأَشْياءِ بِأَنْ تَبْعَثَ لِنُصْرَتِهِمْ مَنْ يَحْفَظُهُمْ عَنِ الأَعْدآءِ إِظْهارًا لِفَضْلِكَ وَإِبْرازًا لِقُدْرَتِكَ وَإِنَّكَ أَنْتَ الْمُقْتَدِرُ عَلَى ما تَشاءُ وَإِنَّكَ أَنْتَ المَلِكَ العَزِيزُ المُهَيْمِنُ القَيُّومُ.

(21)

سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي أَنَا عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ قَدْ تَوَجَّهْتُ إِلى شَطْرِ أَمْرِكَ مُوقِنًا بِوَحْدانِيَّتِكَ وَمُعْتَرِفًا بِفَرْدانِيَّتِكَ وَمُذْعِنًا بِسَلْطَنَتِكَ وَاقْتِدارِكَ وَمُقِرًّا بِعَظَمَتِكَ وَإِجْلالِكَ، أَسْئَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِيْ بِهِ انْفَطَرَتِ السَّماءُ وَانْشَقَّتِ الأَرْضُ وَانْدَكَّتِ الجِبالُ بِأَنْ لا تَمْنَعَنِي عَنْ هُبُوبِ أَرْياحِ رَحْمَتِكَ فِيْ أَيَّامِكَ وَلا تُبْعِدَنِي عن شاطئِ قُرْبِكَ وَإِفْضالِكَ، أَيْ رَبِّ أَنَا العَطْشانُ فَأَشْرِبْنِي مِنْ كَوْثَرِ فَضْلِكَ وَأَنَا الفَقِيرُ فَأَظْهِرْ لِي ظُهُوراتِ غَنائِكَ، هَلْ يَنْبَغِي لِشَأْنِكَ بِأَنْ تَطْرُدَ الآمِلِينَ عَنْ فِنآءِ بابِ فَضْلِكَ وَأَلْطافِكَ، وَهَلْ يَلِيقُ لِسُلْطانِكَ بِأَنْ تَمْنَعَ المُشْتاقِينَ عَن كَعْبَةِ وَصْلِكَ وَلِقائِكَ، فَوَعِزَّتِكَ لَيْسَ هذا ظَنِّي بِكَ لأَنِّي أَيْقَنْتُ بِأَنَّكَ أَنْتَ الْكَرِيمُ ذُو الفَضْلِ العَمِيمِ، أَيْ رَبِّ أَسْئَلُكَ بِرَحْمَتِكَ الَّتِيْ سَبَقَتِ المُمْكِناتِ وَبِكَرَمِكَ الَّذِيْ أَحاطَ الكائِناتِ بِأَنْ تَجْعَلَنِيْ مُقْبِلاً إِلَيْكَ وَلائِذًا بِحَضْرَتِكَ وَمُسْتَقِيمًا فِيْ حُبِّكَ، ثُمَّ اكْتُبْ لِي ما قَدَّرْتَهُ لأحِبَّائِكَ، إِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ عَلَى ما تَشآءُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ الغَفُورُ الكَرِيمُ وَالحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العالَمِينَ.

(22)

سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي أَنَا الَّذِيْ انْقَطَعْتُ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ وَتَوَجَّهْتُ إِلى بَوَارِقِ أَنْوارِ وَجْهِكَ وَقَطَعْتُ حَبْلَ النِّسْبَةِ عَنْ كُلِّ ذِيْ نِسْبَةٍ وَتَمَسَّكْتُ بحَبْلِ حُبِّكَ وَرِضائِكَ، أَيْ رَبِّ أَنَا الَّذِيْ قَبِلْتُ حُبَّكَ وَضُرَّ العالَمِينَ، وَفَدَيْتُ نَفْسِي حُبًّا لأَحِبَّائِكَ لِيَصْعَدُنَّ إِلى سَمواتِ قُرْبِكَ وَعِرْفانِكَ وَيَطِيرُنَّ فِيْ هَوَآءِ حُبِّكَ وَرِضائِكَ، أَيْ رَبِّ فَاكْتُبْ لِي وَلَهُمْ مَا كتَبْتَهُ لِلْمُخْلِصِينَ مِنْ أَصْفِيائِكَ ثُمَّ اجْعَلْهُمْ مِنَ الَّذِينَ طَهَّرْتَ وُجُوهَهُمْ عَنِ الإِقْبالِ إِلى غَيْرِكَ وَعُيُونَهُمْ عَنِ النَّظَرِ إِلى ما سِواكَ، وَإِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ المُتَعالِ العَزِيزُ المَلِكُ المُهَيْمِنُ العَفُوُّ الغَفُورُ.

(23)

سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي أَسْئَلُكَ بِهُبُوبِ أَرْياحِ فَضْلِكَ وَبِمَشارِقِ وَحْيِكَ وَمَطالِعِ إِلْهامِكَ بِأَنْ تُنَزِّلَ عَلَيَّ وَعَلَى مَنْ أَرادَ وَجْهَكَ ما يَنْبَغِي لِكَرَمِكَ وَإِحْسانِكَ وَما يَلِيقُ لِمَواهِبِكَ وَأَلْطافِكَ، أَيْ رَبِّ أَنَا الفَقِيرُ فَأَدْخِلْنِي فِيْ لُجَّةِ غَنائِكَ وَأَنَا الظَّمْآنُ فَأَشْرِبْنِي كَوْثَرَ عِنايَتِكَ، أَسْئَلُكَ بِنَفْسِكَ وَبِالَّذِيْ جَعَلْتَهُ مَظْهَرَ نَفْسِكَ وَكَلِمَةَ الفَصْلِ بَيْنَ السَّمواتِ وَالأَرْضِ بِأَنْ تَجْمَعَ عِبادَكَ فِيْ ظِلِّ سِدْرَةِ عُطُوفَتِكَ، ثُمَّ ارْزُقْهُمْ مِنْ أَثْمارِها وَأَسْمِعْهُمْ نَغَماتِ أَوْراقِها وَتَغَنِّيَ عَنْدَلِيبِها وَتَغَرُّدَ وَرْقَائِها وَإِنَّكَ أَنْتَ المُهَيْمِنُ المُتَعالِ العَزِيزُ الْكَرِيمُ.

(24)

سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي أَسْئَلُكَ بِهَياكِلِ قُدْسِ أَحَدِيَّتِكَ وَمَظَاهِرِ عِزِّ فَرْدَانِيَّتِكَ وَمَطالِعِ وَحْيِكَ وَإِلْهامِكَ بِأَنْ لا تَمْنَعَ عِبادَكَ مِنْ هذِهِ الشَّرِيعَةِ الَّتِيْ انْشَعَبَتْ مِنَ البَحْرِ الأَعْظَمِ بِمَشِيَّتِكَ وَإِرَادَتِكَ، ثُمَّ قَدِّرْ لَهُمْ ما قَدَّرْتَهُ لأَصْفِيائِكَ وَخِيْرَةِ خَلْقِكَ الَّذِينَ ما حَرَّكَتْهُمْ عَواصِفُ الافْتِتانِ عَنِ الاسْتِقامَةِ عَلَى أَمْرِكَ وَما مَنَعَتْهُمْ قَوَاصِفُ الامْتِحانِ عَنْ إَعْلآءِ كَلِمَتِكَ العُلْيا الَّتِيْ بِها انْفَطَرَتْ سَمواتُ الظُّنُونِ وَالأَوْهامِ وَإِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ العَزِيزُ العَلاّمُ، ثُمَّ عَرِّفْ يا إِلهِي عِبادَكَ الشَّمْسَ الَّتِيْ أَشْرَقَتْ عَنْ أُفُقِ قَضائِكَ وَتَقْدِيرِكَ وَلا تَجْعَلْهُمْ مَحْرُومِينَ عَنِ الجَنَّةِ الَّتِيْ خَلَقْتَها بِاسْمِكَ الأَبْهى فِيْ جَبَرُوتِكَ الأَعْلی، ثُمَّ أَسْمِعْهُمْ يا إِلهِي نِدائَكَ الأَحْلى لِيَسْرُعُنَّ كُلٌّ إِلى شَطْرِ فَرْدانِيَّتِكَ وَيَعْتَرِفُنَّ بِوَحْدانِيَّتِكَ يا حَبِيبَ قُلُوبِ المُشْتاقِينَ وَيا مَحْبُوبَ أفْئِدَةِ العارِفِينَ، أَسْئَلُكَ بِالَّذِينَ كَسَّرُوا الأَصْنامَ فِيْ هذا الظُّهُورِ الَّذِيْ بِهِ ظَهَرَ الزِّلْزالُ الأَعْظَمُ وَالفَزَعُ الأَكْبَرُ بِأَنْ تُؤَيِّدَ عِبادَكَ فِيْ كُلِّ الأَحْيانِ بِآياتِ قُدْرَتِكَ وَظُهُوراتِ عِزِّ قَيُّومِيَّتِكَ، ثُمَّ اجْعَلْ قُلُوبَهُمْ زُبَرَ الحَدِيدِ لِئَلاَّ تُخَوِّفَهُمْ سَطْوَةُ الَّذِيْنَهُمْ ظَلَمُوا عَلَى مَظْهَرِ ذاتِكَ وَمَطْلَعِ غَيْبِكَ، وَلِيَقُومُنَّ كُلٌّ عَلَى ذِكْرِكَ وَنُصْرَتِكَ لِتُرْفَعَ بِهِمْ أَعْلامُ نُصْرَتِكَ فِيْ مَمْلَكَتِكَ وَرَاياتُ أَمْرِكَ فِيْ دِيارِكَ، وَإِنَّكَ أَنْتَ الَّذِيْ لَمْ تَزَلْ كُنْتَ قادِرًا بِمَشِيَّتِكَ وَلا تَزالُ تَكُونُ بِمِثْلِ ما قَدْ كُنْتَ فِيْ أَزَلِ الآزالِ، وَإِنَّكَ أَنْتَ العَزِيزُ المُتَعالِ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ المُقْتَدِرُ المُتَعالِ المُهَيْمِنُ المُتَكَبِّرُ الواحِدُ الفَرْدُ العَزِيزُ المُخْتارُ.

(25)

سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي أَسْئَلُكَ بِأَصْفِيائِكَ وَأُمَنائِكَ وَبِالَّذِيْ جَعَلْتَهُ خَاتَمَ أَنْبِيائِكَ وَسُفَرائِكَ بِأَنْ تَجْعَلَ ذِكْرَكَ مُؤْنِسِيْ وَحُبَّكَ مَقْصَدِي وَوَجْهَكَ مَطْلَبِيْ وَاسْمَكَ سِرَاجِيْ وَما أَرَدْتَهُ مُرَادِيْ وَما أَحْبَبْتَهُ مَحْبُوبِيْ، أَيْ رَبِّ أَنَا العَاصِي وَأَنْتَ الغَافِرُ لَمَّا عَرَفْتُكَ سَرُعْتُ إِلى سَاحَةِ عِزِّ عِنايَتِكَ، أَيْ رَبِّ فَاغْفِرْ لِي جَرِيرَاتِي الَّتِيْ مَنَعَتْنِي عَنِ السُّلُوكَ فِيْ مَنَاهِجِ رِضَائِكَ وَالوُرُودِ فِيْ شاطئِ بَحْرِ أَحَدِيَّتِكَ، أَيْ رَبِّ لا أَجِدُ دُونَكَ مِنْ كَرِيمٍ لأتَوَجَّهَ إِلَيْهِ وَلا سِواكَ مِنْ رَحِيمٍ لأسْتَرْحِمَ مِنْهُ، أَسْئَلُكَ بِأَنْ لا تَطْرُدَنِيْ عَنْ بابِ فَضْلِكَ وَلا تَمْنَعَنِي عَنْ سَحابِ جُودِكَ وَكَرَمِكَ، أَيْ رَبِّ قَدِّرْ لِي ما قَدَّرْتَهُ لأوْلِيائِكَ ثُمَّ اكْتُبْ لِي ما كَتَبْتَهُ لأصْفِيائِكَ، لَمْ يَزَلْ كانَ طَرْفِيْ ناظِرًا إِلى أُفُقِ عِنايَتِكَ وَعَيْنِي مُتَوَجِّهَةً إِلى شَطْرِ أَلْطافِكَ، فَافْعَلْ بِي ما أَنْتَ أَهْلُهُ لا إِلهَ إِلاَّ أنْتَ المُقْتَدِرُ العَزِيزُ المُسْتَعانُ.

(26)

أيْ رَبِّ فِيْ جِوارِ قُرْبِكَ فَأَسْكنِّي لأنَّ البُعْدَ أَهْلَكَنِي، وَفِيْ ظِلِّ جَنَاحِ فَضْلِكَ أَرِحْنِيْ لأنَّ الحَرارَةَ ذابَتْ كَبِدِيْ، وَإِلى كَوْثَرِ الحَيَوانِ قَرِّبْنِي لأنَّ عَطَشَ الطَّلَبِ أَحْرَقَنِي، يا إِلهِي زَفَراتِيْ تَشْهَدُ لِبَلائِيْ وَعَبَرَاتِيْ تَحْكِي عَنْ حُبِّيْ، أَيْ رَبِّ أَسْئَلُكَ بِذِكْرِكَ نَفْسَكَ وَبِثَنائِكَ ذاتَكَ بِأَنْ تَجْعَلَنا مِنَ الَّذِينَ أَقَرُّوا بِكَ وَاعْتَرَفُوا بِسُلْطانِكَ فِيْ أَيَّامِكَ، ثُمَ أَشْرِبْنا يا إِلهِي مِنْ أَصابِعِ الرَّحْمَةِ كَوْثَرَ العِنَايَةِ لِيُغْفِلَنا عَمَّا سِواكَ وَيُشْغِلَنَا بِكَ، وَإِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ عَلَى ما تَشَاءُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ العَزِيزُ المُهَيْمِنُ القَيُّومُ وَالحَمْدُ لَكَ يا مالِكَ كُلِّ المُلُوكِ.

(27)

تَرَى يا إِلهِي إِشْراقَ شَمْسِ كَلِمَتِكَ مِنْ أُفُقِ سِجْنِكَ بِما ارْتَفَعَ فِيهِ ذِكْرُكَ بِلِسانِ مَظْهَرِ ذاتِكَ وَمَطْلَعِ أَنْوارِ أَحَدِيَّتِكَ، وَبِذلِكَ تَضَوَّعَتْ نَفَحاتُ مَحْبُوبِيَّتِكَ فِيْ بِلادِكَ وَأَحاطَتْ أَهْلَ مَمْلَكَتِكَ، يا إِلهِي لَمَّا أَظْهَرْتَ فَضْلَكَ لا تَمْنَعْ عِبادَكَ عَنِ التَّوَجُّهِ إِلَيْهِ، لا تَنْظُرْ يا إِلهِي إِلى مَقاماتِهِمْ وَشُئُوناتِهِمْ وَأَعْمالِهِمْ فَانْظُرْ إِلى عَظَمَتِكَ وَمَواهِبِكَ وَقُدْرَتِكَ وَأَلْطافِكَ، وَعِزَّتِكَ لَوْ تَنْظُرُ بِعَيْنِ العَدْلِ كُلٌّ يَسْتَحِقُّونَ غَضَبَكَ وَسِياطَ قَهْرِكَ، خُذْ يا إِلهِي أَيادِيَ الخَلْقِ بِأَيادِي فَضْلِكَ ثُمَّ عَرِّفْهُمْ ما هُوَ خَيْرٌ لَهُمْ عَمَّا خُلِقَ فِيْ مَلَكُوتِ الإِنْشاءِ، نَشْهَدُ يا إِلهِي بِأَنَّكَ أَنْتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ، لَمْ تَزَلْ كُنْتَ وَما كانَ أَحَدٌ دُونَكَ وَلا تَزالُ تَكُونُ وَما يَكُونُ غَيْرُكَ، أَسْئَلُكَ بِالأَبْصارِ الَّتِيْ يَرَوْنَكَ مُسْتَقِرًّا عَلَى عَرْشِ الَّتْوحِيدِ وَكُرْسِيِّ التَّفْرِيدِ بِأَنْ تَنْصُرَ أَحِبَّتَكَ بِاسْمِكَ الأَعْظَمِ، ثُمَّ ارْفَعْهُمْ إِلى مَقامٍ يَشْهَدُونَ بِذَواتِهِم وَأَلْسُنِهِمْ بِأَنَّكَ أَنْتَ الواحِدُ الفَرْدُ الأَحَدُ الصَّمَدُ، ما اتَّخَذْتَ لِنَفْسِكَ شَرِيكًا وَلا شَبِيهًا إِنَّكَ أَنْتَ العَزِيزُ المُقْتَدِرُ المُسْتَعانُ.

(28)

سَبْحانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي أَشْهَدُ أَنَّكَ أَنْتَ لَمْ تَزَلْ كُنْتَ فِيْ عُلُوِّ القُدْرَةِ وَالجَلالِ وَلا تَزالُ تَكُونُ فِيْ سُمُوِّ القُوَّةِ وَالإِجْلالِ، لا يَمْنَعُكَ عَمَّا أَرَدْتَهُ مَنْ فِيْ مَلَكُوتِ السَّمواتِ وَالأَرْضِ وَلا يُعْجِزُكَ مَنْ فِيْ جَبَروُتِ الأَمْرِ وَالخَلْقِ، تَفْعَلُ ما تَشاءُ بِأَمْرِكَ وَتَحْكُمُ ما تُرِيدُ بِسُلْطانِكَ، أَسْئَلُكَ يا فالِقَ الإِصْباحِ بِمِصْباحِكَ الَّذِيْ أَوْقَدْتَهُ بِنارِ حُبِّكَ بَيْنَ الأَرْضِ وَالسَّمآءِ وَأَمْدَدْتَهُ بِدُهْنِ حِكْمَتِكَ فِيْ مَلَكُوتِ الإِنْشآءِ بِأَنْ تَجْعَلَنِيْ مِنَ الَّذِينَ طَارُوا فِيْ هَوائِكَ وَرَضَوْا بِقَضائِكَ، أَيْ رَبِّ أَنَا المِسْكينُ وَأَنْتَ القَوِيُّ القَدِيرُ، أَنِ ارْحَمْنِي بِجُودِكَ وَإِحْسانِكَ وَوَفِّقْنِي عَلَى خِدْمَتِكَ وَخِدْمَةِ أَوْلِيائِكَ إِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ عَلَى ما تَشآءُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ المُقْتَدِرُ العَزِيزُ العَلاَّمُ.

(29)

كَمْ مِنْ مَخْمُودٍ يا إِلهِي اشْتَعَلَ مِنْ نَارِ أَمْرِكَ، وَكَمْ مِنْ راقِدٍ انْتَبَهَ مِنْ حَلاوَةِ نِدَائِكَ، كَمْ مِنْ غَرِيبٍ اسْتَوْطَنَ فِيْ ظِلِّ سِدْرَةِ فَرْدانِيَّتِكَ، وَكَمْ مِنْ ظَمْآنٍ أَرادَ كَوْثَرَ الحَيَوانِ فِيْ أَيَّامِكَ، طُوبى لِمَنْ أَقْبَلَ إِلَيْكَ وَسَرُعَ إِلى مَطْلَعِ أَنْوارِ وَجْهِكَ، طُوبى لِمَنْ أَقْبَلَ بِقَلْبِهِ إِلى مَشْرِقِ وَحْيِكَ وَمَصْدَرِ إِلْهامِكَ، طُوبى لِمَنْ بَذَلَ فِيْ سَبِيلِكَ ما أَعْطَيْتَهُ بِجُودِكَ، طُوبى لِمَنْ نَبَذَ ما سِواكَ فِيْ هَويكَ، وَطُوبى لِمَنْ آنَسَ بِذِكْرِكَ وَانْقَطَعَ عَمَّا دُونَكَ، أَيْ رَبِّ أَسْئَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِيْ طَلَعَ مِنْ أُفُقِ السِّجْنِ بِسُلْطانِكَ وَقُدْرَتِكَ بِأَنْ تُقَدِّرَ لِلْكُلِّ ما يَنْبَغِيْ لِنَفْسِكَ وَيَلِيقُ لِشَأْنِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

(30)

سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي تَرانِي اليَوْمَ فِيْ السِّجْنِ بَيْنَ أَيْدِي أَعْدائِكَ وَالإِبْنَ عَلَى التُّرابِ أَمامَ وَجْهِكَ، أَيْ رَبِّ هذا عَبْدُكَ الَّذِيْ نَسَبْتَهُ إِلى مَطْلَعِ ذاتِكَ وَمَشْرِقِ أَمْرِكَ إِذا وُلِدَ ابْتُلِيَ بِالفِراقِ بِما جَرَى عَلَيْهِ حُكْمُ قَضائِكَ، وإِذَا شَرِبَ رَحِيقَ الوِصالِ ابْتُلِيَ بِالسَّجْنِ بِما آمَنَ بِكَ وَبِآياتِكَ، وَكانَ يَخْدُمُ جَمالَكَ إِلى أَنْ وَرَدَ فِيْ هذا السِّجْنِ الأَعْظَمِ، إِذًا يا إِلهِي فَدَيْنَاهُ فِيْ سَبِيلِكَ، وَتَرَى ما وَرَدَ عَلَى أَحِبَّائِكَ فِيْ هذِهِ المُصِيبَةِ الَّتِيْ فِيها ناحَتِ القَبائِلُ وَمِنْ وَرائِها أَهْلُ الْمَلأِ الأَعْلی، أَيْ رَبِّ أَسْئَلُكَ بِهِ وَغُرْبَتِهِ وَسَجْنِهِ بِأَنْ تُنَزِّلَ عَلَى أَحِبَّائِهِ ما تَسْكُنُ بِهِ قُلُوبُهُمْ وَتَصْلُحُ بِهِ أُمُورُهُمْ إِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ عَلَى ما تَشاءُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ المُقْتَدِرُ القَدِيرُ.

(31)

سُبْحانَكَ يا إِلهِي أَسْئَلُكَ بِالَّذِينَ طافُوا حَوْلَ عَرْشِ مَشِيَّتِكَ وَطارُوا فِيْ هَوآءِ إِرادَتِكَ وَأَقْبَلُوا بِقُلُوبِهِمْ إِلى أُفُقِ وَحْيِكَ وَمَشْرِقِ إِلْهامِكَ وَمَطْلَعِ أَسْمائِكَ بِأَنْ تُوَفِّقَ عِبادَكَ عَلَى ما أَمَرْتَهُمْ بِهِ فِيْ أَيَّامِكَ الَّذِيْ بِهِ يَظْهَرُ تَقْدِيسُ أَمْرِكَ بَيْنَ عِبادِكَ وَتَنْتَظِمُ أُمُورُ خَلْقِكَ وَمَمْلَكَتِكَ، أَشْهَدُ يا إِلهِي هذا يَومٌ فِيهِ تَمَّتْ حُجَّتُكَ وَظَهَرَتْ بَيِّناتُكَ وَنُزِّلَتْ آياتُكَ وَلاحَتْ آثارُكَ وَأَنارَ وَجْهُكَ وَكَمُلَ بُرْهانُكَ وَأَحاطَتْ قُدْرَتُكَ وَسَبَقَتْ رَحْمَتُكَ وَأَشْرَقَتْ شَمْسُ فَضْلِكَ عَلَى شَأْنٍ أَظْهَرْتَ مَظْهَرَ نَفْسِكَ وَمَخْزَنَ عِلْمِكَ وَمَطْلَعَ عَظَمَتِكَ وَاقْتِدارِكَ الَّذِيْ أَخَذْتَ عَهْدَهُ عَمَّا خُلِقَ فِيْ مَلَكُوتِ السَّمواتِ وَالأَرْضِ وَجَبَرُوتِ الأَمْرِ وَالخَلْقِ وَأَقَمْتَهُ عَلَى مَقامٍ ما مَنَعَهُ ظُلْمُ الظَّالِمِينَ عَنْ إِظْهارِ سَلْطَنَتِكَ وَلا سَطْوَةُ الغافِلِينَ عَنْ إِبْرازِ قُدْرَتِكَ وَإِعْلآءِ أَمْرِكَ بِحَيْثُ بَلَّغَ المُلُوكَ جَهْرَةً رِسالاتِكَ وَأَوامِرَكَ وَما أَرادَ فِيْ حِينٍ مِنَ الأَحْيانِ حِفْظَ نَفْسِهِ بَلْ حِفْظَ عِبادِكَ عَمَّا يَمْنَعُهُمْ عَنِ التَّقَرُّبِ إِلى مَلَكُوتِ قُرْبِكَ وَالتَّوجُّهِ إِلى أُفُقِ رِضائِكَ، يا إِلهِي تَراهُ تَحْتَ السَّيْفِ يَدْعُ الأُمَمَ إِلَيْكَ وَفِيْ السِّجْنِ يَدْعُوهُمْ إِلى شَطْرِ مَواهِبِكَ وَأَلْطافِكَ، كُلَّما ازْدادَ البَلايا إِنَّهُ زادَ فِيْ إِظْهارِ أَمْرِكَ وَإِعْلاءِ كَلِمَتِكَ، أَشْهَدُ أَنَّ بِهِ تَحَرَّكَ القَلَمُ الأَعْلى وَبِذِكْرِهِ زُيِّنَتِ الأَلْواحُ فِيْ مَلَكُوتِ الأَسْمآءِ وَبِهِ سَرَتْ نَسَمَاتُكَ وَفاحَتْ نَفَحاتُ قَمِيصِكَ بَيْنَ الأَرْضِ وَالسَّماءِ، تَرَى وَتَعْلَمُ يا إِلهِي أَنَّهُ سَكَنَ فِيْ أَخْرَبِ البِلادِ لِتَعْمِيرِ أَفْئِدَةِ عِبادِكَ وَقَبِلَ الذِّلَّةَ الْكُبْرَى لِعِزَّةِ خَلْقِكَ، أَسْئَلُكَ يا فالِقَ الإِصْباحِ بِاسْمِكَ الَّذِيْ بِهِ سَخَّرْتَ الأَرْياحَ وَنَزَّلْتَ الأَلْواحَ بِأَنْ تُقَرِّبَنا إِلى ما قَدَّرْتَ لَنا بِجُودِكَ وَإِحْسانِكَ وَتُبْعِدَنا عَمَّا يَكرَهُهُ رِضائُكَ، ثُمَّ أَشْرِبْنا فِيْ كُلِّ الأَحْيانِ كَوْثَرَ الحَيَوانِ بِأَيادِي فَضْلِكَ يا رَحْمنُ، ثُمَّ اجْعَلْنا مِنَ الَّذِينَ نَصَرُوكَ إِذْ كُنْتَ بَيْنَ أَيادِي الأَعْدآءِ مِنْ طُغاةِ خَلْقِكَ وَعُصاةِ بَرِيَّتِكَ، ثُمَّ اكْتُبْ لَنا أَجْرَ مَنْ فَازَ بِلِقائِكَ وَزَارَ جَمالَكَ وَكُلَّ خَيْرٍ قُدِّرَ لِلْمُقَرَّبِينَ مِنْ خَلْقِكَ فِيْ كِتابِكَ، أَيْ رَبِّ نَوِّرْ قُلُوبَنا بِنُورِ مَعْرِفَتِكَ وَأَنِرْ أَبْصارَنا بِضِياءِ نَظَرِها إِلى أُفُقِ فَضْلِكَ وَمَشْرِقِ أَنْوارِكَ، ثُمَّ احْفَظْنا بِاسْمِكَ الأَعْظَمِ الَّذِيْ جَعَلْتَهُ مُهَيْمِنًا عَلَى الأُمَمِ مِنَ الَّذِينَ يَدَّعُونَ ما لا أَذِنْتَ لَهُمْ فِيْ كِتابِكَ، هذا ما أَخْبَرْتَنا بِهِ فِيْ زُبُرِكَ وَأَلْواحِكَ، ثُمَّ اسْتَقِمْنا عَلَى حُبِّكَ عَلَى شَأْنٍ لا نَتَوَجَّهُ إِلى دُونِكَ وَنَكُونُ مِنَ المُقَرَّبِينَ بِتَقْدِيسِ ذاتِكَ عَنِ المِثْلِيَّةِ وَتَنْزِيهِ نَفْسِكَ عَنْ الشِّبْهِيَّةِ بِحَيْثُ نَنْطِقُ بَيْنَ عِبادِكَ بِأَعْلى النِّداءِ إِنَّهُ هُو الواحِدُ الفَرْدُ الصَّمَدُ المُقْتَدِرُ العَزِيزُ الحَكِيمُ، أَيْ رَبِّ قَوِّ قُلُوبَ أَحِبَّائِكَ لِئَلاَّ تُخَوِّفَهُمْ جُنُودُ الَّذِينَ أَعْرَضُوا عَنْكَ لِيَتَّبِعُوكَ فِيْ ما ظَهَرَ مِنْ عِنْدِكَ وَأَيِّدْهُمْ عَلَى ذِكْرِكَ وَثَنائِكَ وَتَبْلِيغِ أَمْرِكَ بِالحِكْمَةِ وَالبَيانِ، إِنَّكَ أَنْتَ سَمَّيْتَ نَفْسَكَ بِالَّرحْمنِ، وَاقْضِ لِي يا إِلهِي وَلِمَنْ أَرادَكَ ما يَنْبَغِي لِعُلُوِّ جَلالِكَ وَسُمُوِّ إِجْلالِكَ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيْمُ.

(32)

تَرَى مَحْبُوبَكَ يا إِلهِي بَيْنَ أَيْدِي أَعْدائِكَ وَتَسْمَعُ حَنِينَهُ بَيْنَ أَشْقِياءِ خَلْقِكَ، أَيْ رَبِّ هذا لَهُوَ الَّذِيْ زَيَّنْتَ الأَلْواحَ بِاسْمِهِ وَنَزَّلْتَ البَيانَ لِثَنائِهِ وَبَكِيتَ فِيْ كُلِّ الأَحْيانِ لِفِراقِهِ، إِذًا تَراهُ يا إِلهِي وَحْدَهُ بَيْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِكَ وَأَعْرَضُوا عَنْ حَضْرَتِكَ وَغَفَلُوا عَنْ بَدَائِعِ رَحْمَتِكَ، يا إِلهِي هذا هُوَ الَّذِيْ قُلْتَ فِيْ حَقِّهِ لَوْلاهُ مَا نُزِّلَتِ الكُتُبُ وَما أُرْسِلَتِ الرُّسُلُ، فَلَمَّا ظَهَرَ بِأَمْرِكَ وَنَطَقَ بِثَنائِكَ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ أَشْرارُ خَلْقِكَ بِأَسْيافِ البَغْضآءِ يا مالِكَ الأَسْمآءِ، وَأَنْتَ تَعْلَمُ مَا وَرَدَ عَلَيْهِ مِنَ الَّذِينَ هَتَكُوا سِتْرَ الكِبْرِياءِ وَنَبَذُوا عَنْ وَرَائِهِمْ عَهْدَكَ وَمِيثاقَكَ يا فاطِرَ السَّمآءِ، وَهذا هُو الَّذِيْ أَنْفَقْتَ رُوحَكَ لِنَفْسِهِ وَقَبِلْتَ ضُرَّ العالَمِينَ لِظُهُورِهِ وَنَادَيْتَ الْكُلَّ بِاسْمِهِ، فَلَمَّا أَتَى مِنْ سَماءِ العَظَمَةِ وَالاقْتِدارِ بَسَطَ عَلَيْهِ عِبادُكَ أَيادِيَ الظُّلْمِ وَالنِّفاقِ وَوَرَدَ عَلَيْهِ ما لا يَتِمُّ بِالأَوْراقِ، تَرَى يا مَحْبُوبَ الآفاقِ مَحْبُوبَكَ تَحْتَ مَخالِبِ المُنْكِرِينَ وَرَجآءَ قَلْبِكَ تَحْتَ سُيُوفِ الظَّالِمِينَ، وَالآنَ يُخاطِبُنِي مِنْ أَعْلى المَقامِ يا أَيُّها المَسْجُونُ نَفْسِي لِسَجْنِكَ الفِدَاءُ، يا أَيُّها المَظْلُومُ ذاتِي لِبَلائِكَ الفِداءُ، أَنْتَ الَّذِيْ لِسَجْنِكَ ظَهَرَتْ أَعْلامُ قُدْرَتِكَ وَأَشْرَقَتْ مِنْ أُفُقِ البَلآءِ شَمْسُ ظُهُورِكَ عَلَى شَأْنٍ خَضَعَ كُلُّ شَيْءٍ لِعَظَمَتِكَ، كُلَّما مُنِعْتَ عَنِ الذِّكْرِ وَالبَيانِ ازْدادَ ذِكْرُكَ وَارْتَفَعَ نِدائُكَ وَكُلَّما حالَتْ بَيْنَكَ وَبَيْنَ العِبادِ حُجُباتُ أَهْلِ العِنادِ أَشْرَقْتَ بِنُورِ وَجْهِكَ مِنْ أُفُقِ سَمآءِ فَضْلِكَ، أَنْتَ القَيُّومُ بِلِسانِ اللّهِ العَزِيزِ المَحْبُوبِ وَأَنْتَ المَقْصُودُ بِما جَرَى مِنْ القَلَمِ الَّذِيْ بَشَّرَ العِبادَ بِاسْمِكَ المَكْنُونِ وَزَيَّنَ الإِبْداعَ بِطِرازِ حُبِّكَ العَزِيزِ المَنِيعِ، قَدْ قَرَّتْ عَيْنُ العالَمِ مِنْ طَلْعَتِكَ النَّوْرآءِ وَلكِنَّ النَّاسَ اجْتَمَعُوا عَلَى إِطْفآءِ نُورِكَ يا مَنْ بِيَدِكَ زِمامُ العالَمِينَ، قَدْ نَطَقَتِ الذَّرَّاتُ بِثَنائِكَ وَاشْتَعَلَتِ الكائِناتُ مِنْ رَشَحاتِ بَحْرِ حُبِّكَ وَلكِنَّ النَّاسَ أَرادُوا إِخْمادَ نَارِكَ، لا وَنَفْسِكَ هُمُ العُجَزآءُ وَأَنْتَ القَدِيرُ وَهُمُ الفُقَرآءُ وَأَنْتَ الغَنِيُّ وَهُمُ الضُّعَفآءُ وَأَنْتَ القَوِيُّ، لا يَمْنَعُكَ عَمَّا أَرَدْتَهُ أَمْرٌ وَلا يَضُرُّكَ نِفاقُ العالَمِينَ، مِنْ نَفَحاتِ بَيانِكَ تَزَيَّنَ رِضْوانُ العرْفانِ وَمِنْ رَشَحاتِ قَلَمِكَ اهْتَزَّ كُلُّ عَظْمٍ رَمِيمٍ، لا تَحْزَنْ عَمَّا وَرَدَ عَلَيْكَ وَلا تأْخُذْهُمْ بِما ارْتَكبُوا فِيْ أَيَّامِكَ أَنِ اصْبِرْ إِنَّكَ أَنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.

(33)

سُبْحَانَكَ يا إِلهِي أَنْتَ الَّذِيْ قَلَّبْتَ الكائِناتِ بِكَلِمَةٍ مِنْ عِنْدِكَ وَفَصَّلْتَ بَيْنَ عِبادِكَ بِإِشارَةٍ مِنْ قَلَمِكَ، أَشْهَدُ يا إِلهِي بِأَنَّكَ فِيْ هذا الظُّهُورِ تَكَلَّمْتَ بِكَلِمَةٍ وَبِها قَبَضْتَ الأَرْواحَ مِنْ كُلِّ الأَشْياءِ وَبِكَلِمَةٍ أُخْرى أَحْيَيْتَ مَنْ أَرَدْتَهُ بِجُودِكَ وَفَضْلِكَ، إِذًا أَشْكرُكَ وَأَحْمَدُكَ مِنْ قِبَلِ أَحِبَّتِكَ بِما أَحْيَيْتَهُمْ مِنَ الكَوْثَرِ الَّذِيْ جَرَى مِنْ فَمِ مَشِيَّتِكَ، يا إِلهِي لَمَّا أَحْيَيْتَهُمْ بِجُودِكَ فَأَثْبِتْهُمْ بِإِحْسانِكَ، لَمَّا أَدْخَلْتَهُمْ  فِيْ سُرادِقِ أَمْرِكَ لا تَمْنَعْهُمْ بِفَضْلِكَ، فَافْتَحْ يا إِلهِي عَلَى قُلُوبِهِمْ أَبْوابَ عِرْفانِكَ لِيَعْرِفُوكَ مُقَدَّسًا عَنْ خَلْقِكَ وَمُتَعالِيًا مِنْ إِشاراتِ بَريَّتِكَ وَلِئَلاَّ يَتَّبِعُوا كُلَّ ناعِقٍ يَدَّعِي مَقامَكَ، أَيْ رَبِّ فَاجْعَلْهُمْ مُسْتَقِيمًا فِيْ أَمْرِكَ عَلَى مَقامٍ لا تُحَرِّكُهُمْ كَلِماتٌ مُتَشابِهاتٌ مِنَ الَّذِينَ يَتَكَلَّمُونَ بِأَهْوائِهِمْ ما لا قُدِّرَ لَهُمْ فِيْ صُحُفِكَ وَأَلْواحِكَ، أَيْ رَبِّ تَعْلَمُ بِأَنِّي أَسْمَعُ نِدآءَ الذِّئَابِ فِيْ أَثْوابِ العِبادِ فَاحْفَظْ أَحِبَّتَكَ مِنْ شَرِّهِمْ ثُمَّ اجْعَلْهُمْ مُسْتَقِيمِينَ عَلَى ما ظَهَرَ مِنْ عِنْدِكَ فِيْ هذا الظُّهُورِ الَّذِيْ ما كانَ فِيْ عِلْمِكَ أَكْبَرُ مِنْهُ، أَيْ رَبِّ قَدِّرْ لَهُمْ ما يَنْفَعُهُمْ ثُمَّ نَوِّرْ أَبْصارَهُمْ بِنُورِ مَعْرِفَتِكَ لِيَرَوْكَ ظاهِرًا فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ وَمُشْرِقًا بَيْنَ خَلْقِكَ وَغالِبًا عَلَى مَنْ فِيْ سَمائِكَ وَأَرْضِكَ، إِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ عَلَى ما تَشآءُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ العَزِيزُ المُسْتَعانُ، وَالحَمْدُ لَكَ يا إِلهَ الإِمْكانِ وَمَنْ فِيْ الأَكْوانِ.

(34)

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي أَسْئَلُكَ بِجَمالِ القِدَمِ وَاسْمِكَ الأَعْظَمِ الَّذِيْ فَدَيْتَهُ لِحَياةِ مَنْ فِيْ أَرْضِكَ وَسَمائِكَ وَحَبَسْتَهُ لِعَتْقِ الأَعْناقِ مِنْ سَلاسِلِ النَّفْسِ وَالهَوى بِجُودِكَ وَسَلْطَنَتِكَ بِأَنْ تَجْعَلَنِي مِنَ الَّذِينَ اسْتَنْشَقُوا رائِحَةَ رَحْمَتِك وسَرُعُوا إِلى كَوْثَرِ فَضْلِكَ عَلَى شَأْنٍ ما مَنَعَتْهُمُ السِّهامُ عَنِ التَّوَجُّهِ إِلى شَطْرِكَ وَلا الرِّماحُ عَنِ الإِقْبالِ إِلى أُفُقِ وَحْيِكَ، أَيْ رَبِّ نَشْهَدُ بِأَنَّكَ أَنْتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ لَمْ تَزَلْ كُنْتَ فِيْ عُلُوِّ الاقْتِدارِ وَلا تَزالُ تَكُونُ فِيْ سُمُوِّ الاخْتِيارِ لا يَمْنَعُكَ عَمَّا أَرَدْتَهُ جُنُودُ العالَمِ وَلا يَرُدُّكَ عَمَّا أَرَدْتَهُ مَنْ فِيْ السَّمواتِ وَالأَرَضِينَ، إِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ العَلِيُّ العَظِيمُ صَلِّ اللَّهُمَّ عَلَى البَيانِ مِنْ أَهْلِ البَهآءِ الَّذِينَ رَكِبُوا عَلَى الفُلْكِ الحَمْرآءِ بِاسْمِكَ العَلِيِّ الأَعْلى إِنَّكَ أَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

(35)

سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي أَسْئَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِيْ بِهِ خُلِقَتِ الإِصْباحُ وَأُرْسِلَتِ الأَرْياحُ وَمُوِّجَتِ البِحارُ وَزُيِّنَتِ الأَشْجارُ بِالأَثْمارِ وَالأَرْضُ بِالأَنْهارِ بِأَنْ تَنْصُرَ أَحِبَّائَكَ بِجُنُودِ الغَيْبِ وَالشَّهادَةِ، ثُمَّ أَغْلِبْهُمْ عَلَى الَّذِينَ بَغَوْا فِيْ أَرْضِكَ وَهَتَكُوا حُرْمَتَكَ وَكَفَرُوا بِآياتِكَ وَنَقَضُوا مِيثاقَكَ وَنَبَذُوا أَحْكامَكَ وَقامُوا بِالمُحارَبَةِ إِلى أَنْ جَعَلُوا أُسارَى أَهْلَكَ وَحَبَسُوا مَظْهَرَ ذاتِكَ وَمَطْلَعَ كيْنُونَتِكَ فِيْ أَخْرَبِ البِلادِ، أَيْ رَبِّ أَنْتَ القَوِيُّ القَدِيرُ وَذُو الأَمْرِ الشَّدِيدِ، خُذْ أَعْدَائَكَ بِسُلْطانِكَ، ثُمَّ اجْمَعْ أَحِبَّائَكَ فِيْ ظِلِّ سِدْرَةِ فَرْدانِيَّتِكَ لِيَحْضُرُنَّ تِلْقاءَ عَرْشِكَ وَيَسْتَمِعُنَّ نَغَماتِكَ وَيَنْظُرُنَّ جَمالَكَ وَيَعْرِفُنَّ اقْتِدارَكَ، إِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ القَدِيرُ.

(36)

سُبْحانَكَ يا إِلهِي قَدْ أَخَذَتْنِي نَفَحاتُ وَصْلِكَ عَلَى شَأْنٍ نَسِيْتُ نَفْسِيْ وَما عِنْدِي، إِنْ هذا إِلاَّ مِنْ بَدائِعِ فَضْلِكَ وَمَواهِبِكَ، لَكَ الحَمْدُ يا إِلهِي عَلَى ما اصْطَفَيْتَنِيْ بَيْنَ بَرِيَّتِكَ وَجَعَلْتَنِيْ مَطْلَعَ قُوَّتِكَ وَمَظْهَرَ قُدْرَتِكَ وَأَظْهَرْتَ مِنِّيْ مِنْ آياتِكَ وَشُئُوناتِ عَظَمَتِكَ وَاقْتِدارِكَ ما عَجِزَ عَنْها مَنْ فِيْ أَرْضِكَ وَسَمائِكَ، أَيْ رَبِّ أَسْئَلُكَ بِاسْمِكَ الأَبْهى بِأَنْ تُعَرِّفَ أَهْلَ البَهآءِ ما قَدَّرْتَ لَهُمْ ثُمَّ احْفَظْهُمْ فِيْ حِصْنِ وِلايَتِكَ وَسُرادِقِ عِصْمَتِكَ لِئَلاَّ يَظْهَرَ مِنْهُمْ ما يَخْتَلِفُ بِهِ عِبادُكَ، أَيْ رَبِّ فَاجْمَعْهُمْ عَلَى شاطِئِ هذا البَحْرِ الَّذِيْ كُلُّ قَطْرَةٍ مِنْهُ تُنادِيْ بِأَنَّكَ أَنْتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنَا العَزِيزُ الحَكِيمُ، أَيْ رَبِّ عَرِّفْهُمْ عَظَمَةَ أَمْرِكَ لِئَلاَّ يَشْتَبِهَ عَلَيْهِمْ سَلْطَنَتُكَ وَاقْتِدارُكَ، فَوَعِزَّتِكَ يا مَحْبُوبَ العالَمِينَ لَوْ عَرَفُوا ما تَكَلَّمُوا بِما لا قَدَّرْتَ لَهُمْ فِيْ سَماءِ مَشِيَّتِكَ، أَيْ رَبِّ فَأَلْهِمْهُمْ عَجْزَ أَنْفُسِهِمْ تِلْقاءَ مَظْهَرِ نَفْسِكَ وَعَلِّمْهُمْ فَقْرَ ذَواتِهِمْ لَدَى ظُهُوراتِ غَنائِكَ وَاسْتِغْنائِكَ لِيَجْمَعُوا عَلَى أَمْرِكَ وَيَتَشَبَّثُوا بِذَيْلِ رَحْمَتِكَ وَيَتَمَسَّكُوا بِحَبْلِ إِرادَتِكَ، إِنَّكَ أَنْتَ مَوْلَى العالَمِينَ وَأَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ.

(37)

سُبْحانَكَ يا مالِكَ القِدَمِ وَخالِقَ الأُمَمِ وَمُصَوِّرَ الرِّمَمِ أَسْئَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي بِهِ نادَيْتَ الكُلَّ إِلى أُفُقِ عَظَمَتِكَ وَإِجْلالِكَ وَهَدَيْتَ العِبادَ إِلى شَطْرِ فَضْلِكَ وَأَلْطافِكَ بِأَنْ تَجْعَلَنِيْ مِنَ الَّذِينَ انْقَطَعُوا عَمَّا سِواكَ وَأَقْبَلُوا إِلَيْكَ وَما مَنَعَهُمْ سُوءُ القَضاءِ عَنْ شَطْرِ مَواهِبِكَ، أَيْ رَبِّ قَدْ تَمَسَّكْتُ بِعُرْوَةِ جُودِكَ وَتَشَبَّثْتُ بِذَيْلِ رِداءِ مَكْرُمَتِكَ، فَأَنْزِلْ عَلَيَّ مِنْ سَحابِ كَرَمِكَ ما يُطَهِّرُنِيْ عَنْ ذِكْرِ دُونِكَ وَيَجْعَلُنِي مُقْبِلَةً إِلى قِبْلَةِ الآفاقِ الَّذِيْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ أَهْلُ النِّفاقِ الَّذِينَ نَقَضُوا المِيثاقَ وَكَفَرُوا بِكَ وَبِآياتِكَ، أَيْ رَبِّ لا تَحْرِمْنِي مِنْ نَفَحاتِ قَمِيصِكَ فِيْ أَيَّامِكَ وَلا مِنْ فَوْحاتِ وَحْيِكَ عِنْدَ ظُهُورِ أَنْوارِ وَجْهِكَ، إِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ عَلَى ما تَشَاءُ لا مانِعَ لِمَشِيَّتِكَ وَلا رَادَّ لِما أَرَدْتَهُ بِقُدْرَتِكَ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ.

(38)

سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي أَشْهَدُ أَنَّكَ أَنْتَ كُنْتَ كَنْزًا مَكْنُونًا فِيْ غَيْبِ ذاتِيَّتِكَ وَرَمْزًا مَخْزُونًا فِيْ كَيْنُونَتِكَ، فَلَمَّا أَرَدْتَ أَنْ تُعْرَفَ فَخَلَقْتَ العالَمَ الأَكْبَرَ وَالأَصْغَرَ وَاخْتَرْتَ مِنْهُما الإِنْسانَ. وَجَعَلْتَهُ حاكِيًا عَنْهُما يا رَبَّنا الرَّحْمنَ، وَأَقَمْتَهُ مَقامَ نَفْسِكَ بَيْنَ مَلإِ الأَكْوانِ وَجَعَلْتَهُ مَطْلَعَ أَسْرارِكَ وَمَشْرِقَ وَحْيِكَ وَإِلْهامِكَ وَمَظْهَرَ أسْمائِكَ وَصِفاتِكَ الَّذِيْ بِهِ زَيَّنْتَ دِيْباجَ كِتابِ الإِبْداعِ يا مالِكَ الاخْتِراعِ، وَأَشْهَدُ أَنَّهُ لَهُو البِحارُ المُنْجَمِدُ وَالمُنْجَمِدُ البِحارُ لأنَّ بِسُكُونِهِ عَلَى أَمْرِكَ وَاسْتِقْرارِهِ عَلَى ما أَرَيْتَهُ فِيْ رِياضِ المُكاشَفَةِ وَالشُّهُودِ عِنْدَ تَجَلِّي أَنْوارِ أَحَدِيَّتِكَ قَدْ تَحَرَّكَتِ العِبادُ شَوْقًا إِلى مَلَكُوتِكَ وَسَرُعَ مَنْ فِيْ البِلادِ مُقْبِلاً إِلى جَبَرُوتِكَ، وَبِحَرَكَتِهِ فِيْ سَبِيلِكَ اسْتَقامَ المُخْلِصُونَ بِأَرْجُلٍ حَدِيدَةٍ لإِظْهارِ أَمْرِكَ بَيْنَ خَلْقِكَ وَإِبْرازِ سَلْطَنَتِكَ فِيْ مَمْلَكَتِكَ، ما أَعْظَمَ يا إِلهِي هذا الصُّنْعَ الأَكْبَرَ وَما أَكْمَلَ هذا الخَلْقَ الَّذِيْ مِنْهُ تَحَيَّرَتْ أَفْئِدَةُ أَهْلِ العِبَرِ وَالفِكْرِ، فَلَمَّا أَتَى المِيقاتُ وَظَهَرَ القَضآءُ بَعْدَ القَدَرِ بِالإمْضاءِ أَنْطَقْتَهُ بِثَنائِكَ وَأَسْرارِكَ بَيْنَ مَلإِ الإِنْشآءِ يا مالِكَ الأَسْمآءِ وَفاطِرَ الأَرْضِ وَالسَّمآءِ، وَبِهِ نَطَقَ كُلُّ شَيْءٍ بِذِكْرِكَ وَثَنائِكَ وَتَوَجَّهَ كُلُّ نَفْسٍ إِلى مَلَكُوتِ أَمْرِكَ وَسُلْطانِكَ، مَرَّةً أَظْهَرْتَهُ يا إِلهِي وَزَيَّنْتَ هَيْكَلَهُ بِطِرازِ اسْمِ الكَلِيمِ وَأَظْهَرْتَ مِنْهُ ما أَرَدْتَهُ بِمَشِيَّتِكَ وَقَدَّرْتَهُ بِتَقْدِيرِكَ، وَطَوْرًا زَيَّنْتَهُ بِاسْمِ الرُّوحِ وَأَنْزَلْتَهُ مِنْ سَمآءِ مَشِيَّتِكَ لِتَرْبِيَةِ بَرِيَّتِكَ وَبِهِ نَفَخْتَ رُوحَ الحَيَوانِ فِيْ أَفْئِدَةِ المُقْبِلِينَ مِنْ خَلْقِكَ وَالمُخْلِصيِنَ مِنْ عِبادِكَ، وَتارَةً أَظْهَرْتَهُ بِطِرازِ اسْمِ الحَبِيبِ وَأَشْرَقْتَهُ مِنْ أُفُقِ الحِجازِ إِظْهارًا لأَمْرِكَ وَإِبْرازًا لِقُدْرَتِكَ وَبَلَّغْتَ بِهِ العِبادَ ما يَجْعَلُهُمْ مُرْتَقِيًا إِلى مَعارِجِ تَوْحِيدِكَ وَمُرْتَغِبًا بَدائِعَ عُلُومِكَ وَعِلْمِكَ، أَشْهَدُ يا إِلهَ العالَمِينَ وَمَقْصُودَ القاصِدِينَ بِأَنَّ مَثَلَهُمْ بَيْنَ خَلْقِكَ كَمَثَلِ الشَّمْسِ كُلَّما تَطْلُعُ وَتَغْرُبُ إِنَّها هِيَ شَمْسٌ وَاحِدَةٌ، مَنْ يَرَى الفَرْقَ إِنَّهُ ما بَلَغَ إِلى الغايَةِ القُصْوَى وَما فازَ بِالذُّرْوَةِ العُلْيا وَمُنِعَ عَنْ أَسْرارِ التَّوْحِيدِ وَأَنْوارِ التَّجْرِيدِ وَالتَّفْرِيِدِ، وَأَشْهَدُ أَنَّكَ ما قَدَّرْتَ لَهُمْ شَبِيهًا فِيْ أَرْضِكَ وَلا نَظِيرًا فِيْ خَلْقِكَ لِيُثْبَتَ تَنْزِيهُ ذاتِكَ عَنِ المِثْلِيَّةِ وَتَقْدِيسُ نَفْسِكَ عَنِ الشِّبْهِيَّةِ، سُبْحانَكَ سُبْحانَكَ يا إِلهِي كَيْفَ أَذْكُرُكَ وَأَحْمَدُكَ فِيِما أظْهَرْتَهُ بِقُدْرَتِكَ وَأَشْرَقْتَهُ مِنْ أُفُقِ سَمآءِ مَشِيَّتِكَ وَجَعَلْتَهُ مَشْرِقَ آياتِكَ وَمَطْلَعَ ظُهُوراتِ أَسْمائِكَ وَصِفاتِكَ، وَما أَعْظَمَ حَيْرَتِيْ يا إِلهِي فِيْ عِرْفانِهِ وَعِرْفانِ ما أَوْدَعْتَهُ فِيهِ بِقُدْرَتِكَ وَاقْتِدارِكَ، مَرَّةً أَرَى أَنَّهُ ماءٌ حَيَوانٌ قَدْ نُزِّلَ مِنْ سَمآءِ فَضلِكَ وَسَحابِ رَحْمَتِكَ لِحَياةِ بَرِيَّتِكَ وَإِبْقاءِهِمْ بِبَقآءِ مَلَكُوتِكَ، مَنْ فازَ بِقَطْرَةٍ مِنْهُ إِنَّهُ قامَ مِنَ الأَمْواتِ وَأَقْبَلَ إِلى شَطْرِ أَلْطافِكَ وَمَواهِبِكَ مُنْقَطِعًا عَنْ سِواكَ، وَمَرَّةً أَرَى كَأَنَّهُ نارٌ أُوْقِدَتْ فِيْ سِدْرَةِ فَردانِيَّتِكَ وَمِنْها ظَهَرَ الاحْتِراقُ فِيْ أَكْبادِ العُشَّاقِ إِذْ طَلَعَ نَيِّرُ الآفاقِ مِنْ أُفُقِ العِراقِ، أَشْهَدُ يا إِلهِي بِهِ احْتَرَقَتْ أَحْجابُ البَشَرِ وَأَقْبَلُوا إِلى المَنْظَرِ الأَكْبَرِ، أَسْئَلُكَ يا مالِكَ القَدَرِ بِأَنْ لا تَجْعَلَنِي مَحْرُوْمًا عَنْ نَفَحاتِ أَيَّامِكَ الَّتِيْ فِيها فاحَتْ فَوْحاتُ قَمِيصِ رَحْمانِيَّتِكَ وَلا تَمْنَعَنِي عَنْ بَحْرِكَ الأَعْظَمِ الَّذِيْ كُلُّ قَطْرَةٍ مِنْهُ تُنادِي وَتَقُولُ طُوبى لِمَنْ أَيْقَظَتْهُ نَسْمَةُ اللّهِ الَّتِيْ مَرَّتْ مِنْ جِهَةِ فَضْلِهِ عَلَى المُقْبِلِينَ مِنْ خَلْقِهِ، أَيْ رَبِّ تَرَى عِبادَكَ أُسَرآءَ بِأَيادِي أَنْفُسِهِمْ وَأَهْوائِهِمْ خَلِّصْهُمْ يا إِلهِي بِسُلْطانِكَ وَقُدْرَتِكَ لِيُقْبِلُوا إِلَيْكَ عِنْدَ ظُهُورِ مَظْهَرِ أَسْمَائِكَ وَصِفاتِكَ، أَيْ رَبِّ فَانْظُرْ هذا الفَقِيرَ بِلَحَظاتِ أَعْيُنِ غَنَائِكَ وَنَوِّرْ قَلْبَهُ بِنُورِ مَعْرِفَتِكَ لِيَعْرِفَ حَقائِقَ اللاَّهُوتِ وَأَسْرارَ الجَبَرُوتِ وَظُهُوراتِ المَلَكُوتِ وَشُئُوناتِ النَّاسُوتِ تِلْقاءَ ظُهُورِ مَظْهَرِ نَفْسِكَ، ثُمَّ اجْعَلْهُ يا إِلهِي مُقْبِلاً إِلى أُفُقِ عِنايَتِكَ وَمُسْتَقِيمًا عَلَى حُبِّكَ وَناطِقًا بِذِكْرِكَ وَمُتَمَسِّكًا بِحَبْلِ حُبِّكَ وَمُتَشَبِّثًا بِذَيْلِ كَرَمِكَ وَمُنادِيًا بِاسْمِكَ بَيْنَ خَلْقِكَ وَمُثْنِيًا بِثَنائِكَ فِيْ دِيارِكَ عَلَى شَأْنٍ لا تَمْنَعُهُ الأَحْجابُ عَنِ اسْمِكَ الوَهَّابِ وَلا تَحْجُبُهُ السُّبُحَاتُ عَنِ التَّوَجُّهِ إِلَيْكَ يا مَنْ بِيَدِكَ جَبَروُتُ الآياتِ وَمَلَكُوتُ الأَسْمآءِ وَالصِّفاتِ، خُذْ يا إِلهِي يَدَ هذا المُقْبِلِ الَّذِيْ أَقْبَلَ إِلى وَجْهِكَ ثُمَّ أَنْقِذْهُ مِنْ غَمَراتِ الأَوْهامِ لِيَطْلَعَ مِنْ أُفُقِ قَلْبِهِ نُورُ الإِيْقانِ فِي الأَيَّامِ الَّتِيْ فِيها أَظْلَمَتْ شَمْسُ عِرفانِ خَلْقِكَ عِنْدَ إِشْراقِ شَمْسِ أَحَدِيَّتِكَ وَخَسَفَ قَمَرُ العِلْمِ عِنْدَ ظُهُورِ عِلْمِكَ المَكْنُونِ وَسِرِّكَ المَصُونِ وَرَمْزِكَ المَخْزُونِ وَسَقَطَتْ أَنْجُمُ الأَعْمالِ عِنْدَ ظُهُورِ نُورِ فَرْدانِيَّتِكَ وَتَجَلِّي عِزِّ وَحْدانِيَّتِكَ، أَسْئَلُكَ يا إِلهِي بِالكَلِمَةِ العُلْيا الَّتِيْ جَعَلْتَها إِكْسِيرًا فِيْ مَمْلَكَتِكَ وَبِهِ انْقَلَبَ نُحاسُ الوُجُودِ بِالذَّهَبِ الإِبْرِيزِ يا مَنْ بِيَدِكَ مَلَكُوتُ الغَيْبِ وَالشُّهُودِ بِأَنْ تَجْعَلَ مُخْتارِي ما اخْتَرْتَهُ وَمُرادِيْ ما أَرَدْتَهُ لأَكُونَ راضِيًا بِرِضائِكَ وَبِما قَدَّرْتَهُ لِي بِجُودِكَ وَإِحْسانِكَ، إِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ عَلَى ما تَشاءُ وَإِنَّكَ أَنْتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ، طُوبى لِعارِفٍ عَرَفَكَ وَوَجَدَ عَرْفَكَ وَأَقْبَلَ إِلى مَلَكُوتِكَ وَذاقَ ما كَمُلَ فِيهِ بِفَضْلِكَ وَإِحْسانِكَ، طُوبى لِمَنْ عَرَفَ مَجْدَكَ الأَعْظَمَ وَما مَنَعَتْهُ سُبُحاتُ الأُمَمِ عَنِ التَّوَجُّهِ إِلَيْكَ يا مالِكَ القِدَمِ وَمُصَوِّرَ الرِّمَمِ، طُوبى لِمَنِ اسْتَنْشَقَ نَفَحاتِكَ وَانْجَذَبَ مِنْ آياتِكَ فِيْ أَيَّامِكَ، طُوبى لِمَنْ أَقْبَلَ إِلَيْكَ وَوَيْلٌ لِلْمُعْرِضِينَ وَالحَمْدُ لَكَ يا إِلهَ العالَمِينَ.

(39)

يا أَيُّها العادِلُ عَلَى مَنْ فِيْ السَّمَواتِ وَالأَرْضِ وَيا أَيُّها الحاكِمُ عَلَى مَنْ فِيْ مَلَكُوتِ الأَمْرِ وَالخَلْقِ، أَشْهَدُ أَنَّ كُلَّ عادِلٍ اعْتَرَفَ بِالظُّلْمِ عِنْدَ إِشْراقاتِ أَنْوارِ شَمْسِ عَدْلِكَ، وَكُلَّ مُحَرِّرٍ أَقَرَّ بِالعَجْزِ عِنْدَ حَرَكَةِ قَلَمِكَ الأَعْلی، لَعَمْرُكَ يا مالِكَ الأَسْمآءِ قَدْ تَحَيَّرَ أُولُوا النُّهَى مِنْ بَحْرِ عِلْمِكَ وَسَمآءِ حِكْمَتِكَ وَشَمْسِ فَضْلِكَ، إِنَّ الَّذِيْ خُلِقَ بِإِرادَتِكَ كَيْفَ يَقْدِرُ أَنْ يَعْرِفَ ما عِنْدَكَ وَما أَنْتَ عَلَيْهِ، سُبْحانَكَ سُبْحانَكَ وَعِزَّتِكَ إِنِّي بِلِسانِ سِرِّيْ وَظاهِرِيْ وَباطِنِيْ أَشْهَدُ بِأَنَّكَ كُنْتَ مُقَدَّسًا عَنْ شُئُوناتِ خَلْقِكَ وَبياناتِ عِبادِكَ وَمَا نَطَقَ بِهِ أَوْلِيائُكَ وَأَصْفِيائُكَ وَعَنْ كُلِّ ما عَرَفَهُ أَنْبِيَائُكَ وَسُفَرائُكَ، أَيْ رَبِّ أَسْئَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِيْ جَعَلْتَهُ مَطْلَعَ أَمْرِكَ وَمَشْرِقَ إِلْهامِكَ بِأَنْ تُقَدِّرَ لِهذا المَظْلُومِ وَأَحِبَّتِكَ ما يَنْبَغِي لِحَضْرَتِكَ، إِنَّكَ أَنْتَ المُعْطِي المُقْتَدِرُ العَلِيمُ الحَكِيمُ.

(40)

سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي أَسْئَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِيْ ما عَرَفَهُ أَحَدٌ حَقَّ العِرْفانِ وَما بَلَغَتْ إِلَيْهِ نَفْسٌ حَقَّ البُلُوغِ، أَسْئَلُكَ بِمَصْدَرِ وَحْيِكَ وَمَطْلَعِ آياتِكَ بِأَنْ تَجْعَلَ قَلْبِيْ إِناءَ حُبِّكَ وَذِكْرِكَ، ثُمَّ اجْعَلْهُ مُتَّصِلاً بِبَحْرِكَ الأَعْظَمِ لِيَجْرِيَ مِنْهُ فُراتُ حِكْمَتِكَ وَأَنْهارُ ذِكْرِكَ وَثَنائِكَ، تَشْهَدُ جَوارِحِيْ بِوَحْدانِيَّتِكَ وَشَعَراتِي بِسَلْطَنَتِكَ وَاقْتِدارِكَ وَقُمْتُ لَدى بابِ فَضْلِكَ بِالكَيْنُونَةِ المَعْدُومَةِ وَالذَّاتِيَّةِ المَفْقُودَةِ مُتَشَبِّثًا بِذَيْلِ كَرَمِكَ وَناظِرًا إِلى أُفُقِ أَلْطافِكَ، قَدِّرْ لِيْ يا إِلهِي ما يَنْبَغِيْ لِعَظَمَتِكَ وَأَيِّدْني فِيْ تَبْلِيغِ أَمْرِكَ عَلَى شَأْنٍ يَقُومُ بِهِ أَهْلُ القُبُورِ راكِضِينَ إِلَيْكَ وَمُتَوَكِّلِينَ عَلَيْكَ وَناظِرِينَ إِلى أُفُقِ أَمْرِكَ وَمَشْرِقِ وَحْيِكَ، إِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ المُتَعالِ العَلِيمُ الحَكِيمُ.

(41)

يا إِلهِي لا يُعْرَفُ تَوْحِيدُكَ إِلاَّ بِمَعْرِفَةِ مَظْهَرِ فَرْدانِيَّتِكَ وَمَطْلَعِ وَحْدانيَّتِكَ، مَنْ يَرَى لَهُ ضِدَّا قَدْ أَقَرَّ لَكَ بِضِدٍّ وَمَنْ اعْتَرَفَ لَهُ نِدًّا اعْتَرَفَ بِنِدٍّ لَكَ، كَلاَّ ثُمَّ كَلاَّ بِأَنْ يَكُونَ لَكَ ضِدٌّ فِيْ الإِمْكانِ، لَمْ تَزَلْ كُنْتَ مُقَدَّسًا عَنِ الأَشْباهِ وَالأَمْثالِ قَدْ ثَبَتَ تَوْحِيدُكَ بِتَوْحِيدِ مَطْلَعِ أَمْرِكَ، مَنْ أَنْكَرَ هذا قَدْ أَنْكَرَ تَوْحِيدَكَ وَنازَعَكَ فِيْ سُلْطانِكَ وَحارَبَكَ فِيْ مَمْلَكَتِكَ وَجاحَدَكَ فِيْ أَوامِرِكَ، أَيْ رَبِّ أَيِّدْ عِبادَكَ عَلَى تَوْحِيدِكَ وَذِكْرِ تَفْرِيدِكَ لِيَجْتَمِعَ الكُلُّ عَلَى ما أَرَدْتَهُ فِيْ هذا اليَوْمِ الَّذِيْ فِيهِ أَشْرَقَتْ شَمْسُ كَيْنُونَتِكَ مِنْ أُفُقِ إِرادَتِكَ وَلاحَ قَمَرُ ذاتِيَّتِكَ مِنْ مَطْلَعِ أَمْرِكَ، أَيْ رَبِّ أَنْتَ الَّذِيْ لا يَعْزُبُ عَنْ عِلْمِكَ مِنْ شَيْءٍ وَلا يُعْجِزُكَ مِنْ شَيْءٍ تَفْعَلُ ما تَشاءُ بِسُلْطانِكَ المُهَيْمِنِ عَلَى العالَمِينَ، يا إِلهِي وَمَحْبُوبي أَنْتَ تَعْلَمُ ظَمَأَ فِراقِي لا يَسْكنُ إِلاَّ بِمآءِ وِصالِكَ وَاضْطِرابَ قَلْبِي لا يَطْمَئِنُّ إِلاَّ بِكَوْثَرِ لِقائِكَ، أَيْ رَبِّ فَأَنْزِلْ عَلَيَّ مِنْ سَمآءِ عَطائِكَ ما يُقَرِّبُنِي إِلى كَأْسِ أَلْطافِكَ وَيُشْرِبُنِي الرَّحِيقَ المَخْتُومَ الَّذِيْ فُكَّ خِتامُهُ بِاسْمِكَ وَتَضَوَّعَ مِنْهُ عَرْفُ أَيَّامِكَ، إِنَّكَ أَنْتَ الْكَرِيمُ ذُو الفَضْلِ العَظِيمِ، يَشْهَدُ بِكَرَمِكَ مَنْ فِي الإِمْكانِ فَارْحَمْنِيْ بِجُودِكَ ثُمَّ أَكْرِمْنِي بِسُلْطانِكَ ثُمَّ قَرِّبْنِي بِأَلْطافِكَ، إِنَّكَ أَنْتَ المُعْطِ المُقْتَدِرُ الغَفُورُ الْكَرِيمُ.

(42)

سُبْحانَكَ يا إِلهِي وَإِلهَ كُلِّ شَيْءٍ وَبَهائِي وَبَهاءَ كُلِّ شَيْءٍ وَرَجائِيْ وَرَجاءَ كُلِّ شَيْءٍ وَعِزِّيْ وَعِزَّ كُلِّ شَيْءٍ وَسُلْطانِيْ وَسُلْطانَ كُلِّ شَيْءٍ وَمالِكيْ وَمالِكَ كُلِّ شَيْءٍ وَمَحْبُوبِيْ وَمَحْبُوبَ كُلِّ شَيْءٍ وَمَقْصُودِيْ وَمَقْصُودَ كُلِّ شَيْءٍ وَمُحَرِّكي وَمُحَرِّكَ كُلِّ شَيْءٍ، أَسْئَلُكَ بِأَنْ لا تَمْنَعَنِي عَنْ بَحْرِ إِفْضالِكَ وَلا تُبْعِدَنِي عَنْ شَاطِئِ قُرْبِكَ، أَيْ رَبِّ دُونُكَ لا يَنْفَعُنِي وَقُرْبُ غَيْرِكَ لا يُغْنِينِي، أَسْئَلُكَ بِغَنائِكَ الَّذِيْ بِهِ اسْتَغْنَيْتُ عَمَّا سِواكَ بِأَنْ تَجْعَلَنِي مِنَ النَّاظِرِينَ إِلَيْكَ وَالقائِمِينَ عَلَى خِدْمَتِكَ، أَيْ رَبِّ فَاغْفِرْ عِبادَكَ وَإِمائَكَ، إِنَّكَ أَنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.

(43)

اللَّهُمَّ إِنَّكَ أَنْتَ مَظْهَرُ المَظاهِرِ وَمَصْدَرُ المَصادِرِ وَمَطْلَعُ المَطالِعِ وَمَشْرِقُ المَشارِقِ، أَشْهَدُ بِاسْمِكَ تَزَيَّنَتْ سَماءُ العِرْفانِ وَتَمَوَّجَ بَحْرُ البَيانِ وَشُرِعَتِ الشَّرائِعُ لأَهْلِ الأَدْيانِ، أَسْئَلُكَ أَنْ تَجْعَلَنِيْ غَنِيًّا عَنْ دُونِكَ وَمُسْتَغْنِيًا عَمَّا سِواكَ، ثُمَّ أَنْزِلْ عَلَيَّ مِنْ سَحَابِ جُودِكَ ما يَنْفَعُنِي فِيْ كُلِّ عالَمٍ مِنْ عَوالِمِكَ، ثُمَّ وَفِّقْنِيْ عَلَى خِدْمَةِ أَمْرِك بَيْنَ عِبادِكَ عَلَى شَأْنٍ يَظْهَرُ مِنِّيْ ما يَثْبُتُ بِهِ ذِكْريْ بِدَوامِ مَلَكُوتِكَ وَجَبَرُوتكَ، أَيْ رَبِّ هذا عَبْدُكَ الَّذِيْ قَدْ تَوَجَّهَ بِكُلِّهِ إِلى أُفُقِ جُودِكَ وَبَحْرِ فَضْلِكَ وَسَمآءِ أَلْطافِكَ، فَافْعَلْ بِهِ ما يَنْبَغِي لِعَظَمَتِكَ وَإِجْلالِكَ وَمَوْهِبَتِكَ وَإِفْضالِكَ، إِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ القَدِيرُ وَبِالإِجابَةِ جَدِيرٌ، لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ العَلِيمُ الخَبِيرُ.

(44)

سُبْحانَكَ يا إِلهِي وَالنَّابِضُ فِيْ قَلْبِيْ تَعْلَمُ وَتَرَى أَنَّ خَجْلَةَ أَحِبَّتِكَ تَرْجِعُ إِلى مَظْهَرِ نَفْسِكَ وَمَطْلَعِ أَمْرِكَ بَلْ إِنَّهُ يَرَى نَفْسَهُ أَخْجَلَ مِنْهُمْ عِنْدَ اعْتِرافِهِمْ بِما فاتَ عَنْهُمْ فِيْ أَيَّامِكَ، أَيْ رَبِّ هؤلآءِ عِبادُكَ الَّذِينَ هاجَرُوا فِيْ حُبِّكَ وَحَمَلُوا القَضايا فِيْ سَبِيلِكَ، وَعِزَّتِكَ يا إِلهِي كُلَّما يُقِرُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ بِجَرِيراتِهِ بَيْنَ يَدَيْكَ يُغَطِّي الحَياءُ وَجْهَ البَهَاءِ لأَنَّهُمْ عِبادُكَ الَّذِينَ ذاقُوا كَأْسَ البَلآءِ فِيْ أَمْرِكَ وَشَرِبُوا أَكْوابَ البَأْسآءِ عِنْدَ ظُهُورِ أَنْوارِ وَجْهِكَ وَأَخَذَتْهُمُ الشَّدائِدُ عَلَى شَأْنٍ ما اسْتَراحُوا فِيْ جِوارِكَ، وَعِزَّتِكَ قَدْ ذابَ البَهآءُ حُبًّا لأَحِبَّتِكَ وَتَبَلْبَلَ بِما اعْتَرَتْهُمُ الأَحْزانُ عِنْدَ ظُهُورِ أَمْرِكَ وَتَمَوُّجِ أَبْحُرِ فَضْلِكَ وَأَلْطافِكَ، أَيْ رَبِّ مِنْ زَفَراتِ قُلُوبِهِمْ ارْتَفَعَتْ زَفْرَتِي وَمِنْ احْتِراقِ قُلُوبِهِمْ احْتَرَقَ قَلْبِيْ، أَسْئَلُكَ يا مالِكَ الوُجُودِ وَمُرَبِّيَ الغَيْبِ وَالشُّهُودِ بِأَنْ تَجْعَلَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَمَ هِدَايَتِكَ بَيْنَ عِبادِكَ وَإِشْراقَ أَنْوارِ شَمْسِ عِنايَتِكَ بَيْنَ بَرِيَّتِكَ، قَدِ اخْتَصَصْتَهُمْ يا إِلهِي لِمَحَبَّتِكَ وَالحُضُورِ لَدَى عَرْشِ عَظَمَتِكَ هذا مَقامٌ ما سَبَقَهُمْ أَحَدٌ فِيْ ذلِكَ، كَمْ مِنْ لَيالٍ يا إِلهِي ما نامُوا لِذِكْرِكَ وَكَمْ مِنْ أَيَّامٍ ناحُوا بِما وَرَدَ عَلَيْكَ مِنْ أَعْدائِكَ، أَسْئَلُكَ يا مالِكَ المُلُوكِ وَرافِعَ المَمْلُوكِ بِأَنْ تُؤَيِّدَهُمْ عَلَى نُصْرَةِ أَمْرِكَ وَإِعْلآءِ كَلِمَتِكَ عَلَى شَأْنٍ يَنْتَشِرُ بِهِمْ ذِكْرُكَ بَيْنَ خَلْقِكَ وَثَنائُكَ فِيْ مَمْلَكَتِكَ إِنَّكَ أَنْتَ الْمُقْتَدِرُ المُتَعالِ الْغَفُورُ الْكَرِيمُ، سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي هذا عَبْدُكَ الَّذِيْ سَمَّيْتَهُ بِاسْمِكَ فِيْ مَلَكُوتِ أَسْمائِكَ وَرَبَّيْتَهُ تَحْتَ جَناحِ فَضْلِكَ وَأَلْطافِكَ، إِذًا تَراهُ مُسْرِعًا إِلى شَطْرِ مَواهِبِكَ وَراكِضًا إِلَيكَ طَلَبًا لِعَطائِكَ، زَيِّنْهُ يا إِلهِي بِرِدآءِ مَكْرُمَتِكَ وَثَوْبِ جُودِكَ وَكَرَمِكَ لِيَجِدَنَّ مِنْهُ الأَشْيآءُ تَضَوُّعاتِ قَمِيصِ حُبِّكَ، ثُمَّ زَيِّنْ رَأْسَهُ بِإِكْلِيلِ ذِكْرِكَ عَلَى شَأْنٍ يَكُونُ مَعْرُوفًا بَيْنَ العِبادِ بِحُبِّكَ وَالاسْتِقامَةِ فِيْ أَمْرِكَ، ثُمَّ أَيِّدْهُ فِيْ كُلِّ الأَحْوالِ عَلَى نُصْرَتِكَ وَذِكْرِكَ وَثَنَائِكَ بَيْنَ خَلْقِكَ، وَعِزَّتِكَ يا إِلهِي كُلَّما أَتَفَكرُ فِيْ عَظَمَتِكَ وَسُلْطانِكَ أَجِدُ نَفْسِي أَعْصَی العُصاةِ فِيْ مَمْلَكَتِكَ، وَكُلَّما أَنْظُرُ مَقاماتِكَ الَّتِيْ جَعَلْتَها مَخْصُوصَةً لِنَفْسِكَ أَرى وُجُودِي أَذْنَبَ مَنْ فِيْ أَرْضِكَ، لَوْلا سَتْرُ اسْمِكَ السَتَّارِ وَعَفْو اسْمِكَ الغَفَّارِ وَعَرْفُ اسْمِكَ الرَّحْمنِ لَتَرَى الأَصْفِيآءَ فِيْ مَواقِفِ الذُّنُوبِ وَالعِصْيانِ، لَكَ الحَمْدُ بِما سَبَقَتْهُمْ رَحْمَتُكَ وَأَحاطَهُمْ فَضْلُكَ وَأَلْطافُكَ، وَبَعْدَ اعْتِرافِي بِما أَجْرَيْتُهُ مِنْ قَلَمِي أَسْئَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي جَعَلْتَهُ قَيُّومًا عَلَى الأَسْمآءِ وَمُهَيْمِنًا عَلَى مَنْ فِيْ الأَرْضِ وَالسَّمآءِ بِأَنْ لا تَطْرُدَ الَّذِيْ تَوَجَّهَ إِلَيْكَ وَلا تَمْنَعَهُ عَنْ بَدائِعِ فَضْلِكَ وَخَفِيَّاتِ رَحْمَتِكَ، أَوْقِدْ بِأَيادِي قُدْرَتِكَ فِيْ قَلْبِهِ سِراجًا لِيَكُونَ مُشْتَعِلاً فِيْ أَيَّامِكَ وَمُنادِيًا بِاسْمِكَ عَلَى شَأْنٍ لا يَمْنَعُهُ الحَيآءُ عَنِ الطَّيَرانِ فِيْ هَوآءِ حُبِّكَ وَالصُّعُودِ إِلى أُفُقِ جَذْبِكَ وَاشْتِياقِكَ وَلا يُشْغِلُهُ شُئُوناتُ الخَلْقِ عَنْ إِعْلاءِ كَلِمَتِكَ لِتَريهُ مُقَدَّسًا كما تُرِيدُ وَيَنْبَغِي لِعَظَمَتِكَ وَجَلالِكَ، وَلَوْ أَنَّ يا إِلهِي هذا شَأْنٌ كَبِيرٌ وَمَقامٌ عَظِيمٌ، لأنَّ غَيْرَكَ كَيْفَ يَقْدِرُ أَنْ يَأْتِيَ بِما يَكُونُ لائِقًا لِحَضْرَتِكَ وَمُسْتَحِقًّا لِجَلالِكَ وَلكِنْ أَنْتَ الْكَرِيمُ وَأَنْتَ الرَّحِيمُ يَشْهَدُ كُلُّ الذَّرَّاتِ بِأَنَّكَ أَنْتَ الغَفُورُ العَطُوفُ المُعْطِ العَزِيزُ الحَكِيمُ، يا إِلهِي فَانْظُرْ إِلَيْهِ بِطَرْفِ عِنايَتِكَ وَلِحاظِ مَكْرُمَتِكَ، ثُمَّ اجْذِبْهُ بِنَغَماتِ مَصْدَرِ وَحْيِكَ عَلَى مَقامٍ يَكُونُ بِكُلِّهِ فانِيًا فِيْ رِضائِكَ وَآمِلاً بِما قَدَّرْتَهُ فِيْ أَلْواحِكَ، ثُمَّ اجْعَلْ قَلْبَهُ قَوِيًّا بِاسْمِكَ القَوِيِّ الأَمِينِ لِيُخْرِجَ يَدَ الْقُوَّةِ وَيَنْصُرَ بِها أَمْرَكَ عِنْدَ ظُهُورِ نُورِ جَمالِكَ وَطُلُوعِ شَمْسِ إِجْلالِكَ، أَيْ رَبِّ لَمَّا سَمَّيْتَهُ بِاسْمِكَ اجْعَلْهُ مَخْصُوصًا بَيْنَ العِبادِ لِخِدْمَتِكَ، أَيْ رَبِّ أَنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي ما أَرَدْتُ فِيْ أَمْرٍ نَفْسِي بَل أَمْرَكَ وَما تَوَجَّهْتُ إِلى أَحَدٍ إِلاَّ لأَمْرِكَ وَإِظْهارِ عِنايَتِكَ، أَسْئَلُكَ بِاسْمِكَ المَحْزُونِ الَّذِيْ يَنْطِقُ الحِينَ بِأَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِ وَعَلَى أَحِبَّتِكَ ما هُو المَخْزُونُ فِيْ سَمآءِ عَطائِكَ وَمَواهِبِكَ لِيَأْخُذَهُمُ الشَّوْقُ وَالانْجِذابُ فِيْ عَهْدِكَ يا رَبَّ الأَرْبابِ، ثُمَّ اقْضِ لَهُ وَلَهُمْ ما يَقْتَضِي لاسْمِكَ الوَهَّابِ إِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ المُتَعالِ القَوِيُّ العَزِيزُ العَظِيمُ.

(45)

يا إِلهِي وَنارِيْ وَنُوْرِيْ قَدْ دَخَلَتِ الأَيَّامُ الَّتِيْ سَمَّيْتَها بِأَيَّامِ الهَاءِ فِيْ كِتابِكَ يا مالِكَ الأَسْماءِ وَتَقَرَّبَتْ أَيَّامُ صِيامِكَ الَّذِيْ فَرَضْتَهُ مِنْ قَلَمِكَ الأَعْلى لِمَنْ فِيْ مَلَكُوتِ الإِنْشاءِ، أَيْ رَبِّ أَسْئَلُكَ بِتِلْكَ الأَيَّامِ وَالَّذِينَ تَمَسَّكوا فِيها بِحَبْلِ أَوامِرِكَ وَعُرْوَةِ أَحْكامِكَ بِأَنْ تَجْعَلَ لِكُلِّ نَفْسٍ مَقَرًّا فِيْ جِوارِكَ وَمَقامًا لَدى ظُهُورِ نُورِ وَجْهِكَ، أَيْ رَبِّ أُولئكَ عِبادٌ ما مَنَعَهُمُ الهَوى عَمَّا أَنْزَلْتَهُ فِيْ كِتابِكَ، قَدْ خَضَعَتْ أَعْناقُهُمْ لأَمْرِكَ وَأَخَذُوا كِتابَكَ بِقُوَّتِكَ وَعَمِلُوا ما أُمِرُوا بِهِ مِنْ عِنْدِكَ وَاخْتارُوا ما نُزِّلَ لَهُمْ مِنْ لَدُنْكَ، أَيْ رَبِّ تَرَى أَنَّهُمْ أَقَرُّوا وَاعْتَرَفُوا بِكُلِّ ما أَنزَلْتَهُ فِيْ أَلْواحِكَ، أَيْ رَبِّ أَشْرِبْهُمْ مِنْ يَدِ عَطائِكَ كَوْثَرَ بَقائِكَ ثُمَّ اكْتُبْ لَهُمْ أَجْرَ مَنِ انْغَمَسَ فِيْ بَحْرِ لِقائِكَ وَفازَ بِرَحِيقِ وِصالِكَ، أَسْئَلُكَ يا مالِكَ المُلُوكِ وَراحِمَ المَمْلُوكِ بِأَنْ تُقَدِّرَ لَهُمْ خَيْرَ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ ثُمَّ اكْتُبْ لَهُمْ ما لا عَرَفَهُ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِكَ ثُمَّ اجْعَلْهُمْ مِنَ الَّذِينَ طافُوا حَوْلَكَ وَيَطُوفُونَ حَوْلَ عَرْشِكَ فِيْ كُلِّ عالَمٍ مِنْ عَوالِمِكَ، إِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ العَلِيمُ الخَبِيرُ.

(46)

 

لَكَ الْحَمْدُ يا إِلهِي بِما جَعَلْتَ النَّيْرُوزَ عِيْدًا لِلَّذِينَ صامُوا فِيْ حُبِّكَ وَكَفُّوا أَنْفُسَهُمْ عَمَّا يَكرَهُهُ رِضائُكَ، أَيْ رَبِّ اجْعَلْهُمْ مِنْ نارِ حُبِّكَ وَحَرارَةِ صَوْمِكَ مُشْتَعِلِينَ فِيْ أَمْرِكَ وَمُشْتَغِلِينَ بِذِكْرِكَ وَثَنائِكَ، أَيْ رَبِّ لَمَّا زَيَّنْتَهُمْ بِطِرازِ الصَّوْمِ زَيِّنْهُمْ بِطِرازِ القَبُولِ بِفَضْلِكَ وَإِحْسانِكَ لأنَّ الأَعْمالَ كُلَّها مُعَلَّقَةٌ بِقَبُولِكَ وَمَنُوطَةٌ بِأَمْرِكَ، لَوْ تَحْكُمُ لِمَنْ أَفْطَرَ حُكْمَ الصَّوْمِ إِنَّهُ مِمَّنْ صَامَ فِيْ أَزَلِ الآزالِ وَلَوْ تَحْكُمُ لِمَنْ صَامَ حُكْمَ الإِفْطارِ إِنَّهُ مِمَّنْ اغْبَرَّ بِهِ ثَوْبُ الأَمْرِ وَبَعُدَ عَنْ زُلالِ هذا السَّلْسالِ، أَنْتَ الَّذِيْ بِكَ نُصِبَتْ رايَةُ أَنْتَ المَحْمُودُ فِيْ فِعْلِكَ وَارْتَفَعَتْ أَعْلامُ أَنْتَ المُطاعُ فِيْ أَمْرِكَ، عَرِّفْ يا إِلهِي عِبادَكَ هذا المَقامَ لِيَعْلَمُوا شَرَفَ كُلِّ أَمْرٍ بِأَمْرِكَ وَكَلِمَتِكَ وَفَضْلَ كُلِّ عَمَلٍ بِإِذْنِكَ وَإِرادَتِكَ، وَلِيَرُوا زِمامَ الأَعْمالِ فِيْ قَبْضَةِ قَبُولِكَ وَأَمْرِكَ لِئَلَّا يَمْنَعَهُمْ شَيْءٌ عَنْ جَمالِكَ فِيْ هذِهِ الأَيَّامِ الَّتِيْ فِيها يَنْطِقُ المَسِيحُ المُلْكَ لَكَ يا مُوجِدَ الرُّوحِ وَيَتَكَلَّمُ الحَبِيبُ لَكَ الحَمْدُ يا مَحْبُوبُ بِما أَظْهَرْتَ جَمَالَكَ وَكتَبْتَ لأصْفِيائِكَ الوُرُودَ فِيْ مَقَرِّ ظُهُورِ اسْمِكَ الأَعْظَمِ الَّذِيْ بِهِ نَاحَ الأُمَمُ إِلاَّ مَنِ انْقَطَعَ عَمَّا سِواكَ مُقْبِلاً إِلى مَطْلَعِ ذاتِكَ وَمَظْهَرِ صِفاتِكَ، أَيْ رَبِّ قَدْ أَفْطَرَ الْيَومَ غُصْنُكَ وَمَنْ فِيْ حَوْلِكَ بَعْدَ مَا صَامُوا فِيْ جِوارِكَ طَلَبًا لِرِضَائِكَ، قَدِّرْ لَهُ وَلَهُمْ وَلِلَّذِينَ وَرَدُوا عَلَيْكَ فِيْ هذِهِ الأَيَّامِ كُلَّ خَيْرٍ قَدَّرْتَهُ فِيْ كِتابِكَ ثُمَّ ارْزُقْهُمْ ما هُوَ خَيْرٌ لَهُمْ فِيْ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ إِنَّكَ أَنْتَ العَلِيمُ الحَكِيمُ.

(47)

يا إِلهَ الغَيْبِ وَالشُّهُودِ وَمُرَبِّيَ الوُجُودِ أَسْئَلُكَ بِسَلْطَنَتِكَ المَكْنُونَةِ عَنِ الأَنْظارِ بِأَنْ تُظْهِرَ مِنْ كُلِّ الجِهَاتِ آياتِ عِناياتِكَ وَظُهُوراتِ أَلْطافِكَ لأقُومَ بِالرَّوْحِ وَالرَّيْحانِ عَلَى بَدائِعِ ذِكْرِكَ يا رَحْمنُ وَأُحَرِّكَ الأَشْيَاءَ بِاسْمِكَ وَأُوقِدَ نارَ البَيانِ بَيْنَ خَلقِكَ عَلَى شَأْنٍ تَمْلأُ الآفَاقَ أَنْوارُ بَهائِكَ وَيَشْتَعِلُ الوُجُودُ بِنارِ أَمْرِكَ أَيْ رَبِّ لا تَطْوِ البِساطَ الَّذِيْ انْبَسَطَ بِاسْمِكَ وَلا تُطْفِئِ السِّراجَ الَّذِيْ أُوقِدَ بِنارِكَ أَيْ رَبِّ لا تَمْنَعْ ماءَ الحَيَوانِ عَنِ الجَرَيانِ الَّذِيْ يُسْمَعُ مِنْ خَرِيرِهِ بَدائِعُ الأَلْحانِ فِيْ ذِكْرِكَ وَثَنائِكَ وَلا تَمْنَعِ العِبادَ عَنْ نَفَحاتِ هذا العَرْفِ الَّذِيْ فَاحَ بِحُبِّكَ، تَرَى يا مَحْبوبَ الأَبْهى تَمَوُّجاتِ بَحْرِ القَلْبِ فِيْ عِشْقِكَ وَهَواكَ، أَسْئَلُكَ بِآياتِ عَظَمَتِكَ وَظُهُوراتِ سَلْطَنَتِكَ بِأَنْ تُسَخِّرَ العِبَادَ بِهذا الاسْمِ الَّذِيْ جَعَلْتَهُ مالِكَ الأَسْمآءِ فِي مَلَكُوتِ الإِنْشآءِ، إِنَّكَ أَنْتَ الحاكِمُ عَلَى ما تَشآءُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ العَزِيزُ الْكَرِيمُ، ثُمَّ قَدِّرْ لِمَنْ أَقْبَلَ إِلَيْكَ ما يَجْعَلُهُ مُسْتَقِيمًا عَلَى أَمْرِكَ عَلَى شَأْنٍ لا تَحْجُبُهُ أَوْهامُ المُشْرِكينَ مِنْ خَلْقِكَ وَلا كَلِماتُ المُعْرِضِينَ مِنْ عِبادِكَ إِنَّكَ أَنْتَ المُهَيْمِنُ المُقْتَدِرُ القَدِيرُ.

(48)

سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي أَسْئَلُكَ بِاسْمِكَ الأَعْظَمِ الَّذِيْ سُجِنَ فِي العَكَّا وَتَراهُ يا إِلهِي بَيْنَ أَيْدِي الأَعْداءِ وَتَحْتَ سُيُوفِ الأَشْقِيآءِ بِأَنْ تَجْعَلَنِي مُسْتَقِيمًا عَلَى أَمْرِهِ وَناظِرًا إِلى شَطْرِهِ فِيْ كُلِّ الأَحْوالِ بِحَيْثُ لا يَمْنَعُنِي شَيْءٌ عَنِ التَّوَجُّهِ إِلَيْهِ، أَيْ رَبِّ أَشْهَدُ بِأَنَّهُ فَدى نَفْسَهُ فِيْ سَبِيلِكَ وَما أَرادَ لِنَفْسِهِ إِلاَّ البَلايا فِيْ حُبِّكَ، قَدْ حَمَلَ الشَّدَائِدَ كُلَّها لإِظْهارِ سَلْطَنَتِكَ بَيْنَ عِبادِكَ وَإِعْلاءِ كَلِمَتِكَ بَيْنَ بَرِيَّتِكَ، كُلَّما ازْدادَتِ البَلايا وَأَحاطَتْهُ القَضايا مِنْ كُلِّ الأَشْطارِ إِنَّهُ زادَ فِيْ ذِكْرِكَ عَلَى شَأْنٍ ما خَوَّفَهُ جُنُودُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِكَ وَبِآياتِكَ، أَيْ رَبِّ أَسْئَلُكَ بِهِ وَبِما عِنْدَهُ بِأَنْ تَجْعَلَنِي فِيْ حُبِّهِ كَما كانَ فِيْ حُبِّكَ، وَأَشْهَدُ بِأَنَّ حُبَّهُ حُبُّكَ وَنَفْسَهُ نَفْسُكَ وَجَمالَهُ جَمالُكَ وَأَمْرَهُ أَمُرك.  أَيْ رَبِّ لا تَجْعَلْنِي مَحْرُومًا عَمَّا عِنْدَكَ وَغافِلاً عَمَّا أَرَدْتَهُ فِيْ أَيَّامِكَ، إِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ المُتَعالِ العَزِيزُ الحَكِيمُ.

(49)

سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي أَسْئَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِيْ بِهِ ظَهَرَتِ السَّاعَةُ وَقامَتِ القِيامَةُ وَفَزَعَ مَنْ فِي السَّمَواتِ وَالأَرْضِ بِأَنْ تُنَزِّلَ مِنْ سَماءِ رَحْمَتِكَ وَسَحابِ رَأْفَتِكَ ما تَفْرَحُ بِهِ قُلُوبُ عِبادِكَ الَّذِينَ أَقْبَلُوا إِلَيْكَ وَنَصَرُوا أَمْرَكَ، أَيْ رَبِّ احْفَظْ عِبادَكَ وَإِمَائَكَ عَنْ رَمْيِ الظُّنُونِ وَالأَوْهامِ ثُمَّ أَشْرِبْهُمْ سَلْسَبِيلَ عِرْفانِكَ بِأَيادِي فَضْلِكَ، إِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ المُتَعالِ الغَفُورُ الْكَرِيمُ.

(50)

سُبْحانَكَ يا إِلهِي تَسْمَعُ حَنِينَ العاشِقِينَ فِيْ فِراقِكَ وَضَجِيجَ العارِفِينَ فِيْ بُعْدِهِمْ عَنْ لِقائِكَ، أَيْ رَبِّ فَافْتَحْ أَبْوابَ فَضْلِكَ عَلَى وُجُوهِهِمْ ظاهِرًا لِيَدْخُلُوا فِيهَا بِإِذْنِكَ وَإِرادَتِكَ وَيَحْضُرُوا تِلْقآءَ عَرْشِ عَظَمَتِكَ وَيَسْمَعُوا نَغَماتِكَ وَيَسْتَشْرِقُوا مِنْ أَنْوارِ وَجْهِكَ، أَيْ رَبِّ أَنْتَ الْمُقْتَدِرُ عَلَى ما تَشآءُ لَنْ يَقْدِرَ أَحَدٌ أَنْ يَمْنَعَكَ عَنْ سُلْطانِكَ لَمْ تَزَلْ كُنْتَ وَلَمْ يَكُنْ مَعَكَ مِنْ شَيْءٍ وَلا تَزالُ تَكُونُ بِلا ذِكْرِ شَيْءٍ مَعَكَ، فَارْحَمْ عِبادَكَ بِجُودِكَ وَفَضْلِكَ وَلا تَمْنَعْهُمْ عَنْ شَاطِئِ قُرْبِكَ، إنْ تَرَكْتَهُمْ مَنْ يَدْعُهُمْ وَإنْ بَعَّدْتَهُمْ مَنْ يُقَرِّبُهُمْ لَيْسَ لَهُمْ رَبٌّ سِواكَ وَلا مَعْبُودٌ دُونَكَ، جُدْ عَلَيْهِمْ بِفَضْلِكَ وَإِحْسانِكَ إِنَّكَ أَنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.

(51)

تَرَى يا إِلهِي بِأَنَّ البَهَاءَ يَذْكرُكَ بَعْدَ الَّذِيْ وَرَدَ عَلَيهِ مِنَ البَلايا ما لا يَقْدِرُ أَنْ يُحْصِيَهُ أَحَدٌ إِلاَّ نَفْسُكَ وَيُثْنِيكَ فِيْ السِّجْنِ بِما أَلْهَمْتَهُ مِنْ بَدائِعِ وَصْفِكَ عَلَى شَأْنٍ ما مَنَعَتْهُ الأَعدآءُ عَنْ ذِكْرِكَ يا مالِكَ الأَسْماءِ لَكَ الحَمْدُ بِما جَعَلْتَهُ قَوِيًّا بِقُوَّتِكَ وَمُقْتَدِرًا بِسُلْطانِكَ بِحَيْثُ يَرَى ما سِواكَ كقَبْضَةٍ مِنَ التُّرابِ، وَأَحاطَتْهُ أَنْوارُ القِدَمِ عَلَى شأْنٍ لا يَرَى ما دُونَكَ إِلاَّ كَالعَدَمِ، فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُكَ المُبْرَمُ قُمْتُ بِحَولِكَ وَدَعَوْتُ مَنْ فِي سَمائكَ وَأَرْضِكَ إِلى شَطْرِ مَواهِبِكَ وَأُفُقِ أَلْطافِكَ، وَمِنْهُمْ مَنِ اعْتَرَضَ عَلَيَّ وَقامَ عَلَى ضُرِّي وَقَتْلِي، وَمِنْهُمْ مَنْ شَرِبَ خَمْرَ إِفضالِكَ وَسَرُعَ إِلى جِهَةِ عَرْشِكَ، أَسْئَلُكَ يا خالِقَ الأَرْضِ وَالسَّمآءِ وَمُوجِدَ الأَشْيآءِ بِأَنْ تَجْذِبَ العِبادَ بِنَفَحاتِ قَمِيصِ وَحْيِكَ وَإِلْهامِكَ وَتُبَلِّغَهُمْ إِلى سُرادِقِ أَمْرِكَ وَاقْتِدارِكَ، لَمْ تَزَلْ كُنْتَ مُقْتَدِرًا بِقَيُّومِيَّتِكَ وَلا تَزالُ تَكُونُ مُتَعالِيًا بِسُلْطانِكَ وَأُلُوهِيَّتِكَ، فَارْحَمْ عِبادَكَ وَبَرِيَّتَكَ إِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ المُتَعالِ العَزِيزُ المُخْتارُ.

(52)

سُبْحانَكَ يا إِلهِي أَسْئَلُكَ بِرَوائِحِ قَمِيصِ فَضْلِكَ الَّتِيْ تَضَوَّعَتْ فِي الإِمْكانِ بِأَمْرِكَ وَإِرادَتِكَ وَبِشَمْسِ مَشِيَّتِكَ الَّتِيْ أَضاءَتْ مِنْ أُفُقِ الفَضْلِ بِقُدْرَتِكَ وَسُلْطانِكَ بِأَنْ تَجْعَلَ قَلْبِي مُقَدَّسًا مِنَ الظُّنُونِ وَالأَوهامِ لأُقْبِلَ بِكُلِّي إِلَيْكَ يا رَبَّ الأَنامِ، يا إِلهِي إِنِّي عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ قَدْ تَمَسَّكْتُ بِعُرْوَةِ فَضْلِكَ وَحَبْلِ عِنايَتِكَ قَدِّرْ لِي ما هُوَ خَيْرٌ عِنْدَكَ، ثُمَّ ارْزُقْنِي مائِدَةَ الَّتِيْ نَزَّلْتَها مِنْ سَحابِ جُودِكَ وَسَمآءِ كَرَمِكَ إِنَّكَ أَنْتَ مَولَى العالَمِينَ وَإِلهَ مَنْ فِي السَّمواتِ وَالأَرَضِينَ.

(53)

لَمْ أَدْرِ يا إِلهِي أَيَّ نارٍ جَعَلْتَها مُشْتَعِلَةً فِي أَرْضِكَ بِحَيْثُ لا يَسْتُرُها التُّرابُ وَلا يُخْمِدُها المِياهُ وَلا يَمْنَعُها مَنْ عَلَى الأَرْضِ كُلِّها، طُوبى لِمَنِ اسْتَقْرَبَ بِها وَسَمِعَ زَفِيرَها، وَمِنَ النَّاسِ مَنْ وَفَّقْتَهُ يا إِلهِي بِالتَّقَرُّبِ إِلَيْها وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلْتَهُ مَحْرُومًا عَنْها بِما اكتَسَبَتْ يَداهُ فِي أَيَّامِكَ وَالَّذِيْ سَرُعَ إِلَيها وَفازَ بِها فَدَى نَفْسَهُ فِي سَبِيْلِكَ شَوْقًا لِجَمالكَ وَصَعِدَ إِلَيْكَ خالِصًا عَمَّا سِواكَ أَيْ رَبِّ أَسْأَلُكَ بِهذِهِ النَّارِ المُشْتَعِلَةِ المُلْتَهِبَةِ فِي الآفاقِ بِأَنْ تَخْرُقَ حُجُباتِ الَّتِيْ مَنَعَتْنِي عَنِ الحُضُورِ تَلْقاءَ عَرْشِ عَظَمَتِكَ وَالوُقُوفِ لَدَى بابِكَ، أَيْ رَبِّ قَدِّرْ لِي كُلَّ خَيْرٍ نَزَّلْتَهُ فِي كِتابِكَ وَلا تُبْعِدْنِي عَنْ جِوارِ رَحْمَتِكَ إِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ عَلَى ما تَشاءُ وَإِنَّكَ أَنْتَ العَزِيزُ الْكَرِيمُ.

(54)

سُبْحانَكَ يا إِلهِي وَفِّقْ عِبادَكَ وَإِمائَكَ عَلَى ذِكْرِكَ وَالاسْتِقامَةِ عَلَى حُبِّكَ، كَمْ مِنْ أَوْراقٍ سَقَطَتْ مِنْ أَرْياحِ الافْتِتانِ وَكَمْ مِنْها تَمَسَّكَتْ بِسِدْرَةِ الأَمْرِ عَلَى شأْنٍ ما حَرَّكَها الامْتِحانُ يا رَبَّنا الرَّحْمنَ، لَكَ الحَمْدُ بِما أَرَيْتَنِي عِبادًا كَسَّرُوا أَصْنامَ الهَوى بِقُدْرَتِكَ وَسُلْطانِكَ وَما مَنَعَهُمْ عَنْ شَطْرِ فَضْلِكَ ما عِنْدَ بَرِيَّتِكَ، قَدْ خَرَقُوا الأَحْجابَ عَلَى شَأْنٍ ناحَتْ سُكَّانُ مَدائِنِ الهَوى وَفَزِعَتْ أَصْحابُ الغِلِّ وَالفَحْشآءِ الَّذِينَ زَيَّنُوا رُؤُوسَهُمْ وَأَبْدانَهُمْ بِأَسْبابِ العِلْمِ وَبِها اسْتَكْبَرُوا عَلَى نَفْسِكَ وَأَعْرَضُوا عَنْ جَمالِكَ، أَيْ رَبِّ أَسْئَلُكَ بِمَجْدِكَ العَظِيمِ وَاسْمِكَ القَدِيمِ بِأَنْ تُؤَيِّدَ أَحِبَّائَكَ عَلَى نُصرَتِكَ ثُمَّ اجْعَلْهُمْ فِي كُلِّ الأَحْوالِ ناظِرًا إِلى وَجْهِكَ ثُمَّ اكْتُبْ لَهُمْ ما تَفْرَحُ بِهِ القُلُوبُ وَتَقَرُّ بِهِ العُيُونُ، إِنَّكَ أَنْتَ المُهَيْمِنُ القَيُّومُ.

 

(55)

يا مَنْ بَلائُكَ دَوَآءُ صُدُورِ المُخْلِصِينَ وَذِكْرُكَ شِفاءُ أَفْئِدَةِ المُقَرَّبِينَ وَقُرْبُكَ حَيوةُ العاشِقِينَ وَوَصْلُكَ رَجَآءُ المُشْتاقِينَ وَهَجْرُكَ عَذابُ المُوَحِّدِيْنَ وَفِراقُكَ مَوْتُ العارِفِينَ، أَسْئَلُكَ بِضَجِيجِ المُشْتاقِينَ فِي هَجْرِكَ وَصَرِيخِ العاشِقِينَ فِي بُعْدِهِمْ عَنْ لِقائِكَ، بِأَنْ تَرْزُقَنِي خَمْرَ عِرْفانِكَ وَكَوْثَرَ حُبِّكَ وَرِضائِكَ، أَيْ رَبِّ هذِهِ أَمَةُ الَّتِيْ نَسِيَتْ ما سِواكَ وَآنَسَتْ بِحُبِّكَ وَناحَتْ فِيما وَرَدَ عَلَيْكَ مِنْ أَشْرارِ خَلْقِكَ، قَدِّرْ لَها ما قَدَّرْتَهُ لإِمائِكَ اللاَّئِي يَطُفْنَ حَوْلَ عَرْشِ عَظَمَتِكَ وَيَزُرْنَ جَمالَكَ فِي العَشِيِّ وَالإِشْراقِ، وَإِنَّكَ أَنْتَ الحاكِمُ فِي يَومِ التَّلاقِ.

(56)

سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي هَذِهِ أَيّامٌ فِيْها فَرَضْتَ الصِّيامَ لِكُلِّ الأَنامِ، لِيُزَكى بِها أَنْفُسُهُمْ وَيَنْقَطِعُنَّ عَمَّا سِواكَ وَيَصْعَدَ مِنْ قُلُوبِهِمْ ما يَكوْنُ لائِقًا لِمَكامِنِ عِزِّ أَحَدِيَّتِكَ وَقابِلاً لِمَقَرِّ ظُهُورِ فَرْدانِيَّتِكَ، أَيْ رَبِّ فَاجْعَلْ هذَا الصِّيامَ كَوْثَرَ الْحَيَوانِ وَقَدِّرْ فِيهِ أَثَرَهُ وَطَهِّرْ بِهِ أَفْئِدَةَ عِبادِكَ الَّذِيْنَ ما مَنَعَهُمْ مَكارِهُ الدُّنْيا عَنِ التَّوَجُّهِ إِلى شَطْرِ اسْمِكَ الأَبْهى وَمَا اضْطَرَبُوا مِنْ ضَوْضاءِ الَّذِينَ هُمْ كَفَرُوا بِآياتِكَ الْكبْرَى بَعْدَ الَّذِيْ أَرْسَلْتَ مَظْهَرَ نَفْسِكَ بِسَلْطَنَتِكَ وَاقْتِدارِكَ وَعَظَمَتِكَ وَإِجْلالِكَ، أُولئِكَ إِذا سَمِعُوْا نِدائَكَ سَرُعُوْا إِلى شَطْرِ رَحْمَتِكَ وَما أَمْسَكَتْهُمُ الشُّؤُوناتُ الْعَرَضِيَّةِ وَالْحُدُوداتُ الْبَشَرِيَّةِ، وَأَنَا الَّذِيْ يا إِلهِي أَكُوْنُ مُقِرًّا بِوَحْدانِيَّتِكَ وَمُعْتَرِفًا بِفَرْدانِيَّتِكَ وَخاضِعًا لَدى ظُهُوراتِ عَظَمَتِكَ وَخاشِعًا عِنْدَ بَوارِقِ أَنْوارِ عِزِّ أَحْدِيَّتِكَ، آمَنْتُ بِكَ بَعْدَ الَّذِيْ عَرَّفْتَنِي نَفْسَكَ وَأَظْهَرْتَهُ بِسُلْطانِكَ وَقُدْرَتِكَ، وَتَوَجَّهْتُ إِلَيْهِ مُنْقَطِعًا عَنْ كُلِّ الْجِهاتِ وَمُتَمَسِّكًا بِحَبْلِ أَلْطافِكَ وَمَواهِبِكَ، وَآمَنْتُ بِهِ وَبِما نُزِّلَ عَلَيْهِ مِنْ بَدائِعِ أَحْكامِكَ وَأَوامِرِكَ وَصُمْتُ بِحُبِّكَ وَاتِّباعًا لأَمْرِكَ وَأَفْطَرْتُ بِذِكْرِكَ وَرِضائِكَ، أَيْ رَبِّ لا تَجْعَلْنِيْ مِنَ الَّذِينَ هُمْ صامُوْا فِي الأَيَّامِ وَسَجَدُوا لِوَجْهِكَ فِي اللَّيالِيْ وَكَفَرُوْا بِنَفْسِكَ وَأَنْكَرُوْا آياتِكَ وَجاحَدُوا بُرْهانَكَ وَحَرَّفُوْا كَلِماتِكَ، أَيْ رَبِّ فَافْتَحْ عَيْنِيْ وَعَيْنَ مَنْ أَرادَكَ لِنَعْرِفَكَ بِعَيْنِكَ وَهذا ما أَمَرْتَنا بِهِ فِي الْكِتابِ الَّذِيْ أَنْزَلْتَهُ عَلَى مَنِ اصْطَفَيْتَهُ بِأَمْرِكَ وَاخْتَصَصْتَهُ بَيْنَ بَرِيَّتِكَ وَارْتَضَيْتَهُ لِسَلْطَنَتِكَ وَاجْتَبَيْتَهُ وَأَرْسَلْتَهُ عَلَى بَرِيَّتِكَ، فَلَكَ الْحَمْدُ يا إِلهِي بِما وَفَّقْتَنا عَلَى الإِقْرارِ بِهِ وَالتَّصْدِيْقِ بِما نُزِّلَ عَلَيْهِ وَشَرَّفْتَنا بِلِقاءِ مَنْ وَعَدْتَنا بِهِ فِي كُتُبِكَ وَأَلْواحِكَ، وَإِذًا يا إِلهِي قَدْ تَوَجَّهْتُ إِلَيْكَ وَتَمَسَّكْتُ بِعُرْوَةِ عَطْفِكَ وَجُوْدِكَ وَتَشَبَّثْتُ بِذَيْلِ أَلْطافِكَ وَمَواهِبِكَ، أَسْئَلُكَ بِأَنْ لا تُخَيِّبَنِيْ عَمَّا قَدَّرْتَهُ لِعِبادِكَ الَّذِيِنَ هُمْ أَقْبَلُوا إِلى حَرَمِ وَصْلِكَ وَكَعْبَةِ لِقائِكَ وَصامُوْا فِي حُبِّكَ، وَلَوْ إِنِّيْ يا إِلهِي أَعْتَرِفُ بِأَنَّ كُلَّ ما يَظْهَرُ مِنِّيْ لَمْ يَكنْ قابِلاً لِسُلْطانِكَ وَلا يَلِيْقُ لِحَضْرَتِكَ، وَلكِنْ أَسْئَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِيْ بِهِ تَجَلَّيْتَ على كُلِّ الأَشْياءِ بِأَسْمائِكَ الْحُسْنى فِي هذَا الظُّهُورِ الَّذِيْ أَظْهَرْتَ جَمالَكَ بِاسْمِكَ الأَبْهی، بِأَنْ تُشْرِبَنِيْ خَمْرَ رَحْمَتِكَ وَرَحِيقَ مَكْرُمَتِكَ الَّذِيْ جَرَى عَنْ يَمِيْنِ مَشِيَّتِكَ لأَتَوَجَّهَ بِكُلِّيْ إِلَيْكَ وَأَنْقَطِعَ عَمَّا سِواكَ عَلَى شَأْنٍ لا أَرَى الدُّنْيا وَما خُلِقَ فِيها إِلاَّ كيَوْمِ ما خَلَقْتَها، ثُمَّ أَسْئَلُكَ يا إِلهِي بِأَنْ تُنْزِلَ مِنْ سَمآءِ إِرادَتِكَ وَسَحابِ رَحْمَتِكَ ما يُذْهِبُ عَنَّا رَوائِحَ العِصْيانِ يا مَنْ سَمَّيْتَ نَفْسَكَ بِالرَّحْمنِ، وَإِنَّكَ أَنْتَ الْمُقْتَدِرُ العَزِيْزُ الْمَنَّانُ، أَيْ رَبِّ لا تَطْرُدْ مَنْ أَقْبَلَ إِلَيْكَ وَلا تُبْعِدْ مَنْ تَقَرَّبَ بِكَ وَلا تُخَيِّبْ مَنْ رَفَعَ أَيادِيَ الرَّجاءِ إِلى شَطْرِ فَضْلِكَ وَمَواهِبِكَ وَلا تَحْرِمْ عِبادَكَ الْمُخْلِصِيْنَ عَنْ بَدائِعِ فَضْلِكَ وَإِفْضالِكَ، أَيْ رَبِّ أَنْتَ الْغَفُورُ وَأَنْتَ الْكرِيْمُ وَأَنْتَ المُقْتَدِرُ عَلَى ما تَشاءُ وَما سِواكَ عُجَزَآءُ لَدَی ظُهُوراتِ قُدْرَتِكَ وَفُقَدآءُ لَدَى آثارِ غَنائِكَ وَعُدَمآءُ عِنْدَ ظُهُوراتِ عِزِّ سَلْطَنَتِكَ وَضُعَفآءُ عِنْدَ شُؤُوناتِ قُدْرَتِكَ، أَيْ رَبِّ هَلْ دُوْنَكَ مِنْ مَهْرَبٍ لِنَهْرُبَ إِلَيْهِ أَوْ سِواكَ مِنْ مَلْجَأٍ لأَسْرُعَ إِلَيْهِ، لا وَعِزَّتِكَ لا عاصِمَ إِلاَّ أَنْتَ وَلا مَفَرَّ إِلاَّ أَنْتَ وَلا مَهْرَبَ إِلاَّ إِلَيْكَ، أَيْ رَبِّ أَذِقْنِيْ حَلاوَةَ ذِكْرِكَ وَثَنائِكَ فَوَعِزَّتِكَ مَنْ ذاقَ حَلاوَتَهُ انْقَطَعَ عَنِ الدُّنْيا وَما خُلِقَ فِيْها وَتَوَجَّهَ إِلَيْكَ مُطَهَّرًا عَنْ ذِكْرِ دُوْنِكَ، يا إِلهِي فَأَلْهِمْنِيْ مِنْ بَدَائِعِ ذِكْرِكَ لأَذْكُرَكَ بِها وَلا تَجْعَلْنِيْ مِنَ الَّذِيْنَ يَقْرَئُونَ آياتِكَ وَلا يَجِدُونَ ما قُدِّرَ فِيْها مِنْ نِعْمَتِكَ الْمَكْنُوْنَةِ الَّتِيْ تَحْيَى بِها أَفْئِدَةُ بَرِيَّتِكَ وَقُلُوْبُ عِبادِكَ، أَيْ رَبِّ فَاجْعَلْنِيْ مِنَ الَّذِينَ أَخَذَتْهُمْ نَفَحاتُ أَيَّامِكَ عَلَى شَأنٍ أَنْفَقُوا أَرْوَاحَهُمْ فِي سَبِيلِكَ وَسَرُعُوا إِلى مَشْهَدِ الفَنَآءِ شَوْقًا لِجَمالِكَ وَطَلَبًا لِوِصالِكَ، وَإِذا قِيْلَ لَهُمْ فِي الطَّرِيْقِ إِلى أَيِّ مَقَرٍّ تَذْهَبُوْنَ قالُوا إِلى اللّهِ الْمَلِكِ الْمَهَيْمِنِ الْقَيُّوم، وَما مَنَعَهُمْ ظُلْمُ الَّذِينَ أَعْرَضُوْا عَنْكَ وَبَغَوْا عَلَيْكَ عَنْ حُبِّهِمْ إِيَّاكَ وَتَوَجُّهِهِمْ إِلَيْكَ وَإِقْبالِهِمْ إِلى شَطْرِ رَحْمَتِكَ، أُوْلئِكَ عِبادٌ يُصَلِّيَنَّ عَلَيْهِمُ الْمَلأُ الأَعْلى وَيُكبِّرَنَّ أَهْلُ مَدائِنِ الْبَقاءِ ثُمَّ الَّذِينَ رُقِمَ عَلَى جَبِيْنِهِمْ مِنْ قَلَمِكَ الأَعْلى هؤُلاءِ أَهْلُ الْبَهاءِ وَبِهِمْ ظَهَرَتْ أنْوارُ الْهُدی، وَكذلِكَ قُدِّرَ فِي لَوْحِ الْقَضآءِ بِأَمْرِكَ وَإِرادَتِكَ، فَيا إِلهِي كَبِّرْ عَلَيْهِمْ وَعَلَى الَّذِيْنَ طافُوْا فِي حَوْلِهِمْ فِي حَياتِهِمْ وَمَماتِهِمْ ثُمَّ ارْزُقْهُمْ ما قَدَّرْتَهُ لِخِيْرَةِ خَلْقِكَ، إِنَّكَ أَنْتَ الْمُقْتَدِرُ عَلَى ما تَشآءُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ الْمُقْتَدِرُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيْزُ الْوَهَّابُ، أَيْ رَبِّ لا تَجْعَلْ هذا الْصَّوْمَ آخِرَ صَوْمِنا وَآخِرَ عَهْدِنا ثُمَّ اقْبَلْ ما عَمِلْناهُ فِي حُبِّكَ وَرِضائِكَ وَما تُرِكَ عَنَّا بِما غَلَبَتْ عَلَيْنا شُئُوناتُ النَّفْسِ وَالْهَوی، ثُمَّ اسْتَقِمْنا عَلَى حُبِّكَ وَرِضائِكَ ثُمَّ احْفَظْنا مِنْ شَرِّ الَّذِيْنَ هُمْ كَفَرُوا بِكَ وَبِآياتِكَ الْكُبْرى وَإِنَّكَ أَنْتَ رَبُّ الآخِرَةِ وَالأُوْلى لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ الْعَلِيُّ الأَعْلَی، وَكَبِّرِ الْلَّهُمَّ يا إِلهِي عَلَى النُّقْطَةِ الأَوَّلِيَّةِ وَالسِّرِّ الأَحَدِيَّةِ وَالْغَيْبِ الْهُوِيَّةِ وَمَطْلَعِ الأُلُوهِيَّةِ وَمَظْهَرِ الرُّبُوْبِيَّةِ الَّذِيْ بِهِ فَصَّلْتَ عِلْمَ ما كانَ وَما يَكوْنُ، وَظَهَرَتْ لالِئُ عِلْمِكَ الْمَكْنُوْنِ وَسِرُّ اسْمِكَ الْمَخْزُوْنِ وَجَعَلْتَهُ مُبَشِّرًا لِلَّذِيْ بِاسْمِهِ أُلِّفَ الْكافُ بِرُكْنِها النُّونِ، وَبِهِ ظَهَرَتْ سَلْطَنَتُكَ وَعَظَمَتُكَ وَاقْتِدارُكَ وَنُزِّلَتْ آياتُكَ وَفُصِّلَتْ أَحْكامُكَ وَنُشِرَتْ آثارُكَ وَحُقِّقَتْ كَلِمَتُكَ وَبُعِثَتْ قُلُوْبُ أَصْفِيائِكَ وَحُشِرَ مَنْ فِي سَمائِكَ وَأَرْضِكَ، الَّذِيْ سَمَّيْتَهُ بعَلِيِّ قَبْلَ نَبِيْل فِي مَلَكُوتِ أَسْمائِكَ وَبِرُوحِ الرُّوحِ فِي أَلْواحِ قَضائِكَ، وَأَقَمْتَهُ مَقامَ نَفْسِك وَرَجَعَتْ كُلُّ الأَسْماءِ إِلى اسْمِهِ بِأَمْرِكَ وَقُدْرَتِكَ، وَبِهِ انْتَهَتْ أَسْماؤُكَ وَصِفاتُكَ وَلَهُ أَسْماءٌ فِي سُرادِقِ عِفَّتِكَ وَفِي عَوالِمِ غَيْبِكَ وَمَدائِنِ تَقَدِيْسِكَ، وَعَلَى الَّذِيْنَ هُمْ آمَنُوْا بِهِ وَبِآياتِهِ وَتَوَجَّهُوْا إِلَيْهِ مُنْقَطِعِيْنَ عَمَّا سِواكَ، مِنَ الَّذِيْنَ اعْتَرَفُوْا بوَحْدانِيَّتِكَ فِي ظُهُوْرِهِ كَرَّةً أُخْرى الَّذِيْ كانَ مَذْكوْرًا فِي أَلْواحِهِ وَكُتُبِهِ وَصُحُفِهِ وَفِي كُلِّ ما نُزِّلَ عَلَيْهِ مِنْ بَدائِعِ آياتِكَ وَجَواهِرِ كَلِماتِكَ، وَأَمَرْتَهُ بِأَنْ يَأْخُذَ عَهْدَ نَفْسِهِ قَبْلَ عَهْدِ نَفْسِهِ وَنُزِّلَ الْبَيانُ فِي ذِكْرِهِ وَشَأْنِهِ وَإِثْباتِ حَقِّهِ وَإِظْهارِ سَلْطَنَتِهِ وَإِتْقانِ أمْرِهِ، طُوْبى لِمَنْ أَقْبَلَ إِلَيْهِ وَعَمِلَ ما أُمِرَ بِهِ مِنْ عِنْدِهِ يا إِلهَ الْعالَمِيْنَ وَمَقْصُوْدَ الْعارفِيْنَ، فَلَكَ الْحَمْدُ يا إِلهِي بِما وَفَّقْتَنَا عَلَى عِرْفانِهِ وَحُبِّهِ، إِذًا أَسْئَلُكَ بِهِ وَبِمَظاهِرِ أُلُوْهِيَّتِكَ وَمَطالِعِ رُبُوبِيَّتِكَ وَمَخازِنِ وَحْيِكَ وَمَكامِنِ إِلْهامِكَ بِأَنْ تُوَفِّقَنا عَلَى خِدْمَتِهِ وَطاعَتِهِ وَتَجْعَلَنا ناصِرِينَ لأمْرِهِ وَمُخْذِلِينَ لأَعْدائِهِ، وَإِنَّكَ أَنْتَ الْمُقْتَدِرُ عَلَى ما تَشآءُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ الْمُقْتَدِرُ الْعَزِيزُ المُسْتَعانُ.

 

(57)

شَهِدَ اللَّهُ لِنَفْسِهِ بِوَحْدانِيَّةِ نَفْسِهِ وَلِذاتِهِ بِفَرْدانِيَّةِ ذاتِهِ وَنَطَقَ بِلِسانِهِ فِي عَرْشِ بَقائِهِ وَعُلُوِّ كِبْرِيائِهِ بِأَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُو، لَمْ يَزَلْ كانَ مُوَحِّدَ ذاتِهِ بِذاتِهِ وَواصِفَ نَفْسِهِ بِنَفْسِهِ وَمُنْعِتَ كيْنُونَتِهِ بِكيْنُونَتِهِ وَإِنَّهُ هُو الْمُقْتَدِرُ الْعَزِيزُ الجَميلُ، وَهُو القاهِرُ فَوقَ عِبادِهِ وَالقائِمُ عَلَى خَلْقِهِ وَبِيَدِهِ الأَمْرُ وَالحَقُّ يُحْيِي بِآياتِهِ وَيُمِيْتُ بِقَهْرِهِ لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَإِنَّهُ كانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا، وَإِنَّهُ لَهُوَ الْقاهِرُ الغالِبُ الَّذِيْ فِي قَبْضَتِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَفِي يَمِيْنِهِ جَبَرُوتُ الأَمْرِ وَإِنَّهُ كانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا، لَهُ النَّصْرُ وَالاِنْتِصارُ وَلَهُ القُوَّةُ وَالاقْتِدارُ وَلَهُ العِزَّةُ وَالاجْتِبارُ وَإِنَّهُ هُو العَزِيزُ المُقْتَدِرُ المُخْتارُ.

(58)

سُبْحَانَكَ يا مَنْ ناداكَ أَلْسُنُ الكائِناتِ فِي أَزَلِ اللاَّبَداياتِ وَأبَدِ اللاَّنِهاياتِ، وَما وَصَلَ نِدآءُ أَحَدٍ مِنْهُمْ إِلى هَوآءِ بَقاءِ قُدْسِ كِبْرِيائِكَ، وَفُتِحَتْ عُيونُ المَوْجُوداتِ لِمُشاهَدَةِ أَنْوارِ جَمالِكَ، وَما وَقَعَتْ عَيْنُ نَفْسٍ إِلى بَوارِقِ ظُهُوراتِ شَمْسِ وِجْهَتِكَ، وَرَفَعَتْ أَيادِي المُقَرَّبِينَ بِدَوامِ عِزِّ سَلْطَنَتِكَ وَبَقاءِ قُدْسِ حُكُومَتِكَ، وَما بَلَغَتْ يَدُ أَحَدٍ إِلى ذَيْلِ رِدآءِ سُلْطانِ رُبُوبِيَّتِكَ، مَعَ الَّذِيْ لَمْ تَزَلْ كُنْتَ بِبَدائِعِ جُودِكَ وَإِحسانِكَ قائِمًا عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَمُهَيْمِنًا عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَتَكُونُ أَقْرَبَ بِكُلِّ شَيْءٍ مِنْ نَفْسِهِ إِلَيْهِ، فَسُبْحَانَكَ مِنْ أَنْ يُنْظَرَ بَدِيعُ جَمَالِكَ إِلاَّ بِلَحَظاتِ عَيْنِ فَرْدانِيَّتِكَ أَوْ يُسْمَعَ نَغَماتُ عِزِّ سَلْطَنتِكَ إِلاَّ بِبَدائِعِ سَمْعِ أَحَدِيَّتِكَ، فَسُبْحَانَكَ مِنْ أَنْ تَقَعَ عَلَى جَمَالِكَ عَيْنُ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ أَوْ أَنْ يَصْعَدَ إِلى هَوآءِ عِزِّ عِرفانِكَ فُؤادُ نَفْسٍ مِنْ بَرِيَّتِكَ، لأنَّ أَطْيارَ قُلوبِ المُقَرَّبِينَ لَوْ تَطيرُ بِدَوامِ سُلْطانِ قَيُّومِيَّتِكَ أَوْ تَتَعارَجُ بِبَقآءِ قُدْسِ أُلُوهِيَّتِكَ لا تَخْرُجُ عَنْ حَدِّ الإِمْكانِ وَحُدُودِ الأَكْوانِ فَكَيْفَ يَقْدِرُ مَنْ خُلِقَ بِحُدُودِ الإِبْداعِ أَنْ يَصِلَ إِلى مَلِيكِ مَلَكُوتِ الاخْتِراعِ أَوْ يَصْعَدَ إِلى سُلْطانِ جَبَرُوتِ العِزَّةِ وَالارْتِفاعِ، سُبْحَانَكَ سُبْحَانَكَ يا مَحْبُوبِيْ لَمَّا جَعَلْتَ مُنْتَهَى وَطَنِ البَالِغِينَ إِقْرَارَهُمْ بِالعَجْزِ عَنِ البُلُوغِ إِلى رَفارِفِ قُدْسِ سُلْطانِ أَحَدِيَّتِكَ وَمُنْتَهَى مَقَرِّ العَارِفِينَ اعْتِرافَهُمْ بِالقُصُورِ عَنِ الوُصُولِ إِلى مَكامِنِ عِزِّ عِرفانِكَ أَسْئَلُكَ بِهذا العَجْزِ الَّذِيْ أَحْبَبْتَهُ فِي نَفْسِكَ وَجَعَلْتَهُ مَقَرَّ الواصِلِينَ وَالوارِدِينَ وَبِأَنْوارِ وَجْهِكَ الَّتيْ أَحاطَتِ المُمْكِناتِ وَبِمَشِيَّتِكَ الَّتيْ بِها خَلَقْتَ المَوْجُوداتِ بِأَنْ لا تُخَيِّبَ آمِلِيكَ عَنْ بَدائِعِ رَحْمَتِكَ وَلا تَحْرِمَ قاصِدِيكَ عَنْ جَواهِرِ فَضْلِكَ، ثُمَّ أَوْقِدْ فِي قُلُوبِهِمْ مَشاعِلَ حُبِّكَ لِيَحْتَرِقَ بِهَا كُلُّ الأَذْكارِ دُونَ بَدائعِ ذِكْرِكَ وَيَمْحُوَ عَنْ قُلُوبِهِمْ كُلُّ الآثارِ سِوى جَوْهَرِ آثارِ قُدْسِ سَلْطَنَتِكَ حَتّى لا يُسْمَعَ فِي المُلْكِ إِلاَّ نَغَماتُ عِزِّ رَحْمانِيَّتِكَ وَلا يُشَاهَدَ فِي الأَرْضِ إِلاَّ سَواذِجُ أَنْوارِ جَمَالِكَ وَلا يُرى فِي نَفْسٍ دُونَ طِرازِ جَمالِكَ وَظُهُورِ إِجْلالِكَ لَعَلَّ لا تَنْظُرُ مِنْ عبادِكَ إِلاَّ ما تَرْضى بِهِ نَفْسُكَ وَيُحِبُّهُ سُلْطانُ مَشِيَّتِكَ، سُبْحَانَكَ يا سَيِّدِي فَوَعِزَّتِكَ لأَيْقَنْتُ بِأَنَّكَ لَوْ تَقْطَعُ نَفَحاتِ قُدْسِ عِنَايَتِكَ وَنَسَماتِ جُودِ إِفْضَالِكَ عَنِ المُمكناتِ فِي أَقَلِّ مِنْ آنٍ لَيَفْنى كُلُّ المَوْجُوداتِ وَيَنْعَدِمُ كُلُّ مَنْ فِي الأَرَضِيِنَ وَالسَّمَواتِ، فَتَعالى بَدائِعُ قُدْرَتِكَ الغالِبَةِ فَتَعالى سُلْطانُ قُوَّتِكَ المَنِيعَةِ فَتَباهى مَلِيكُ عَظَمَتِكَ المُحِيطَةِ وَمَشيَّتِكَ النَّافِذَةِ بِحَيْثُ لَوْ تُحْصِى فِي بَصَرِ أَحَدٍ مِنْ عِبادِكَ كُلَّ الأَبْصارِ وَتَدَعُ فِي قَلْبِهِ كُلَّ القُلُوبِ وَيُشاهِدُ فِي نَفْسِهِ كُلَّ ما خَلَقْتَ بِقُدْرَتِكَ وَذَرَأْتَ بِقُوَّتِكَ وَيَتَفَرَّسُ فِي أَقالِيمِ خَلْقِكَ وَمَمالِكَ صُنْعِكَ فِي أَزَلِ الآزالِ لَنْ يَجِدَ شَيْئًا إِلاَّ وَقْدَ يُشَاهِدُ سُلْطانَ قُدْرَتِكَ قائِمًا عَلَيْهِ وَمَليكَ إِحاطَتِكَ قاهِرًا عَلَيهِ، فَها أَنَا ذا يا إِلهِي قَدْ وَقَعْتُ عَلَى التُّرابِ بَيْنَ يَدَيكَ وَأَعْتَرِفُ بِعَجْزِ نَفْسي وَاقْتِدارِ نَفْسِكَ وَفَقْرِ ذاتي وَغَناءِ ذاتِكَ وَفَنآءِ رُوحِي وَبَقاءِ رُوحِكَ وَمُنْتَهى ذُلِّيْ وَمُنْتَهَى عِزَّتِكَ وَبِأَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنتَ وَحْدَكَ لا شَرِيكَ لَكَ وَحدَكَ لا شَبِيهَ لَكَ وَحْدَكَ لا نِدَّ لَكَ وَحْدَكَ لا ضِدَّ لَكَ، لَمْ تَزَلْ كُنْتَ بِعُلُوِّ ارْتِفاعِ قَيُّومِيَّتِكَ مُقَدَّسًا عَنْ ذِكْرِ ما سِواكَ وَلا تَزالُ تَكُونُ فِي سُمُوِّ اسْتِرْفاعِ أَحَدِيَّتِكَ مُنَزَّهًا عَنْ وَصْفِ ما دُونَكَ، فَوَعِزَّتِكَ يا مَحْبُوبِي لا يَنْبَغِي ذِكْرُ المَوْجُوداتِ لِنَفْسِكَ الأَعْلى وَلا يَلِيقُ وَصْفُ المُمْكِناتِ لِبَهائِكَ الأَبْهى بَلْ ذِكْرُ دُونِكَ شِرْكٌ فِي ساحَةِ قَدْسِ رُبُوبِيَّتِكَ وَنَعْتُ غَيْرِكَ ذَنْبٌ عِنْدَ ظُهُورِ سُلْطانِ أُلُوهِيَّتِكَ لأَنَّ بِالذِّكْرِ يُثْبَتُ الوُجُودُ تِلْقآءَ مَدْيَنِ تَوْحِيدِكَ، وَهذا شِرْكٌ مَحْضٌ وَكفْرٌ صِرفٌ وَذَنْبٌ بَحْتٌ وَبَغْيٌ باتٌّ، حِينَئِذٍ أَشْهَدُ بِنَفْسِي وَرُوحِي وَذاتِي بِأَنَّ مَطالِعَ قُدْسِ فَردانِيَّتِكَ وَمَظاهِرَ عِزِّ وَحْدانِيَّتِكَ لَوْ يَطِيرُنَّ بِدَوامِ سَلْطَنَتِكَ وَبَقاءِ قَيُّومِيَّتِكَ لَنْ يَصِلُوا إِلى هَواءِ قُربِ الَّذِيْ فِيهِ تَجَلَّيْتَ بِاسْمٍ مِنْ أَسْمآءِ أَعْظَمِكَ، فَسُبْحَانَكَ سُبْحَانَكَ عَن بَديِعِ جَلالِكَ فَسُبْحَانَكَ سُبْحَانَكَ عَنْ مَنِيعِ إِجْلالِكَ فَسُبْحَانَكَ سُبْحَانَكَ عَن عُلُوِّ سَلْطَنَتِكَ وَسُمُوِّ شَوْكَتِكَ وَاقْتِدارِكَ، وَإِنَّ أَعْلى أَفْئِدَةِ العارِفِينَ وَما عَرَفُوا مِنْ جَواهِرِ عِرفانِكَ وَأَبْهى حَقائِقِ البالِغِينَ وَما بَلَغُوا إِلى أَسْرارِ حِكْمَتِكَ قَدْ خُلِقَتْ مِنْ رُوح الَّذِيْ نُفِخَ مِنْ قَلَمِ صُنْعِكَ، وَما خُلِقَ مِنْ قَلَمِكَ كَيْفَ يَعْرِفُ ما قَدَّرْتَ فِيهِ مِنْ جَواهِرِ أَمْرِكَ أَوْ أَنامِلَ الَّتِيْ كانَتْ قَيُّومَةً عَلَيْهِ وَعَلَى ما فِيهِ مِنْ رَحْمَتِكَ، وَمَنْ لَمْ يَبْلُغْ إِلى هذا المَقامِ فَكَيْفَ يَبْلُغُ إِلى يَدِكَ الَّتِيْ كانَتْ قاهِرَةً عَلَى أَنامِلِ قُوَّتِكَ أَوْ يَصِلُ إِلى إِرادَتِكَ الَّتِيْ كانَتْ غَالِبةً عَلَى يَدِكَ فَسُبْحانَكَ سُبْحَانَكَ يا إِلهِي بَعْدَ الَّذِيْ انْقَطَعَتْ أَفْئِدَةُ العُرَفآءِ عَنْ عِرْفانِ صُنْعِكَ الَّذِيْ خَلَقْتَهُ بِإِرادَتِكَ فَكَيْفَ الصُّعُودُ إِلى سَمَواتِ قُدْسِ مَشِيَّتِكَ أَوِ الْوُرُودُ فِي سُرادِقِ عِرْفانِ نَفْسِكَ، سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي وَسَيِّدِيْ وَمالِكِي وَسُلْطانِي حِينَئِذٍ لَمَّا اعْتَرَفْتُ بِعَجْزِي وَعَجْزِ المُمْكِناتِ وَأَقْرَرْتُ بِفَقْرِي وَفَقْرِ المَوْجُوداتِ أُنادِيكَ بِلِسانِي وَأَلْسُنِ كُلِّ مَنْ فِي الأَرَضِينَ وَالسَّمَواتِ وَأَدْعُوكَ بِقَلْبِي وَقُلُوبِ كُلِّ مَنْ دَخَلَ فِي ظِلِّ الأَسْمآءِ وَالصِّفاتِ بِأَنْ لا تُغْلِقَ عَلَى وُجُوهِنا أَبْوابَ فَضْلِكَ وَإِفْضالِكَ وَلا تَقْطَعَ عَنْ أَرْواحِنا نَسَماتِ جُودِكَ وَأَلْطافِكَ وَلا تَشْتَغِلَ قُلوبُنا بِغَيْرِكَ وَلا أَفْئِدَتُنا بِذِكْرِ سِواكَ، فَوَعِزَّتِكَ يا إِلهِي لَوْ تَجْعَلُنِي سُلْطانًا فِي مَمْلَكَتِكَ وَتُجْلِسُنِي عَلَى عَرْشِ فَرْدانِيَّتِكَ وَتَضَعُ زِمامَ كُلِّ الوُجُودِ فِي قَبْضَتِي بِاقْتِدارِكَ وَتَجْعَلُنِي فِي أَقَلِّ ما يُحْصى مَشْغُولاً بِذلِكَ وَغافِلاً عَنْ بَدائِعِ ذِكْرِكَ الأَعْلى فِي اسْمِكَ الأَعْظَمِ الأَتَمِّ العَلِيِّ الأَعْلی، فَوَعِزَّتِكَ لَنْ تَرضى نَفْسِيْ وَلَنْ يَسْكُنَ قَلْبِي بَلْ أَجِدُ ذاتِي فِي تِلْكَ الحالَةِ أَذَلَّ مِنْ كُلِّ ذَلِيلٍ وَأَفْقَرَ مِنْ كُلِّ فَقيرٍ، سُبْحَانَكَ يا إِلهِي لَمّا عَرَّفْتَنِي هذا أَسْئَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِيْ ما حَمَلَهُ الأَلْواحُ وَما جَرَى عَلَى قَلْبِ أَحَدٍ وَلِسانِ نَفْسٍ وَلَمْ يَزَلْ كانَ خَفِيًّا بِخَفآءِ ذاتِكَ وَمُتَعالِيًا بِعُلُوِّ نَفْسِكَ بِأَنْ تَرْفَعَ فِي هذِهِ السَّنَةِ أَعْلامَ نَصْرِكَ وَراياتِ انْتِصارِكَ لِيَغْنِيَنَّ كُلٌّ بِغَنائِكَ وَيَسْتَرْفِعُنَّ بِعُلُوِّ سُلْطانِ رِفْعَتِكَ وَيَقُومُنَّ عَلَى أَمْرِكَ وَإِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ الْمُتَعالِ العَزِيزُ المُهَيْمِنُ السُّلْطانُ.

(59)

سُبْحَانَكَ يا إِلهِي لَكَ العِزَّةُ وَالجَلالُ وَالعَظَمَةُ وَالإِجْلالُ وَالسَّطْوَةُ وَالاسْتِجْلالُ وَالرِّفْعَةُ وَالإِفْضالُ وَالهَيْمَنَةُ وَالاسْتِقْلالُ، تُقَرِّبُ مَنْ تَشآءُ إِلى البَحْرِ الأَعْظَمِ وَتُشَرِّفُهُ بِالإِقْبالِ إِلى اسْمِكَ الأَقْدَمِ لَنْ يَمْنَعَكَ عَنْ سُلْطَانِكَ مَنْ فِي سَمائِكَ وَأَرْضِكَ لَمْ تَزَلْ غَلَبَتْ قُدْرَتُكَ المُمْكِناتِ وَأَحاطَتْ مَشِيَّتُكَ الكائِناتِ وَلا تَزالُ تَكُونُ مُقْتَدِرًا عَلَى المَوْجُوداتِ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ المُقْتَدِرُ المُتَعالِ العَزِيزُ الحَكِيمُ، أَيْ رَبِّ نَوِّرْ وُجُوهَ عِبادِكَ لِلتَّوَجُّهِ إِلى وَجْهِكَ وَطَهِّرْ قُلُوبَهُمْ لِلإِقْبال إِلى شَطْرِ مَواهِبِكَ وَعِرفانِ مَظْهَرِ نَفْسِكَ وَمَطْلَعِ كَيْنُونَتِكَ، إِنَّكَ أَنْتَ مَولَى العالَمِينَ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ المُقْتَدِرُ القَدِيرُ.

(60)

سُبْحَانَكَ يا إِلهِي هذا رَأْسِيْ قَدْ وَضَعْتُهُ تَحْتَ سَيْفِ مَشِيَّتِكَ، وَهذا عُنُقِي مُتَرَصِّدٌ لِسَلاسِلِ إِرادَتِكَ، وَإِنَّ هذا قَلْبِيْ مُشْتاقٌ لِرُمْحِ قَضائِكَ وَإِنَّ هذا عَيْنِيْ مُنْتَظِرَةٌ لِبَدائِعِ رَحْمَتِكَ، لأَنَّ كُلَّ ما يَنْزِلُ مِنْ عِنْدِكَ غايَةُ مَقْصُودِ المُشْتاقِينَ وَمُنْتَهى مَطْلَبِ المُقَرَّبِينَ، فَوَعِزَّتِكَ يا مَحْبُوبِي حِينَئِذٍ قَدْ فَدَيْتُ نَفْسِي لِمَظاهِرِ نَفْسِكَ وَأَنْفَقْتُ رُوحِي لِبَدائِعِ مَطالِعِ جَمالِكَ، كأَنِّي فَدَيْتُ رُوحِي لِرُوحِكَ وَذاتِي لِذاتِكَ وَجَمالِي لِجَمالِكَ وَأَنْفَقْتُ كُلَّ ذلِكَ فِي سبِيلِكَ وَسَبِيلِ أَوْلِيائِكَ، وَلَوْ أَنَّ الجَسَدَ يَحْزُنُ عِنْدَ نُزُولِ بَلائِكَ وَظُهُورِ قَضائِكَ وَلكِنَّ الرُّوحَ تَسْتَبْشِرُ فِي وَرُودِها عِنْدَ شَرِيعَةِ جَمالِكَ وَنُزوُلِها فِي شاطِئِ بَحْرِ أَزَلِيَّتِكَ، هَلْ يَنْبَغِي لِلْحَبِيبِ أَنْ يُعْرِضَ عَنْ لِقاءِ المَحْبُوبِ أَوْ لِلْعاشِقِ أَنْ يَفِرَّ عَنْ لِقاءِ المَعْشُوقِ حاشا ثُمَّ حاشَا إِنَّا كُلٌّ بِكَ آمِنُونَ وَبِلِقائِكَ آمِلونَ.

(61)

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي تَشْهَدُ بِأَنَّ مَشِيَّتَكَ غَلَبَتِ الأَشْياءَ كُلَّها وَسَبَقَتْ رَحْمَتُكَ مَنْ فِي الأَرْضِ وَالسَّماءِ، فَلَمَّا أَرَدْتَ إِظْهارَ سَلْطَنَتِكَ وَإِعْلاءَ كَلِمَتِكَ وَإِبْرازَ جُودِكَ وَرَحْمَتِكَ بَعَثْتَ عَبْدًا مِنْ عِبادِكَ وَاصْطَفَيْتَه بَيْنَ بَرِيَّتِكَ وَاخْتَرْتَهُ لِنَفْسِكَ وَأَلْبَسْتَهُ خِلَعَ هِدايَتِكَ وَأَغْمَسْتَهُ فِي بُحُورِ عَظَمَتِكَ وَكِبْريائِكَ وَطَهَّرْتَهُ عَنْ كُلِّ ما لا يَنْبَغِي لِعَظَمَتِكَ وَاقْتِدارِكَ، ثُمَّ أَمَرْتَهُ بِالنِّدآءِ بَيْنَ الأَرْضِ وَالسَّمآءِ لِيَدْعُوَ الكُلَّ إِلى مَظْهَرِ ذاتِكَ وَمَطْلَعِ آياتِكَ، فَلَمَّا قَامَ عَلَى أَمْرِكَ وَعَلَى ما أَمَرْتَهُ فِي أَلْواحِ قَضائِكَ ظَهَرَ الفَزَعُ الأَكْبَرُ بَيْنَ بَرِيَّتِكَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَقْبَلَ إِلَيْكَ مُنْقَطِعًا عَنْ دُوْنِكَ وَمُقَدَّسًا عَمَّنْ عَلَى الأَرْضِ كُلِّها وَأَخَذَهُ حَلاوَةُ نِدائِكَ عَلَى شَأْنٍ نَبَذَ عَنْ وَرائِه ما خُلِقَ فِي مَلَكُوتِ الإِنْشآءِ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَقْبَلَ إِلَيْكَ مَرَّةً وَتَوَقَّفَ مَرَّةً أُخْرى، وَمِنْهُمْ مَنْ مَنَعَتْهُ الدُّنْيَا عَنْكَ وَحَالَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَكَ، وَمِنْهُمْ مَنِ اسْتَكْبَرَ وَأَعْرَضَ وَأَرادَ أَنْ يَمْنَعَكَ عَمَّا أَرَدْتَ بَعْدَ الَّذِيْ كُلٌّ يَدْعُونَكَ وَيَنْتَظِرُونَ ما وُعِدُوا بِهِ فِي أَلْواحِكَ، فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا بِآياتِكَ وَبَيِّناتِكَ كَفَرُوا وَأَعْرَضُوا إِلى أَنْ قَتَلُوا عِبادَكَ الَّذِينَ اسْتَضائَتْ بِوُجُوهِهِمْ وُجُوهُ أَهْلِ مَلأِ الأَعْلی، أَسْئَلُكَ يا مالِكَ الأَسْمآءِ بِأَنْ تَحْفَظَ أَحِبَّتَكَ مِنْ أَعْدائِكَ ثُمَّ أَثْبِتْهُمْ عَلَى حُبِّكَ وَرِضائِكَ فَاحْفَظْ أَرْجُلَهُمْ عَنِ الزَّلَلِ وَقُلُوبَهُمْ عَنِ الحُجُباتِ وَعُيُونَهُمْ عَنِ الإِغْضاءِ وَاجْتَذِبْهُمْ بِنَغَماتِ عِزِّ أَحَدِيَّتِكَ عَلَى شَأْنٍ يَنْقَطِعُنَّ عمَّا سِواكَ وَيُقْلَبُنَّ إِلَيكَ وَيَنْطِقُنَّ فِي كُلِّ الأَحْوالِ، لَكَ الحَمْدُ يا إِلهِي بِما عَرَّفْتَنا نَفْسَكَ العَلِيَّ الأَبْهی، نَحْنُ بِفَضْلِكَ نَكُونُ مُتَمَسِّكًا بِكَ وَمُنْقَطِعًا عَمَّا سِواكَ وَعَلِمْنا بِأَنَّكَ أَنْتَ مَحْبُوبُ العالَمِينَ وَفاطِرُ السَّمَواتِ وَالأَرَضِينَ وَالحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العالَمينَ.

(62)

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي أَنْتَ الَّذِيْ لَمْ تَزَلْ كُنْتَ فِي عُلُوِّ القُدْرَةِ وَالقُوَّةِ وَالجَلالِ وَلا تَزالُ تَكُونُ فِي سُمُوِّ الرِّفْعَةِ وَالعَظَمَةِ وَالإِجْلالِ، كُلُّ العُرَفآءِ مُتَحَيِّرٌ فِي آثارِ صُنْعِكَ وَكُلُّ البُلَغآءِ عاجِزٌ مِنْ إِدْراكِ مَظاهِرِ قُدْرَتِكَ وَاقْتِدارِكَ، كُلُّ ذِي عِرفانٍ اعْتَرَفَ بِالعَجْزِ عَنِ البُلُوغِ إِلى ذُرْوَةِ عِرْفانِكَ وَكُلُّ ذِي عِلْمٍ أَقَرَّ بِالتَّقْصِيرِ عَنْ عِرْفانِ كُنْهِ ذاتِكَ، فَلَمَّا سُدَّ السَّبِيلُ إِلَيْكَ أَظْهَرْتَ مَظاهِرَ نَفْسِكَ بِأَمْرِكَ وَمَشِيَّتِكَ وَأَرْسَلْتَهُمْ إِلى بَرِيَّتِكَ وَجَعَلْتَهُمْ مَشارِقَ إِلْهامِكَ وَمَطالِعَ وَحْيِكَ وَمَخازِنَ عِلْمِكَ وَمَكامِنَ أَمْرِكَ لِيَتَوَجَّهُنَّ كُلٌّ بِهِمْ إِلَيْكَ وَيَسْتَقْرِبُنَّ إِلى مَلَكُوتِ أَمْرِكَ وَجَبَرُوتِ فَضْلِكَ، إِذًا أَسْئَلُكَ يا إِلهِي بِكَ وَبِهِمْ بِأَنْ تُرْسِلَ عَنْ يَمِينِ فَضْلِكَ عَلَى أَهْلِ الأَكْوانِ ما يُطَهِّرُهُمْ عَنِ العِصْيانِ وَيَجْعَلُهُمْ خالِصينَ لِوَجْهِكَ يا مَنْ بِيَدِكَ مَلَكُوتُ الإِحْسانِ لِيَقُوْمُنَّ كُلٌّ عَلَى أَمْرِكَ وَيَنْقَطِعُنَّ عَمَّا دُونَكَ وَإِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ العَزِيزُ المُخْتارُ، فَيا إِلهِي وَسَيِّدِي وَمَحْبوبِي أَنَا عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ قَدْ تَمَسَّكْتُ بِحَبْلِ عِنايَتِكَ وَتَشَبَّثْتُ بِذَيْلِ رِداءِ عُطُوفَتِكَ، أَسْئَلُكَ بِاسْمِكَ الأَعْظَمِ الَّذِيْ جَعَلْتَهُ مِيزانَ الأُمَمِ وَبُرْهانَكَ الأَقْوَمَ بِأَنْ لا تَدَعَنِي بِنَفْسِي وَهَوايَ فَاحْفَظْنِي فِي ظِلِّ عِصْمَتِكَ الكبْری، ثُمَّ أَنْطِقْنِيْ بِثَنآءِ نَفْسِكَ بَيْنَ مَلإِ الإِنشآءِ وَلا تَجْعَلْنِي مَحْرُومًا عَنْ نَفَحاتِ أَيَّامِكَ وَفَوْحَاتِ مَطْلَعِ أَمْرِكَ، وَبِأَنْ تَرْزُقَنِي خَيْرَ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ بِفَضْلِكَ الَّذِيْ أَحَاطَ المَوْجُوداتِ وَرَحْمَتِكَ الَّتِيْ سَبَقَتِ المُمْكِناتِ، وَإِنَّكَ أَنْتَ الَّذِيْ فِي قَبْضَتِكَ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ تَفْعَلُ ما تَشآءُ بِأَمرِكَ وَتَحْكُمُ ما تُرِيْدُ بِقُدْرَتِكَ، لا لِمَشِيَّتِكَ مِنْ مانِعٍ وَلا لِحُكْمِكَ مِنْ نَفادٍ، لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ المُقْتَدِرُ العَزِيزُ الوَهَّابُ.

(63)

يا إِلهِي تَرَى عَبْدَكَ جالِسًا فِي السِّجْنِ مُنْقَطِعًا عَنْ دُونِكَ وَناظِرًا إِلى أُفُقِ عِنايَتِكَ وَراجِيًا بَدائِعَ فَضْلِكَ، أَيْ رَبِّ أَنْتَ أَحْصَيْتَ ما وَرَدَ عَلَيْهِ فِي سَبِيلِكَ وَإِذًا تَراهُ بَيْنَ طُغاةِ خَلْقِكَ وَعُصاةِ بَرِيَّتِكَ الَّذِينَ حالُوا بَيْنِي وَبَيْنَ أَحِبَّتِكَ وَحَبَسُونِيْ فِي هذِهِ الأَرْضِ ظُلْمًا عَلَيْكَ وَمَنَعُوا عِبادَكَ عَنِ التَّوَجُّهِ إِلَيْكَ، أَيْ رَبِّ لَكَ الحَمْدُ عَلَى كُلِّ ذلِكَ أَسْئَلُكَ بِأَنْ تُوَفِّقَنِيْ وَأَحِبَّتِي لإِعْلآءِ كَلِمَتِكَ ثُمَّ أَثْبِتْنا عَلَى شَأْنٍ لا يَمْنَعُنا شَيْءٌ مِنْ مَكارِهِ الدُّنْيا وَشَدائِدِها عَنْ ذِكْرِكَ وَثَنائِكَ، وَإِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَالظَّاهِرُ فَوقَ كُلِّ شَيْءٍ، كُلُّ غالِبٍ مَغْلُوبٌ بِيَدِكَ وَكُلُّ غَنِيٍّ فَقِيرٌ عِنْدَ غَنائِكَ وَكُلُّ ذِيْ عِزَّةٍ ذَلِيلٌ لَدَى ظُهُوراتِ عِزِّكَ وَكُلُّ ذِي قُدْرَةٍ عاجِزٌ عِنْدَ شُئُوناتِ قُدْرَتِكَ، أَيْ رَبِّ شُقَّ سَحَابَ الأَوْهامِ عَنْ وَجْهِ الأَنامِ لِيَسْرُعُنَّ كُلٌّ إِلَيْكَ وَيَسْلُكُنَّ سُبُلَ رِضائِكَ وَمَناهِجَ أَمْرِكَ، أَيْ رَبِّ نَحْنُ عِبادُكَ وَأَرِقَّائُكَ وَاسْتَغْنَيْنا بِكَ عَنِ العالَمِينَ وَرَضِينا بِما وَرَد عَلَيْنا فِي سَبِيلكَ وَنَقُولُ الحَمْدُ لَكَ يا مَنْ بِيَدِكَ جَبَروُتُ الأَمْرِ وَالخَلْقِ وَمَلَكُوتُ السَّمواتِ وَالأَرَضِينَ.

(64)

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي وَسَيِّدِي تَسْمَعُ ضَجِيجَ المُشْتَاقِينَ فِي البُعْدِ وَالفِراقِ وَتَشْهَدُ حَنِينَ العارِفِينَ فِي الهَجْرِ وَالاشْتِياقِ، أَسْئَلُكَ بِالقُلُوبِ الَّتِيْ ما خُزِنَ فِيها إِلاَّ ذِكْرُكَ وَثَنَائُكَ وَما يَظْهَرُ مِنْها إِلاَّ آثارُ عَظَمَتِكَ وَاقْتِدارِكَ بِأَنْ تُقَرِّبَ عِبادَكَ اَلمُرِيدِينَ إِلى مَقَرِّ ظُهُوراتِ أَنْوارِ عِزِّ وَحْدانِيَّتِكَ وَتُدْخِلَ الآمِلينَ فِي سُرادِقِ عِزِّ رَحْمَتِكَ وَأَلْطافِكَ، يا إِلهِي إِنِّي عُرْيانٌ فَأَلْبِسْنِي خِلَعَ عَواطِفِكَ وَإِنِّي عَطْشانُ فَأَشْرِبْنِي مِنْ بُحُورِ إِفْضالِكَ وَغَرِيبٌ قَرِّبْنِيْ إِلى شَطْرِ مَواهِبِكَ وَعَليلٌ رَشِّحْ عَلَيَّ مِنْ أَبْحُرِ شِفائِكَ وَمَسْجُونٌ فَأَطْلِقْنِي بِمَشيَّتِكَ وَإِرادَتِكَ لأَطِيرَنَّ بِجَناحَيِ الانْقِطاعِ إِلى جَبَرُوتِ الاخْتِراعِ وَإِنَّكَ أَنْتَ الفَعَّالُ لِما تَشآءُ، لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ المُهَيْمِنُ العَزِيزُ المُخْتارُ.

(65)

سُبْحَانَكَ يا إِلهِي تَعْلَمُ بِأَنِّي ما أَرَدْتُ فِي أَمْرِكَ نَفْسِيْ بَل نَفْسَكَ وَلا إِظْهارَ شَأْنِي بَلْ إِظْهارَ شَأْنِكَ وَما قَصَدْتُ راحَتِي وَسُرُورِي وَبَهْجَتِي فِي سَبِيلِكَ وَرِضائِكَ، وَكُنْتُ فِي كُلِّ الأَحْوالِ ناظِرًا إِلى أَوامِرِكَ وَمُتَوَجِّهًا إِلى ما أَمَرْتَنِي بِهِ فِي أَلْواحِكَ، وَما أَصْبَحْتُ إِلاَّ بِذِكْرِكَ وَثَنائِكَ وَما أَمْسَيْتُ إِلاَّ وَقَدْ كُنْتُ مُسْتَنْشِقًا نَفَحاتِ رَحْمَتِكَ فَلمَّا انْقَلَبَتِ الأَكْوانُ وَأَهْلُها وَالأَرْضُ وَما عَلَيْها كادَتْ أَنْ تَنْقَطِعَ نَسَماتُ اسْمِكَ السُّبْحانِ عَنِ الأَشْطارِ وَتَرْكُدَ أَرْياحُ رَحْمَتِكَ عَنِ الأَقْطارِ، أَقَمْتَنِي بِقُدْرَتِكَ بَيْنَ عِبادِكَ وَأَمَرْتَنِي بِإِظْهارِ سَلْطَنَتِكَ بَيْنَ بَرِيَّتِكَ، قُمْتُ بِحَولِكَ وَقُوَّتِكَ بَيْنَ خَلْقِكَ وَنادَيْتُ الكُلَّ إِلى نَفْسِكَ، وَبَشَّرْتُ كُلَّ العِبادِ بِأَلْطافِكَ وَمَواهِبِكَ وَدَعوتُهُمْ إِلى هذا البَحْرِ الَّذِيْ كُلُّ قَطْرَةٍ مِنْهُ تُنادِي بِأَعْلى النِّداءِ بَيْنَ الأَرْضِ وَالسَّمَاءِ بِأَنَّهُ مُحْيِي العالَمِينَ وَمُبْعِثُ العالَمِينَ وَمَعْبُودُ العالَمِينَ وَمَحْبُوبُ العارِفِينَ وَمَقْصُودُ المُقَرَّبِينَ، وَكُلَّمَا أَحاطَتْ هذا السِّراجَ هُبُوبُ أَرْياحِ البَغْضآءِ مِنَ الأَشْقِيآءِ إِنَّهُ ما مُنِعَ عَنْ نُورِهِ حُبًّا لِجَمالِكَ، وَكُلَّمَا ازْدادَ الظُّلْمُ زَادَ شَوقِي فِي إِظْهارِ أَمْرِكَ، وَكُلَّمَا اشْتَدَّ البَلاءُ فَوَعِزَّتِكَ زَادَ البَهآءُ فِي إِظْهارِ سَلْطَنَتِكَ وَإَبْرازِ قُدْرَتِكَ إِلى أَنْ أَدْخَلُوهُ الظَّالِمُونَ فِي سِجْنِ العَكَّا، وَجَعَلُوا أَهْلِي أُسارى فِي الزَّورآءِ، فَوَعِزَّتِكَ يا إِلهِي كُلَّما وَرَدَ عَلَيَّ بَلاءٌ فِي سَبِيلِكَ زَادَ سُرُوري وَبَهْجَتِي، فَوَنَفْسِكَ يا مالِكَ المُلُوكِ ما مَنَعَنِي المُلُوكَ عَنْ ذِكْرِكَ وَثَنائِكَ وَلَوْ اجْتَمَعَ عَلَيَّ كُلُّهُمْ كما اجْتَمَعُوا بِأَسْيافٍ شاحِذَةٍ وَرِماحٍ نافِذَةٍ لا أَتَوَقَّفُ فِي ذِكْرِكَ بَيْنَ سَمائِكَ وَأَرْضِكَ وَأَقُولُ يا مَحْبُوبِي هذا وَجْهِيْ قَدْ فَدَيْتُهُ لِوَجْهِكَ وَهذِهِ نَفْسِيْ قَدْ فَدَيْتُها لِنَفْسِكَ وَهذا دَمِي يَغْلِي فِي أَعْضائِي شَوقًا لِسَفْكِهِ فِي حُبِّكَ وَسَبِيلِكَ، وَلَوْ أَنْتَ تَرَانِي يا إِلهِي فِي مَحَلِّ الَّذِيْ لا يُسْمَعُ مِنْ أَرْجاءِهِ إِلاَّ تَرجِيعُ الصَّدَى وَسُدَّتْ فِيهِ عَلَى وُجُوهِنا أَبْوابُ الرَّخاءِ وَنَكُونُ فِي ظاهِرِ الأَمْرِ فِي الظُّلُماتِ الدَّهْمآءِ، وَلكِنَّ نَفْسِي اشْتَعَلَتْ فِي حُبِّكَ عَلَى شَأْنٍ لا تَسْكُنُ نارُ حُبِّها وَلَهِيبُ شَوْقِها تَنْطِقُ بِأَعْلَى الصَّوْتِ بَيْنَ العِبادِ وَتَدْعُوهُمْ إِلَيْكَ فِي كُلِّ الأَحْوالِ، أَسْئَلُكَ بِاسْمِكَ الأَعْظَمِ بِأَنْ تَفْتَحَ أَبْصارَ عِبادِكَ لِيَرَوْكَ مُشْرِقَاً عَنْ أُفُقِ عَظَمَتِكَ وَكِبْرِيائِكَ وَلا يَمْنَعُهُمْ نَعِيبُ الغُرابِ عَنْ هَدِيرِ وَرْقآءِ عِزِّ أَحَدِيَّتِكَ وَلا مَاءُ الآسِنِ عَنْ زُلالِ خَمْرِ أَلْطافِكَ وَكَوْثَرِ مَواهِبِكَ، ثُمَّ اجْتَمِعْهُمْ عَلَى هذِهِ الشَّرِيعَةِ الَّتِيْ أَخَذْتَ عَهْدَها مِنْ أَنْبِيائِكَ وَرُسُلِكَ وَنَزَّلْتَ حُكْمَها فِي أَلْواحِكَ وَصُحُفِكَ، ثُمَّ أَصْعِدْهُمْ إِلى مَقامِ الَّذِيْ يُمَيِّزُونَ نِدائَكَ، إِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ عَلَى ما تَشآءُ وَإِنَّكَ أَنْتَ العَلِيُّ الأَبْهی.

(66)

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي تَرَى مَقَرِّي فِي السِّجْنِ الَّذِيْ كانَ خَلْفَ البُحُورِ وَالجِبالِ وَتَعْلَمُ ما وَرَدَ عَلَيَّ فِي حُبِّكَ وَأَمْرِكَ، أَنْتَ الَّذِيْ يا إِلهِي بَعَثْتَنِي بِأَمْرِكَ وَأَقَمْتَنِي عَلَى مَقَامِ نَفْسِكَ وَأَمَرْتَنِي بِأَنْ أَدْعُوَ الكُلَّ إِلى شَطْرِ رَحْمانِيَّتِكَ وَأُحَدِّثَهُمْ بِما قَدَّرْتَ لَهُمْ فِي لَوْحِ قَضائِكَ مِنْ قَلَمِ وَحْيِكَ وَأُشْعِلَ قُلُوبَ العِبادِ بِنارِ حُبِّكَ وَأُقَرِّبَ مَنْ فِي البِلادِ إِلى مَقَرِّ عَرْشِكَ، وَلَمَّا قُمْتُ بِأَمْرِكَ وَنادَيْتُ الكُلَّ بِإِذْنِكَ اعْتَرَضَ عَلَيَّ عِبادُكَ الغافِلُونَ، مِنْهُمْ مَنْ أَعْرَضَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَمِنْهُمْ مَنْ تَوَقَّفَ وَمِنْهُمْ مَنْ تَحَيَّرَ بَعْدَ الَّذِيْ ظَهَرَ بُرْهانُكَ عَلَى أَهْلِ الأَدْيانِ وَلاحَتْ حُجَّتُكَ بَيْنَ مَلإِ الأَكْوانِ وَظَهَرَتْ آياتُ قُدْرَتِكَ عَلَى شَأْنٍ أَحَاطَتْ مَنْ فِي العالَمينَ، وَعَنْ وَرآءِ هؤلآءِ اعْتَرَضَ عَلَيَّ ذَوُو قَرابَتِي بَعْدَ الَّذِيْ أَنْتَ تَعْلَمُ بِأَنِّي أَحْبَبْتُهُمْ وَاخْتَرْتُ لَهُمْ ما اخْتَرْتُ لِنَفْسِيْ، وَلَمَّا وَجَدُونِي فِي السِّجْنِ ارْتَكبُوا فِي حَقِّي ما لا ارْتَكبَ أَحَدٌ فِي أَرْضِكَ، إِذًا أَسْئَلُكَ يا إِلهِي بِاسْمِكَ الَّذِيْ بِهِ فَصَّلْتَ بَيْنَ النَّفْيِ وَالإِثْباتِ بِأَنْ تُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ مِنَ الإِشاراتِ وَتُقَرِّبَهُمْ إِلى مَطْلَعِ الأَسْمآءِ وَالصِّفاتِ، فَيا إِلهِي أَنْتَ تَعْلَمُ بِأَنِّي قَطَعْتُ حَبْلَ نِسْبَتِي مِنْ كُلِّ ذِي نِسْبَةٍ إِلاَّ مَنْ تَمَسَّكَ بِنِسْبَتِكَ الكُبْرى فِي أَيَّامِ ظُهُورِ مَظْهَرِ نَفْسِكَ العُلْيا بِاسْمِكَ الأَبْهى وَعَنْ كُلِّ ذِيْ قَرابَةٍ إِلاَّ مَنْ تَقَرَّبَ إِلى طَلْعَتِكَ النّورآءِ، أَيْ رَبِّ لَيْسَ لِي مِنْ إِرادَةٍ إِلاَّ بِإِرادَتِكَ وَلا لِي مِنْ مَشِيَّةٍ إِلاَّ بِمَشِيَّتِكَ وَلا يَجْرِيْ مِنْ قَلَمِي إِلاَّ ما يُنادِي بِهِ قَلَمُكَ الأَعْلَى وَما تَكَلَّمَ بِهِ لِسانِي إِلاَّ بِما نَطَقَ بِهِ الرُّوحُ الأَعْظَمُ فِي مَلَكُوتِ البَقاءِ وَما تَحَرَّكْتُ إِلاَّ بِأَرْياحِ مَشِيَّتِكَ وَما تَفَوَّهْتُ إِلاَّ بِإِذْنِكَ وَإِلْهامِكَ، لَكَ الحَمْدُ يا مَحْبُوبَ قُلُوبِ العارِفِينَ وَمَقْصُودَ أَفْئِدَةِ المُخْلِصِينَ بِما جَعَلْتَنِي هَدَفَ البَلايا فِي حُبِّكَ وَمَرْجِعَ القَضايا فِي سَبِيلِكَ، فَوَعِزَّتِكَ إِنِّي لا أَجْزَعُ عَمَّا وَرَدَ عَلَيَّ فِي حُبِّكَ، وَفِي أَوَّلِ الْيَوْمِ الَّذِي عَرَّفْتَنِي نَفْسَكَ قَبِلْتُ كُلَّ البَلايا لِنَفْسِي، وَفِي كُلِّ حِينٍ يُنادِيكَ رَأْسِي وَيَقُولُ أَيْ رَبِّ أُحِبُّ أَنْ أَرْتَفِعَ عَلَى القَناةِ فِي سَبِيلِكَ، وَدَمِي يَقُولُ يا إِلهِي فَاجْعَلِ الأَرْضَ مُحْمَرَّةً بِي فِي حُبِّكَ وَرِضائِكَ، وَأَنْتَ تَعْلَمُ بِأَنِّي ما حَفَظْتُ نَفْسِي مِنَ البَلايا وَفِي كُلِّ حِينٍ كُنْتُ مُنْتَظِرًا لِما قَضَيْتَهُ فِي لَوْحِ قَضائِكَ، إِذًا فَانْظُرْنِي يا إِلهِي فَرِيدًا بَيْنَ عِبادِكَ وَبَعِيدًا مِنْ أَحِبَّائِكَ وَأَصْفِيائِكَ، أَسْئَلُكَ بِأَمْطارِ سَحابِ رَحْمَتِكَ الَّتِيْ بِها أَنْبَتْتَ فِي قُلُوبِ المُوَحِّدِينَ أَوْرادَ الذِّكْرِ وَالبَيانِ وَأَزْهارَ الحِكْمَةِ وَالتِّبْيانِ بِأَنْ تَرْزُقَ عِبادَكَ وَذَوِي قَرابَتِي أَثْمارَ سِدْرَةِ فَردانِيَّتِكَ فِي هذِهِ الأَيَّامِ الَّتِيْ فِيها اسْتَوَيْتَ عَلَى عَرْشِ رَحْمانِيَّتِكَ، أَيْ رَبِّ لا تَمْنَعْهُمْ عَمَّا عِنْدَكَ ثْمَّ اكْتُبْ لَهُمْ ما يُصْعِدُهُمْ إِلى مَعارِجِ فَضْلِكَ وَأَلْطافِكَ، ثُمَّ أَشْرِبْهُمْ كَوْثَرَ عِرْفانِكَ وَقَدِّرْ لَهُمْ خَيْرَ الآخِرَةِ وَالأُولی، وَإِنَّكَ أَنْتَ رَبُّ البَهآءِ وَمَحْبُوبُ البَهآءِ وَالمَذْكورُ فِي قَلْبِ البَهآءِ وَالنَّاطِقُ بِلِسانِ البَهآءِ وَالمُسْتَوِي عَلَى قَلْبِ البَهآءِ، لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ العَلِيُّ الأَعْلى وَإِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ المُتَعالِ الغَفُورُ الْكَرِيمُ.

(67)

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي لَكَ الحَمْدُ بِما عَرَّفْتَنِي مَظْهَر نَفْسِكَ وَقَطَعْتَنِي عَنْ أَعْدائِكَ، وَكَشَفْتَ لِي أَعْمالَهُمْ وَأَفْعالَهُمْ فِي أَيَّامِكَ وَأَقْلَبْتَنِي مُنْقَطِعًا عَنْهُمْ إِلى شَطْرِ فَضْلِكَ وَأَلْطافِكَ، وَأَنْزَلْتَ عَلَيَّ مِنْ سَحَابِ مَشِيَّتِكَ ما طَهَّرَنِي عَنْ إِشاراتِ المُشْرِكِينَ وَدَلالاتِ المُنْكِرِينَ، عَلَى شَأْنٍ كُنْتُ مُقْبِلاً بِكُلِّي إِلَيْكَ وَهارِبًا عَن الَّذِيْنَ كَفَرُوا بِوَجْهِكَ وَجَعَلْتَنِي قائِمًا عَلَى حُبِّكَ وَناطِقًا بِذِكْرِكَ وَثَنائِكَ وَسَقَيْتَنِي كَأْسَ رَحْمَتِكَ الَّتِيْ سَبَقَتْ مَنْ فِي الغَيْبِ وَالشُّهُودِ، وَإِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ المُتَعالِ العَزِيزُ الوَدُودُ.

(68)

سُبْحَانَكَ يا إِلهِي تَرَانِي مَحْبُوسًا فِي هذا السِّجْنِ وَتَعْلَمُ بِأَنِّي ما وَرَدْتُ فِيه إِلاَّ فِي سَبِيلِكَ وَإِعلآءِ كَلِمَتِكَ وَإِظْهارِ أَمْرِكَ، أُنادِيكَ يا إِلهَ العالَمِينَ فِي هذا الحِينِ بِاسْمِكَ المُبِيْنِ بِأَنْ تَجْذِبَ قُلُوبَ عِبادِكَ إِلى مَطْلَعِ أَسْمائِكَ الحُسْنى وَمَشْرِقِ آياتِكَ الكبْری، فَيا إِلهِي لَوْ لَمْ تَكنِ البَلايا فِي سَبِيلِكَ بِأَيِّ شَيْءٍ يُسَرُّ قَلْبِي فِي أَيَّامِكَ وَلَوْلا سَفْكَ الدِّمآءِ فِي حُبِّكَ بِأَيِّ شَيْءٍ تَحْمَرُّ وُجُوهُ أَصْفِيائِكَ بَيْنَ خَلْقِكَ، فَوَعِزَّتِكَ طِرازُ وُجُوهِ مُحِبِّيكَ دَمُ الَّذِيْ يَجْرِي مِنْ جِباهِهِمْ عَلَى وُجُوهِهِمْ فِي حُبِّكَ، فَيا إِلهِي تَرَى بِأَنَّ كُلَّ عَظْمٍ مِنْ عِظامِي جُعِلَ مِزْمارَ وَحْيِكَ وَمِنْهُ ظَهَرَتْ آياتُ وَحْدانِيَّتِكَ وَبَيِّناتُ فَرْدانِيَّتِكَ، يا إِلهِي أَسْئَلُكَ بِاسْمِكَ المُجَلِّي عَلَى الأَشْيآءِ بِأَنْ تَخْلُقَ عِبادًا يَسْمَعُنَّ نَغَماتِ الَّتِيْ ارْتَفَعَتْ عَنْ يَمِينِ عَرْشِ عَظَمَتِكَ، ثُمَّ أَشْرِبْهُمْ رَاحَ رَحْمَتِكَ مِنْ راحَةِ فَضْلِكَ لِيَسْتَرِيحُوا بِها فِي أَنْفُسِهِمْ وَيَتَوَجَّهُوا مِنْ شِمالِ الظُّنُونِ وَالأَوْهامِ إِلى يَمِيْنِ اليَقِينِ وَالاطْمِينانِ، أَيْ رَبِّ لَمَّا هَدَيْتَهُمْ إِلى بابِ فَضْلِكَ لا تَطْرُدْهُمْ بِعِنايَتِكَ، وَلَمَّا دَعَوْتَهُمْ إِلى أُفُقِ أَمْرِكَ لا تَمْنَعْهُمْ بِجُودِكَ وَكَرَمِكَ، إِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ عَلَى ما تَشآءُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ العَلِيمُ الخَبِيرُ.

(69)

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي يَشْهَدُ لِسانُ سِرِّي وَجَهْرِي وَأَعْضائِي وَجَوارِحِي وَعُرُوقِي وَأَشْعارِي بِأَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ، لَمْ تَزَلْ كُنْتَ مُقَدَّسًا عَنِ الأَمْثالِ وَالأَشْباهِ وَمُنَزَّهًا عَمَّا فِي الإِبْداعِ وَالاخْتِراعِ، كُنْتَ فِي أَزَلِ الآزالِ مُتَوَحِّدًا بِسُلْطانِ تَفْرِيدِكَ وَمُتَعالِيًا مِنْ شُئُوناتِ خَلْقِكَ، فَلَمَّا أَرَدْتَ إِظْهارَ سَلْطَنَتِكَ وَإِعْلاءَ كَلِمَتِكَ وَهِدايَةَ بِرِيَّتِكَ اصْطَفَيْتَ أَحَدًا مِنْ عِبادِكَ وَأَرْسَلْتَهُ بِآياتِ سَلْطَنَتِكَ وَبَيِّناتِ أَحَدِيَّتِكَ لِتَتِمَّ حُجَّتُكَ عَلَى الإِمْكانِ وَيَكْمُلَ بُرْهانُكَ عَلَى مَنْ فِي الأَكْوانِ، فَلَمَّا ظَهَرَ بِأَمْرِكَ وَنادَى العِبادَ إِلى شَطْرِ مَواهِبِكَ وَأُفُقِ عِرْفانِكَ اخْتَلَفُوا، مِنْهُمْ مَنْ سَمِعَ النِّدآءَ وَأَجَابَكَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَوَقَّفَ فِي أَقَلِّ مِنْ آنٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَعْرَضَ وَاتَّبَعَ هَويهُ، أَسْئَلُكَ يا إِلهِي بِاسْمِكَ الأَعْظَمِ بِأَنْ تَجْتَذِبَ الأُمَمَ بِالكَلِمَةِ الَّتِيْ جَعَلْتَها سُلْطانَ الكلِماتِ فِي أَيَّامِكَ وَبِها ظَهَرَتْ لَئَالِئُ عِلْمِكَ المَكْنُونُ وَجَواهِرُ أَسْرارِكَ المَخْزُونُ بِأَنْ لا تَجْعَلَهُمْ مَحْرُومًا عَمَّا أَرَدْتَ لَهُمْ بِجُودِكَ وَإِحْسانِكَ وَلا تَجْعَلَهُمْ بَعِيدًا عَنْ شاطئِ بَحْرِ قُرْبِكَ، أَيْ رَبِّ يَشْهَدُ كُلُّ الوُجُودِ مِنَ الغَيْبِ وَالشُّهُودِ بِأَنَّ رَحْمَتَكَ سَبَقَتِ المُمْكِناتِ وَعِنايَتَكَ أَحَاطَتِ المَوْجُوداتِ، أَسْئَلُكَ بِأَنْ تَنْظُرَ إِلَيْهِمْ بِلَحَظاتِ أَعْيُنِ رَحْمانِيَّتِكَ إِنَّكَ أَنْتَ الغَفُورُ وَإِنَّكَ أَنْتَ العَطُوفُ، فَاعْمَلْ بِهِمْ ما يَنْبَغِي لِجَلالِكَ وَشَأْنِكَ وَعَظَمَتِكَ وَجُودِكَ وَكَرَمِكَ لا بِما هُمْ عَلَيْهِ مِنْ حُدُوداتِ البَشَرِيَّةِ وَالشُّئُوناتِ العَرَضِيَّةِ، أَيْ رَبِّ أَنْتَ تَعْلَمُ بِأَنِّي أَحَدٌ مِنْ عِبادِكَ ذُقْتُ حَلاوَةَ بَيَانِكَ وَاعْتَرَفْتُ بِوَحْدانِيَّتِكَ وَفَرْدانِيَّتِكَ وَتَوَجَّهْتُ إِلى مَصْدَرِ أَسْمائِكَ الحُسْنى وَمَطْلَعِ صِفاتِكَ العُلْيا، وَأَرَدْتَ أَنْ تُدْخِلَنِيْ فِي لُجَّةِ بَحْرِ أَحَدِيَّتِكَ وَطَمْطامِ يَمِّ وَحْدانِيَّتِكَ، أَيْ رَبِّ أَيِّدْنِي عَلَى ما أَرَدْتَ وَلا تَجْعَلْنِي مَحْرُومًا عَمَّا عِنْدَكَ وَاجْذِبْنِي بِبَدائِعِ آياتِكَ عَلَى شَأْنٍ لا يَمْنَعُنِي شُئُوناتُ الدُّنْيا وَما فِيها عَنِ التَّوَجُّهِ إِلَيْكَ وَالاسْتِقامَةِ عَلَى أَمْرِكَ وَالنَّظَرِ إِلى أُفُقِ فَضْلِكَ، ثُمَّ وَفِّقْنِي يا إِلهِي عَلَى ما تُحِبُّ وَتَرْضى وَاكْتُبْ لِي خَيْرَ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ وَقَدِّرْ لِي مَقْعَدَ صِدْقٍ عِنْدَكَ إِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ عَلَى ما تَشآءُ وَالحاكِمُ عَلَى ما تُرِيدُ، لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ المُتَعالِ العَزِيْزُ العَظِيمُ وَالحَمْدُ لَكَ يا إِلهَ العالَمِينَ ومَعْبُودَ العالَمِينَ.

(70)

يا إِلهِي قَدْ كادَ أَنْ يَصْفَرَّ ما نَبَتَ فِي رِضْوانِ عِزِّ فَرْدَانِيَّتِكَ فَأَيْنَ أَمْطارُ سَحَابِ رَحْمَتِكَ، وَعَرَّتْ أَغْصانُ سِدْرَةِ وَحْدَانِيَّتِكَ مِنْ حُلَلِ العِزَّةِ وَالعِرْفانِ، فَأَيْنَ رَبِيعُ أَلْطافِكَ وَمَوَاهِبِكَ، قَدْ تَوَقَّفَتْ فُلْكُ أَمْرِكَ عَلَى بَحْرِ الإِمْكانِ فَأَيْنَ أَرْيَاحُ جُودِكَ وَإِحْسَانِكَ، وَأَحَاطَتْ سِرَاجَ أَحَدِيَّتِكَ أَرْياحُ النِّفَاقِ مِنْ كُلِّ الآفَاقِ أَيْنَ زُجَاجَةُ حِفْظِكَ وَإِكرامِكَ، فَيا إِلهِي تَرَى طَرْفَ هؤلآءِ الفُقَرآءِ إِلى أُفُقِ غَنَائِكَ وَأَفْئِدَةَ هؤُلآءِ الضُّعَفآءِ إِلى شَطْرِ قُدْرَتِكَ، أَسْئَلُكَ يا مَقْصُودَ العارِفِينَ وَإِلهَ العالَمِينَ لَمَّا اجْتَذَبْتَهُمْ بِكَلِمَتِكَ العُلْيا لا تُبْعِدْهُمْ عَنْ سُرَادِقِ الَّذِيْ رَفَعْتَهُ بِاسْمِكَ الأَبْهی، أَيْ رَبِّ قَدِ اشْتَدَّتْ عَلَيْهِمُ الأُمُورُ وَأَحَاطَهُمْ أَهْلُ الفُجُورِ فَأَرْسِلْ مِنْ سَمَاءِ أَمْرِكَ جُنُودَ غَيْبِكَ بِأَعْلامِ نَصْرِكَ لِيَنْصُرُنَّهُمْ فِي مَمْلَكَتِكَ وَيَحْفَظُنَّهُمْ مِنْ أَعْدائِكَ، وَأَسْئَلُكَ يا إِلهِي بِاسْمِكَ الَّذيْ بِهِ أَمْطَرَتِ السَّحَابُ وَجَرَتِ الأَنْهارُ وَاشْتَعَلَتْ نَارُ الحُبِّ فِي الأَشْطَارِ بِأَنْ تَنْصُرَ عَبْدَكَ الَّذيْ أَقْبَلَ إِلَيْكَ وَنَطَقَ بِذِكْرِكَ وَأَرَادَ نُصْرَتَكَ، ثُمَّ أَثْبِتْهُ يا إِلهِي عَلَى حُبِّكَ وَدِينِكَ، هذا خَيْرٌ لَهُ عَمَّا خُلِقَ فِي أَرْضِكَ لأنَّ الدُّنْيا وَما خُلِقَ فِيها تَفْنَى وَما عِنْدَكَ يَبْقى بِدَوامِ أَسْمائِكَ الحُسْنی، فَوَعِزَّتِك لَوْ تكُونُ الدُّنْيَا باقِيَةً بِدَوَامِ مَلَكُوتِكَ لا يَنْبَغِيْ أَنْ يَتَوَجَّهَ إِلَيْها مَنْ شَرِبَ خَمْرَ الوِصالِ مِنْ أَيادِي رَحْمَتِكَ، فَكَيْفَ بَعْدَ عِلْمِهِ بِفَنَائِها وَإِيقانِهِ بِزَوالِها، وَإِنَّ تَغْيِيرَها وَتَغْيِيرَ ما فِيها فِي كُلِّ الأَحْيَانِ لَبُرْهانٌ عَلَى انْعِدامِها، وَالَّذِيْ عَرَفَكَ لا يَنْظُرُ إِلى غَيْرِكَ وَلا يُرِيدُ مِنْكَ إِلاَّ أَنْتَ، وَإِنَّكَ أَنْتَ مُنْتَهَى أَمَلِ الآمِلِينَ وَغايَةُ رَجآءِ المُخْلِصِينَ، لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ المُقْتَدِرُ المُهَيْمِنُ العَزِيزُ القَدِيرُ.

(71)

لَكَ الحَمْدُ يا إِلهِي بما أَظْهَرْتَ سُلْطانَ الأَيَّامِ الَّذِيْ بَشَّرْتَ بِهِ أَصْفِيائَكَ وَأَنْبِيَائَكَ فِي أَلْوَاحِ عِزِّ أَحَدِيَّتِكَ، وَفِيهِ تَجَلَّيْتَ عَلَى كُلِّ الأَشْياءِ بِكُلِّ الأَسْمآءِ، طُوبى لِمَنْ أَقْبَلَ إِلَيْكَ وَفازَ بِلِقائِكَ وَسَمِعَ نَغَماتِكَ، أَيْ ربِّ أَسْئَلُكَ بِاسْمِ الَّذِيْ يَطُوفُ فِي حَولِهِ مَلَكُوتُ الأَسْمآءِ بِأَنْ تُؤَيِّدَ أَحِبَّائَكَ عَلَى إِعْلآءِ كَلِمَتِكَ بَيْنَ عِبادِكَ وَذِكْرِكَ بَيْنَ بَرِيَّتِكَ لِتَأْخُذَ جَذَباتُ وَحْيِكَ مَنْ فِي أَرْضِكَ، أَيْ رَبِّ لَمَّا هَدَيْتَهُمْ إِلى كَوْثَرِ فَضْلِكَ لا تَمْنَعْهُمْ بِجُودِكَ وَلَمَّا دَعَوتَهُمْ إِلى مَقَرِّ عَرْشِكَ لا تَطْرُدْهُمْ بِعنايَتِكَ، فَأَنْزِلْ عَلَيْهِمْ يا إِلهِي ما يَجْعَلُهُمْ مُنْقَطِعًا عَنْ دُونِكَ وَطَائِرًا فِي هَوآءِ قُرْبِكَ عَلَى شَأنٍ لا تَمْنَعُهُمْ سَطْوَةُ الظَّالِمِينَ وَلا إِشَاراتُ الَّذِين كَفَرُوا بِنَفْسِكَ العَلِيِّ العَظِيمِ.

(72)

سُبْحَانَكَ يا مَنْ بِيَدِكَ مَلَكُوتُ الاَسْمآءِ وَفِي قَبْضَةِ قُدْرَتِكَ مَنْ فِي الأَرْضِ وَالسَّمآءِ، أَسْئَلُكَ بِاسْمِكَ الأَبْهَى الَّذِيْ جَعَلْتَهُ هَدَفًا لِسِهَامِ القَضآءِ فِي سَبِيلِكَ يا مَلِيكَ البَقآءِ بِاَنْ تَخْرُقَ أَحْجَابَ الَّتِيْ مَنَعَتْ بَرِيَّتَكَ عَنْ أُفُقِ أَحَدِيَّتِكَ لَعَلَّ يَتَوَجَّهُونَ إِلى شَطْرِ رَحْمَتِكَ وَيَتَقَرَّبوُنَ إِلى أُفُقِ عِنايَتِكَ، اَيْ رَبِّ لا تَدَعْ عِبادَكَ بِأَنْفُسِهِمْ فَاجْذِبْهُمْ بِآياتِكَ إِلى مَطْلَعِ وَحْيِكَ وَمَشْرِقِ إِلْهامِكَ وَمَخْزَنِ عِلْمِكَ، أَنْتَ الَّذِيْ شَهِدَ كُلُّ شَيْءٍ بِقُدْرَتِكَ وَاقْتِدارِكَ وَما مَنَعَكَ مِنْ اَمْرِكَ ما خُلِقَ فِي أَرْضِكَ وَسَمائِكَ، فَانْصُرْ يا إِلهِي عِبادَكَ الَّذِينَ تَوَجَّهُوا إِلَيْكَ وَأَقْبَلُوا إِلى مَقَرِّ فَضْلِكَ، ثُمَّ أَنْزِلْ يا إِلهِي عَلَيْهِمْ ما يَحْفَظُهُمْ عَنِ التَّوَجُّهِ إِلى غَيْرِكَ وَالنَّظَرِ إِلى سِواكَ، إِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ عَلَى ما تَشآءُ وَالحاكِمُ عَلَى ما تُرِيدُ. لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ.

(73)

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي أَسْئَلُكَ بِاسْمِكَ الكافِي بِأَنْ تَكفِيَ عَنَّا شَرَّ أَعْدائِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِبُرْهانِكَ وَاعْتَرَضُوا عَلَى جَمالِكَ، وَبِاسْمِكَ القاهِرِ بِأَنْ تَقْهَرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا عَلَى مَظْهَرِ نَفْسِكَ الأُولى الَّذِيْ ظَهَرَ بِاسْمِكَ الأَبْهی، وَبِاسْمِكَ الآخِذِ بِأَنْ تَأْخُذَ الَّذِينَ اتَّخَذُوا أَمْرَكَ سُخْرِيًّا وَيَلْعَبوُنَ بِالآياتِ الكُبْرى وَمُنِعُوا عَنْ هذا المَقامِ الأَسْنی، وَبِاسْمِكَ الغَالِبِ بِأَنْ تُغَلِّبَ أَحِبَّائَكَ عَلَى أَعَادِي نَفْسِكَ وَالكَفَرَةِ مِنْ بَرِيَّتِكَ، وَبِاسْمِكَ الهاتِكِ بِأَنْ تَهْتِكَ سِتْرَ الَّذِينَ هَتَكُوا حُرْمَتَكَ وَضَيَّعُوا أَمْرَكَ بَيْنَ عِبادِكَ، وَبِاسْمِكَ الجَبَّارِ بِأَنْ تَجْبِرَ قُلُوبَ أَحِبَّتِكَ وَتُصْلِحَ أُموُرَهُمْ بِعِنايَتِكَ، وَبِاسْمِكَ العَلاَّمِ بِأَنْ تُعَلِّمَهُمْ مِنْ بَدائِعِ عِلْمِكَ لِيَسْتَقِيْمُنَّ عَلَى أَمْرِكَ وَيَسْلُكُنَّ سُبُلَ رِضائِكَ، وَبِاسْمِكَ المَانِعِ بِأَنْ تَمْنَعَ عَنْهُم ظُلْمَ كُلِّ ظَالِمٍ وَبَغْيَ كُلِّ بَاغٍ وَضُرَّ كُلِّ مُضِرٍّ، وَبِاسْمِكَ الحَافِظِ بِأَنْ تَحْفَظَهُمْ فِي حِصْنِ قُدْرَتِكَ وَاقْتِدارِكَ لِئَلا يَرِدَ عَلَيْهِمْ سِهَامُ الإِشَاراتِ مِنْ عُصَاةِ بَرِيَّتِكَ، وَبِاسْمِكَ الَّذِيْ جَعَلْتَهُ مُبَارَكًا بَيْنَ أَسْمائِكَ وَاخْتَصَصْتَهُ بِنَفْسِكَ وَأَظْهَرْتَ بِهِ جَمَالَكَ بِأَنْ تُبَارِكَ عَلَى أَحِبَّتِكَ هذِهِ الأَيَّامِ الَّتِيْ رُقِمَتْ مِنْ قَلَمِ تَقْدِيرِكَ وَقُضِيَتْ فِي لَوْحِ الإِمْضآءِ بِعِلْمِكَ وَإِرادَتِكَ، وَبِاسْمِكَ السَّخَّارِ بِأَنْ تُسَخِّرَ أَهْلَ مَمْلَكَتِكَ لِيُقْبِلُنَّ كُلٌّ إِلى وَجْهِكَ وَيَنْقَطِعُنَّ عَمَّا عِنْدَهُمْ حُبًّا لِنَفسِكَ وَطَلَبًا لِرِضائِكَ، أَيْ رَبِّ فَاخْذُلْ أَعْدَائَكَ وَخُذْهُمْ بِقُدْرَتِكَ وَاقْتِدارِكَ، ثُمَّ أَرْسِلْ عَلَيْهِمْ نَفَحَاتِ قَهْرِكَ وَأَذِقْهُمْ يا إِلهِي سَطْوَتَكَ وَانْتِقامَكَ لأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِالَّذِيْ آمَنُوا بَعْدَ الَّذِيْ جَائَهُمْ بِآياتِكَ وَبَيِّنَاتِكَ وَظُهُوراتِ قُدْرَتِكَ وَشُئُوناتِ اقْتِدارِكَ، ثُمَّ اجْمَعْ أَحِبَّائَكَ فِي ظِلِّ سِدْرَةِ فَرْدانِيَّتِكَ وَمَطْلَعِ أَنْوارِ عِزِّ وَحْدانِيَّتِكَ، وَإنَّكَ أَنْتَ ذُو القُدْرَةِ العَظِيمِ وَذُو البَطْشِ الشَّدِيدِ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ المُقْتَدِرُ القَدِيرُ.

 

(74)

أَيْ رَبِّ لَكَ الحَمْدُ عَلَى ما أَسْمَعْتَنِي نِدَائَكَ وَدَعَوْتَنِي إِلى نَفْسِكَ وَفَتَحْتَ عَيْنِيْ لِمُشَاهَدَةِ جَمالِكَ وَنَوَّرْتَ قَلْبِي بِعِرْفانِكَ وَقَدَّسْتَ صَدْرِيْ عَنْ شُبُهَاتِ المُشرِكيِنَ فِي أَيَّامِكَ، أَنَا الَّذِيْ يا إِلهِي كُنْتُ راقِدًا عَلَى البِسَاطِ أَرْسَلْتَ عَلَيَّ مُرْسَلاتِ عِناياتِكَ وَنَسَمَاتِ أَلْطَافِكَ وَأَيْقَظَتْنِي عَنِ النَّومِ مُقْبِلاً إِلى حَرَمِ عِرْفانِكَ وَمُتَوَجِّهًا إِلى أَنْوارِ جَمَالِكَ، أَيْ رَبِّ أَنَا الفَقِيرُ قَدْ تَشَبَّثْتُ بِذَيْلِ غَنائِكَ وَهَرَبْتُ عَنِ الظُّلْمَةِ وَالغَفْلَةِ إِلى بَوارِقِ أَنْوارِ وَجْهِكَ، فَوَعِزَّتِكَ لَوْ أَشْكُرُكَ بِدَوامِ مَلَكُوتِكَ وَجَبَرُوتِكَ لَيَكُونُ قَليلاً عِنْدَ عَطَاياكَ، أَيْ رَبِّ أَسْئَلُكَ بِاسْمِكَ البَاقِي ثُمَّ بِاسْمِكَ الَّذِيْ جَعَلْتَهُ السَّبَبَ الأَعْظَمَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ عِبادِكَ بِأَنْ تَجْعَلَنِيْ مُسْتَجِيرًا بِبَابِكَ وَناطِقًا بِثَنائِكَ، ثُمَّ اكْتُبْ لِي فِي كُلِّ عَوالِمِكَ ما يَجْعَلُنِي مُسْتَظِلاً فِي ظِلِّكَ وَجِوارِكَ، إِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ المُعْطِ المُتَعالِ الغَفُورُ الْكَرِيمُ.

(75)

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي لَمْ أَدْرِ بِأَيِّ ذِكْرٍ أَذْكُرُكَ وَبِأَيِّ وَصْفٍ أُثْنِيكَ وَبِأَيِّ اسْمٍ أَدْعُوكَ، لَوْ أَدْعُوكَ بِاسْمِ المَالِكَ أُشَاهِدُ بِأَنَّ مَالِكَ مَمالِكَ الإِبْداعِ وَالاخْتِراعِ مَمْلُوكٌ لَكَ وَمَخْلُوقٌ بِكَلِمَةٍ مِنْ عِنْدِكَ، وَإِنْ أَذْكُرُكَ بِاسْمِ القَيُّومِ أُشَاهِدُ بِأَنَّهُ كانَ ساجِدًا عَلَى كفٍّ مِنَ التُّرابِ مِنْ خَشْيَتِكَ وَسَلْطَنَتِكَ وَاقْتِدارِكَ، وَإِنْ أَصِفُكَ بِأَحَدِيَّةِ ذاتِكَ أُشَاهِدُ بِأَنَّ هذا وَصْفٌ أَلْبَسَهُ ظَنِّي ثَوْبَ الوَصْفِيَّةِ وَإِنَّكَ لَمْ تَزَلْ كُنْتَ مُقَدَّسًا عَنِ الظُّنُونِ وَالأَوْهَامِ، فَوَعِزَّتِكَ كُلُّ مَنِ ادَّعى عِرْفانَكَ نَفْسُ ادِّعائِه ِ يَشْهَدُ بِجَهْلِهِ، وَكُلُّ مَنْ يَدَّعِي البُلُوغَ إِلَيْكَ يَشْهَدُ لَهُ كُلُّ الذَّرّاتِ بِالعَجْزِ وَالقُصُورِ، وَلكِنْ أَنْتَ بِرَحْمَتِكَ الَّتِيْ سَبَقَتْ مَلَكُوتَ مُلْكِ السَّمَواتِ وَالأَرْضِ، قَبِلْتَ مِنْ عِبادِكَ ذِكْرَهُمْ وَثَنائَهُمْ نَفْسَكَ العُلْيا وَأَمَرْتَهُمْ بِذلِكَ لِتُرْفَعَ بِهِ أَعْلامُ هِدايَتِكَ فِي بِلادِكَ وَتَنْتَشِرَ آثارُ رَحْمَانِيَّتِكَ فِي مَمْلَكَتِكَ، وَلِيَصِلُنَّ كُلٌّ إِلى ما قَدَّرْتَ لَهُمْ بِأَمْرِكَ وَقَضَيْتَ لَهُمْ بِقَضائِكَ وَتَقْدِيرِكَ، إِذًا لَمَّا أَشْهَدُ بِعَجْزِي وَعَجْزِ عِبادِكَ أَسْئَلُكَ بِأَنْوارِ جَمالِكَ بِأَنْ لا تَمْنَعَ بَرِيَّتَكَ عَنْ شاطئِ قُدْسِ أَحَدِيَّتِكَ، ثُمَّ اجْذِبْهُمْ يا إِلهِي بِنَغَماتِ قُدْسِكَ إِلى مَقَرِّ عِزِّ فَرْدانِيَّتِكَ وَمَكْمَنِ قُدْسِ وَحْدانِيَّتِكَ وَإِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ الحَاكِمُ المُعْطِ المُتَعالِ المُرِيدُ، ثُمَّ ارْزُقْ يا إِلهِي عَبْدَكَ الَّذِيْ تَوَجَّهَ إِلَيْكَ وَأَقْبَلَ إِلى وَجْهِكَ وَتَمَسَّكَ بِحَبْلِ عُطُوفَتِكَ وَأَلْطافِكَ مِنْ تَسْنِيمِ رَحْمَتِكَ وَإِفْضالِكَ ثُمَّ أَبْلِغْهُ إِلى ما يَتَمَنَّى وَلا تَحْرِمْهُ عَمَّا عِنْدَكَ وَإِنَّكَ أَنْتَ الغَفُورُ الْكَرِيمُ.

 

(76)

سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي كُلَّمَا أُرِيدُ أَنْ أَذْكُرَكَ يَمْنَعُنِي عُلُوُّكَ وَاقْتِدارُكَ لأنِّي لَوْ أَذْكُرُكَ بِدَوامِ جَبَرُوتِكَ وَبَقَاءِ مَلَكُوتِكَ أَرى بِأَنَّهُ يَرْجِعُ إِلى مِثْلِي وَشِبْهِي وَهُو مَخْلُوقٌ بِأَمْرِكَ وَذُوِّتَ بِإِرادَتِكَ، وَكُلَّما يَجْرِيْ مِنْ قَلَمِيْ اسْمٌ مِنْ أَسْمائِكَ أَسْمَعُ حَنِينَهُ فِي هَجْرِكَ وَصَرِيخَهُ فِي فِراقِكَ، أَشْهَدْ بِأَنَّ ما سِواكَ خَلْقُكَ وَفِي قَبْضَتِكَ، وَإِنَّكَ أَنْتَ لَوْ تَقْبَلُ مِنْهُمْ ذِكْرًا أَوْ عَمَلًا إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ إِلاَّ مِنْ بَدَائِعِ فَضْلِكَ وَمَواهِبِكَ وَظُهُوراتِ كَرَمِكَ وَإِحْسانِكَ، أَيْ رَبِّ أَسْئَلُكَ بِاسْمِكَ الأَعْظَمِ الَّذِيْ بِهِ فَصَّلْتَ بَيْنَ النَّارِ وَالنُّورِ وَالنَّفْيِ وَالإِثْباتِ بِأَنْ تُنَزِّلَ عَلَيَّ وَمَنْ مَعِي مِنْ أَحِبَّائِي خَيْرَ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ، ثُمَّ ارْزُقْنَا مِنْ بَدائِعِ نِعَمِكَ المَكْنُونَةِ وَإِنَّكَ أَنْتَ خالِقُ البَرِيَّةِ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ المُقْتَدِرُ العَزِيزُ المُتَعالِ.

(77)

يا مَنْ كُلُّ شَيْءٍ اضْطَرَبَ مِنْ سَطْوَتِكَ وَكُلُّ الأُمُورِ مَقْبُوضَةٌ فِي قَبْضَتِكَ وَكُلُّ الوُجُوهِ مُتَوَجِّهَةٌ إِلى شَطْرِ فَضْلِكَ وَرَحْمَتِكَ، أَسْئَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِيْ جَعَلْتَهُ رُوحَ الأَسْمآءِ فِي مَلَكُوتِها بِأَنْ تَحْفَظَنا مِنْ وَسَاوِسِ الَّذِيْنَ هُمْ أَعْرَضُوا عَنْكَ وَكَفَرُوا بِنَفْسِكَ العَلِيِّ الأَعْلَى فِي هذا الظُّهُورِ الَّذِيْ مِنْهُ اضْطَرَبَ مَلَكُوتُ الأَسْمآءِ، أَيْ رَبِّ أَنَا أَمَةٌ مِنْ إِمَائِكَ وَقَدْ وَجَّهْتُ وَجْهِيْ إِلى حَرَمِ إِفْضالِكَ وَكَعْبَةِ إِجْلالِكَ، أَيْ رَبِّ طَهِّرْنِي عَنْ دُونِكَ ثُمَّ اسْتَقِمْنِي عَلَى حُبِّكَ وَرِضائِكَ لأَسْتَأْنِسَ بِجَمالِكَ وَأَنْقَطِعَ عَنِ العَالَمِينَ وَأَقُولَ فِي كُلِّ حيِنٍ أَنِ الحَمْدَ لِلَّهِ رَبِّ العالَمِينَ، أَيْ رَبِّ فَاجْعَلْ رِزْقِي جَمالَكَ وَشَرابيْ وِصالَكَ وَأَمَلِي رِضائَكَ وَعَمَلِيْ ثَنَائَكَ وَأَنِيسِي ذِكْرَكَ وَمُعِينِيْ سُلْطانَكَ وَمُسْتَقَرِّي مَقَرَّكَ وَوَطَنِي المَقَامَ الَّذِيْ جَعَلْتَهُ مُقَدَّسًا مِنْ حُدُوداتِ المُحْتَجِبِينَ وَإِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ العَزِيزُ القَدِيِرُ.

(78)

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي كُلَّمَا يَخْطُرُ بِقَلْبِي ذِكْرُكَ وَثَنائُكَ يَأْخُذُنِي الجَذْبُ وَالانْجِذابُ عَلَى شَأْنٍ يَمْنَعُنِي عَنِ الذَّكرِ وَالبَيِانِ وَيُرْجِعُنِي إِلى مَقامٍ أُشاهِدُ هَيْكَلِي نَفْسَ ذِكْرِكَ فِي مَمْلَكَتِكَ وَكَيْنُونَةَ ثَنائِكَ بَيْنَ عِبادِكَ، مَتَى يَكُونُ يَكُونُ ثَنائُكَ مُنْتَشِرًا بَيْنَ خَلْقِكَ وَذِكْرُكَ مَذْكورًا بَيْنَ بَرِيَّتِكَ، وَكُلُّ ذِي بَصَرٍ مِنْ عِبادِكَ يُوقِنُ بِأَنَّ هَيْكَلِي بَاقٍ لا يَفْنى لأنَّ ذِكْرَكَ باقٍ بِدَوامِ نَفْسِكَ وَثَنائَكَ دائِمٌ بِدَوامِ سَلْطَنَتِكَ وَبِهِ يَذْكُرُكَ الذَّاكِرُونَ مِنْ أَصْفِيائِكَ وَالمُخْلِصُونَ مِنْ عِبادِكَ بَلْ كُلُّ مَنْ يَذْكُرُكَ فِي الإِمْكانِ بُدِءَ ذِكْرُهُ مِنْ هذا المَقَامِ وَيَرْجِعُ إِلَيْهِ، كما أَنَّ الشَّمْسَ إِذا أَشْرَقَتْ تَتَجَلَّى عَلَى كُلِّ مَنْ قابَلَها وَالتَّجَلِّي الَّذِيْ ظَهَرَ فِي كُلِّ شَيءٍ هُو مِنْهَا وَيَرْجِعُ إِلَيْهَا، سُبْحَانَكَ سُبْحَانَكَ مِنْ أَنْ يُقاسَ أَمْرُكَ بِأَمْرٍ أَوْ يَرْجِعَ إِلَيْهِ الأَمْثالُ أَوْ يُعْرَفَ بِالمَقالِ، لَمْ تَزَلْ كُنْتَ وَما كانَ مَعَكَ مِنْ شَيْءٍ وَلا تَزالُ تَكُونُ بِمِثْلِ ما كُنْتَ فِي عُلُوِّ ذاتِكَ وَسُمُوِّ جَلالِكَ، فَلَمَّا أَرَدْتَ عِرْفانَ نَفْسِكَ أَظْهَرْتَ مَظْهَرًا مِنْ مَظاهِرِ أَمْرِكَ وَجَعَلْتَهُ آيَةَ ظُهُورِكَ بَيْنَ بَريَّتِكَ وَمَظْهَرَ غَيْبِكَ بَيْنَ خَلْقِكَ إِلى أَنِ انْتَهَتِ الظُّهُوراتُ بِالَّذِيْ جَعَلْتَهُ سُلْطَانًا عَلَى مَنْ فِي جَبَرُوتِ الأَمْرِ وَالخَلْقِ وَمُهَيْمِنًا مُقْتَدِرًا عَلَى مَنْ فِي مَلَكُوتِ السَّمَواتِ وَالأَرْضِ وَجَعَلْتَهُ مُبَشِّرًا لِظُهُورِكَ الأَعْظَمِ وَطُلُوعِكَ الأَقْدَمِ، وَما كانَ مَقْصُودُكَ فِي ذلِكَ إِلاَّ بِأَنْ تَمْتَحِنَ مَظاهِرَ أَسْمائِكَ الحُسْنى بَيْنَ الأَرْضِ وَالسَّمآءِ وَأَمَرْتَهُ بِأَنْ يَأْخُذَ عَهْدَ نَفْسِهِ عَنْ كُلِّ الأَشْيآءِ، فَلَمَّا جاءَ الوَعْدُ وَتَمَّ المِيقاتُ ظَهَرَ مالِكُ الأَسْمآءِ وَالصِّفاتِ، إِذًا فَزَعَ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَواتِ وَالأَرْضِ إِلاَّ الَّذِينَ عَصَمْتَهُمْ بِعِصْمَتِكَ وَحَفَظْتَهُمْ فِي كَنَفِ قُدْرَتِكَ وَعِنايَتِكَ وَوَرَدَ عَلَيْهِ مِنْ طُغاةِ خَلْقِكَ ما عَجِزَتْ عَنْ ذِكْرِهِ أَلْسُنُ عِبادِكَ، إِذًا يا إِلهِي فَانْظُرْ إِلَيْهِ بِلَحَظَاتِ رَأْفَتِكَ ثُمَّ أَنْزِلْ عَلَيْهِ وَعَلَى مُحِبِّيهِ كُلَّ خَيْرٍ قَدَّرْتَهُ فِي سَمآءِ مَشيَّتِكَ وَلَوْحِ قَضَائِكَ ثُمَّ انْصُرْهُمْ بِنَصْرِكَ وَإِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ المُتَعالِ العَزِيزُ الجَبَّارُ.

 

(79)

سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي أَشْهَدُ لِنَفْسِكَ كمَا شَهِدْتَ لِنَفْسِكَ بِنَفْسِكَ قَبْلَ خَلْقِ الاخْتِراعِ وَذِكْرِ الإِبْداعِ بِأَنّكَ أَنْتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ لَمْ تَزَلْ كُنْتَ فِي عُلُوِّ وَحْدانِيَّتِكَ مُقَدَّسًا عَنْ تَوْحِيدِ عِبادِكَ وَلا تَزالُ تَكُونُ فِي سُمُوِّ فَرْدانِيَّتِكَ مُتَعاليًا عَنْ ذِكْرِ خَلْقِكَ لا يَنْبَغِي لِذاتِكَ ذِكْرُ غَيْرِكَ وَلا يَلِيقُ لِنَفْسِكَ وَصْفُ ما سِواكَ، كُلُّ مُوَحِّدٍ تَحَيَّرَ فِي تَوْحِيدِ ذاتِكَ وَاعْتَرَفَ بِالقُصُورِ عَن الصُّعُودِ إِلى عِرْفانِ كُنْهِكَ وَالبُلُوغِ إِلى ذُرْوَةِ عِرفَانِكَ، كُلُّ ذِي قُوَّةٍ أَقَرَّ بِالعَجْزِ وَكُلُّ ذِي عِلْمٍ اعْتَرَفَ بِالجَهْلِ، وَكُلُّ ذِي وُجُودٍ مَعْدُومٌ عِنْدَ ظُهُوراتِ عِزِّ سَلْطَنَتِكَ، وَكُلُّ ذِي ظُهُورٍ مَفْقُودٌ لَدَى شُئُوناتِ عِزِّ عَظَمَتِكَ، وَكُلُّ ذِي نُورٍ مُظْلَمٌ عِنْدَ بَوارِقِ أَنْوارِ وَجْهِكَ، وَكُلُّ ذِي بَيَانٍ كَلِيلٌ عِنْدَ تَنَزُّلِ آياتِ قُدْسِ أَحَديَّتِكَ، وَكُلُّ قائِمٍ مُضْطَرِبٌ عِنْدَ ظُهُورِ عِزِّ قَيُّومِيَّتِكَ، هَلْ لِغَيرِكَ يا إِلهِي مِنْ وُجُودٍ لِيُذْكَرَ تِلْقآءَ ذِكْرِكَ، وَهَلْ لِدُونِكَ مِنْ ظُهُورٍ لِيَكُونَ دَلِيْلاً لِنَفْسِكَ أَوْ مَذْكورًا فِي ساحَةِ عِزِّ تَوْحِيدِكَ، لَمْ تَزَلْ كُنْتَ وَلَمْ يَكنْ مَعَكَ مِنْ شَيءٍ وَلا تَزالُ تَكُونُ بِمِثْلِ ما كُنْتَ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ المُقْتَدِرُ العَزِيزُ العَليِمُ، سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي أَسْئَلُكَ بِذِكْرِكَ العَلِيِّ الأَعْلَى الَّذِيْ أَظْهَرْتَهُ بِاسْمِكَ الأَبْهى بَيْنَ أَهْلِ الإِنْشآءِ، وَجَعَلْتَ مَشِيَّتَهُ ذاتَ مَشِيَّتِكَ وَنَفْسَهُ مَظْهَرَ نَفْسِكَ  وَكَيْنُونَتَهُ مَطْلَعَ عِلْمِكَ وَقَلْبَهُ مَخْزَنَ إِلْهامِكَ وَفُؤادَهُ مَهْبَطَ وَحْيِكَ وَصَدْرَهُ مَشْرِقَ أَسْمائِكَ الحُسْنى وَصَفاتِكَ العُلْيا وَلِسانَهُ مَنْبَعَ كَوْثَرِ ثَنائِكَ وَسَلْسَبِيلِ حِكْمَتِكَ بِأَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْنا ما يَجْعَلُنا أَغْنِيآءَ عَنْ دونِكَ وَمُقَدَّسيِنَ عَمَّا سِواكَ وَقاصِدينَ إِلى حَرَمِ رِضائِكَ وَآمِلِينَ ما قَدَّرْتَ لَنا بِتَقْدِيرِكَ، ثُمَّ اجْعَلْنا يا إِلهِي مُنْقَطِعِينَ عَنْ أَنْفُسِنا وَمُتَوَسِّلِينَ بِمَظْهَرِ نَفْسِكَ العَلِيِّ الأَعْلی، ثُمَّ ارْزُقْنا ما هُوَ خَيْرٌ لَنا، ثُمَّ اكْتُبْنا مِنْ عِبادِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالطَّاغُوتِ وَآمَنُوا بِنَفْسِكَ وَاسْتَقَرُّوا عَلَى سُرُرِ الإِيْقانِ عَلَى شَأْنٍ ما مَنَعَتْهُمْ إِشاراتُ الشَّيْطانِ عَنِ التَّوَجُّهِ إِلى شَطْرِ اسْمِكَ الرَّحْمنِ وَإِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ عَلَى ما تَشاءُ وَالحاكِمُ عَلَى ما تُرِيدُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ المَلِكَ المُتَعالِ المُقْتَدِرُ المُعْطِ العَلِيمُ الحَكِيمُ.

(80)

يا مَنْ ذِكْرُكَ أَنِيسُ قُلُوبِ المُشْتاقِينَ وَاسْمُكَ حَبِيبُ أَفئِدَةِ المُخْلِصِينَ وَثَنائُكَ مَحْبُوبُ المُقَرَّبِينَ وَوَجْهُكَ مَقْصَدُ العارِفِينَ وَدائُكَ شِفآءُ صُدُورِ المُقْبِلِينَ وَبَلائُكَ غايَةُ مُرادِ المُنْقَطِعِينَ، سُبْحانَكَ سُبْحَانَكَ يا مَنْ بِيَدِكَ مَلَكُوتُ مُلْكَ السَّمَواتِ وَالأَرَضِينَ يا مَنْ بِكَلِمَةٍ مِنْ عِنْدِكَ انْصَعَقَتِ المُمْكِناتُ وَتَفَرَّقَتْ أَرْكانُها وَبِكَلِمَةٍ أُخْرى اجْتَمَعَتْ وَرُكِّبَ كُلُّ جُزْءٍ بِالْجُزْءِ الآخَرِ، سُبْحَانَكَ يا مَنْ كُنْتَ قادِرًا عَلَى مَنْ فِي السَّمَواتِ وَالأَرْضِ وَمُقْتَدِرًا عَلَى مَنْ فِي جَبَرُوتِ الأَمْرِ وَالْخَلْقِ، لَيْسَ لَكَ شِبْهٌ فِي الإِبْداعِ وَلا مِثْلٌ فِي الاخْتِراعِ، ما عَرَفَكَ نَفْسٌ وَما بَلَغَ إِلَيْكَ أَحَدٌ، فَوَعِزَّتِكَ لَوْ يَطِيرُ أَحَدٌ بِأَجْنِحَةِ الغَيْبِ وَالشُّهُودِ فِي هَوآءِ عِرْفانِكَ بِدَوامِ نَفْسِكَ لَنْ يَقْدِرَ أَنْ يَتَجاوَزَ مِنَ الحُدُوداتِ الكَوْنِيَّةِ، مَنْ كانَ شَأْنُهُ هذا كَيْفَ يَقْدِرُ أَنْ يَطِيرَ فِي هَوآءِ عِزِّ اَحَدِيَّتِكَ، إِنَّ العارِفَ مَنْ أَقَرَّ بِالعَجْزِ وَاعْتَرَفَ بِالذَّنْبِ لأنَّ الوُجُودَ لَوْ يُذْكرُ تِلْقآءَ مَدْيَنِ ظُهُوراتِ عِزِّ أَمْرِكَ إِنَّهُ لَذَنْبٌ لا يُعادِلُهُ ذَنْبٌ فِي مَمالِكَ إِبْداعِكَ وَاخْتِراعِكَ، أَيْ رَبِّ إِذا أَظْهَرْتَ طَلائِعَ آياتِ عِزِّ سَلْطَنَتِكَ وَاقْتِدارِكَ مَنْ يَقْدِرُ أَنْ يَدَّعِيَ الوُجُودَ لِنَفْسِهِ، كُلُّ الوُجُودِ مَفْقُودٌ لَدَى ظُهُوراتِ عِزِّ أَحَدِيَّتِكَ، سُبْحَانَكَ سُبْحَانَكَ يا مالِكَ المُلُوكَ أَسْئَلُكَ بِنَفْسِكَ وَبِمَظاهِرِ أَمْرِكَ وَمَطالِعِ قُدْرَتِكَ بِأَنْ تَكْتُبَ لَنا ما كَتَبْتَهُ لأصْفِيائِكَ وَلا تَجْعَلَنا مَحْرُومِينَ عَمَّا قَدَّرْتَهُ لأَوْلِيائِكَ الَّذِينَ إِذَا سَمِعُوا نِدائَكَ سَرُعُوا إِلَيْكَ، وَإِذَا أَشْرَقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْوارُ الوَجْهِ سَجَدُوا لَهُ، أَيْ رَبِّ نَحْنُ عِبادُكَ وَفِي قَبْضَةِ قُدْرَتِكَ لَوْ تُعَذِّبُنا بِعَذابِ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ لَتكُونُ عادِلاً فِي أَمْرِكَ وَمَحْمُودًا فِي فِعْلِكَ، وَإِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ عَلَى ما تَشآءُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ المُقْتَدِرُ العَزِيزُ المُهَيْمِنُ القَيُّومُ.

 

(81)

سُبْحَانَكَ يا مَنْ تَسْمَعُ ضَجيْجَ المُنْقَطِعينَ وَصَرِيخَ المُخْلِصِينَ وَتَرَى ما وَرَدَ عَلَيْهِمْ مِنْ طُغاةِ خَلْقِكَ وَعُصاةِ بَرِيَّتِكَ، فَوَعِزَّتِكَ يا سُلْطانَ مَمالِكَ العَدْلِ وَمَلِيكَ مَدائِنِ الفَضْلِ إِنَّ البَلايا قَدْ وَرَدَ عَلَيْهِمْ عَلَى شَأْنٍ لا يُحْصِيها قَلَمُ الإِنْشآءِ، وَلَوْ يُرِيدُ أَنْ يَذْكُرَ لا يَدْرِي ما يَذْكُرُ وَلكِنْ لَمَّا وَرَدَ فِي سَبِيلِكَ وَحُبِّكَ لَيَشْكُرونَكَ فِي كُلِّ الأَحْوالِ وَيَقُولُونَ يا مَحْبُوبَ قُلُوبِنا وَالمَذْكُورُ فِي صُدُورِنا لَوْ يَمْطُرُ عَلَينا مِنْ سَحابِ القَضآءِ سِهَامُ البَلآءِ ما نَجْزَعُ فِي حُبِّكَ وَنَشْكرُكَ فِي ذلِكَ لأنَّا عَرَفْنا وَأَيْقَنَّا بِأَنَّكَ ما قَدَّرْتَ لَنا إِلاَّ ما هُو خَيْرٌ لَنا، وَلَوْ تَجْزَعُ بِها فِي بَعْضِ الأَحْيانِ أَجْسامُنا تَسْتَبْشِرُ بِها أَرْواحُنا، فَوَعِزَّتِكَ يا مُنْيَةَ قُلُوبِنا وَفَرَحَ صُدُورِنا، كُلُّ نِقْمَةٍ فِي حُبِّكَ رَحْمَةٌ وَكُلُّ نارٍ نُورٌ وَكُلُّ عَذابٍ عَذْبٌ وَكُلُّ تَعَبٍ راحَةٌ وَكُلُّ حُزْنٍ فَرَحٌ، أَيْ رَبِّ مَنْ يَجْزَعُ مِنَ البَلايا فِي سَبِيلِكَ إِنَّهُ ما شَرِبَ كَأْسَ حُبِّكَ وَما ذاقَ حَلاوَةَ ذِكْرِكَ، أَسْئَلُكَ بِسُلْطانِ الأَسْمآءِ وَمَلِيكِها وَمَظْهَرِ الصِّفاتِ وَمُوجِدِها وَبِالَّذِينَ طارُوا فِي هَوآءِ قُرْبِكَ وَلِقائِكَ وَذاقُوا حَدَّ الحَدِيدِ فِي سَبِيلِكَ بِأَنْ تُؤَيِّدَ بَرِيَّتَكَ كُلَّهُمْ عَلَى عِرْفانِ مَظْهَرِ نَفْسِكَ الَّذِيْ سُجِنَ فِي الغُرْبَةِ بِما دَعَا الخَلْقَ إِلَيْكَ، أَيْ رَبِّ سَبَقَتْ رَحْمَتُكَ غَضَبَكَ وَلُطْفُكَ قَهْرَكَ وَفَضْلُكَ عَدْلَكَ، خُذْ أَيَادِيَ خَلْقِكَ بِبَدائِعِ عِناياتِكَ وَمَواهِبِكَ وَلا تَقْطَعْ عَنْهُمُ الأَسْبابَ الَّتِيْ جَعَلْتَها وَسِيلَةً لِعِرْفانِ نَفْسِكَ، فَوَعِزَّتِكَ عِنْدَ قَطْعِها يَضْطَرِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَيَتَحَيَّرُ كُلُّ عاقِلٍ وَيَتَوَقَّفُ كُلُّ عارِفٍ إِلاَّ مَنْ أَخَذَتْهُ أَيادِي أَمْرِكَ وَظُهُوراتُ فَضْلِكَ وَشُئُوناتُ أَلْطافِكَ، فَوَعِزَّتِكَ يا إِلهِي لَوْ تَنْظُرُ إِلى عِبادِكَ بِما اكتَسَبُوا فِي أَيَّامِكَ لا يَسْتَحِقُّونَ إِلاَّ نِقْمَتَكَ وَعَذابَكَ وَلكِنْ أَنْتَ الْكَرِيمُ ذُو الفَضْلِ العَظِيمِ، لا تَنْظُرْ يا إِلهِي إِلَيْهِمْ بِلَحَظاتِ عَدْلِكَ بَلْ بِلَحَظاتِ أَعْيُنِ فَضْلِكَ وَعِنايَتِكَ، ثُمَّ اعْمَلْ بِهِمْ ما يَنْبَغِي بِجُودِكَ وَكَرَمِكَ وَإِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ عَلَى ما تَشآءُ، وَحْدَكَ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ رَبُّ العَرْشِ وَالثَّرَى وَمالِكَ الآخِرَةِ وَالأُولى وَإِنَّكَ أَنْتَ العَطُوفُ الغَفُورُ الجَوادُ الوَهَّابُ، صَلِّ اللَّهُمَّ يا إِلهِي عَلَى الَّذِيْ بِهِ ظَهَرَتْ أَسْرارُ رُبُوبِيَّتِكَ، ثُمَّ اسْتَعْلَتْ ظُهُوراتُ أُلُوهِيَّتِكَ وَبَرَزَتْ لَئالِئُ عِلْمِكَ وَحِكْمَتِكَ وَنُشِرَتْ آثارُكَ وَفُصِّلَتْ كَلِمَتُكَ وَلاحَ وَجْهُكَ وَحُقِّقَ سُلْطانُكَ وَعَلَى الَّذِينَ أَقْبَلُوا إِلَيْهِ خالِصِينَ لِوَجْهِكَ، ثُمَّ أَنْزِلْ يا إِلهِي عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ مِنْ بَدائِعِ رَحْمَتِكَ ما يَلِيقُ لِحَضْرَتِكَ وَإِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ المُهَيْمِنُ العَزِيزُ القَيُّومُ.

(82)

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي أَنْتَ الَّذِيْ خَلَقْتَ المُمْكِناتِ بِكَلِمَةِ أَمْرِكَ وَذَرَئْتَ المَوْجُوداتِ بِسَلْطَنَتِكَ وَاقْتِدارِكَ، كُلُّ عَزِيزٍ ذَلَّ عِنْدَ ظُهُوراتِ عِزِّكَ، وَكُلُّ قَوِيٍّ ضَعِيفٌ عِنْدَ شُئُوناتِ قُدْرَتِكَ، وَكُلُّ بَصِيرٍ عَمِيٌّ عِندَ بَوارِقِ أَنْوارِ وَجْهِكَ، وَكُلُّ غَنِيٍّ فَقِيرٌ عِنْدَ بُروزاتِ غَنَائِكَ، أَسْئَلُكَ بِاسْمِكَ الأَبْهى الَّذِيْ بِهِ زَيَّنْتَ مَنْ فِي مَلَكُوتِ أَمْرِكَ وَجَبَرُوْتِ مَشيَّتِكَ بِأَنْ تَجْذِبَنِيْ مِنْ نَغَماتِ وَرْقآءِ أَحَدِيَّتِكَ الَّتِيْ تَغَنُّ عَلَى أَفْنانِ سِدْرَةِ قَضائِكَ بِأَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ، أَيْ رَبِّ طَهِّرْنِي بِمِياهِ رَحْمَتِكَ ثُمَّ اجْعَلْنِي خالِصَةً لِوَجْهِكَ وَمُسْتَقْرِبَةً إِلى حَرَمِ أَمْرِكَ وَكَعْبَةِ قُرْبِكَ، ثُمَّ قَدِّرْ لِي يا إِلهِي ما قَدَّرْتَهُ لِخِيْرَةِ إِمائكَ، ثُمَّ أَنْزِلْ عَلَيَّ ما يَسْتَضِيْءُ بِهِ وَجْهِي وَيَسْتَنِيرُ بِهِ صَدْرِيْ، وَإِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ عَلَى ما تَشآءُ وَالحَاكِمُ عَلَى ما تُرِيدُ.

(83)

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي تَرَى فَقْرِي وَافْتِقارِي وَضُرِّيْ وَاضْطِراري ْ وَعَجْزِيْ وَانْكِسَارِيْ وَنُدْبَتِي وَبُكَائِي وَحُزْنِيْ وَابْتِلائِيْ، فَوَعِزَّتِكَ قَدْ بَلَغْتُ فِي الذِّلَّةِ إِلى مَقامٍ يَسْتَهْزِءُ عَلَيَّ عِبادُكَ الغافِلُونَ وَأَنْتَ تَعْلَمُ بِأَنِّي أَكُونُ مَعْرُوفًا بِاسْمِكَ بَيْنَ خَلْقِكَ، وَلا يُرى فِي شَأْنِي إِلاَّ شَأْنُكَ وَلا فِي وَصْفِي إِلاَّ وَصْفُكَ وَلا فِي كَيْنُونَتِي إِلاَّ ظُهُوراتُ آياتِ أَحَدِيَّتِكَ وَلا فِي ذاتِيَّتِيْ إِلاَّ برُوزاتُ تَوحِيدِكَ، وَإِنَّكَ اشْتَهَرْتَ كُلَّ ذلِكَ بَيْنَ بِرِيَّتِكَ بِحَيْثُ لا يَعْرِفُنِي أَحَدٌ إِلاَّ بِاسْمِكَ، وَإِنِّيْ فَوَعِزَّتِكَ لا أَجْزَعُ بِما وَرَدَ عَلَيَّ فِي سَبِيلِكَ، وَلكِنْ أُشاهِدُ أَنَّ بِذِلَّتِي ضَعُفَتْ قُلُوبُ أَحِبَّائِكَ وَاسْتَفْرَحَتْ أَفْئِدَةُ أَعْدائِكَ بِحَيْثُ يَشْمَتُونَ عَلَى الَّذِينَ انْقَطَعُوا عَمَّا سِواكَ وَسَرُعُوا إِلى شَرِيعَةِ ذِكْرِكَ وَثَنائِكَ، وَقَدْ بَلَغُوا فِي الغَفْلَةِ إِلى مَقامٍ إِذا يَمُرُّونَ عَلَى أَحِبَّتِكَ يُحَرِّكُونَ رُؤوسَهُمْ اسْتِهْزاءً لأمْرِكَ وَيَقُولُونَ أَيْنَ رَبُّكُمُ الَّذِيْ تَذْكُرُونَهُ بِاللَّيالِي وَالأَيَّامِ وَأَيْنَ سُلْطانُكُمُ الَّذِيْ تَدْعُونَ بِهِ الأَنامَ، وَقَدْ بَلَغُوا فِي الغُرُورِ وَالاسْتِكْبارِ إِلى مَقامٍ أَنْكَرُوا قُدْرَتَكَ وَسَلْطَنَتَكَ وَاقْتِدارَكَ، إِنِّي فَوَعِزَّتِكَ أُحِبُّ ضُرِّيْ وَضُرَّ أَحِبَّائِي فِي سَبِيْلِكَ وَلكِنْ صَعْبٌ عَلَيَّ وَعَلَيْهِمْ بِأَنْ يَسْمَعُوا مِنْهُمْ مِنَ الاعْتِراضِ وَالإِنْكارِ ما يَرْجِعُ إِلى نَفْسِكَ المُخْتارِ، إِلى مَ يا إِلهِي اسْتَوَيْتَ عَلَى عَرْشِ الصَّبْرِ وَالاصْطِبارِ؟ تَكَلَّمْ بِكَلِمَةٍ مِنَ القَهْرِ يا مَنْ لا تُدْرَكَ بِالأَبْصارِ، إِنَّ الرَّحْمَةَ مَحْبُوبٌ لِلْمُخْلِصِينَ مِنْ عِبادِكَ وَالنَّقْمَةَ لِلْمُشْرِكينَ مِنْ أَعْدائِكَ، أَيْ رَبِّ فَأَنْزِلْ عَلَيْهِمْ ما يُوقِنُنَّ بِهِ عَلَى قَهْرِكَ وَقَهَّارِيَّتِكَ وَيَعْرِفُنَّ قُدْرَتَكَ وَاقْتِدارَكَ، وَلَوْلا تَنْصُرُ يا إِلهِي أَحِبَّتَكَ فَانْصُرْ نَفْسَكَ وَذِكْرَكَ، أَسْئَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِيْ بِهِ تَمَوَّجَ بَحْرُ غَضَبِكَ بِأَنْ تُعَذِّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِكَ وَبِآياتِكَ، ثُمَّ اخْذُلْهُمْ بِقُدْرَتِكَ وَاقْتِدارِكَ وَعَزِّزِ الَّذيِنَ هُمْ تَوَجَّهُوا إِلَيْكَ خالِصِينَ لِوَجْهِكَ لِتَرْتَفِعَ بِهِمْ أَعْلامُ ذِكْرِكَ فِي البِلادِ وَتَنْتَشِرَ بِهِمْ آثارُكَ بَيْنَ العِبادِ لِيَشْهَدَنَّ كُلٌّ بِأَنَّكَ أَنْتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ المُقْتَدِرُ العَزِيزُ المُتَعالِ.

(84)

سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي أَسْئَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِيْ جَعَلْتَهُ قَيُّومًا عَلَى الأَسْمآءِ وَبِهِ انْشَقَّ حِجابُ السَّمآءِ وَأَشْرَقَ عَنْ أُفُقِها شَمْسُ جَمالِكَ بِاسْمِكَ العَلِيِّ الأَعْلى بِأَنْ تَنْصُرَنِي بِبَدائِعِ نَصْرِكَ ثُمَّ احْفَظْنِي فِي كَنَفِ حِفْظِكَ وَحِمايَتِكَ، أَيْ رَبِّ أَنَا أَمَةٌ مِنْ إِمائِكَ وَتَوَجَّهْتُ إِلَيْكَ وَتَوكَّلْتُ عَلَيْكَ، ثَبِّتْنِي عَلَى حُبِّكَ وَرِضائِكَ عَلَى شَأْنٍ لا يَمْنَعُنِي إِعْراضُ المُشْرِكينَ مِنْ بَرِيَّتِكَ وَضَوْضآءُ المُنافِقِينَ مِنْ خَلْقِكَ، أَيْ رَبِّ طَهِّرْ أُذُنِي لاسْتِماعِ آياتِكَ وَنَوِّرْ قَلْبِي بِنُورِ عِرْفانِكَ، ثُمَّ أَنْطِقْ لِسانِيْ بِذِكْرِكَ وَثَنائِكَ، فَوَعِزَّتِكَ يا إِلهِي لا أُحِبُّ سِواكَ وَلا أُرِيدُ دُونَكَ، لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ العَزِيزُ المُعْطِ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.

(85)

يا إِلهِي هذِهِ أَيَّامٌ فِيها فَرَضْتَ الصِّيامَ عَلَى عِبادِكَ، وَبِهِ طَرَّزْتَ دِيباجَ كِتابِ أَوامِرِكَ بَيْنَ بَرِيَّتِكَ، وَزَيَّنْتَ صَحائِفَ أَحْكَامِكَ لِمَنْ فِي أَرْضِكَ وَسَمائِكَ، وَاخْتَصَصْتَ كُلَّ ساعَةٍ مِنْها بِفَضِيلَةٍ لَمْ يُحِطْ بِها إِلاَّ عِلْمُكَ الَّذِيْ أَحَاطَ الأَشْيآءَ كُلَّها، وَقَدَّرْتَ لِكُلِّ نَفْسٍ مِنْها نَصِيبًا فِي لَوْحِ قَضائِكَ وَزُبُرِ تَقْدِيرِكَ، وَاخْتَصَصْتَ كُلَّ وَرَقَةٍ مِنْها بِحِزْبٍ مِنَ الأَحْزابِ، وَقَدَّرْتَ لِلْعُشَّاقِ كَأْسَ ذِكْرِكَ فِي الأَسْحارِ يا رَبَّ الأَرْبابِ، أْولئِكَ عِبادٌ أَخَذَهُمْ سُكْرُ خَمْرِ مَعارِفِكَ عَلَى شَأْنٍ يَهْرُبُونَ مِنَ المَضاجِعِ شَوْقًا لِذِكْرِكَ وَثَنائِكَ وَيَفِرُّونَ مِنَ النَّومِ طَلَبًا لِقُرْبِكَ وَعِنايَتِكَ، لَمْ يَزَلْ طَرْفُهُمْ إِلى مَشْرِقِ أَلْطافِكَ وَوَجْهُهُمْ إِلى مَطْلَعِ إِلْهامِكَ، فَأَنْزِلْ عَلَيْنا وَعَلَيْهِمْ مِنْ سَحَابِ رَحْمَتِكَ ما يَنْبَغِي لِسَمآءِ فَضْلِكَ وَكَرَمِكَ، سُبْحَانَكَ يا إِلهِي هذِهِ ساعَةٌ فِيها فَتَحْتَ أَبْوابَ جُودِكَ عَلَى وَجْهِ بَرِيَّتِكَ وَمَصارِيْعَ عِنايَتِكَ لِمَنْ فِي أَرْضِكَ، أَسْئَلُكَ بِالَّذِينَ سُفِكتْ دِمائُهُمْ فِي سَبِيلِكَ وَانْقَطَعُوا عَنْ كُلِّ الجِهاتِ شَوْقًا لِلِقائِكَ، وَأَخَذَتْهُمْ نَفَحاتُ وَحْيِكَ عَلَى شَأْنٍ يُسْمَعُ مِنْ كُلِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزاءِ أَبْدانِهِمْ ذِكْرُكَ وَثَنائُكَ بِأَنْ لا تَجْعَلَنا مَحْرُومًا عَمَّا قَدَّرْتَهُ فِي هذا الظُّهُورِ الَّذِيْ بِهِ يَنْطِقُ كُلُّ شَجَرٍ بِما نَطَقَ بِهِ سِدْرَةُ السِّينآءِ لِمُوسى كلِيْمِكَ وَيُسَبِّحُ كُلُّ حَجَرٍ بِما سَبَّحَ بِهِ الحُصاةُ فِي قَبْضَةِ مُحَمَّدٍ حَبِيبِكَ، فَيا إِلهِي هؤُلآءِ عِبادُكَ الَّذِينَ جَعَلْتَهُمْ مُعاشِرَ نَفْسِكَ وَمُؤانِسَ مَطْلَعِ ذاتِكَ وَفَرَّقَتْهُمْ أَرْياحُ مَشِيَّتِكَ إِلى أَنْ أَدْخَلَتْهُمْ فِي ظِلِّكَ وَجِوارِكَ، أَيْ رَبِّ لَمَّا أَسْكَنْتَهُمْ فِي ظِلِّ قِبابِ رحْمَتِكَ وَفِّقْهُمْ عَلَى ما يَنْبَغِي لِهذَا الْمَقامِ الأَسْنی، أَيْ رَبِّ لا تَجْعَلْهُمْ مِنَ الَّذِينَ فِي القُرْبِ مُنِعُوا عَنْ زيارَةِ طَلْعَتِكَ وَفِي الوِصالِ جُعِلُوا مَحْرُومًا عَنْ لِقائِكَ، أَيْ رَبِّ هؤُلآءِ عِبَادٌ دَخَلُوا مَعَكَ فِي هذا السِّجْنِ الأَعْظَمِ وَصَامُوا فِيهِ بِما أَمَرْتَهُمْ فِي أَلْواحِ أَمْرِكَ وَصَحائِفِ حُكْمِكَ، فَأَنْزِلْ عَلَيْهِمْ ما يُقَدِّسُهُمْ عَمَّا يَكرَهُهُ رِضائُكَ لِيَكُونُوا خالِصًا لِوَجْهِكَ وَمُنْقَطِعًا عَنْ دُونِكَ، فَأَنْزِلْ عَلَيْنَا يا إِلهِي ما يَنْبَغِي لِفَضْلِكَ وَيَلِيقُ لِجُودِكَ، ثُمَّ اجْعَلْ يا إِلهِي حَياتَنا بِذِكْرِكَ وَمَماتَنا بِحُبِّكَ، ثُمَّ ارْزُقْنا لِقائَكَ فِي عَوالِمِكَ الَّتِيْ ما اطَّلَعَ بِها أَحَدٌ إِلاَّ نَفْسُكَ، إِنَّكَ أَنْتَ رَبُّنا وَرَبُّ العالَمِيْنَ وَإِلهَ مَنْ فِي السَّمَواتِ وَالأَرَضِينَ، فَيا إِلهِي تَرَى ما وَرَدَ عَلَى أَحِبَّائِكَ فِي أَيَّامِكَ، فَوَعِزَّتِكَ ما مِنْ أَرْضٍ إِلاَّ وَفِيهَا ارْتَفَعَ ضَجِيجُ أَصْفِيائِكَ، وَمِنْهُمُ الَّذِينَ جَعَلَهُمُ المُشْرِكُونَ أُسارَى فِي مَمْلَكَتِكَ وَمَنَعُوهُمْ عَنِ التَّقَرُّبِ إِلَيْكَ وَالوُرُودِ فِي ساحَهِ عِزِّكَ، وَمِنْهُمْ يا إِلهِي تَقَرَّبُوا إِلَيْكَ وَمُنِعُوا عَنْ لِقائِكَ، وَمِنْهُمْ دَخَلُوا فِي جِوارِكَ طَلَبًا لِلِقائِكَ وَحَالَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَكَ سُبُحاتُ خَلْقِكَ وَظُلْمُ طُغاةِ بَرِيَّتِكَ، أَيْ رَبِّ هذِهِ ساعَةٌ جَعَلْتَها خَيْرَ السَّاعاتِ وَنَسَبْتَها إِلى أَفْضَلِ خَلْقِكَ، أَسْئَلُكَ يا إِلهِي بِكَ وَبِهِمْ بِأَنْ تُقَدِّرَ فِي هذِهِ السَّنَةِ عِزًّا لأَحِبَّائِكَ، ثُمَّ قَدِّرْ فِيها ما يَسْتَشْرِقُ بِهِ شَمْسُ قُدْرَتِكَ عَنْ أُفُقِ عَظَمَتِكَ وَيَسْتَضِيءُ بِها العالَمُ بِسُلْطانِكَ، أَيْ رَبِّ فَانْصُرْ أَمْرَكَ وَاخْذُلْ أَعْدائَكَ، ثُمَّ اكْتُبْ لَنا خَيْرَ الآخِرَةِ وَالأُولى وَإِنَّكَ أَنْتَ الحَقُّ عَلاَّمُ الغُيُوبِ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ الغَفُورُ الْكَرِيمُ.

(86)

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي لَكَ الحَمْدُ بِما جَعَلْتَنِي مَرْجِعَ القَضَايا وَمَطْلَعَ البَلايا لِحَيوةِ عِبادِكَ وَخَلْقِكَ، فَوَعِزَّتِكَ يا مَحْبُوبَ العالَمِينَ وَمَقْصُودَ العارِفِينَ لا أُرِيدُ الحَيوةَ إِلاَّ لإِظْهارِ أَمْرِكَ وَمَا أَرَدْتُ البَقَآءَ إِلاَّ لِمَسِّ البَلايا فِي سَبِيلِكَ، اَسْئَلُكَ يا مَنْ بِنِدائِكَ طارَتْ أَفْئِدَةُ المُقَرَّبِينَ بِأَنْ تُنَزِّلَ عَلَى أَحِبَّتِكَ ما يَجْعَلُهُمْ غَنِيًّا عَمَّا سِواكَ، ثُمَّ اسْتَقِمْهُمْ عَلَى شَأْنٍ يَقُومُنَّ عَلَى أَمْرِكَ وَيُنادِينَّكَ بَيْنَ سَمائِكَ وَأَرْضِكَ بِحَيْثُ لا يَمْنَعُهُمْ ظُلْمُ الفَراعِنَةِ مِنْ عِبادِكَ إِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ المُتَعالِ العَزِيزُ الحَكِيمُ.

(87)

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي هذا طَرْفِي قَدْ كانَ مُنْتَظِرًا بَدائِعَ رَحْمَتِكَ، وَهذِهِ أُذُنِي قَدْ أَرادَتْ إِصْغآءَ نَغَماتِكَ، وَهذا قَلْبِي يَطْلُبُ كَوْثَرَ عِرفانِكَ، إِذًا يا إِلهِي قَدْ قامَتْ أَمَتُكَ تِلْقآءَ مَدْيَنِ رَحْمَتِكَ وَتَدْعُوكَ بِاسْمِكَ الَّذِيْ جَعَلْتَهُ أَعظَمَ أَسْمَائِكَ وَمُهَيْمِنًا عَلَى مَنْ فِي أَرْضِكَ وَسَمائِكَ لِتُرْسِلَ عَلَيْها نَفَحاتِ رَحْمَتِكَ لِتَجْذِبَها بِكُلِّها عَنْ نَفْسِها وَتُقَلِّبَها إِلى المَقَرِّ الَّذِيْ فِيهِ اسْتَضَاءَ وَجْهُكَ وَظَهَرَ سُلْطانُكَ وَاستَقَرَّ عَرْشُكَ إِنَّكَ أَنْتَ المُقتَدِرُ عَلَى ما تَشآءُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ العَزِيزُ الْكَرِيمُ، أَيْ رَبِّ أَسْئَلُكَ بِأَنْ لا تَطْرُدَ مَنْ أَرادَكَ وَلا تَمْنَعَ مَنْ قَصَدَكَ وَلا تَحْرِمَ مَنْ أَحَبَّكَ، أَيْ رَبِّ أَنْتَ الَّذِيْ سَمَّيْتَ نَفْسَكَ بِالرَّحْمنِ ثُمَّ بِالرَّحيمِ، فَارْحَمْ أَمَتَكَ الَّتِيْ لاذَتْ بِكَ وَتَوَجَّهَتْ إِلَيْكَ وَإِنَّكَ أَنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.

(88)

سُبْحَانَكَ يا إِلهِي أَشْهَدُ بِأَنَّ كُلَّ ذِكْرٍ بَدِيعٍ مُنِعَ عَنِ الارْتِقآءِ إِلى سَمآءِ عِرفانِكَ وَكُلَّ ثَنآءٍ جَمِيلٍ مُنِعَ عَنِ الصُّعُودِ إِلى هوآءِ عِلْمِكَ، لَمْ تَزَلْ كُنْتَ مُقَدَّسًا عَمَّا عِنْدَ عِبادِكَ وَمُنَزَّهًا عَنْ وَصْفِ أَرِقَّائِكَ، ما شَأْنُ العَدَمِ لِيُذْكرَ تِلْقآءَ القِدَمِ، أَشْهَدُ بِأَنَّ تَوْحِيدَ المُوَحِّدِينَ وَمُنْتَهى ذِكْرِ العارِفِينَ يَرْجِعُ إِلى مَقَرِّ الَّذِيْ خُلِقَ مِنْ قَلَمِ أَمْرِكَ وَذُوِّتَ بِإِرادَتِكَ، فَوَعِزَّتِكَ يا مَحْبُوبَ البَهآءِ وَخالِقَ البَهآءِ لا يَرَى البَهآءُ لِنَفْسِهِ إِلاَّ العَجْزَ عَنْ ذِكْرِكَ وَثَنائِكَ عَلَى ما يَنْبَغِيْ لِعَظَمَتِكَ وَإِجْلالِكَ، لَمَّا كانَ الأَمْرُ كذلِكَ أَسْئَلُكَ بِرَحْمَتِكَ الَّتِيْ سَبَقَتِ الكائِناتِ وَفَضْلِكَ الَّذِيْ أَحاطَ المُمْكِناتِ بِأَنْ تَقْبَلَ مِنْ عِبادِكَ ما يَظْهَرُ مِنْهُمْ فِي سَبِيلِكَ، ثُمَّ أَيِّدْهُمْ عَلَى إِعْلآءِ كَلِمَتِكَ وَانْتِشارِ ذِكْرِكَ إِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ عَلَى ما تَشآءُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ.

(89)

لَمْ أَدْرِ يا إِلهِي بِأَيِّ نارٍ أَوْقَدْتَ سِرَاجَ أَمْرِكَ وَبِأَيِّ زُجاجَةٍ حَفِظْتَهُ مِنْ أَعَادِي نَفْسِكَ، فَوَعِزَّتِكَ صِرْتُ مُتَحَيِّرًا فِي بَدائِعِ أَمْرِكَ وَظُهُوراتِ عَظَمَتِكَ، أَرى يا مَقْصُودِيْ بِأَنَّ النَّارَ لَوْ يَمَسُّها المَاءُ تَخْمُدُ فِي الحِينِ، وَهذِهِ النَّارُ لا تُخْمِدُها بُحُورُ العالَمِينَ، وَإِذا يُصَبُّ عَلَيْها المَاءُ تَنْقَلِبُهُ أَيْدِي قُدْرَتِكَ وَتَجْعَلُهُ دُهْنًا لَها بِما قُدِّرَ فِي أَلْواحِكَ، وَأَرَى يا إِلهِي بِأَنَّ المِصْبَاحَ إِذا أَحَاطَتْهُ الأَرْياحُ يَطْفَأُ فِي نَفْسِهِ، لَمْ أَدْرِ يا مَحْبُوبَ العالَمِينَ بِأَيِّ قُدْرَةٍ حَفِظْتَهُ فِي سِنِينٍ مَعْدُوداتٍ مِنْ أَرياحِ الَّتِيْ تَمُرُّ فِي كُلِّ الأَحْيانِ مِنْ شَطْرِ مَظاهِرِ الطُّغْيَانِ، فَوَعِزَّتِكَ يا إِلهِي إِنَّ سِرَاجَكَ فِي هَيْكَلِ الإِنْسانِ يُنادِيكَ وَيَقُولُ أَيْ مَحْبُوبِي إِلى مَتى تَرَكْتَنِي فَارْفَعْنِي إِلَيْكَ، وَلَوْ أَنَّ ما أَتَكَلَّمُ بِهِ لَمْ يَكُنْ إِلاَّ مِنْ لِسَانِ بَرِيَّتِكَ وَلكِنْ أَنْتَ تَعْلَمُ بِأَنِّي أُرِيْدُ أَنْ أَفْدِيَ نَفْسِيْ فِي سَبِيلِكَ وَإِنَّكَ جَعَلْتَ إِرادَتِي نَفْسَ إِرادَتِكَ وَمَشِيَّتِي ذاتَ مَشِيَّتِكَ، أَسئَلُكَ بِأَنْ تَحْفَظَ أَحِبَّائَكَ فِي ظِلِّ رَحْمَتِكَ الكُبْرَى لِئَلا تَمْنَعَهُمُ البَلايا عَنْ شَطْرِ اسْمِكَ العَزِيزِ الوَهَّابِ.

(90)

سُبْحَانَكَ يا إِلهِي أَنْتَ تَعْلَمُ بِأَنِّي ما أَرَدْتُ لِنَفْسِي راحَةً فِي حُبِّكَ وَلا سُكُونًا فِي أَمْرِكَ وَلا اصْطِبارًا فِي إِجْرآءِ ما أُمِرْتُ بِهِ فِي أَلْواحِكَ، لِذا وَرَدَ عَلَيَّ ما لَمْ يَرِدْ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ مَمْلَكَتِكَ، فَوَعِزَّتِكَ لَمْ أَكنْ مَمْنُوعًا عَنْ ذِكْرِكَ وَلَوْ أَحَاطَتْنِي البَلايا مِنْ كُلِّ الأَشْطَارِ كُلُّ أَعْضَائِيْ وَجَوارِحِيْ يُرِيدُ أَنْ يُقْطَعَ فِي سَبِيلِكَ وَرِضَائِكَ وَيُلْقَى عَلَى التُّرابِ أَمامَ عَيْنَيْكَ يا لَيْتَ عِبادَكَ ذاقُوا ما ذُقْتُ مِنْ حَلاوَةِ حُبِّكَ، أَسْئَلُكَ بِأَنْ تَرْزُقَ مَنْ تَوَجَّهَ إِلَيكَ كَوْثَرَ عَطَائِكَ لِيَنْقَطِعَهُ عَمَّا دُونَكَ وَإِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ العَزِيزُ القَدِيرُ.

(91)

سُبْحَانَكَ يا إِلهِي ما أَعْظَمَ قُدْرَتَكَ وَسُلْطَانَكَ وَما أَكْبَرَ قُوَّتَكَ وَاقْتِدارَكَ، أَظْهَرْتَ مَنْ يَنْطِقُ بِاسْمِكَ بَيْنَ سَمائِكَ وَأَرْضِكَ وَأَمَرْتَهُ بِالنِّدآءِ بَيْنَ خَلْقِكَ، فَلَمَّا نَطَقَ بِكَلِمَةٍ أَعْرَضَ عَنْهُ العُلَمآءُ مِنْ بَرِيَّتِكَ وَاعْتَرَضَ عَلَيْهِ الأُدَبآءُ مِنْ عِبادِكَ، وَبِذلِكَ اشْتَعَلَتْ نارُ الظُّلْمِ فِي مَمْلَكَتِكَ إِلى أَنْ قَامَ المُلُوكُ عَلَى إِطْفآءِ نُورِكَ يا مالِكَ المُلُوكِ وَبَلَغَ الأَمْرُ إِلى مَقَامٍ جَعَلوا أَهْلِيْ وَأَحِبَّتِيْ أُسارَى فِي أَرْضِك ومَنَعُوا أَحِبَّائَكَ عَنِ التَّوَجُّهِ إِلى وَجْهِكَ وَالإِقْبالِ إِلى شَطْرِ رَحْمَتِكَ وَبِما فَعَلُوا ما سَكنَتْ نارُ أَنْفُسِهِمْ إِلى أَنْ جَعَلُوا مَظْهَرَ جَمَالِكَ وَمُنْزِلَ آياتِكَ أَسِيرًا وَأَدْخَلُوهُ فِي حِصْنِ العَكَّا وَمَنَعُوهُ عَنْ ذِكْرِكَ وَثَنائِكَ، وَلكِنَّ الغُلامَ ما مُنِعَ عَمَّا أُمِرَ بِهِ مِنْ عِنْدِكَ، وَمِنْ أُفُقِ البَلآءِ يَنْطِقُ وَيُنادِي مَنْ فِي الأَرْضِ وَالسَّمآءِ، وَيَدْعُوهُمْ إِلى سَمآءِ رَحْمَتِكَ وَشَطْرِ عِنايَتِكَ، وَيُنَزِّلُ فِي اللَّيالِي وَالأَيَّامِ آياتِ قُدْرَتِكَ وَبَيِّناتِ عَظَمَتِكَ، لِيَنْجَذِبَ بِها أَفْئِدَةُ بَرِيَّتِكَ لِيُقْبِلُنَّ مُنْقَطِعًا عَنْ أَنْفُسِهِم ْ إِلَيْكَ، وَيَهْرُبُنَّ مِنْ افْتِقَارِهِمْ إِلى سُرادِقِ غَنائِكَ، وَيُسْرِعُنَّ مِنْ ذُلِّهِمْ إِلى فِنآءِ عِزِّكَ وَاعْتِزازِكَ، هذا سِراجٌ اشْتَعَلَ مِنْ نُورِ ذاتِكَ لا تُطْفِئُهُ أَرْياحُ النِّفاقِ مِنَ الآفاقِ، وَهذا بَحْرٌ ظَهَرَ بِسُلْطانِكَ، لا تَمْنَعُهُ سَطوَةُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِيَوْمِ الطَّلاقِ، وَهذا شَمْسٌ أَشْرَقَتْ عَنْ أُفُقِ سَمآءِ مَشِيَّتِكَ لا تَمْنَعُها سُبُحاتُ الفُجَّارِ وَلا شُبُهاتُ الأَشْرارِ، لَكَ الحَمْدُ يا إِلهِي عَلَى ما فَدَيْتَنِي فِي سَبِيلِكَ وَجَعَلْتَنِيْ هَدَفًا لِسِهامِ البَلايا حُبًّا لِعِبادِكَ وَمَرْجِعَ القَضَايا لإِحْيَاءِ بَريَّتِكَ، وَما أَلَذَّ بَلائَكَ فِي مَذَاقِيْ وَما أَعَزَّ قَضَائَكَ فِي نَفْسِيْ، عُدِمَتْ كيْنُونَةٌ تَفِرُّ مِنْ سَطْوَةِ المُلُوكَ حِفْظًا لِنَفْسِها فِي أَيَّامِكَ، فَوَعِزَّتِكَ مَنْ شَرِبَ كَوْثَرَ عَطاياكَ لا تُجْزِعُهُ البَلايا فِي سَبِيلِكَ وَلا تَمْنَعُهُ الرَّزايا عَنْ ذِكْرِكَ وَثَنائِكَ، أَسْئَلُكَ يا مالِكَ البَهآءِ وَمَلِيك الأَسْمآءِ بِأَنْ تَحْفَظَ الأَفْنانَ الَّذِينَ نَسَبْتَهُمْ إِلى نَفْسِكَ وَاخْتَصَصْتَهُمْ فِي هذا الظُّهُورِ بَيْنَ عِبادِكَ وَدَعَوْتَهُمْ إِلى التَّقَرُّبِ إِلَيكَ وَالإِقْبالِ إِلى أُفُقِ وَحْيِكَ، أَيْ رَبِّ لا تَمْنَعْ عَنْهُمْ سَحَابَ رَحْمَتِكَ وَإِشْرَاقَ شَمْسِ فَضْلِكَ، فَاجْعَلْهُمْ مُمْتَازًا بَيْنَ بَرِيَّتِكَ لإِعْلآءِ كَلِمَتِكَ وَنُصرَةِ أَمْرِكَ، وَفِّقْهُمْ يا إِلهِي عَلَى ما أَنْتَ تُحِبُّ وَتَرْضَى لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ المُقْتَدِرُ العَلِيُّ الأَعْلی.

(92)

سُبْحَانَكَ يا إِلهِي لَوْلا البَلايا فِي سَبِيلِكَ مِنْ أَيْنَ تَظْهَرُ مَقاماتُ عاشِقِيكَ، وَلَوْلا الرَّزَايا فِي حُبِّكَ بِأَيِّ شَيْءٍ تُبَيَّنُ شُئُونُ مُشْتاقِيكَ، وَعِزَّتِكَ أَنِيسُ مُحِبِّيكَ دُمُوعُ عُيُونِهِمْ وَمُؤْنِسُ مُرِيدِيكَ زَفَراتُ قُلُوبِهِمْ وَغِذَاءُ قاصِدِيكَ قَطَعاتُ أَكْبادِهِمْ، وَما أَلَذَّ سَمَّ الرَّدى فِي سَبِيلِكَ وَما أَعَزَّ سَهْمَ الأَعْدآءِ لإِعْلآءِ كَلِمَتِكَ، يا إِلهِي أَشْرِبْنِي فِي أَمْرِكَ ما أَرَدْتَهُ وَأَنْزِلْ عَلَيَّ فِي حُبِّكَ ما قَدَّرْتَهُ، وَعِزَّتِكَ ما أُرِيْدُ إِلاَّ ما تُرِيْدُ وَلا أُحِبُّ إِلاَّ ما أَنْتَ تُحِبُّ، تَوَكَّلْتُ عَلَيْكَ فِي كُلِّ الأَحْوالِ، أَسْئَلُكَ يا إِلهِي أَنْ تُظْهِرَ لِنُصْرَةِ هذا الأَمْرِ مَنْ كانَ قابِلاً لاسْمِكَ وَسُلْطانِكَ، لِيَذْكرَنِي بَيْنَ خَلْقِكَ وَيَرْفَعَ أَعْلامَ نَصْرِكَ فِي مَمْلَكَتِكَ إِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ عَلَى ما تَشآءُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ المُهَيْمِنُ القَيُّومُ.

(93)

سُبْحَانَكَ يا إِلهِي قَدْ اسْتَظَلَّتْ فِي ظِلِّ سِدرَةِ وَحْدانِيَّتِكَ أَمَةٌ مِنْ إِمَائِكَ الَّتِيْ آمَنَتْ بِكَ وَبِآياتِكَ، يا إِلهِي فَأَشْرِبْها رَحِيْقَكَ المَخْتُومَ بِاسْمِكَ الظَّاهِرِ المَكْنُونِ لِيأْخُذَها عَنْ نَفْسِهَا وَيَجْعَلَهَا خالِصَةً لِذِكْرِكَ وَمُنْقَطِعَةً عَمَّا سِواكَ، أَيْ رَبِّ لَمَّا عَرَّفْتَها عُرْفَكَ لا تَمْنَعْها بِجُودِكَ، وَلَمَّا دَعَوْتَها إِلى نَفْسِكَ لا تَطْرُدْها بِكَرَمِكَ، فَارْزُقْها ما لا يُعَادِلُهُ ما فِي أَرْضِكَ إِنَّكَ أَنْتَ الْكَرِيمُ ذُو الفَضْلِ العَظِيمِ، لَوْ تَهَبُ مِثْلَ السَّمَواتِ وَالارْضِ لأَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ لا يَنْقُصُ مِنْ مَلَكُوتِكَ مِقْدارُ ذَرَّةٍ، أَنْتَ الأَعْظَمُ مِنْ أَنْ تُدْعى بِالعَظِيمِ لأَنَّهُ اسْمٌ مِنْ أَسْمائِكَ قَدْ خُلِقَ بِإِرادَةٍ مِنْ عِنْدِكَ، لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ المُقْتَدِرُ المُتَعَالِ العَلِيمُ الْكَرِيمُ.

(94)

يا إِلهِي يَحْتَرِقُ قَلبُ المُشْتاقِ مِنْ نَارِ الاشْتِياقِ، وَتَبْكِي عُيُونُ العُشَّاقِ مِنْ سَطْوَةِ الفِراقِ، وَارْتَفَعَ ضَجِيجُ الآمِلِينَ مِنْ كُلِّ الآفاقِ، إِنَّكَ يا إِلهِي حَفَظْتَهُمْ بِسُلْطَانِ قُدْرَتِكَ بَيْنَ الضِّدَّيْنِ، لَوْلا احْتِراقُ أَكْبَادِهِمْ وَزَفَراتُ قُلُوبِهِمْ لَيَغْرَقُونَ فِي دُمُوعِهِمْ، وَلَوْلا دُمُوعُهُمْ لَتُحْرِقُهُمْ نارُ قُلُوبِهِمْ وَحَرَارَةُ نُفُوسِهِمْ، كَأَنَّهُمْ مَلائِكَةُ الَّتِيْ خَلَقْتَهُمْ مِنَ النَّارِ وَالثَّلْجِ، أَتَرَى يا إِلهِي بِأَنْ تَمْنَعَهُمْ بَعْدَ هذا الاشْتِياقِ عَنْ لِقائِكَ أَوْ تَطْرُدَهُمْ بَعْدَ هذا الاشْتِعالِ عَنْ بابِ رَحْمَتِكَ يا إِلهِي يَكادُ أَنْ يَنْقَطِعَ الرَّجاءُ عَنْ قُلُوبِ الأَصْْفِيآءِ أَيْنَ نَسَائِمُ فَضْلِكَ، قَدْ أَحَاطَتْهُمْ الأَعْدآءُ مِنْ كُلِّ الأَطْرافِ أَيْنَ رَاياتُ نَصْرِكَ الَّتِيْ وَعَدْتَها فِي أَلْواحِكَ، فَوَعِزَّتِكَ لا يُصْبِحُونَ أَحِبَّائُكَ إِلاَّ وَيَرَوْنَ كَأْسَ البَلآءِ فِي مُقابَلَةِ وُجُوهِهِمْ بِمَا آمَنُوا بِكَ وَبِآياتِكَ، وَلَوْ إِنِّي أَعْلَمُ بِأَنَّكَ أَرْحَمُ بِهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَما ابْتَلَيْتَهُمْ إِلاَّ لإِظْهارِ أَمْرِكَ وَارْتِقائِهِمْ إِلى جَبَرُوتِ البَقآءِ فِي جِوارِكَ وَلَكنْ أَنْتَ تَعْلَمُ بِأَنَّ بَيْنَهُمْ ضُعَفآءُ يَجْزَعُونَ مِنَ البَلايا، أَسْئَلُكَ يا إِلهِي بِأَنْ تُوَفِّقَهُمْ عَلَى الاصْطِبارِ فِي حُبِّكَ ثُمَّ أَشْهِدْهُمْ ما قَدَّرْتَ لَهُمْ خَلْفَ سُرادِقِ عِصْمَتِكَ لِيُسْرِعُنَّ إِلى القَضآءِ فِي سَبِيلِكَ وَيَسْتَبِقُنَّ البَلآءَ فِي حُبِّكَ، أَوْ فَأَظْهِرْ رايَاتِ نُصْرَتِكَ ثُمَّ اجْعَلْهُمْ مُقْتَدِرًا عَلَى أَعْدائِكَ لِيَظْهَرَ سُلْطانُكَ عَلَى مَنْ فِي مَمْلَكَتِكَ وَاقْتِدارُكَ بَيْنَ خَلْقِكَ، إِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ عَلَى ما تَشآءُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ العَلِيمُ الحَكِيمُ، أَنْ أَثْبِتْ يا إِلهِي عَبْدَكَ الَّذِيْ آمَنَ بِكَ عَلَى نُصْرَةِ أَمْرِكَ، ثُمَّ احْفَظْهُ فِي كَنَفِ حِفْظِكَ وَحِمايَتِكَ فِي الآخِرَةِ وَالأُولى وَإِنَّكَ أَنْتَ الحَاكِمُ عَلَى ما تَشآءُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ الغَفُورُ الْكَرِيمُ.

(95)

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي فَأَمْطِرْ مِنْ سَحابِ فَيْضِ فَضْلِكَ ما تُطَهَّرُ بِهِ أَفْئِدَةُ عِبادِكَ عَمَّا يَحْجُبُهُمْ عَنِ النَّظَرِ إِلى وَجْهِكَ وَيَمْنَعُهُمْ عَنِ التَّوَجُّهِ إِلى نَفْسِكَ لِيَعْرِفُنَّ كُلٌّ مُوجِدَهُمْ وَخالِقَهُمْ ثُمَّ أَصْعِدْهُمْ يا إِلهِي بِسُلْطانِ قُدرَتِكَ إِلى مَقامٍ يُمَيِّزُونَ النَّكْهَةَ الدَّفْرآءَ مِنْ رائِحَةِ قَمِيصِ اسْمِكَ العَلِيِّ الأَعْلی، وَيُقْبِلُونَ إِلَيْكَ بِقُلُوبِهِمْ وَيُؤانِسُونَ مَعَكَ فِي خَفِيَّاتِ سِرِّهِمْ بِحَيْثُ لَوْ يُؤْتُونَ ما فِي السَّمَواتِ وَالأَرْضِ لا يَعْتَنُونَ بِهِ وَلا يَشْغَلُهُمْ عَنْ ذِكْرِكَ وَوَصْفِكَ، ثُمَّ أَسْئَلُكَ يا مَحْبُوبِي وَرَجائِي بِأَنْ تَحْفَظَ عَبْدَكَ الَّذِيْ تَوَجَّهَ إِلَيْكَ مِنْ سِهامِ إِشَاراتِ المُنْكرِينَ وَرِماحِ دَلالاتِ المُعْرِضِينَ، ثُمَّ اجْعَلْهُ خالِصًا لِنَفْسِكَ وَناطِقًا بِذِكْرِكَ وَمُتَوَجِّهًا إِلى كَعْبَةِ أَمْرِكَ وَإِنَّكَ أَنْتَ الَّذِيْ ما خَيَّبْتَ الآمِلِينَ عَنْ بابِ رَحْمَتِكَ وَما مَنَعْتَ القاصِدِينَ عَنْ سَاحَةِ فَضْلِكَ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ المُقْتَدِرُ المُتَعالِ المُهَيْمِنُ العَزِيزُ المُتَكَبِّرُ المُخْتَارُ.

(96)

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي بِاسْمِكَ الَّذِيْ بِهِ اخْضَرَّتْ سِدْراتُ رِضْوانِ أَمْرِكَ، وَأَثْمَرَتْ بِفَواكهِ القُدْسِ فِي هذَا الرَّبِيِعِ الَّذِيْ فِيهِ هَبَّتْ رَوائِحُ مَوَاهِبِكَ وَأَلطافِكَ، وَأُوتِيَ كُلُّ شَيْءٍ ما قُدِّرَ لَهُ فِي مَلَكُوتِ قَضَائِكَ وَجَبَرُوتِ تَقْدِيرِكَ، بِأَنْ لا تَجْعَلَنِيْ بَعِيدًا عَنْ سَاحَةِ قُدْسِكَ وَلا مَحْرُومًا عَنْ حَرَمِ عِزِّ تَوْحِيْدِكَ وَكَعْبَةِ تَفْرِيدِكَ، ثُمَّ ابْتَعِثْ يا إِلهِي فِي صَدْرِيْ نَارَ حُبِّكَ لِيَحْتَرِقَ بِها ذِكْرُ ما سِواكَ وَيَنْعَدِمَ وَصْفُ النَّفْسِ وَالهَوَى وَيَبْقَى ذِكْرُ نَفْسِكَ العَلِيِّ الأَبْهی، وَهذا غايَةُ أَمَلِي وَبُغْيَتِي، يَا مَنْ بِيَدِكَ جَبَرُوتُ الإِبْداعِ وَمَلَكُوتُ الاخْتِراعِ، وَإِنَّكَ فَعَّالٌ لِما تَشَآءُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ المُقْتَدِرُ العَزِيزُ الغَفَّارُ.

(97)

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي أَسْئَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِيْ مِنْهُ تَمَوَّجَ فِي كُلِّ قَطْرَةٍ بُحُورُ رَحْمَتِكَ وَأَلْطَافِكَ، وَظَهَرَ فِي كُلِّ ذَرَّةٍ أَنْوارُ شَمْسِ مَكْرُمَتِكَ وَمَواهِبِكَ، بِأَنْ تُزَيِّنَ كُلَّ نَفْسٍ بِطِرازِ حُبِّكَ لِئَلا يَبْقَى أَحَدٌ فِي أَرْضِكَ إِلاَّ وَيَكُونُ مُقْبِلاً إِلَيْكَ وَمُنْقَطِعًا عَمَّنْ سِواكَ، وَإِنَّكَ أَنْتَ يا إِلهِي قَبِلْتَ كُلَّ الضَّرَّاءِ لِمَظْهَرِ نَفْسِكَ لِيَصِلُنَّ عِبادُكَ إِلى ذُرْوَةِ فَضْلِكَ وَما قَدَّرْتَ لَهُمْ فِي أَلْواحِ القَضآءِ بِجُودِكَ وَأَلْطافِك، فَوَعِزَّتِكَ لَوْ يَفْدُونَ فِي كُلِّ حِينٍ أَنْفُسَهُمْ فِي سَبِيلِكَ لَيَكُونُ قَلِيلاً عِنْدَ عَطَاياكَ، إِذًا أَسْئَلُكَ بِأَنْ تَجْعَلَهُمْ راغِبينَ إِلَيْكَ وَمُقْبِلِينَ إِلى شَطْرِ رِضاكَ، وَإِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ عَلَى ما تَشآءُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ المُتَعالِ العَزِيزُ الغَفَّارُ، ثُمَّ اقْبَلْ يا إِلهِي مِنْ عَبْدِكَ ما ظَهَرَ مِنْهُ حُبًّا لِنَفْسِكَ، ثُمَّ اسْتَقِمْهُ عَلَى كَلِمَتِكَ العُلْيَا، ثُمَّ أَنْطِقْهُ بِثَنآءِ نَفْسِكَ وَاحْشُرْهُ مَعَ المُقَرَّبِينَ مِنْ بَرِيَّتِكَ، وَإِنَّكَ أَنْتَ الَّذِيْ فِي قَبْضَتِكَ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ المُقْتَدِرُ المُهَيْمِنُ العَزِيزُ المُخْتارُ.

(98)

سُبْحَانَكَ يا مَنْ فِي قَبْضَتِكَ زِمَامُ أَفْئِدَةِ العارِفِينَ وَفِي يَمِينِكَ مَنْ فِي السَّمَواتِ وَالأَرَضِينَ، تَفْعَلُ ما تَشآءُ بِقُدْرَتِكَ وَتَحْكُمُ ما تُرِيدُ بِإِرادَتِكَ، كُلُّ ذِيْ مَشِيَّةٍ مَعْدُومٌ عِنْدَ ظُهُوراتِ مَشيَّتِكَ، وَكُلُّ ذِي إِرادَةٍ مَفْقُودٌ لَدَى شُئُوناتِ إِرادَتِكَ، أَنْتَ الَّذِيْ بِكَلِمَتِكَ اجْتَذَبْتَ قُلُوبَ الأَصْفِيآءِ عَلَى شَأْنٍ انْقَطَعُوا فِي حُبِّكَ عَمَّا سِواكَ، وَأَنْفَقُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَرْواحَهُمْ فِي سَبِيلِكَ وَحَمَلُوا فِي حُبِّكَ ما لا حَمَلَهُ أَحَدٌ مِنْ بَرِيَّتِكَ، أَيْ رَبِّ أَنَا أَمَةٌ مِنْ إِمائِكَ تَوَجَّهْتُ إِلى مَدْيَنِ رَحْمَتِكَ وَأَرَدْتُ بَدائِعَ أَلْطَافِكَ، لأنَّ كُلَّ جَوارِحِيْ تَشْهَدُ بِأَنَّكَ أَنْتَ الْكَرِيمُ ذُو الفَضْلِ العَظِيمِ، يا مَنْ وَجْهُكَ كَعْبَتِي وَجَمالُكَ حَرَمِي وشَطْرُكَ مَطْلَبِي وَذِكْرُكَ رَجائِي وَحُبُّكَ مُؤنِسِيْ وَعِشْقُكَ مُوجِدِيْ وَذِكْرُكَ أَنيسِيْ وَقُرْبُكَ أَمَلِي وَوَصْلُكَ غَايَةُ رَجَائِي وَمُنْتَهى مَطْلَبِيْ، أَسْئَلُكَ أَنْ لا تُخَيِّبَنِي عَمَّا قَدَّرْتَهُ لِخِيرَةِ إِمائِكَ، ثُمَّ ارْزُقنِي خَيْرَ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ وَإِنَّكَ أَنْتَ سُلْطَانُ البَرِيَّةِ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ الغَفُورُ الْكَرِيمُ.

(99)

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي أَسْئَلُكَ بِمَطْلَعِ آياتِكَ وَمَظْهَرِ أَسْمائِكَ وَمَخْزَنِ إِلْهامِكَ وَمَكْمَنِ عِلْمِكَ، بِأَنْ تُرْسِلَ عَلَى أَحِبَّائِكَ ما يَجْعَلُهُمْ ثابِتِينَ عَلَى أَمْرِكَ وَمُذْعِنِينَ بِوَحْدانِيَّتِكَ وَمُعْتَرِفِينَ بِفَرْدانِيَّتِكَ وَمُقِرِّينَ بِأُلُوهِيَّتِكَ، ثُمَّ أَصْعِدْهُمْ يا إِلهِي إِلى مَقامٍ يَنْظُرُونَ فِي كُلِّ الأَشْيآءِ آياتِ قُدْرَةِ مَظْهَرِ نَفْسِكَ العَلِيِّ الأَبْهی، أَيْ رَبِّ أَنْتَ الَّذِيْ تَفْعَلُ ما تَشآءُ وَتَحْكُمُ ما تُرِيدُ، كُلُّ ذِيْ قُدْرَةٍ ضَعِيفٌ عِنْدَ ظُهُوراتِ قُوَّتِكَ وَكُلُّ ذِيْ عِزٍّ ذَلِيلٌ لَدَى شُئُوناتِ عِزِّكَ، أَسْئَلُكَ بِنَفْسِكَ وَبِما أَنْتَ عَلَيْهِ بِأَنْ تَجْعَلَنِي ناصِرًا لأمْرِكَ وَناطِقًا بِثَنَائِكَ وَمُقْبِلاً إِلى حَرَمِ عِزِّكَ وَمُنْقَطِعًا عَمَّا سِواكَ، لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ المُقْتَدِرُ العَزِيزْ الحَكِيمُ.

(100)

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي تَرَى اضْطِرابِي وَهَمِّي وَغَمِّي وَابْتِلائِي، فَوَعِزَّتِكَ قَلْبُ البَهَاءِ يَنُوحُ بِما وَرَدَ عَلَى أَحِبَّائِهِ فِي سَبِيلِكَ، وَعَيْنُهُ يَتَذَرَّفُ بِما صَعَدَ إِلَيْكَ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ مِنَ الَّذِينَ نَبَذُوا الدُّنْيا عَنْ وَرائِهِمْ وَتَوَجَّهُوا إِلى شَاطِئِ عِزِّ رَحْمَتِكَ، فَأَلْبِسْهُمْ يا إِلهِي رِدَاءَ مَكْرُمَتِكَ وَأَثْوابَ رَحْمَتِكَ الَّتِيْ جَعَلْتَها مُخْتَصَّةً لِنَفْسِكَ وَنَسَجَتْها أَيادِي أَلْطافِكَ وَمَواهِبِكَ، ثُمَّ أَشْرِبْهُم مِنْ كُأُوسِ رَحْمَتِكَ الكُبْرى مِنْ أَيادِي عُطُوفَتِكَ، ثُمَّ أَسْكِنْهُمْ يا مَحْبُوبِي فِي جِوارِكَ حَوْلَ سُرادِقِ الأَبْهَی، وَإِنَّكَ أَنْتَ فَعَّالٌ لِما تَشَاءُ، ثُمَّ أَسْئَلُكَ بِقِدَمِ ذاتِكَ بِأَنْ تُصَبِّرَ البَهآءَ فِي هذِهِ المُصِيْباتِ الَّتِيْ فِيها نَاحَتْ أَهْلُ مَلإِ الأَعْلَی، وَبَكَتْ أَهْلُ جَنَّةِ المَأْوَی، وَأَخَذَتْ كُلَّ الوُجُوهِ غُبارُ الصَّفْرآءِ فِي هذا الحُزْنِ الَّذِيْ أَحَاطَ عِبادَ الَّذِينَ تَوَجَّهُوا إِلى شَطْرِ اسْمِكَ العَلِيِّ الأَعْلى لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ المُقْتَدِرُ المُتَعَالِ الغَفُورُ الرَّحِيمُ، فَيا إِلهِي كُلُّ العِبَادِ مَشْغُولَةٌ بِأَنْفُسِهِمْ مِنْ شِدَّةِ البَلايا الَّتِيْ أَحَاطَتْهُمْ مِنْ قَضائِكَ، وَلِسَانُ البَهآءِ مَشْغُولٌ بِذِكْرِ أَصْفِيائِكَ وَقَلْبُ البَهآءِ ذاكِرٌ لأَحِبَّائِكَ وَأَرِقَّائِكَ، فَيا إِلهِي لا تَنْظُرْ إِلَيَّ وَعَلَى ما غَفَلْتُ فِي أَدآءِ خِدْمَتِكَ، فَانْظُرْ إِلى بُحُورِ رَحْمَتِكَ وَأَلْطافِكَ وَإِلى ما يَلِيقُ لِجَلالِكَ وَعَفْوِكَ وَيَنْبَغِي لأَلْطَافِكَ وَمَواهِبِكَ، وَإِنَّكَ أَنْتَ الغَفُورُ الْكَرِيمُ.

(101)

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي تَرَى ما عَجِزَتْ أَلْسُنُ ما سِوَاكَ عَنْ ذِكْرِهِ، وَتَشْهَدُ ما تَكَلْكَلَ عَن بَيانِهِ غَيْرُكَ، بِحَيْثُ تَمَوَّجَتْ بُحُورُ الابْتِلآءِ وَتَهَيَّجَتْ أَرْيَاحُ القَضَاءِ وَتَمْطُرُ مِنَ السَّحَابِ سِهَامُ الافْتِتَانِ وَمِنْ سَمَاءِ القَدَرِ رِماحُ الامْتِحَانِ، أَيْ رَبِّ تَرَى عِبَادَكَ الَّذِينَ آمَنُوا بِكَ وَبِآياتِكَ كَيْفَ وَقَعُوا بَيْنَ مَخالِيبِ أَعْدائِكَ وَسَدُّوا عَلَى وُجُوهِهِمْ أَبْوابَ الرَّخَآءِ وَتَرَكُوهُمْ فِي هذا الحِصْنِ الَّذِيْ مُنِعَ عَنْهُ الرَّاحَةُ وَالرَّجآءُ، وَوَرَدَ عَلَيْهِمْ فِي سَبِيلِكَ ما لا وَرَدَ عَلَى أَحَدٍ مِنْ قَبلُ، وَيَشْهَدُ بِذلِكَ سُكَّانُ العَرْشِ وَالثَّرى وَأَهْلُ مَلإِ الأَعْلی، فَيَا إِلهِي هؤُلآءِ عِبادٌ الَّذِينَ انْقَطَعُوا عَنْ دِيارِهِمْ حُبًّا لِجَمَالِكَ، وَاهْتَزَّهُمْ أَرْياحُ شَوْقِكَ إِلى مَقامٍ انْقَطَعُوا عَنْ كُلِّ نِسْبَةٍ فِي سَبِيلِكَ، وَحارَبَهُمْ طُغَاةُ عِبادِكَ مِنْ أَهْلِ مَمْلَكَتِكَ، وَأَخْرَجُوهُمْ عَنْ كُلِّ الدِّيارِ وَجَعَلُوهُمْ أُسَارَى بِأَيادِي الفَجَرَةِ مِنْ عِبادِكَ وَالكَفَرَةِ مِنْ أَشْقِيآءِ أَهْلِ أَرْضِكَ، إِلى أَنْ أَدْخَلُوْهُمْ فِي هذا المَقامِ الَّذِيْ لَنْ يُوجَدَ أَرْدَى مِنْهُ فِي مَمْلَكَتِكَ، وَأَخَذَتْهُمُ البَلايا عَلَى شَأْنٍ يَبْكِي السَّحَابُ عَلَيهِمْ وَيَنُوحُ الرَّعْدُ لِلْقَضَايا الَّتِيْ مَسَّتْهُمْ فِي حُبِّكَ وَرِضَائِكَ، وَأَنْتَ تَعْلَمُ يا إِلهِي لَمْ يَكُنْ فِي أَرْضِكَ مَنْ يُنْسَبُ إِلَيْكَ إِلاَّ هؤُلآءِ الَّذِينَ اسْتُشْهِدَ مِنْهُمْ عِدَّةٌ وَبَقِيَ عِدَّةٌ أُخْرى، وَلَوْ أَنَّ يا إِلهِي لِمِثْلِنا لا يَلِيقُ أَنْ نَنْسِبَ أَنْفُسَنا إِلى نَفْسِكَ لأنَّ الخَطَايا وَالغَفْلَةَ عَنْ أَمْرِكَ مَنَعَتْنا عَنِ الوُرُودِ فِي لُجَّةِ بَحْرِ أَحَدِيَّتِكَ وَالتَّسَبُّحِ فِي غَمَرَاتِ عِزِّ رَحْمَتِكَ، وَلكِنْ يا إِلهِي يَشْهَدُ أَلسُنُنَا وَقُلُوبُنَا وَجَوارِحُنَا بِأَنَّ رَحْمَتَكَ أَحَاطَتْ كُلَّ الأَشْيآءِ وَرَأْفَتَكَ سَبَقَتْ مَنْ فِي الأَرْضِ وَالسَّمَاءِ، أَسْئَلُكَ بِاسْمِكَ الأَعْظَمِ الَّذِيْ بِهِ انْقَلَبَتِ الكائِنَاتُ وَاهْتَزَّتِ المَوجُوداتُ، بِأَنْ تُنَزِّلَ مِنْ سَحَابِ رَحْمَتِكَ ما يُطَهِّرُ هؤُلآءِ عَنْ كُلِّ بَلآءٍ وَمَكْرُوهٍ، ثُمَّ أَصْعِدْهُمْ إِلى مَقَامٍ لا يَشْغَلُهُمُ البَلآيا عَنْ بَدَائِعِ ذِكْرِكَ وَلا الرَّزَايا عَنِ التَّوَجُّهِ إِلى ساحَةِ عِزِّ أَحَدِيَّتِكَ، فَوَعِزَّتِكَ يا مَحْبُوبَ البَهآءِ وَمَقْصُودَ البَهآءِ إِنِّي بِنَفْسِي أَقُولُ فِي كُلِّ الأَحْيَانِ يا لَيْتَ تَقَرَّبْتُ إِلَيْكَ فِي يَوْمٍ قَبْلَ هذا، وَلَكنْ لَمَّا أَسْمَعُ ضَجِيجَ المُخْلِصِينَ مِنْ بَرِيَّتِكَ وَالمُقَرَّبِينَ مِنْ عِبادِكَ الَّذِينَ ما اتَّخَذُوا لأنْفُسِهِمْ وَلِيًّا إِلاَّ أَنْتَ وَلا مَلْجَأً إِلاَّ أَنْتَ، ثُمَّ اخْتارُوا فِي سَبِيلِكَ لأَنْفُسِهِمْ ما لا اخْتَارَهُ أَحَدٌ عِنْدَ ظُهُورِ مَظَاهِرِ عِزِّ أَحَدِيَّتِكَ وَمَطَالِعِ قُدْسِ رَبُوبِيَّتِكَ، لِذا يَحْزَنُ قَلْبِي وَيُكَدَّرُ فُؤَادِيْ وَأُنادِيْكَ بِقُدْرَتِكَ الَّتِيْ أَحَاطَتْ كُلَّ الوُجُودِ مِنَ الغَيْبِ وَالشُّهُودِ، بِأَنْ تَحْفَظَهُمْ عَنْ كُلِّ ما يَكْرَهُ رِضَائُكَ وَهذا لا لأَنْفُسِهِمْ بَلْ لِيَبْقى بِهِمْ اسْمُكَ بَيْنَ عِبادِكَ وَذِكْرُكَ فِي بِلادِكَ، وَإِنَّكَ تَعْلَمُ يا إِلهِي بِأَنَّ كُلَّ العِبادِ قَدْ أَعْرَضُوا عَنْكَ وَقامُوا بِالمُحَارَبَةِ عَلَى نَفْسِكَ وَلَيْسَ لَكَ عِبَادٌ لِيُطِيعَكَ إِلاَّ هؤُلآءِ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِظُهُورِكَ الَّذِيْ بِهِ انْقَلَبَتِ الوُجُودُ وَاضْطَرَبَتِ النُّفُوسُ وَتَبَلْبَلَتِ الرُّقُودُ، فَيَا إِلهِي أَنْتَ الكَرِيْمُ ذُو الفَضْلِ العَظِيمِ، فَأَنْزِلْ عَلَيْهِمْ ما يَطْمَئِنُّ بِهِ قُلُوبُهُمْ وَتَسْكُنُ نُفُوسُهُمْ وَتُجَدَّدُ أَرْواحُهُمْ وَتُطَيَّبُ أَجْسَادُهُمْ، إِنَّكَ أَنْتَ مَوْليهُمْ وَمَوْلَى العالَمِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العالَمِينَ.

(102)

سُبْحَانَكَ يا إِلهَ العَالَمِينَ وَمَحْبُوبَ العَارِفِينَ تَرَانِي جَالِسًا تَحْتَ سَيْفٍ عُلِّقَ بِخَيْطٍ، وَتَعْلَمُ بِأَنِّي فِي هذا الحَالِ ما قَصَّرْتُ فِي أَمْرِكَ وَبَلَّغْتُ ذِكْرَكَ وَثَنَائَكَ وَكُلَّ ما أَمَرْتَنِي بِهِ فِي أَلْواحِكَ، وَإِذًا تَحْتَ السَّيْفِ أَدْعُو أَحِبَّائَكَ بِكَلِماتِ الَّتِيْ تَنْجَذِبُ مِنْهَا القُلُوبُ إِلى أُفُقِ مَجْدِكَ وَكِبْرِيائِكَ، أَيْ رَبِّ صَفِّ آذانَهُمْ لإِصْغَاءِ نَغَمَاتِ الَّتِيْ ارْتَفَعَتْ عَنْ يَمِينِ عَرْشِ عَظَمَتِكَ، فَوَعِزَّتِكَ يا إِلهِي لَوْ يَسْمَعُها أَحَدٌ ما قَدَّرْتَهُ فِيها حَقَّ الإِصْغَاءِ لَيَطِيرُ إِلى مَلَكُوتِ أَمْرِكَ الَّذِيْ يَنْطِقُ فِيهِ كُلُّ ما خُلِقَ فِيهِ بِأَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ المُقْتَدِرُ المُهَيْمِنُ القَيُّومُ، يا إِلهِي طَهِّرْ أَبْصَارَ عِبادِكَ ثُمَّ اجْتَذِبْهُمْ بِآياتِكَ عَلی شَأْنٍ لا يَمْنَعُهُمُ البَلايا عَنِ التَّوَجُّهِ إِلَيْكَ وَعَنِ النَّظَرِ إِلى أُفُقِ أَمْرِكَ، يا إِلهِي قَدْ أَحَاطَتِ الظُّلْمَةُ كُلَّ البِلادِ وَبِهَا اضْطَرَبَتْ أَكثَرُ العِبادِ، أَسْئَلُكَ بِاسْمِكَ الأَعْظَمِ بِأَنْ تَخْلُقَ فِي كُلِّ بَلَدٍ خَلْقًا لِيَتَوَجَّهُنَّ إِلَيْكَ وَيَذْكرُنَّكَ بَيْنَ عِبادِكَ وَيَرْفَعُنَّ رَاياتِ نُصْرَتِكَ بِالحِكْمَةِ وَالبَيانِ وَيَنْقَطِعُنَّ عَنِ الأَكْوانِ، إِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ عَلَى ما تَشَاءُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ العَزِيزُ المُسْتَعَانُ.

(103)

سُبْحَانَكَ يا مَنْ بِيَدِكَ جَبَرُوتُ العِزِّ وَمَلَكُوتُ الخَلْقِ، تَفْعَلُ ما تَشَاءُ بِسُلْطَانِكَ وَتَحْكُمُ ما تُرِيْدُ بِقُدرَتِكَ، لَمْ تَزَلْ كُنْتَ مُقدَّسًا عَنْ ذِكْرِ المُمْكِناتِ وَلا تزالُ تَكُونُ مُتَعَالِيًا عَنْ ذِكْرِ المَوْجُودَاتِ، إِنَّ الوُجُودَ بِنَفْسِهِ يَشْهَدُ أَنَّهُ مَعْدُومٌ تِلْقَاءَ ظُهُوراتِ عِزِّ وَحْدانِيَّتِكَ، وَالمَوْجُودَ بِنَفْسِهِ يَشْهَدُ بِأَنَّهُ مَفقُودٌ لَدَى تَجَلِّياتِ أَنْوارِ قُدْسِ فَرْدانِيَّتِكَ، كُنْتَ بِنَفْسِكَ مُسْتَغْنِيًا عَنْ دُونِكَ وَبِذَاتِكَ غَنِيًّا عَمَّا سِواكَ، وَكُلُّ ما يَصِفُنَّكَ بِهِ المُوَحِّدُونَ وَيَذْكرُنَّكَ بِهِ المُخْلِصُونَ إِنَّهُ ظَهَرَ مِنَ القَلَمِ الَّذِيْ حَرَّكَتْهُ أَصابِعُ قُدْرَتِكَ وَأَنَامِلُ قُوَّتِكَ الَّتِيْ كانَتْ مَقْهُورَةً تَحْتَ ذِرَاعِ أَمْرِكَ بِحَرَكَةِ عَضُدِ اقْتِدَارِكَ، فَوَعِزَّتِكَ بَعْدَ عِلْمِيْ بِذلِكَ لا أَجِدُ نَفْسِيْ مُسْتَطِيعًا عَلَى ذِكْرِكَ وَثَنَائِكَ، وَلَوْ أَصِفُكَ بِوَصْفٍ وَأَذْكُرُكَ بِذِكْرٍ أَجِدُ نَفْسِي خَجِلاً عَمَّا تَحَرَّكَ بِهِ لِسَانِي وَجَرَى عَلَيْهِ قَلَمِي، أَيْ رَبِّ كَيْنُونَةُ العِرْفانِ تَشْهَدُ بِعَجْزِها عَنْ عِرْفانِكَ، وَإِنِّيَّةُ الحَيْرَةِ تَشْهَدُ بِحَيْرَتِها لِظُهُورَاتِ سَلْطَنَتِكَ وَكَيْنُونَةُ الذِّكْرِ تَشْهَدُ بِنِسْيَانِهَا وَمَحْوِهَا عِنْدَ ظُهُوراتِ آيَاتِكَ وَبُرُوزَاتِ ذِكْرِكَ، فَلَمَّا كانَ الأَمْرُ كَذلِكَ ما يَفْعَلُ هذا الفَقِيرُ وَبِأَيِّ حَبْلٍ يَتَمَسَّكُ هذا المِسْكينُ؟ أَسْئَلُكَ يا إِلهَ العالَمِينَ وَيا مَحْبُوبَ العَارِفِينَ وَمَقْصُودَ مَنْ فِي السَّمَواتِ وَالأَرَضِينَ بِاسْمِكَ الَّذِيْ بِهِ ارْتَقَى كُلُّ نِدَاءٍ إِلى سَمَاءِ عِزِّ أَحَدِيَّتِكَ وَطَارَ كُلُّ مُقْبِلٍ فِي هَوآءِ وَحْدَتِكَ وَكِبْرِيائِكَ، وَبِهِ كَمُلَ كُلُّ نَاقِصٍ وَعَزَّ كُلُّ ذَلِيلٍ وَنَطَقَ كُلُّ كَلِيلٍ وَبَرَءَ كُلُّ عَلِيلٍ وَقُبِلَ ما لَمْ يَكُنْ قَابِلاً لِحَضْرَتِكَ وَلائِقًا لِعَظَمَتِكَ وَسُلْطَانِكَ، بِأَنْ تَنْصُرَنَا بِجُنُودِ غَيْبِكَ وَبِقَبِيلٍ مِنْ مَلئِكَةِ أَمْرِكَ، ثُمَّ اقْبَلْ مِنَّا ما عَمِلْناهُ فِي حُبِّكَ وَرِضَائِكَ، وَلا تَطْرُدْنَا يا إِلهِي عَنْ بابِ رَحْمَتِكَ، وَلا تُخَيِّبْنَا مِنْ بَدَائِعِ فَضْلِكَ وَمَواهِبِكَ، أَيْ رَبِّ تَشْهَدُ أَرْكانُنا وَجَوارِحُنَا بِوَحْدَانِيَّتِكَ وَفَرْدَانِيَّتِكَ، فَأَنْزِلْ عَلَيْنا قُوَّةً مِنْ عِنْدِكَ وَقُدْرَةً مِنْ لَدُنْكَ لِنَسْتَقِيمَ عَلَى أَمْرِكَ وَنَنْصُرَكَ بَيْنَ عِبَادِكَ، أَيْ رَبِّ نَوِّرْ أَبْصَارَنَا بِأَنْوارِ جَمَالِكَ وَقُلُوبَنا بِأَنْوارِ مَعْرِفَتِكَ وَعِرْفَانِكَ، ثُمَّ اكْتُبْنا مَعَ الَّذِينَ هُمْ وَفَوْا بِمِيثَاقِكَ فِي أَيَّامِكَ وَبِحُبِّكَ انْقَطَعُوا عَنِ العَالَمِينَ، وَإِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ عَلَى ما تَشَاءُ، لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ القَادِرُ العالِمُ الحَاكِمُ المُهَيْمِنُ القَيُّومُ.

(104)

يا مَنْ قُرْبُكَ رَجَائِي وَوَصْلُكَ أَمَلِي وَذِكْرُكَ مُنَائِي وَالوُرُودُ فِي سَاحَةِ عِزِّكَ مَقْصَدِيْ وَشَطْرُكَ مَطْلَبِي وَاسْمُكَ شِفَائِي وَحُبُّكَ نُورُ صَدْرِيْ وَالقِيَامُ فِي حُضُورِكَ غَايَةُ مَطْلَبِي، أَسْئَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِيْ بِهِ طَيَّرْتَ العَارِفِينَ فِي هَوآءِ عِزِّ عِرْفَانِكَ، وَدَعَوْتَ المُقَدَّسِينَ إِلى بِسَاطِ قُدْسِ إِفْضَالِكَ، بِأَنْ تَجْعَلَنِي مُتَوَجِّهَةً إِلى وَجْهِكَ وَناظِرَةً إِلى شَطْرِكَ وَنَاطِقَةً بِثَنَائِكَ، أَيْ رَبِّ أَنَا الَّتِيْ نَسِيتُ دُونَكَ وَأَقْبَلْتُ إِلى أُفُقِ فَضْلِكَ وَتَرَكْتُ ما سِواكَ رَجَاءً لِقُرْبِكَ إِذًا أَكُونُ مُقبِلَةً إِلى المَقَرِّ الَّذِيْ فِيهِ اسْتَضآءَ أَنْوارُ وَجْهِكَ، فَأَنْزِلْ يا مَحْبُوبِي عَلَيَّ مَا يُثَبِّتُنِيْ عَلَى أَمْرِكَ لِئَلا يَمْنَعَنِي شُبُهاتُ المُشْرِكِينَ عَنِ التَّوَجُّهِ إِلَيْكَ، وَإِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ المُهَيْمِنُ العَزِيزُ القَدِيرُ.

(105)

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي أَنْتَ الَّذِيْ بِعِزَّتِكَ تَعَزَّزَ أُولُوا العِزَّةِ وَالإِعْزَازِ، وَبِقُدْرَتِكَ اسْتَقْدَرَ أُولُوا القُدْرَةِ وَالاقْتِدارِ وَبِأَمْرِكَ اسْتَعْلَى مَظَاهِرُ أَمْرِكَ عَلَى مَنْ فِي الأَرْضِ وَالسَّمَاءِ، ومِنْ كَوْثَرِ مِدَادِكَ اسْتَحْيَتْ أَفْئِدَةُ أَهْلِ مَلَكُوتِ الإِنْشآءِ، أَيْ رَبِّ أَنَا الَّذِيْ تَوَجَّهْتُ إِلَيْكَ خَالِصًا لِوَجْهِكَ وَأَقْبَلْتُ إِلى حَرَمِ الأُنْسِ وَكَعْبَةِ القُدْسِ مُقِرًّا بِقُدْرَتِكَ وَسَلْطَنَتِكَ، إِلى أَنْ وَرَدْتُ المَدِيْنَةَ([1]) الَّتِيْ فِيْهَا تَجَلَّيْتَ عَلَى كُلِّ الأَشْياءِ بِكُلِّ أَسْمائِكَ وَعَاشَرتُ مَعَ أَحِبَّائِكَ وَوَجَدْتُ مِنَ البَيْتِ نَفَحَاتِ قُدْسِكَ وَفَوْحَاتِ أُنْسِكَ، أَيْ رَبِّ لا تُخَيِّبْنِي عَنْ بَابِكَ وَلا تَطْرُدْنِيْ عَنْ شَاطِئِ حُبِّكَ وَرِضَائِكَ، لأنَّ الفَقِيرَ لا يَجِدُ لِنَفْسِهِ مَلْجَأً إِلاَّ بَابَ غَنَائِكَ، وَإِنَّ المَطْرُودَ لا تَسْتَقِرُّ نَفْسُهُ إِلاَّ فِي جِوارِ عِنَايَتِكَ، أَيْ رَبِّ لَكَ الحَمْدُ بِمَا عَرَّفْتَنِي مَظْهَرَ نَفْسِكَ وَجَعَلْتَنِي مُوقِنًا بِآياتِكَ، أَسْئَلُكَ بِأَنْ تَجْعَلَنِي ثَابِتًا عَلَى ما أَمَرْتَنِي بِهِ وَحَافِظًا لِلَئالِئِ حُبِّكَ الَّتِيْ جَعَلْتَ قَلْبِيْ مَخْزَنَهَا وَمَكمَنَهَا، ثُمَّ أَنْزِلْ يا إِلهِي فِي كُلِّ حِينٍ ما يَحْفَظُنِي عَنْ دُونِكَ وَيَسْتَقِيمُنِي عَلَى أَمْرِكَ، وَإِنَّكَ أَنْتَ العَزِيزُ وَإِنَّكَ أَنْتَ القَدِيرُ وَإِنَّكَ أَنْتَ الحَكِيمُ وَإِنَّكَ أَنْتَ العَلِيمُ، لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ المُعْطِ البَاذِلُ المُقْتَدِرُ الغَفَّارُ وَالحَمْدُ لِلَّهِ العَزِيزِ الجَبَّارِ.

([1])   بغداد

(106)

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي لَكَ الحَمْدُ بِمَا أَظْهَرْتَنِيْ فِي أَيَّامِكَ وَأَلْقَيْتَ عَلَيَّ حُبَّكَ وَعِرْفانَكَ، أَسئَلُكَ بِاسْمِك الَّذِيْ بِهِ ظَهَرَتْ لَئالِئُ الحِكْمَةِ وَالبَيَانِ مِنْ خَزَائِنِ أَفْئِدَةِ المُقَرَّبِينَ مِنْ عِبادِكَ، وَأَشْرَقَتْ شَمْسُ اسْمِكَ الرَّحْمَنِ عَلَى مَنْ فِي أَرْضِكَ وَسَمَائِكَ، بِأَنْ تَرْزُقَنِي مِنْ بَدَائِعِ نَعْمَائِكَ المَكْنُونَةِ بِفَضْلِكَ وَعَطائِكَ، فَيَا إِلهِي هذا أَوَّلُ أَيَّامِي قَدِ اتَّصَلَ بِأَيَّامِكَ، فَلَمَّا شَرَّفْتَنِي بِهذَا الفَضْلِ العَظِيمِ لا تَمْنَعْنِيْ عَمَّا قَدَّرْتَةُ لأصْفِيَائِكَ، وَيا إِلهِي إِنِّي حَبَّةٌ قَدْ زَرَعْتَهَا فِي أَرْضِ حُبِّكَ وَأَنْبَتْتَها بِيَدِ إِحْسَانِكَ، إِذًا تَطْلُبُ بِكيْنُونَتِهَا مَاءَ رَحْمَتِكَ وَكَوْثَرَ فَضْلِكَ، فَأَنْزِلْ عَلَيْهَا مِنْ سَمَاءِ عنَايَتِكَ ما يُرَبِّيهَا فِي ظِلِّكَ وَجِوارِكَ، وَإِنَّكَ أَنْتَ ساقِي قُلُوبِ العارِفِينَ مَاءَ الكَوْثَرِ وَالتَّسْنِيمِ وَالحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ.

(107)

أَيْ رَبِّ أَسْئَلُكَ بِذِكْركَ الَّذِيْ بِهِ بُعِثَتِ المُمْكِنَاتُ وَاسْتَضَائَتِ الوُجُوهُ بِأَنْ لا تُخَيِّبَنِيْ عَمَّا عِنْدَكَ ثُمَّ أَدْخِلْنِيْ بِرَحْمَتِكَ فِي ظِلِّكَ المَمْدُودِ، أَيْ رَبِّ فَاجْعَلْ رَجَائِي أَنْتَ وَقَصْدِيْ أَنْتَ وَأَمَلِي أَنْتَ وَمَقْصَدِي أَنْتَ وَبَيْتِي أَنْتَ وَكَعْبَتِي أَنْتَ وَمَطْلَبِي جَمَالَكَ المُشْرِقَ العَزِيزَ المَحْمُودَ، أَيْ رَبِّ أَسْئَلُكَ بِمَا أَنْتَ عَلَيْهِ بِأَنْ تُرْسِلَ عَنْ يَمِينِ قُدْرَتِكَ ما تُعَزِّزُ بِهِ أَحِبَّائَكَ وَتَخْذُلُ بِهِ أَعْدَائَكَ، لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ وَإِنَّكَ أَنْتَ مَحْبُوبِي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَإِنَّكَ أَنْتَ مَقْصُودُ العَارِفِينَ وَالحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العالَمِينَ.

(108)

لَكَ الحَمْدُ يا إِلهِي بِمَا وَفَيْتَ بِمَا رُقِمَ مِنْ قَلَمِ أَمْرِكَ فِي الأَلْواحِ الَّتِيْ أَرْسَلْتَهَا إِلى خِيرَةِ خَلْقِكَ الَّذِينَ بِهِمْ فُتِحَتْ أَبْوابُ رَحْمَتِكَ وَأَشْرَقَتْ شَمْسُ هِدايَتِكَ، وَلَكَ الحَمْدُ يا إِلهِي عَلَى ما أَظْهَرْتَ مَا كانَ مَكْنُونًا فِي أَزَلِ الآزَالِ فِي سُرَادِقِ العِزَّةِ وَالعَظَمَةِ وَالإِجْلالِ، وَبِهِ زَيَّنْتَ سَمَاءَ أَمْرِكَ وَأَلْواحَ كِتَابِ بُرْهَانِكَ، فَلَمَّا جَاءَ الوَعْدُ وَظَهَرَ المَوْعُودُ أَنْكَرُوهُ عِبَادُكَ الَّذِينَ يَدَّعُونَ الإِيمَانَ بِمَظْهَرِ نَفْسِكَ الَّذِيْ جَعَلْتَهُ مُبَشِّرًا لِهذَا الظُّهُورِ الَّذِيْ مِنْهُ قَرَّتْ عُيُونُ أَهْلِ خِبَاءِ أَحَدِيَّتِكَ، أَيْ رَبِّ لَمْ أَدْرِ بِأَيِّ حُجَّةٍ آمَنُوا بِكَ وَبِآياتِكَ وَبِأَيِّ بُرْهانٍ كَفَرُوا بِسُلْطَانِكَ، كُلَّما أَدْعُوهُمْ إِلَيْكَ وَأَقُولُ يا قَوْمِ فَانْظُرُوا بِمَا عِنْدَكُمْ مِنْ آياتِ اللَّهِ رَبِّكُمْ وَبِما نُزِّلَ مِنْ سَمَاءِ المَشِيَّةِ وَالاقْتِدَارِ يَعتَرِضُونَ عَلَيْكَ وَيُعْرِضُونَ عَنْكَ بَعْدَ الَّذِيْ أَنْتَ تَعْلَمُ بِأَنَّ كُلَّ كَلِمَةٍ مِنْ كَلِمَاتِ الَّتِيْ خَرَجَتْ مِنْ فَمِ إِرادَتِكَ تَتَضَوَّعُ مِنْها نَفَحَاتُ رَحْمَتِكَ وَمِنْهُمْ مَنْ تَمَسَّكَ بِالَّذِيْ لَمْ يَكنْ لَهْ شَأْنٌ لِيَتَكَلَّمَ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ خُدَّامِ بابِكَ وَكَيْفَ المَقَامُ الَّذِيْ فِيْهِ يَنْطِقُ لِسَانُ عَظَمَتِكَ، أَيْ رَبِّ طَهِّرْ قُلُوبَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ لِيَنْظُرُوا بِعُيُونِهِمْ وَيَفْقَهُوا بِقُلُوبِهِمْ لَعَلَّ يَجْذِبُهُمْ آياتُكَ إِلى مَشْرِقِ وَحْيِكَ وَيُقَرِّبُهُمْ إِلى سَلْسَبِيلِ عِرْفانِكَ، أَيْ رَبِّ أَنتَ الَّذِيْ أَخَذْتَ عَهْدِيْ مِنهُمْ فِي كُلِّ سَطْرٍ مِنْ كِتابِكَ وَأَكَّدْتَ ذلِكَ عَلَى شَأْنٍ انْقَطَعَ عَنْهُ اعْتِذارُ خَلْقِكَ، قُلْتَ وَقَوْلُكَ الحَقُّ لا يُعَادَلُ بِكَلِمَةٍ مِنْ عِنْدِهِ ما نُزِّلَ فِي البَيانِ، إِذًا تَرَى يا إِلهِي ما ارْتَكبُوا فِيْ أَمْرِكَ، وَبِمَا اكتَسَبَتْ أَيْدِيهِمْ فِي أَيَّامِكَ يَنُوحُ مِنْ ظُلْمِهِمْ سِدْرَةُ أَمْرِكَ وَسُكَّانُ سُرَادِقِ عَظَمَتِكَ وَأَهْلُ مَدَائِنِ أَسْمَائِكَ، لَمْ أَدْرِ يا إِلهِي بِأَيِّ حُجَّةٍ قَامُوا عَلَى الظُّلْمِ وَبِأَيِّ بُرْهَانٍ أَعْرَضُوا عَنْ مَطْلَعِ آياتِكَ، أَسئَلُكَ يا مَالِكَ الأَسْمآءِ وَفَاطِرَ السَّمآءِ بِأَنْ تُؤَيِّدَهُمْ عَلَى الإِنْصَافِ فِي أَمْرِكَ، لَعَلَّ يَجِدُونَ عَرْفَ قَمِيصِ رَحْمَتِكَ وَيَتَوَجَّهُونَ إِلى أُفُقِ الَّذِيْ فِيهِ أَضَاءَ أَنوارُ طَلْعَتِكَ، أَيْ رَبِّ إِنَّهُمْ ضُعَفآءُ وَأَنتَ القَوِيُّ القَدِيرُ، وَهُمْ فُقَرآءُ وَأَنْتَ الغَنِيُّ الْكَرِيمُ، وَأَنْتَ تَعْلَمُ يا إِلهِي بِأَنِّي ما أَرَدْتُ لِنَفْسِي أَمْرًا فِي أَيَّامِي، فَدَيْتُ رُوحِي وَذاتِي لإِعْلآءِ كَلِمَتِكَ بَيْنَ خَلْقِكَ وَارْتِفاعِ ذِكْرِكَ بَيْنَ عِبادِكَ، وَأَرْسَلْتَنِي بِحُجَّةٍ بِها اهْتَزَّ مِنَ الشَّوْقِ مَطَالِعُ وَحْيِكَ وَمَشَارِقُ إِلْهامِكَ وَبِها ثَبَتَ بُرْهَانُكَ وَتَمَّتْ نِعْمَتُكَ وَكَمُلَ أَمْرُكَ وَنُزِّلَتْ آياتُكَ وَظَهَرَتْ بَيِّنَاتُكَ، وَأَنتَ تَعْلَمُ يا إِلهِي بِأَنِّي ما أَرَدْتُ إِلاَّ ما أَرَدْتَ وَما أُرِيْدُ إِلاَّ ما تُرِيْدُ، إِنْ أَنْطِقُ بَيْنَ عِبادِكَ ما أَلْهَمْتَنِي بِجُودِكَ وَأَمَرْتَنِيْ بِذِكْرِهِ بَيْنَ خَلْقِكَ يَعْتَرِضُ عَلَيَّ طُغَاةُ بَرِيَّتِك وإِنْ أَصْمُتُ عَنْ بَدَائِعِ ذِكْرِكَ يَقُومُ كُلُّ جَوَارِحِي بِثَنائِكَ، لَمْ أَدْرِ بِأَيِّ مَاءٍ خَلَقْتَنِي وَبِأَيِّ نارٍ أَوْقَدْتَنِي، فَوَعِزَّتِكَ لا أَصْمُتُ عَنْ ذِكْرِكَ وَلَوْ يَقُومُ عَلَيَّ مَنْ فِي سَمَائِكَ وَأَرْضِكَ، أَذْكُرُكَ فِي كُلِّ الأَحْوالِ مُنْقَطِعًا عَنِ العالَمِينَ، وَالحَمْدُ لَكَ يا مَحْبُوبَ أَفئِدَةِ العَارِفِينَ.

(109)

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي تَرَى بِأَنَّ طَرْفَ البَهآءِ مُتَوَجِّهٌ إِلى شَطْرِ عِنَايَتِكَ وَعَيْنَهُ إِلى أُفُقِ فَضْلِكَ وَأَلْطَافِكَ وَيَدَهُ مُرْتَفِعَةٌ إِلى سَمآءِ مَواهِبِكَ، فَوَعِزَّتِكَ كُلُّ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِي يُنادِيكَ وَيَقُولُ يا مَحْبُوبَ العالَمِينَ وَإِلهَ مَنْ فِي السَّمَواتِ وَالأَرَضِينَ وَرَجآءَ أَفْئِدَةِ المُخْلِصِينَ، أَسْئَلُكَ بِبَحْرِكَ الَّذِيْ دَعَوتَ مَنْ فِي سَمَائِكَ وَأَرْضِكَ بِأَنْ تَنْصُرَ عِبَادَكَ الَّذِينَ مُنِعُوا عَنِ التَّوَجُّهِ إِلَيْهِ وَالتَّقَرُّبِ إِلى شَطْرِهِ، ثُمَّ اجْعَلْهُمْ يا إِلهِي مُنقَطِعِينَ عَمَّن سِواكَ وَناطِقِينَ بِذِكْرِكَ وَمُثْنِينَ بِثَنَائِكَ، فَارْزُقْهُمْ يا إِلهِي رَحِيقَ رَحْمَتِكَ لِيَجْعَلَهُمْ غافِلِينَ عَنْ دُونِكَ وَقائِمِينَ عَلَى أَمْرِكَ وَمُسْتَقِيمِينَ عَلَى حُبِّكَ، إِنَّكَ أَنْتَ إِلهُهُمْ وَمَعْبُودُهُمْ لَوْ تَطْرُدُهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَلَوْ تُبْعِدُهُمْ مَنْ يُقَرِّبُهُمْ، فَوَعِزَّتِكَ لا مَهْرَبَ إِلاَّ أَنْتَ وَلا مَلْجَأَ إِلاَّ إِلَيْكَ وَلا عاصِمَ إِلاَّ أَنْتَ، فَوَيْلٌ لِمَنْ اتَّخَذَ لِنَفْسِهِ مِنْ دُونِكَ وَلِيًّا وَنَعِيمٌ لِلَّذِينَ انْقَطَعُوا عَنْ كُلِّ مَنْ فِي أَرْضِكَ وَتَمَسَّكُوا بِذَيْلِ عَطَائِكَ، أُولئِكَ أَهْلُ البَهآءِ بَيْنَ الأَرْضِ وَالسَّمآءِ، لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ العَلِيمُ الحَكِيمُ وَالحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العالَمِينَ.

(110)

لَمْ أَدْرِ يا إِلهِي أَأَنْطِقُ بِبَدائِعِ ذِكْرِكَ بَيْنَ عِبادِكَ وَأُعَرِّفُهُمْ خَفِيَّاتِ رَحْمَتِكَ وَأَسْرَارِ أَمْرِكَ أَوْ أَجْعَلُ قَلْبِي وِعَاءَها، وَلَوْ أَنَّ المُحِبَّ لا يُحِبُّ أَنْ يَسْمَعَ أَحَدٌ حَدِيثَ مَحْبُوبِهِ، وَلكِنْ لَمَّا جَاءَ أَمْرُكَ المُبْرَمُ بِإِظْهارِ أَمْرِكَ لا أَتَوَقَّفُ أَبَدًا وَأَذْكُرُكَ وَلَوْ تَنْزِلُ عَلَيَّ مِنْ سَحَابِ القَضَآءِ سِهَامُ البَلآءِ، فَوَعِزَّتِكَ لا يَمْنَعُنِي عَنْ ذِكْرِ ما أُمِرْتُ بِهِ جُنُودُ السَّمَواتِ وَالأَرَضِينَ، مَعَ إِرَادَتِكَ لَيْسَ لِي إِرادَةٌ وَعِنْدَ مَشِيَّتِكَ لَيْسَ لِي مَشِيَّةٌ، أَكُونُ بِفَضْلِكَ فِي كُلِّ الأَحْوالِ حاضِرًا لِخِدْمَتِكَ وَمُنْقَطِعًا عَمَّا سِواكَ، وَلكِنْ يا إِلهِي أُحِبُّ أَنْ تَأْمُرَنِي بِإِظْهارِ ما هُوَ المَكْنُونُ فِي عِلْمِكَ لِيَطِيرُنَّ المُخْلِصُونَ مِن الاشْتِياقِ إِلى هَوآءِ أَحَدِيَّتِكَ وَيَضْطَرِبُنَّ المُشْرِكُونَ وَيَرْجِعُنَّ إِلى أَسْفَلِ الجَحِيمِ المَقَامِ الَّذيْ قَدَّرْتَ لَهُمْ بِسُلْطَانِكَ، أَيْ رَبِّ تَرَى أَحِبَّائَكَ بَيْنَ أَيْدِيْ أَعْدائِكَ وَتَسْمَعُ ضَجِيجَهُمْ مِن كُلِّ الأَشْطَارِ بِما وَرَدَ عَلَيْهِمْ فِي سَبِيلِكَ، أَيْ رَبِّ أَنْتَ تَعْلَمُ بِأَنَّهُمْ ما أَرادُوا إِلاَّ وَجْهَكَ وَما أَقْبَلُوا إِلاَّ إِلى حَضْرَتِكَ، وَالَّذِينَ ظَلَمُوهُمْ ما أَرَادُوا بِذلِكَ إِلاَّ الإِعْراضَ عَنْكَ وَإِخْمادَ نَارِ الَّتِيْ أَوْقَدْتَها بِأَيْدِي قُدْرَتِكَ، أَيْ رَبِّ فَأَخْرِجْ مِنْ شَفَتَيْ مَشِيَّتِكَ كَلِمَةً وَسَخِّرْ بِها مَنْ عَلَى الأَرْضِ كُلِّها، إِلى مَتَى يا إِلهِي تَنْظُرُ وَتَصْبِرُ قَدْ أَخَذَتِ الظُّلْمَةُ كُلَّ الجِهاتِ وَكادَ أَنْ تَنْعَدِمَ آثارُكَ فِي بِلادِكَ، أَسْتَغْفِرُكَ يا إِلهِي عَمَّا ذَكرْتُ لأَنَّكَ أَنْتَ العَلِيمُ وَعِنْدَكَ مِنْ خَفِيَّاتِ الأُمُورِ ما لا عِنْدَ غَيْرِكَ، إِذَا أَتَى الوَعْدُ تُظْهِرُ ما تُرِيْدُ وَتُسَخِّرُ كَيْفَ تُحِبُّ، لَيْسَ لَنا أَنْ نُرِيدَ إِلاَّ ما أَنْتَ أَرَدْتَ لَنا، عِنْدَكَ عِلْمُ كُلِّ شَيْءٍ تَعْلَمُ عاقِبَةَ الأُمُورِ وَإِنَّكَ أَنْتَ الحَقُّ عَلاَّمُ الغُيُوبِ، فَاغْفِرْ لِي وَلأَحِبَّتِي، ثُمَّ ارْزُقْهُمْ خَيْرَ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ وَإِنَّكَ أَنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.

(111)

سُبْحَانَكَ يا إِلهِي تَرَى ضَعْفَ أَحِبَّائِكَ وَقُدْرَةَ أَعْدائِكَ وَذِلَّةَ أَصْفِيائِكَ وَعِزَّةَ الَّذِينَ جَحَدُوا أَمْرَكَ وَكَفَرُوا بِآياتِكَ، إِنَّهُمْ يُنْكِرُونَ آياتِكَ بِمَا أَعْطَيْتَهُمْ مِنَ النِّعَمِ الفَانِيَةِ وَهؤُلآءِ يَشْكُرُونَكَ بِمَا وَرَدَ عَلَيْهِمْ ابْتِغآءَ ما عِنْدَكَ مِنَ النِّعَمِ البَاقِيَةِ وَما أَحْلى ذِكْرَكَ فِي الشِّدَّةِ وَالبَلآءِ وَثَنَائَكَ عِنْدَ هُبُوبِ أَرْياحِ القَضآءِ، وَأَنْتَ تَعْلَمُ يا إِلهِي بِأَنَّ البَهآءَ لا يَجْزَعُ عَمَّا وَرَدَ عَلَيْهِ فِي سَبِيلِكَ بَلْ أَجِدُ كُلَّ أَعْضَائِي وَجَوارِحِي يَشْتاقُ  البَلآءَ لإِظْهارِ أَمْرِكَ يا مالِكَ الأَسْماءِ، مِنْ ماءِ حُبِّكَ اسْتَبْقَى البَهآءُ فِي مَلَكُوتِ الإِنْشآءِ، وَمِنْ نَارِ ذِكْرِكَ اشْتَعَلَ البَهآءُ بَيْنَ الأَرْضِ وَالسَّمآءِ، طُوبى لِي وَلِهذِهِ النَّارِ الَّتِيْ تُسْمَعُ مِنْ زَفِيرِها لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ المَحْبُوبُ فِي صَدْرِ البَهآءِ وَالمَذْكُورُ فِي قَلْبِ البَهآءِ، فَوَعِزَّتِكَ لَوْ يَجْتَمِعُنَّ مَنْ فِي السَّمَواتِ وَالأَرْضِ عَلَى أَنْ يَمْنَعُنَّ البَهآءَ عَنْ ذِكْرِكَ وَثَنَائِكَ لا يَسْتَطِيعُنَّ وَلا يَقْدِرُنَّ، لَوْ يَقْتُلُونَنِي المُشْرِكُونَ إِذًا دَمِي يَنْطِقُ بِإِذْنِكَ وَيَقُولُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ يا مَقْصُودَ البَهاءِ، وَلَوْ يَطْبَخُونَنِي فِي قِدْرِ البَغْضآءِ قُتَارُ الَّذِيْ يَفُوحُ مِنْ لَحْمِي يَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ وَيُنادِي أَيْنَ أَنْتَ يا مَولَى العالَمِينَ وَمَقْصُودَ العارِفِينَ، وَلَوْ يُحْرِقُونَنِي بِالنَّارِ فَوَعِزَّتِكَ رَمَادِيْ يَنْطِقُ وَيَقُولُ قَدْ فازَ الغُلامُ بِمَا أَرادَ مِنْ رَبِّهِ العَزِيزِ العَلاَّمِ، وَالَّذِيْ كانَ كذلِكَ هَلْ يُخَوِّفُهُ اجْتِمَاعُ المُلُوكَ عَلَى ضُرِّهِ فِي أَمْرِكَ، لا فَوَنَفْسِكَ يا مالِكَ المُلُوكَ لا يُجْزِعُنِي سَطْوَةُ العالَمِينَ فِي حُبِّكَ وَقُمْتُ بِنَفْسِي عَلَى أَمْرِكَ بِحَوْلِكَ وَلا يَضْطَرِبُنِي جُنُودُ الظَّالِمِينَ، وَأُنادِي مَنْ فِي الأَرْضِ يا عِبَادَ اللَّهِ اتَّقُوا اللَّهَ وَلا تَحْرِمُوا أَنْفُسَكُمْ مِنْ هذا الرَّحِيقِ الَّذِيْ جَرَى عَنْ يَمِينِ عَرْشِ رَحْمَةِ رَبِّكُمُ الرَّحْمنِ، تَاللَّهِ ما عِنْدَهُ خَيْرٌ لَكُمْ عَمَّا عِنْدَكُمْ وَعَمَّا أَرَدْتُمْ وَتُرِيدُونَهُ فِي الحَيوةِ البَاطِلَةِ، دَعُوا الدُّنْيا وَتَوَجَّهُوا إِلى الأُفُقِ الأَعْلَی، إِنَّ الَّذِيْ شَرِبَ خَمْرَ ذِكْرِهِ يَغْفُلُ عَنْ ذِكْرِ ما سِواهُ وَالَّذِيْ عَرَفَهُ يَنْقَطِعُ عَنِ الدُّنْيا وَما فِيها، يا إِلهِي وَسَيِّدِي أَسْئَلُكَ بِالكَلِمَةِ الَّتِيْ بِها طَارَ المُوَحِّدُونَ فِي هَوآءِ عِرفانِكَ وَعَرَجَ المُخْلِصُونَ إِلى سَمآءِ أَحَدِيَّتِكَ بِأَنْ تُلْهِمَ أَحِبَّتَكَ ما تَطْمَئِنُّ بِهِ قُلُوبُهُمْ عَلَى أَمْرِكَ، ثُمَّ اسْتَقِمْهُمْ عَلَى شَأْنٍ لا يَمْنَعُهُمْ شَيْءٌ عَنِ التَّوَجُّهِ إِلَيْكَ، إِنَّكَ أَنْتَ المُعْطِ البَاذِلُ الغَفُورُ الرَّحيمُ.

(112)

يا إِلهِي تَرَى بِأَنَّ السُّكرَ أَخَذَ عِبادَكَ الَّذِينَ أَعْرَضُوا عَنْ جَمَالِكَ وَاعْتَرَضُوا عَلَى ما نُزِّلَ عَنْ يَمِينِ عَرْشِ عَظَمَتِكَ، قَدْ أَتَيْتُ يا إِلهِي عَلَى ظُلَلِ المَعَانِي وَالبَيَانِ، إِذًا اضْطَرَبَتْ أَهْلُ الأَكْوانِ وَتَزَلْزَلَتْ أَرْكانُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِبُرْهانِكَ، يا مَنْ فِي قَبْضَتِكَ مَنْ فِي الإِمْكانِ، أَنْتَ الَّذِيْ يا إِلهِي نادَيْتَ الكُلَّ إِلى شَطْرِ رَحْمَتِكَ وَدَعَوْتَهُمْ إِلى أُفُقِ فَضْلِكَ وَأَلْطَافِكَ، وَما أَجَابَكَ إِلاَّ الَّذِينَ انْقَطَعُوا عَنْ دُونِكَ وَسَرُعُوا إِلى مَشْرِقِ جَمالِكَ وَمَطْلَعِ وَحْيِكَ وَإِلْهامِكَ، تَعْلَمُ يا إِلهِي لَيْسَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ مَنْ يَذْكُرُكَ إِلاَّ هؤلآءِ وَتَراهُمْ بَيْنَ أَيْدِي الظَّالِمِينَ مِنْ خَلْقِكَ، وَمِنْهُمْ يا إِلهِي مَنْ سُفِكَ دَمُهُ فِي سَبِيلِكَ، وَمِنْهُمْ مَنْ خَرَجَ عَنْ دِيارِه مُتَوَجِّهًا إِلى مَقَرِّ عَرْشِكَ وَمُنِعَ عَنِ الدُّخُولِ فِي فِنآءِ عَظَمَتِكَ، وَمِنْهُمْ فِي السَّلاسِلِ وَالأَغْلالِ وَمِنْهُمْ بَيْنَ أَيادِيْ الفُجَّارِ، أَسْئَلُكَ يا مَنْ بِيَدِكَ زِمامُ الاخْتِيارِ بِأَنْ تَنْصُرَهُمْ بِبَدائِعِ نُصْرَتِكَ، أَيْ رَبِّ قَدْ أَخَذَتْهُمُ الذِّلَّةُ فِي سَبِيلِكَ عَزِّزْهُمْ بِسُلْطانِكَ، وَقَدْ أَخَذَهُمُ الضَّعْفُ فِي حُبِّكَ فَأَغْلِبْهُمْ عَلَى الأَعْدآءِ بِقُدْرَتِكَ وَاقْتِدارِكَ، وَلَوْ أَنِّيْ يا إِلهِي أَعْلَمُ بِأَنَّكَ قَدَّرْتَ لَهُمْ ما لا يُعادِلُ بِهِ ما فِي سَمائِكَ وَأَرْضِكَ وَلكِنْ أُحِبُّ بِأَنْ تَراهُمْ فِي العِزَّةِ وَالاقْتِدارِ فِي أَيَّامِكَ، إِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ عَلَى خَلْقِكَ كُلٌّ فِي قَبْضَتِكَ وَفِي كَفِّ اقْتِدارِكَ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ المُقْتَدِرُ العَلِيمُ الحَكِيمُ.

(113)

سُبْحَانَكَ يا إِلهِي أَشْهَدُ بِأَنَّ العِبادَ لَوْ يَتَوَجَّهُونَ إِلَيْكَ بِبَصَرِ الَّذِيْ خَلَقْتَ فِيْهِمْ وَسَمْعِ الَّذِيْ أَعْطَيْتَهُمْ لَتَجْذِبُهُم كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ الَّتِيْ نُزِّلَتْ عَنْ يَمِينِ عَرْشِ عَظَمَتِكَ وَبِها تَسْتَضِيْءُ وُجُوهُهُمْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ وَتَطِيرُ أَرْواحُهُمْ فِي هَوآءِ عِزِّ أَحَدِيَّتِكَ وَسَمَاءِ رُبُوبِيَّتِكَ، أَسْئَلُكَ يا مالِكَ الأَسْماءِ وَمَلِيكَ الأَرْضِ وَالسَّماءِ بِأَنْ تَجْعَلَ أَحِبَّائَكَ كُؤوسَ رَحْمَتِكَ فِي أَيَّامِكَ لِيَحْيَيَنَّ بِهِمْ قُلُوبُ عِبادِكَ، ثُمَّ اجْعَلْهُمْ يا إِلهِي أَمْطَارَ سَحَابِ فَضْلِكَ وَأَرْياحَ رَبِيعِ عِنَايَتِكَ لِتَخْضَرَّ بِهِمْ أَراضِي قُلُوبِ خَلْقِكَ وَبَرِيَّتِكَ وَيَنْبُتَ مِنْهَا ما تَفُوحُ نَفَحاتُها فِي مَمْلَكَتِكَ لِيَجِدَنَّ كُلٌّ رائِحَةَ قَمِيصِ أَمْرِكَ، إِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ عَلَى ما تُرِيدُ، فَوَعِزَّتِكَ يا إِلهِي مَن شَرِبَ مِن كَأْسِ الَّتِيْ تَدُورُ بِهَا يَدُ رَحْمَتِكَ يَنْقَطِعُ عَنْ دُونِكَ وَيَنْجَذِبُ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ عِبادُكَ الَّذِينَ رَقَدُوا فِي مِهَادِ الغَفْلَةِ وَالنِّسْيَانِ، وَيَتَوَجَّهُونَ إِلى شَطْرِ آيَتِكَ الكُبْرَى وَلا يُرِيدُونَ مِنكَ إِلاَّ أَنْتَ وَلا يَطْلُبُونَ إِلاَّ ما قَدَّرْتَ لَهُمْ مِنْ قَلَمِ قَضَائِكَ فِي لَوحِ تَقْدِيرِكَ إِذًا يا إِلهِي بِاسْمِكَ الأَعْظَمِ فَأَنْزِلْ عَلَى أَحِبَّتِكَ ما يُقَرِّبُهُمْ إِلَيْكَ فِي كُلِّ الأَحْوالِ وَإِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ العَزِيزُ المُسْتَعَانُ.

(114)

يا إِلهِي قَرَّتْ عَيْنُ البَهآءِ بِالنَّظَرِ إِلى أُفُقِ البَلآءِ الَّذِيْ أَتَى مِنْ سَمآءِ قَضَائِكَ وَأَخَذَهُ مِنْ كُلِّ الجِهاتِ بِما رُقِمَ مِنْ قَلَمِ تَقْدِيْرِكَ، فَوَنَفْسِكَ ما يُنْسَبُ إِلَيْكَ إِنَّهُ لَمَحْبُوب البَهآءِ وَلَوْ يَكُونُ سَمُّ الرَّدِی، يا إِلهِي إِنَّ الرُّوحَ فِي لَيلَةِ الَّتِيْ انْتَهَتْ إِلَيْها أَيَّامُهُ قَدْ خَرَجَ فِي ظُلْمَتِها إِلى العَرآءِ وَحْدَهُ أَكَبَّ بِوَجْهِهِ عَلَى التُّرابِ وَقالَ يا رَبِّي وَمَحْبُوبِي إِنْ تُرِيدُ أَنْ تَرُدَّ هذِهِ الكَأْسَ فَأَرْجِعْها عَنِّي بِفَضْلِكَ وَإِحْسانِكَ، فَوَجَمالِكَ يا مالِكَ الأَسْمآءِ وَفاطِرَ السَّمآءِ إِنَّ البَهآءَ يَجِدُ نَفَحَاتِ كَلِماتِهِ الَّتِيْ خَرَجَتْ مِنْ فَمِهِ فِي حُبِّكَ وَيَجِدُ الالْتِهابَ الَّذِيْ أَخَذَهُ فِي شَوْقِهِ إِلى لِقائِكَ وَاشْتِياقِهِ إِلى مَطْلَعِ نُورِ فَرْدَانِيَّتِكَ وَمَشْرِقِ عِزِّ وَحْدانِيَّتِكَ، وَإِنِّي وَنَفْسِكَ أَقُولُ يا رَبِّي وَسَيِّدِي وَمَوْلائِي لَيْسَ لِي إِرادَةٌ تِلْقاءَ ظُهُورِ إِرادَتِكَ وَلا لِيْ مَشِيَّةٌ عِنْدَ طُلُوعِ مَشِيَّتِكَ، فَوَعِزَّتِكَ لا أُريْدُ إِلاَّ ما أَنْتَ تُرِيْدُ وَلا أُحِبُّ إِلاَّ ما أَنْتَ تُحِبُّ، إِنَّ مُخْتَارَ البَهآءِ ما اختَرْتَهُ لِنَفْسِ البَهآءِ يا مالِكَ البَهآءِ بَلْ لا أَجِدُ لِنَفْسِيْ ذِكْرًا تِلْقآءَ ظُهُوراتِ أَسْمَائِكَ كَيْفَ لَدَى تَجَلِّي أَنْوارِ ذاتِكَ، فَآهٍ آهٍ لَوْ أَذْكُرُكَ نَفْسَ الذِّكْرِ يَدُلُّ عَلَى شِرْكِي وَيَشْهَدُ عَلَى غَفْلَتِي عِندَ ظُهُورِ نُورِ تَوْحِيدِكَ، هَلْ يَكُونُ لِدُونِكَ مِنْ ظُهُورٍ لَدى ظُهُورِكَ أَوْ لِغَيْرِكَ مِنْ وُجُودٍ لِيَذْكُرَكَ أَوْ يُباهِيَ بِثَنائِهِ إِيَّاكَ؟ لا فَوَنَفْسِكَ قَدْ ثَبَتَ بِالبُرْهانِ بِأَنَّكَ أَنْتَ الواحِدُ الفَرْدُ المُسْتَعَانُ، لَمْ تَزَلْ كُنْتَ بِلا ذِكْرِ شَيْءٍ مَعَكَ وَلا تَزالُ تَكُونُ بِلا وُجُودِ شيْءٍ عِنْدَكَ لَوْ يُثْبَتُ غَيْرُكَ كَيْفَ يُثْبَتُ تَقْدِيسُ ذاتِكَ عَنِ الأَمْثالِ وَتَنْزِيهُ نَفْسِكَ عَنِ الأَشْباهِ، وَإِنَّ أَعْلى أَفْئِدَةِ المُوَحِّدِينَ لا يَرْتَقِي إِلى هَوآءِ العِلْمِ الَّذِيْ خَلَقْتَهُ بِكَلِمَةِ أَمْرِكَ وَكَيْفَ إِلى العِلْمِ الَّذِيْ يُنْسَبُ إِلى ذاتِكَ، كُلُّ الأَذْكارِ وَالأَفْكارِ مُنْقَطِعَةٌ عَنْ هذا المَقامِ الَّذِيْ خُلِقَ مِنْ قَلَمِكَ الأَعْلى فَكَيْفَ المَقامُ الَّذِيْ قَدَّسْتَهُ عَنِ الذِّكْرِ وَالبَيَانِ، وَإِنَّ ذِكْرَ العَدَمِ آياتِ القِدَمِ كَحَرَكَةِ القَطْرَةِ عِنْدَ تَمَوُّجاتِ أَبْحُرِ أَحَدِيَّتِكَ، أَسْتَغْفِرُكَ يا إِلهِي مِنْ هذا التَّشْبِيهِ لأنَّ التَّشْبِيهَ وَالتَّمْثِيلَ مِنْ شُئُوناتِ خَلْقِكَ كَيْفَ يَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ وَيَصْعَدُ إِلى نَفْسِكَ، فَوَعِزَّتِكَ يا إِلهِي مَعَ عِلْمِيْ وَإِيقانِي بِأَنَّ ذِكْرَ دُونِكَ لَنْ يَصِلَ إِلَيْكَ وَثَناءَ غَيْرِكَ لا يَتَعارَجُ إِلى سَمآءِ قُرْبِكَ، لَوْ أَصْمُتُ مِنْ ثَنائِكَ وَبَدائِعِ ذِكْرِكَ لَيَحْتَرِقُ كَبِدِيْ وَتَذُوبُ نَفْسِيْ، بِذِكْرِكَ يا إِلهِي يَسْكُنُ عَطَشِيْ وَيَسْتَرِيحُ فُؤادِيْ وَبِهِ آنَسَ البَهآءُ كأُنْسِ الرَّضِيعِ إِلى ثَدْيِ رَحْمَتِكَ وَبِهِ اشْتاقَ البَهآءُ كاشْتِياقِ الظَّمْآنِ إِلى كَوْثَرِ عَطائِكَ يا رَحْمنُ يا مَنْ بِيَدِكَ جَبَرُوتُ الإِمكانِ، لَكَ الحَمْدُ يا إِلهِي بِما أَذِنْتَنِي بِذِكْرِكَ لَوْلاهُ بِما يَسْتأْنِسُ البَهآءُ وَيَفْرَحُ قَلْبُ البَهآءِ، بِذِكْرِكَ جُعِلْتُ غَنِيًّا مِنْ ذِكْرِ العالَمِينَ وَبِحُبِّكَ لا أَجْزَعُ عَنْ ضُرِّ الظَّالِمِينَ، فَأَرْسِلْ يا إِلهِي عَلَى أَحِبَّتِي ما تَفْرَحُ بِهِ قُلُوبُهُمْ وَتَسْتَنِيرُ بِهِ وُجُوهُهُمْ وَتُسَرُّ بِهِ ذَواتُهُمْ، وَأَنْتَ تَعْلَمُ يا إِلهِي أَنَّ فَرَحَهُمْ فِي اسْتِعْلآءِ أَمْرِكَ وَإِعْلآءِ كَلِمَتِكَ فَأَظْهِرْ يا إِلهِي ما تَقَرُّ بِهِ عُيُونُهُمْ وَقَدِّرْ لَهُمْ خَيْرَ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ إِنَّكَ أَنْتَ العَزِيزُ المُقْتَدِرُ الوَهَّابُ.

(115)

تَرَى يا إِلهِي كَيْفَ حَالَ بَيْنَ عِبادِكَ وَمَظْهَرِ نَفْسِكَ ظُلْمُ المُعْرِضِينَ مِن خَلْقِكَ، أَيْ رَبِّ فَأَنْزِلْ عَلَيْهِمْ ما يُشْغِلُهُمْ بِأَنْفُسِهِمْ، ثُمَّ اجْعَلْ بِأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ لِتَسْتَرِيحَ بِذلِكَ الأَرْضُ وَمَنْ عَلَيْها، أَيْ رَبِّ إِنَّ أَمَةً مِنْ إِمائِكَ أَرادَتْ وَجْهَكَ وَطارَتْ فِي هَوآءِ رِضائِكَ، أَيْ رَبِّ لا تَحْرِمْها عَمَّا قَدَّرْتَهُ لِخِيْرَةِ إِمائِكَ ثُمَّ اجْتَذِبْها بِآياتِكَ عَلَى شَأْنٍ تَذْكُرُكَ بَيْنَ إِمَائِكَ، إِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ عَلَى ما تَشَاءُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ العَزِيزُ المُسْتَعانُ.

(116)

يا إِلهِي وَمَحْبُوبِيْ لا مَفَرَّ لأَحَدٍ عِنْدَ نُزُولِ أَحْكامِكَ وَلا مَهْرَبَ لِنَفْسٍ لَدى صُدُورِ أَوامِرِكَ، أَوْحَيْتَ القَلَمَ أَسْرارَ القِدَمِ وَأَمَرْتَهُ أَنْ يُعَلِّمَ الإِنْسَانَ ما لَمْ يَعْلَمْ وَيُشْرِبَهُمْ كَوْثَرَ المَعَانِي مِنْ كَأْسِ وَحْيِكَ وَإِلْهامِكَ، فَلَمَّا ظَهَرَ مِنْهُ عَلَى اللَّوحِ حَرْفٌ مِنْ عِلْمِكَ المَكْنُونِ ارْتَفَعَ ضَجِيجُ العُشَّاقِ مِنْ كُلِّ الأَشْطَارِ وَبِذلِكَ وَرَدَ عَلَى الأَخْيارِ ما بَكَتْ عَنْهُ سُكَّانُ سُرادِقِ مَجْدِكَ وَناحَتْ أَهْلُ مَدائِنِ أَمْرِكَ، تَرَى يا إِلهِي فِي تِلْكَ الأَيَّامِ مَطْلَعَ أَسْمائِكَ تَحْتَ سُيُوفِ أَعْدائِكَ وَفِي هذِهِ الحالَةِ يُنادِيْ مَنْ فِي أَرْضِكَ وَسَمائِكَ وَيَدْعُوهُمْ إِلَيْكَ، فَيا إِلهِي طَهِّرْ قُلُوبَ بَرِيَّتِكَ بِسَلْطَنَتِكَ وَاقْتِدارِكَ لِيُؤَثِّرَ فِيهِمْ كَلِماتُكَ، لَمْ أَدْرِ يا إِلهِي ما فِي قُلُوبِهِمْ وَما يَظُنُّونَ فِي حَقِّكَ كَأَنَّهُمْ ظَنُّوا بِأَنَّكَ تَدْعُوهُمْ إِلى أُفُقِكَ الأَعْلَى لِيَزْدادَ بِذلِكَ شَأْنُكَ وَعِزُّكَ، وَإِنَّهُمْ لَوْ عَلِمُوا أَنَّكَ تَدْعُوهُمْ إِلى ما يَحْيى بِهِ قُلُوبُهُمْ وَتَبْقَى بِهِ أَنْفُسُهُمْ ما فَرُّوا عَنْ حُكُومَتِكَ وَما تَبَعَّدُوا عَنْ ظِلِّ سِدْرَةِ فَردانِيَّتِكَ، فَاكْشِفْ يا إِلهِي أَبْصَارَ خَلْقِكَ لِيَرَوْا مَظْهَرَ نَفْسِكَ مُقَدَّسًا عَمَّا عِنْدَهُمْ وَما يَدْعُوهُمْ إِلى أُفُقِ وَحْدانِيَّتِكَ إِلاَّ خالِصًا لِوَجْهِكَ فِي حِينِ الَّذِيْ لا يَطْمَئِنُّ لِنَفْسِهِ حَيوةً فِي أَقَلِّ مِنْ ساعَةٍ، لَوْ يُرِيْدُ نَفْسَهُ ما يُلْقِيْها بَيْنَ أَيْدِيْ أَعْدائِكَ، فَوَعِزَّتِكَ قَبِلْتُ البَلايا لإِحْياءِ مَنْ فِي سَمائِكَ وَأَرْضِكَ، إِنَّ الَّذِيْ أَحَبَّكَ لا يُحِبُّ نَفْسَهُ إِلاَّ لإِعْلآءِ أَمْرِكَ وَالَّذِيْ عَرَفَكَ لا يَعْرِفُ سِواكَ وَلا يَلْتَفِتُ إِلى دُونِكَ عَرِّفْ يا إِلهِي عِبادَكَ ما أَرَدْتَ لَهُمْ فِي مَلَكُوتِكَ ثُمَّ عَرِّفْهُمْ ما حَمَلَهُ مَصْدَرُ أَسْمائِكَ الحُسْنى لإِحْيآءِ أَنْفُسِهِمْ حُبًّا لِنَفْسِكَ لَعَلَّ إِلى كَوْثَرِ الحَيَوانِ هُمْ يَقْصُدُونَ وَإِلى شَطْرِ اسْمِكَ الرَّحْمنِ يَتَوَجَّهُونَ أَيْ رَبِّ لا تَدَعْهُمْ بِأَنْفُسِهِمْ فَاجْذِبْهُمْ بِجُودِكَ إِلى أُفُقِ سَمآءِ وَحْيِكَ هُمُ الفُقَرآءُ وَإِنَّكَ أَنْتَ الغَنِيُّ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.

(117)

سُبْحَانَكَ يا إِلهِي قَدْ ظَهَرَتْ طَلائِعُ رَبِيعِ فَضْلِكَ وَاخْضَرَّتْ بِها أَراضِي مَمْلَكَتِكَ وَأَمْطَرَتْ سَحَابُ سَمآءِ كَرَمِكَ عَلَى هذِهِ المَدِينَةِ الَّتِيْ فِيها حُبِسَ مَنْ أَرادَ عَتْقَ بَرِيَّتِكَ، وَبِهِ تَزَيَّنَتْ أَرْضُها وَتَرَوَّى أَشْجارُها وَاسْتَفْرَحَتْ أَهْلُها، وَلكِنَّ قُلُوبَ أَحِبَّتِكَ لا تُسَرُّ إِلاَّ مِنْ رَبِيعِ عَواطِفِكَ الَّذِيْ بِهِ تَخْضَرُّ الْقُلُوبُ وَتُجَدَّدُ النُّفُوسُ وَتَثْمُرُ أَشْجارُ الوُجُودِ، أَيْ رَبِّ قَدْ اصْفَرَّ نَباتُ قُلُوبِ أَحِبَّتِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيهِمْ مِنْ سَحَابِ المَعَانِي ما يُنْبِتُ مِنْ صُدُورِهِمْ كَلأُ عِلْمِكَ وَحِكْمَتِكَ، ثُمَّ اسْرُرْهُمْ بِإِظْهارِ أَمْرِكَ وَاسْتِعْلآءِ سَلْطَنَتِكَ، أَيْ ربِّ كُلٌّ مُتَرَصِّدٌ إِلى شَطْرِ جُودِكَ وَمُتَوَجِّهٌ إِلى أُفُقِ فَضْلِكَ لا تَحْرِمْهُمْ بِإِحْسَانِكَ إِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ بِسُلْطانِكَ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ الْعَزِيزُ المُهَيْمِنُ القَيُّومُ.

(118)

تَرَى يا إِلهِي عِبادَكَ تَمَسَّكُوا بِأَسْمائِكَ وَيَدْعُونَها فِي اللَّيالِي وَالأَيَّامِ، وَإِذا ظَهَرَ مَنْ خُلِقَ بِكَلِمَةٍ مِنْ عِنْدِهِ مَلَكُوتُ الأَسْمآءِ وَجَبَرُوتُ البَقآءِ انْفَضُّوا مِنْ حَوْلِهِ وَكَفَرُوا بِآياتِكَ الْكُبْرى إِلى أَنْ أَخْرَجُوهُ مِنْ دِيارِهِ وَأَدْخَلُوهُ إِلى أَخْرَبِ بِلادِكَ بَعْدَ الَّذِيْ عُمِّرَتِ الدُّنْيا لِنَفْسِهِ وَيَكُونُ جالِسًا فِي هذا السِّجْنِ الأَعْظَمِ، وَمَعَ هذَا البَلآءِ الَّذِيْ ما رَأَتْ شِبْهَهُ عَيْنُ الإِبْداع يَدْعُو النَّاسَ إِلَيْكَ يا مالِكَ الاخْتِراعِ، أَسْئَلُكَ يا خالِقَ الأُمَمِ وَمُحْيِيَ الرِّمَمِ بِأَنْ تُؤَيِّدَ عِبادَكَ عَلَى عِرفانِ مَظْهَرِ ذاتِكَ وَمَطْلَعِ قَيُّومِيَّتِكَ لِيُكَسِّرُوا بِقُدْرَتِكَ أَصْنامَ الهَوى وَيَدْخُلُوا فِي ظِلِّ رَحْمَتِكَ الكُبْرى الَّتِيْ سَبَقَتِ الأَشْيآءَ بِاسْمِكَ العَلِيِّ الأَبْهی، لَمْ أَدْرِ يا إِلهِي إِلى مَتى يَرْقُدُونَ بَرِيَّتُكَ عَلَى فِراشِ الغَفْلَةِ وَالهَوی، وَإِلى مَتى يَنامُونَ عَلَى بِساطِ البُعْدِ وَالنَّوی، قَرِّبْهُمْ يا إِلهِي إِلى المَنْظَرِ الأَعْلى وَاجْتَذِبْهُمْ مِنْ نَفَحاتِ وَحْيِكَ الَّتِيْ بِها طارَ المُوَحِّدُونَ إِلى هَوآءِ الاشْتِياقِ وَالْمُخْلِصُونَ إِلى مَطْلَعِ نَيِّرِ الآفاقِ، أَيْ رَبِّ فَاخْرُقْ حُجُباتِهِمْ لِيَرَوْكَ مُشْرِقًا عَنْ أُفُقِ أَحَدِيَّتِكَ وَطالِعًا عَنْ فَجْرِ رُبوبِيَّتِكَ، فَوَعِزَّتِكَ لَوْ وَجَدُوا حَلاوَةَ ذِكْرِكَ وَما يَنْزِلُ عَلَيْهِمْ عَنْ يَمِينِ عَرْشِ عَظَمَتِكَ لَيَضَعُونَ ما عِنْدَهُمْ وَيُسْرِعُونَ فِي بَيدآءِ الاشْتِياقِ لِيَرْتَدَّ إِلَيْهِمْ لَحَظاتُ أَعْيُنِ مَرْحَمَتِكَ وَيَتَجَلَّى عَلَيْهِمْ شَمْسُ جَمالِكَ، أَيْ رَبِّ فَاجْذِبْ أَفْئِدَتَهُمْ بِذِكْرِكَ ثُمَّ اجْعَلْهُمْ غَنِيًّا بِغَنائِكَ وَمُؤَيَّدًا عَلَى إِظْهارِ أَمْرِكَ بَيْنَ خَلْقِكَ، إِنَّكَ أَنْتَ المُعْطِ الغَفُورُ الرَّحيْمُ.

(119)

سُبْحَانَكَ يا إِلهِي تَرَى كَيْفَ ابْتُلِيْتُ بَيْنَ عِبادِكَ وَما وَرَد عَلَيَّ فِي سَبِيلِكَ، أَنْتَ تَعْلَمُ بِأَنِّي ما تَكَلَّمْتُ إِلاَّ بِإِذْنِكَ وَما يُفَكُّ شَفَتَائِي إِلاَّ بِأمْرِكَ وَإِرادَتِكَ، وَما تَنَفَّسْتُ إِلاَّ بِذِكْرِكَ وَثَنائِكَ وَما دَعَوْتُ الكُلَّ إِلاَّ إِلى ما دَعَا بِهِ أَصْفِيائُكَ فِي أَزَلِ الآزالِ، وَمَا أَمَرْتُهُمْ إِلاَّ بِما يُقَرِّبُهُمْ إِلى مَشْرِقِ عِنايَتِكَ وَمَطْلَعِ أَلْطافِكَ وَأُفُقِ غَنائِكَ وَمَظْهَرِ وَحْيِكَ وَإِلْهامِكَ، وَأَنْتَ تَعْلَمُ يا إِلهِي بِأَنِّي ما قَصَّرْتُ فِي أَمْرِكَ، أَرْسَلْتُ فِي كُلِّ الأَحْيانِ نَفَحَاتِ وَحْيِكَ عَلَى الأَشْطارِ وَعَرْفَ قَمِيصِ رَحْمانِيَّتِكَ إِلى الأَقْطَارِ، لَعَلَّ يَجِدُونَهُ عِبادُكَ وَيَتَوَجَّهُونَ بِهِ إلَيْكَ، أَسْئَلُكَ يا إِلهِي بِأَنْوارِ أَحَدِيَّتِكَ وَمَهابِطِ وَحْيِكَ بِأَنْ تُنَزِّلَ مِنْ سَحَابِ رَحْمَتِكَ ما يُطَهَّرُ بِهِ قُلُوبُ الَّذيِنَ تَوَجَّهُوا إِلَيْكَ ثُمَّ امْحِ عَنْ صُدُورِهِمْ ما يَعْتَرِضُ بِهِ العِبادُ فِي أَمْرِكَ، يا إِلهِي غَلَبَتْ إِرادَتُكَ إِرادَتِي وَظَهَرَ مِنِّيْ ما ابْتُلِيْتُ بِهِ فَارْحَمْنِي يا أَرْحَمَ الَّراحِمِينَ، وَفِّقْ يا إِلهِي عِبادَكَ عَلَى نُصْرَةِ أَمْرِكَ ثُمَّ أَشْرِبْهُمْ ما تَحْيى بِهِ قُلُوبُهُمْ فِي مَمْلَكَتِكَ لِئَلا يَمْنَعَهُمْ شَيْءٌ عَنْ ذِكْرِكَ وَثَنائِكَ، يَخْرُجُونَ مِنْ أَماكِنِهِمْ بِاسْمِكَ وَيَدْعُونَ الكُلَّ إِلَيْكَ، أَيْ رَبِّ طَهِّرْ وُجُوهَهُمْ عَنِ التَّوَجُّهِ إِلى غَيْرِكَ وَآذانَهُمْ عَنْ إِصْغآءِ كَلِماتِ الَّذِيْنَ أَعْرَضُوا عَنْ جَمالِكَ وَكَفَرُوا بِآياتِكَ، إِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ العَلِيمُ الحَكيْمُ.

(120)

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي تَرَى مَقَرِّي وَمَقامِي وَتَشْهَدُ اضْطِرابِي وَاضْطِرارِيْ وَضُرِّيْ وَابْتِلائي بَيْنَ عِبادِكَ الَّذِينَ يَقْرَئُونَ آياتِكَ وَيَكْفُرُونَ بِمُنْزِلِها، وَيَدْعُونَ أَسْمائَكَ وَيَعْتَرِضُونَ عَلَى مُوجِدِها وَيَسْتَقْرِبُونَ بِاسْمِكَ الحَبِيبِ وَيَقْتُلُونَ مَحْبُوبَ العالَمِينَ، إِلهِي وَسَيِّدِي أَنِ افْتَحْ عُيُونَهُمْ لِمُشاهَدَةِ جَمالِكَ أَوْ أَرْجِعْهُمْ إِلى مَقَرِّهِمْ فِي أَسْفَلِ النِّيرانِ، وَإِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ عَلَى ما تَشآءُ وَإِنَّكَ أَنْتَ العَزِيْزُ الحَكِيمُ فَوَعِزَّتِكَ يا إِلهِي كُلَّما أُرِيدُ أَنْ أَذْكُرَكَ يَمْنَعُنِيْ عُلُوُّكَ وَاقْتِدارُكَ، وَكُلَّما أُرِيْدُ أَنْ أَصْمُتَ يُنْطِقُنِي حُبُّكَ وَإِرادَتُكَ، فَيَا إِلهِي إِنَّ المِسْكينَ يَدْعُو مَوْلاهُ الغَنِيَّ وَالعَاجِزَ يَذْكُرُ مَوْلاهُ القَوِيَّ، إِنْ قَبِلَ مِنْهُ إِنَّهُ خَيْرُ مُعْطٍ، وَإِنْ أَطْرَدَهُ إِنَّهُ خَيْرُ عادِلٍ، وَالمَقْبُولُ يا إِلهِي مَنْ أَقْبَلَ إِلَيْكَ وَالمَحْرُومُ مَنْ غَفَلَ عَنْ ذِكْرِكَ فِي أَيَّامِكَ طُوبى لِمَنْ ذاقَ حَلاوَةَ ذِكْرِكَ وَثَنائِكَ إِنَّهُ لا يَمْنَعُهُ شَيْءٌ عَنِ التَّوَجُّهِ إِلى مَناهِجِ رِضائِكَ وَمَسالِكَ أَمْرِكَ وَلَوْ يُحارِبُهُ مَنْ عَلَى الأَرْضِ كُلُّها، فَانْظُرْ دُمُوعَ البَهآءِ يا مَحْبُوبَ البَهآءِ ثُمَّ انْظُرْ زَفَراتِ قَلْبِ البَهآءِ يا مَقْصُودَ البَهآءِ، فَوَعِزَّتِكَ وَعَظَمَتِكَ وَجَلالِكَ لَوْ تُورِثُنِي الجِنانَ كُلَّها بِدَوامِ نَفْسِكَ وَإنَّهاِ تُشْغِلُنِيْ عَنْ ذِكْرِكَ فِي أَقَلِّ مِنْ آنٍ أَتْرُكُها وَلَنْ أَتَوَجَّهَ إِلَيْها أبَدًا، أَنَا الَّذِيْ يا إِلهِيْ بِحُبِّكَ مُنِعْتُ عَنِ الدُّنْيا وَالعافِيَةِ فِيها، وَبِذِكْرِكَ قَبِلْتُ البَلايا كُلَّها، أَسْئَلُكَ يا أَنِيسَ البَهآءِ وَمَحْبُوبَ البَهآءِ بِأَنْ تَكْشِفَ الحِجابَ الَّذِيْ حالَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ عِبادِكَ لِيَعْرِفُنَّكَ بِعَيْنِكَ وَيَنْقَطِعُنَّ عَمَّا سِواكَ وَإِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ الغَفُورُ الرَّحِيمُ، لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ المُتَعالِ الكَافِ المُتَباهِ العَزِيزُ العَلِيمُ، وَالحَمْدُ لَكَ إِذْ إِنَّكَ أَنْتَ رَبُّ السَّمواتِ وَالأَرَضِينَ.

(121)

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي أَنَا الَّذِيْ أَرَدْتُ رِضَائَكَ وَأَقْبَلْتُ إِلى شَطْرِ إِفْضالِكَ وَقَدْ جِئْتُكَ مُنْقَطِعًا عَمَّا سِواكَ وَلائِذًا بِحَضْرَتِكَ وَمُقْبِلاً إِلى حَرَمِ أَمْرِكَ وَكَعْبَةِ عِزِّكَ، أَيْ رَبِّ أَسْئَلُكَ بِنِدائِكَ الَّذِيْ بِهِ سَرُعَ المُوَحِّدُوْنَ إِلى ظِلِّ عِنايَتِكَ الكُبْرى وَهَرَبَ المُخْلِصُونَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ إِلى اسْمِكَ العَلِيِّ الأَبْهی، وَبِهِ نُزِّلَتْ آياتُكَ وَحُقِّقَتْ كَلِماتُكَ وَظَهَرَ بُرْهانُكَ وَأَشْرَقَتْ شَمْسُ جَمالِكَ وَثَبَتَتْ حُجَّتُكَ وَلاحَ دَلِيلُكَ، بِأَنْ تَجْعَلَنِي مِنَ الَّذِينَ هُمْ شَرِبُوا خَمْرَ الحَيَوانِ مِنْ أَيادِي إِحْسانِكَ، وَانْقَطَعُوا عَنِ الأَكْوانِ فِي سَبِيلِكَ وَأَخَذَهُمْ سُكْرُ خَمْرِ مَعارِفِكَ عَلَى شَأْنٍ سَرُعُوا إِلى مَشْهَدِ الفِدآءِ ناطِقِينَ بِثَنائِكَ وَذاكِريْنَ بِذِكْرِكَ، ثُمَّ أَنْزِلْ يا إِلهِي عَلَيَّ ما يَجْعَلُنِيْ مُطَهَّرًا عَنْ غَيْرِكَ ثمَّ خَلِّصْنِي مِنْ أَعْدائِكَ الَّذِيِنَ كَفَرُوا بِكَ وَبِآياتِكَ، وَإِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ عَلَى ما تَشآءْ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ المُهَيْمِنُ القَيُّومُ.

(122)

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي تَرَى وَتَعْلَمُ بِأَنِّي ما دَعَوتُ عبادَكَ إِلاَّ إِلى شَطْرِ مَواهِبِكَ وَما أَمَرْتُهُمْ إِلاَّ ما أُمِرْتُ بِهِ فِي مُحْكَمِ كِتابِكَ الَّذِيْ نُزِّلَ مِنْ قَدَرِكَ المَحْتُومِ وَقَضائِكَ المَرْقُومِ، فيا إِلهِي لَيْسَ لِيْ مِنْ ذِكْرٍ إِلاَّ بِإِذْنِكَ وَلا لِيْ مِنْ حَرَكَةٍ إِلاَّ بِأَمْرِكَ، فَيا إِلهِي أَنْتَ أَظْهَرْتَنِي بِقُدْرَتِكَ وَأَقَمْتَنِيْ لإِظْهارِ أَمْرِكَ وَبِذلِكَ ابْتُلِيْتُ عَلَى شَأْنٍ مَنَعْتَ لِسانِي عَنْ ذِكْرِكَ وَثَنائِكَ، لَكَ الحَمْدُ يا إِلهِي عَلَى ما قَدَّرْتَ لِيْ بِأَمْرِكَ وَسْلْطانِكَ، أَسْئَلُكَ بِأَنْ تُثَبِّتَنِيْ وَأَحِبَّائِي عَلَى حُبِّكَ وَأَمْرِكَ، فَوَعِزَّتِكَ يا إِلهِي إِنَّ الذِّلَّةَ فِي احْتِجابِ العَبْدِ عَنْكَ وَالعِزَّةَ فِي عِرْفانِهِ إِيَّاكَ، مَعَ اسْمِكَ لا يَضُرُّنِي شَيْءٌ وَمَعَ حُبِّكَ لا يُجْزِعُنِيْ بَلآءُ العالَمِينَ، أَيْ رَبِّ فَأَنْزِلْ عَلَيَّ وَعَلَى أَحِبَّتِي ما يَحْفَظُنا عَنْ شَرِّ الَّذِيِنَهُمْ أَعْرَضُوا عَنْكَ وَكَفَرُوا بِآياتِكَ وَإِنَّكَ أَنْتَ العَزِيْزُ الْكَرِيمُ.

(123)

سُبْحَانَكَ يا إِلهِي قَدْ قَدَّرْتَ لِعِبادِكَ المُقَرَّبِينَ فِي رِضْوانِكَ الأَعْلَى مَقاماتٍ لَوْ يَظْهَرُ مَقامٌ مِنْها لَيَنْصَعِقُ مَنْ فِي السَّمَواتِ وَالأَرْضِ، فَوَعِزَّتِكَ لَوْ يَرَوْنَهُ المُلُوكُ لَيَنْقَطِعُنَّ عَنْ مَمالِكهِمْ وَيَتَوَجَّهُنَّ إِلى المَمْلُوكِ الَّذِيْ اسْتَظَلَّ فِي جِوارِ رَحْمَتِكَ الكُبْرى فِي ظِلِّ اسْمِكَ الأَبْهی، أَسْئَلُكَ يا مَحْبُوبَ العالَمِينَ وَمَقْصُودَ العارِفِينَ بِاسْمِكَ الَّذِيْ بِهِ تُقَلِّبُ مَنْ تَشآءُ وَتُقَرِّبُ مَنْ تَشآءُ، بِأَنْ تَفْتَحَ أَبْصارَ أَحِبَّتِكَ لِئَلا يَحْتَجِبُوا كما احْتَجَبَ مَنْ فِي البِلادِ وَيَرَوْا آثارَ قُدْرَتِكَ ظاهِرًا وَما قَدَّرْتَ لَهُمْ فِي مَمالِكَ عِزِّكَ باطِنًا، إِنَّكَ أنْتَ المُقْتَدِرُ عَلَى ما تَشآءُ وَإِنَّكَ أَنْتَ المَحْبُوبُ فِي الآخِرَةِ وَالأُولى لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ العَلِيُّ الأَبْهی.

(124)

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي كُلَّما أُرِيدُ أَنْ أَذْكُرَكَ يَمْنَعُنِي خَطِيئَاتِيَ الكُبْرى وَجَرِيراتِيَ العُظْمی، وَبِها أَجِدُ نَفْسِيْ مَحْرُومَةً عَنْكَ وَمَمْنُوعَةً عَنْ ذِكْرِكَ، وَلكِنَّ إِيقانِي بِكَرَمِكَ يُشَجِّعُنِيْ وَاطْمِئْنانِي بِجُودِكَ يُطْمِعُنِيْ بِأَنْ أَذْكُرَكَ وَأَطْلُبَ مِنْكَ ما عِنْدَكَ، أَسْئَلُكَ يا إِلهِي بِرَحْمَتِكَ الَّتِيْ سَبَقَتِ الأَشْيآءَ وَيَشْهَدُ بِها مَنْ فِي لُجَجِ الأَسْمآءِ بِأَنْ لا تَدَعَنِي بِنَفْسِيْ لأنَّها أَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ، فَاحْفَظْنِي فِي حِصْنِ عِصْمَتِكَ وَكَنَفِ حِمايَتِكَ، أَنَا الَّذِيْ يا إِلهِي ما أُرِيْدُ إِلاَّ ما أَنْتَ قَضَيْتَهُ بِقُدْرَتِكَ، وَهذا مَا اخْتَرْتُهُ لِنَفْسِي أَنْ يُؤَيِّدَنِي حُسْنُ قَضائِكَ وَتَقْدِيرِكَ وَيُسْعِدَنِي شُئُوناتُ إِمْضائِكَ وَإِذْنِكَ، أَسْئَلُكَ يا حَبِيبَ قُلُوبِ المُشْتاقِينَ بِمَظاهِرِ أَمْرِكَ وَمَهابِطِ وَحْيِكَ وَمَطالِعِ عِزِّكَ وَمَخازِنِ عِلْمِكَ، بِأَنْ لا تَجْعَلَنِي مَحْرُومًا عَنْ بَيْتِكَ الحَرامِ وَالمَشْعَرِ وَالمَقامِ، أَيْ رَبِّ وَفِّقْنِي عَلَى الوُرُودِ فِي ساحَةِ قُدْسِهِ وَالطَّوافِ فِي حَوْلِهِ وَالقِيامِ تِلْقاءَ بابِهِ، إِنَّكَ أَنْتَ الَّذِيْ لَمْ تَزَلْ كُنْتَ مُقْتَدِرًا وَلا تَزالُ تَكُونُ مُهَيْمِنًا لا يَعْزُبُ عَنْ عِلْمِكَ مِنْ شَيْءٍ، وَإِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ العَزِيزُ العَلِيمُ.

(125)

يا مَنْ كُلُّ شَيْءٍ مُضطَرِبٌ مِنْ خَشْيَتِكَ، وَكُلُّ الوُجُوهِ ساجِدَةٌ عِنْدَ ظُهُوراتِ أَنْوارِ وَجْهِكَ، وَكُلُّ الأَعْناقِ خاضِعَةٌ لِسَلْطَنَتِكَ، وَكُلُّ القُلُوبِ مُنْقادَةٌ لِحُكُومَتِكَ، وَكُلُّ الأَركانِ مُضْطَرِبَةٌ مِنْ سَطْوَتِكَ، وَكُلُ الأَرْياحِ مُسَخَّراتٌ بِأَمْرِكَ، أَسْئَلُكَ بِنَفاذِ أَمْرِكَ وَاقْتِدارِكَ وَإِعْلآءِ كَلِمَتِكَ وَسُلْطانِكَ، بِأَنْ تَجْعَلَنا مِنَ الَّذِينَ ما مَنَعَتْهُمُ الدُّنْيا عَنِ التَّوَجُّهِ إِلَيْك، أَيْ رَبِّ فَاجْعَلْنِي مِنَ الَّذِينَ جاهَدُوا فِي سَبِيلِكَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ، ثُمَّ اكْتُبْ لِيْ أَجْرَ هؤلآءِ فِي لَوْحِ قَضائِكَ، ثُمَّ اجْعَلْ لِيْ مَقْعَدَ صِدْقٍ عِنْدَكَ، ثُمَّ أَلْحِقْنِي بِعِبادِكَ المُخْلِصِينَ، أَيْ رَبِّ أَسْئَلُكَ بِرُسُلِكَ وَأَصْفِيائِكَ وَبِالَّذِيْ خَتَمْتَ بِهِ مَظاهِرَ أَمْرِكَ بَيْنَ بَرِيَّتِكَ وَزَيَّنْتَهُ بِخاتَمِ القَبُولِ بَيْنَ أَهْلِ أَرْضِكَ وَسَمائِكَ، بِأَنْ تُوَفِّقَنِيْ عَلَى ما قَدَّرْتَهُ لِعِبادِكَ وَأَمَرْتَهُمْ بِهِ فِي أَلْواحِكَ، ثُمَّ اغْفِرْ لِي يا إِلهِي بِفَضْلِكَ وَجُودِكَ ثُمَّ اجْعَلْنِيْ مِنَ الَّذِينَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ وَإِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ المُهَيْمِنُ القَيُّومُ.

(126)

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي أَنْتَ الَّذِيْ مِنْ نارِ حُبِّكَ اشْتَعَلَ أَفْئِدَةُ المُوَحِّدِينَ، وَبِأَنْوارِ وَجْهِكَ اسْتَضائَتْ وُجُوهُ المُقَرَّبِينَ، فَما أَعْذَبَ يا إِلهِي كَوْثَرَ عِرْفانِكَ وَما أَحْلَى يا مَحْبُوبِيْ سِهامَ الأَشْقِيآءِ فِي حُبِّكَ وَرِضائِكَ فَما أَلَذَّ سَيْفَ المُشْرِكِينَ فِي سَبِيلِكَ وَإِظْهارِ أَمْرِكَ، أَسْئَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِيْ بِهِ تَبَدَّلَ الاضْطِرابُ بِالاطْمِئْنانِ وَالخَوْفُ بِالأَمانِ وَالضَّعْفُ بِالقُدْرَةِ وَالذِّلَّةُ بِالعِزَّةِ، بِأَنْ تُؤَيِّدَنِي وَعِبادَكَ عَلَى إِعْلآءِ ذِكْرِكَ وَإِبْلاغِ كَلِمَتِكَ وَإِظْهارِ أَمْرِكَ بِحَيْثُ لا يَمْنَعُنا يا مَحْبُوبِي سَطْوَةُ الظَّالِمِينَ وَغَضَبُ المُشْرِكِينَ، أَيْ رَبِّ أَنَا أَمَتُكَ الَّتِيْ سَمِعْتُ نِدائَكَ وَسَرُعْتُ إِلَيْكَ هارِبَةً مِنْ نَفْسِيْ وَمُقْبِلَةً إِلَيْكَ، أَيْ رَبِّ أَسْئَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِيْ مِنْهُ ظَهَرَتْ كُنُوزُ الأَرْضِ كُلُّها بِأَنْ تَحْفَظَنِيْ مِنْ إِشاراتِ الَّذِينَهُمْ كَفَرُوا بِنَفْسِكَ وَأَعْرَضُوا عَنْكَ وَإِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ عَلَى ما تَشآءُ وَإِنَّكَ أَنْتَ العَلِيمُ الحَكِيمُ.

(127)

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي لَمْ أَدْرِ أَيَّ نارٍ اشْتَعَلْتَ فِي صَدْرِيْ بِحَيْثُ يُسْمَعُ مِنْ كُلِّ أَرْكانِي زَفِيرُها وَيُشْهَدُ لَهِيبُها، لَوْ يَذْكُرُكَ لِسانِي بِأَنَّكَ أَنْتَ كُنْتَ قادِرًا فَوْقَ كُلِّ ذِي قُدْرَةٍ يُخاطِبُنِي لِسانُ قَلْبِي “هذِهِ كَلِمَةٌ تَرْجِعُ إِلى شَكْلِها وَمِثْلِها وَإِنَّهُ لَهُوَ المُقَدَّسُ عَنْ ذِكْرِ العالَمِينَ” فَوَعِزَّتِكَ يا مَحْبُوبِي أَجِدُ فِي كُلِّ أَرْكانِيْ لِسانًا وَيَكُونُ ناطِقًا بِذِكْرِكَ وَثَنائِكَ، بِحُبِّكَ لا يُجْزِعُنِيْ بُغْضُ أَعْدائِكَ وَبِذِكْرِكَ لا يُحْزِنُنِي شُئُوناتُ قَضائِكَ، فَأَثْبِتْ فِي قَلْبِيْ حُبَّكَ ثُمَّ دَعْنِي لِيَرِدَ عَلَيَّ سُيُوفُ مَنْ عَلَى الأَرْضِ كُلِّها، تَاللَّهِ كُلُّ شَعْرٍ مِنْ أَشْعارِيْ يَقُولُ لَوْلا البَلايا فِي سَبِيلِكَ ما لَذَّ لِي حُبُّكَ وَعِشْقُكَ، أَيْ رَبِّ فَأَنْزِلْ عَلَيَّ وَعَلَى أَحِبَّتِي ما يَسْتَقِيمُهُمْ عَلَى أَمْرِكَ، ثُمَّ اجْعَلْهُمْ أَيادِيَ أَمْرِكَ بَيْنَ عِبادِكَ لِيَنْتَشِرَ مِنْهُمْ آثارُكَ وَيَظْهَرَ سُلْطانُكَ، لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ المُقْتَدِرُ عَلَى ما تُرِيْدُ وَإِنَّكَ أَنْتَ العَزِيزُ الحَمِيدُ.

 

(128)

سُبْحَانَكَ يا إِلهِي إِنِّيْ عَبْدٌ مِنْ عِبادِكَ آمَنْتُ بِكَ وَبِآياتِكَ وَتَرانِيْ يا إِلهِي مُقْبِلاً إِلى بابِ رَحْمَتِكَ وَشَطْرِ عِنايَتِكَ، أَسْئَلُكَ بِأَسْمائِكَ الحُسْنى وَصِفاتِكَ العُلْيا بِأَنْ تَفْتَحَ عَلَى وَجْهِيْ أَبْوابَ الخَيْراتِ، ثُمَّ وَفِّقْنِيْ عَلَى الحَسَناتِ يا مالِكَ الأَسْماءِ وَالصِّفاتِ، أَيْ رَبِّ أَنَا الفَقِيرُ وَأَنْتَ الغَنِيُّ قَدْ تَوَجَّهْتُ إِلَيْكَ مُنْقَطِعًا عَمَّا سِواكَ، أَسْئَلُكَ بِأَنْ لا تَحْرِمَنِي مِنْ نَفَحاتِ رَحْمَةِ رَحْمانِيَّتِكَ وَلا تَمْنَعَنِيْ عَمَّا قَدَّرْتَهُ لِخِيْرَةِ عِبادِكَ، أَيْ رَبِّ فَاكْشِفْ غِطَاءَ عَيْنِيْ لأرَى ما أَرَدْتَهُ لِبَرِيَّتِكَ وَأُشاهِدَ آثارَ قُدْرَتِكَ فِي مَظاهِرِ صُنْعِكَ، أَيْ رَبِّ فَاجْذِبْنِي بِآياتِكَ الكُبْرى ثُمَّ أَنْقِذْنِيْ مِنْ غَمَراتِ النَّفْسِ وَالهَوی، ثُمَّ اكْتُبْ لِيْ خَيْرَ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ إِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ عَلَى ما تَشاءُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ العَزِيزُ المُسْتَعانُ، أَيْ رَبِّ لَكَ الحَمْدُ بِما أَيْقَظْتَنِي عَنِ النَّومِ بِحَيْثُ انْتَبَهْتُ وَأَرَدْتُ أَنْ أَعْرِفَ ما غَفَلَ عَنْهُ أَكثَرُ عِبادِكَ، أَيْ رَبِّ فَاجْعَلْنِيْ مُسُتَقِيمًا عَلَى ما أَرَدْتُهُ فِي حُبِّكَ وَرِضائِكَ، إِنَّكَ أَنْتَ الَّذِيْ يَشْهَدُ كُلُّ شَيْءٍ بِقُدْرَتِكَ وَسُلْطانِكَ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ المُتَعالِ العَزِيزُ المَنَّانُ.

(129)

سُبْحَانَكَ يا إِلهِي تَرَى عِبادَكَ الأَخْيارَ تَحْتَ أَيادِي الأَشْرارِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِاسْمِكَ المُخْتارِ وَأَنْكَرُوا عَظَمَتَكَ وَاخْتِيارَكَ وَقُدْرَتَكَ وَاقْتِدارَكَ، وَيَقُولُونَ ما قالَهُ اليَهُودُ مِنْ قَبْلُ، أَيْ رَبِّ فَأَخْرِجْ يَدَ قُدْرَتِكَ مِنْ رِدآءِ عَظَمَتِكَ، ثُمَّ انْصُرْ بِها أَحِبَّتَكَ الَّذِينَ ما مُنِعُوا عَنْ أُفُقِ وَحْيِكَ بَعْدَ الَّذِيْ وَرَدَ عَلَيْهِمْ فِي سَبِيلِكَ ما ناحَ بِهِ سُكَّانُ مَلَكُوتِ أَمْرِكَ، أَيْ رَبِّ فَاخْتِمْ قُلُوبَهُمْ بِخَاتَمِ عِصْمَتِكَ لِئَلا يَدْخُلَ فِيها ذِكْرُ غَيْرِكَ، ثُمَّ اجعَلْهُمْ مُنادِيًا بِاسْمِكَ بَيْنَ خَلْقِكَ، ثُمَّ ارْزُقْهُمْ خَيْرَ ما قَدَّرْتَهُ لِلْمُقَرَّبِينَ مِنْ أَصْفِيائِكَ، إِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ عَلَى ما تَشاءُ وَإِنَّكَ أَنْتَ العَزِيزُ المُسْتَعانُ.

(130)

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي تَرَى كَيْفَ أَحاطَتِ البَلايا عِبادَكَ فِي كُلِّ الأَطْرافِ، وَكُلٌّ قامُوا عَلَيْهِمْ بِالاعْتِسافِ، فَوَعِزَّتِكَ لَوْ يَجْتَمِعُ عَلَيْنا أَشْقِيآءُ الأَرْضِ كُلُّهُمْ وَيُحْرِقُونَنا بِأَشَدِّ ما يُمْكنُ فِي الإِبْداعِ لا يُحَوَّلُ أَبْصارُنا عَنِ النَّظَرِ إِلى أُفُقِ اسْمِكَ العَلِيِّ الأَعْلى وَلا يُقَلَّبُ قُلُوبُنا عَنِ التَّوَجُّهِ إِلى مَنْظَرِكَ الأَبْهی، فَوَعِزَّتِكَ إِنَّ السِّهامَ فِي سَبِيلِكَ دِيْباجٌ لِهَيَاكِلِنا وَالرِّماحَ فِي حُبِّكَ حَرِيرٌ لأبْدانِنا، فَوَعِزَّتِكَ لا يَنْبَغِي لأَحِبَّائِكَ إِلاَّ ما سُطِرَ مِنْ قَلَمِ تَقْديِرِكَ فِي هذا اللَّوْحِ العَزِيزِ العَظِيمِ وَالحَمْدُ لِنَفْسِكَ فِي كُلِّ الأَحْوالِ وَإِنَّكَ أَنْتَ العَلِيمُ الحَكِيمُ.

(131)

سُبْحَانَكَ يا إِلهِي تَرَى بَهائَكَ فِي حِصْنِ العَكَّا مَسْجُونًا مَظْلُومًا بِما اكتَسَبَتْ أَيْدِي الأَشْقِيآءِ الَّذِيْنَ مَنَعَهُمْ الهَوَى عَنِ التَّوَجُّهِ إِلَيْكَ يا مالِكَ الأَسْماءِ، فَوَعِزَّتِكَ لا يَمْنَعُنِي البَلآءُ عَنْ ذِكْرِكَ وَثَنائِكَ، إِنَّ البَلِيَّةَ فِي حُبِّكَ رَحْمَتُكَ عَلَى خَلْقِكَ وَالرَّزِيَّةَ فِي سَبِيلِكَ نِعْمَتُكَ لأَصْفِيائِكَ، أَشْهَدُ بِأَنَّ البَلآءَ أَضاءَ وَجْهَ البَهآءِ عَنْ مَشْرِقِ البَقآءِ وَزَيَّنَ هَيْكَلَهُ بَيْنَ الأَرْضِ وَالسَّمآءِ، أَيْ رَبِّ أَسْئَلُكَ بِاسْمِكَ الأَعْظَمِ بِأَنْ تُؤَيِّدَ الَّذِينَ آمَنُوا بِكَ وَبِآياتِكَ عَلَى الاسْتِقامَةِ عَلَى حُبِّكَ وَالتَّوَجُّهِ إِلى مَطْلِعِ شَمْسِ عِنايَتِكَ، فَأَلْهِمْهُمْ يا إِلهِي بِما يُنْطِقُهُمْ بِذِكْرِكَ وَيُقَرِّبُهُمْ إِلَيْكَ فِي الدُّنْيا وَالآخِرَةِ، إِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ العَزِيزُ المَنَّانُ.

(132)

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي أَسْئَلُكَ بِقُدْرَتِكَ الَّتِي أَحاطَتِ المُمْكِناتِ وَبِسُلْطانِكَ الَّذِي اسْتَعْلى عَلَى المَوْجُوداتِ وَبِكَلِمَتِك الَّتِيْ كانَتْ مَكْنُونَةً فِي عِلْمِكَ وَبِها خَلَقْتَ سَمائَكَ وَأَرْضَكَ بِأَنْ تَجْعَلَنا مُسْتَقِيمِينَ عَلَى حُبِّكَ وَرِضائِكَ وَناظِرِينَ إِلى وَجْهِكَ وَناطِقِينَ بِثَناءِ نَفْسِكَ، ثُمَّ اجْعَلْنا يا إِلهِي ناشِرِي آثارِكَ بَيْنَ بَرِيَّتِكَ وَحافِظِي دِينِكَ فِي مَمْلَكَتِكَ، وَإِنَّكَ أَنْتَ كُنْتَ مِنْ دُونِ ذِكْرِ شَيْءٍ وَتَكُونُ بِمِثْلِ ما كُنْتَ فِي أَزَلِ الآزالِ، عَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْكَ تَوَجَّهْتُ وَبِحَبْلِ عُطُوفَتِكَ تَمَسَّكْتُ وَإِلى ظِلِّ رَحْمَتِكَ سَرُعْتُ لا تَطْرُدْنِي يا إِلهِي عَنْ بابِكَ خائِبًا وَلا تَمْنَعْنِي عَنْ فَضْلِكَ لأنِّي كُنْتُ راجِيًا، لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ الغَفُورُ الكَرِيْمُ وَالحَمْدُ لَكَ يا مَحْبُوبَ العَارِفِينَ.

(133)

يا مَنْ بَلائُكَ دَواءُ المُقَرَّبِينَ وَسَيْفُكَ رَجاءُ العاشِقِينَ وَسَهْمُكَ مَحْبُوبُ المُشْتاقِينَ وَقَضائُكَ أَمَلُ العَارِفِينَ، أَسْئَلُكَ بِمَحْبُوبِيَّةِ نَفْسِكَ وَبِأَنْوارِ وَجْهِكَ بِأَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْنا عَنْ شَطْرِ أَحَدِيَّتِكَ ما يُقَرِّبُنا إِلى نَفْسِكَ، ثُمَّ اسْتَقِمْ يا إِلهِي أَرْجُلَنَا عَلَى أَمْرِكَ وَنَوِّرْ قُلُوبَنا بِأَنْوارِ مَعْرِفَتِكَ وَصُدُورَنَا بِتَجَلِّياتِ أَسْمائِك.

(134)

أَيْ رَبِّ أَنَا الَّذِيْ وَجَّهْتُ وَجْهِيْ إِلَيْكَ وَأَكُونُ آمِلاً بَدائِعَ فَضْلِكَ وَظُهُوراتِ كَرَمِكَ، أَسْئَلُكَ بِأَنْ لا تُخَيِّبَنِيْ عَنْ بابِ رَحْمَتِكَ وَلا تَدَعَنِي بَيْنَ المُشْرِكينَ مِنْ خَلْقِكَ، فَيا إِلهِي أَنَا عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ اعْتَرَفْتُ بِكَ فِي أَيَّامِكَ وَأَقْبَلْتُ إِلى شاطِئِ تَوْحِيدِكَ مُعْتَرِفًا بِفَرْدانِيَّتِكَ وَمُذْعِنًا بِوَحْدانِيَّتِكَ وَآمِلاً عَفْوَكَ وَغُفْرانَكَ وَإِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ عَلَى ما تَشاءُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ العَزيزُ الغَفُورُ.

(135)

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي أَشْهَدُ أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ لَمْ تَزَلْ كُنْتَ مُقَدَّسًا عَنْ ذِكْرِ غَيْرِكَ وَمُتَعالِيًا عَنْ وَصْفِ خَلْقِكَ، قَدِ اعْتَرَفَ كُلُّ شَيْءٍ بِوَحْدانِيَّتِكَ وَأَقَرَّ مَنْ فِي المُلْكَ بِفَرْدانِيَّتِكَ، لَمْ يَصْعَدْ إِلَيْكَ حقائِقُ العِرْفانِ مِنْ أُوْلِي الإِيقانِ مِنْ خَلْقِكَ، وَلا يَعْرُجُ إِلى هَوآءِ قُدْسِكَ جَواهِرُ الذِّكْرِ وَالبَيانِ مِنْ بَرِيَّتِكَ، لأَنَّ العِرْفانَ كانَ وَصْفَ خَلْقِكَ كَيْفَ يَصِلُ إِلَيْكَ، وَالذِّكْرَ وَالبَيانَ يُنْسَبانِ إِلى عِبادِكَ كَيْفَ يَلِيقانِ لِساحَةِ أَحَدِيَّتِكَ، فَوَعِزَّتِكَ عَجِزَتْ كَيْنُونَةُ العِرْفانِ عَنْ عِرْفانِ نَفْسِكَ، وَقَصَرَتْ ذاتِيَّةُ الأَذْكارِ عَنْ بِساطِ عِزِّكَ وَجَبَّارِيَّتِكَ كُلُّ ما يُذْكَرُ بِالبَيانِ أَوْ يُدْرَكَ بِالعِرْفانِ إِنَّهُ وَصْفُ خَلْقِكَ وَكانَ مَخْلُوقًا بِمَشِيَّتِكَ وَمَجْعُولاً بِإِرادَتِكَ، أَسْئَلُكَ يا مَنْ لا تُعْرَفُ بِغَيْرِكَ وَلا تُدْرَكَ بِسِواكَ بِمَظْلُومِيَّةِ مَطْلَعِ أَمْرِكَ بَيْنَ أَراذِلِ خَلْقِكَ وَبِما وَرَدَ عَلَيهِ فِي سَبِيْلِكَ بِأَنْ تَجْعَلَنِيْ فِي كُلِّ الأَحْوالِ راضِيًا بِرِضائِكَ وَناظِرًا إِلى أُفُقِ مَشِيَّتِكَ وَمُسْتَقِيمًا عَلَى مَحَبَّتِكَ، أَيْ رَبِّ قَدْ تَوَجَّهْتُ إِلَيْكَ كما أَمَرْتَنِي فِي كِتابِكَ وَأَقْبَلْتُ إِلى أُفُقِ عِنايَتِكَ بِما أَذِنْتَ لِيْ فِي أَلْواحِكَ، أَسْئَلُكَ بِأَنْ لا تَطْرُدَنِي عَنْ بابِ فَضْلِكَ وَتَكْتُبَ لِي أَجْرَ مَنْ فازَ بِلِقائِكَ وَقَامَ عَلَى خِدْمَتِكَ وَأَخَذَتْهُ رَشَحاتُ بَحْرِ أَلْطافِكَ فِي أَيَّامِكَ وَإِشْراقاتُ شَمْسِ مَواهِبِكَ عِنْدَ ظُهُورِ أَنْوارِ وَجْهِكَ إِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ عَلَى ما تَشاءُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ المُهَيْمِنُ القَيُّومُ.

(136)

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي أَنَا عَبْدُكَ الَّذِيْ تَمَسَّكْتُ بِحَبْلِ أَلْطافِكَ وَتَشَبَّثْتُ بِذَيْلِ إِفْضالِكَ، أَسْئَلُكَ بَاسْمِكَ الَّذِي سَخَّرْتَ بِهِ الوُجُودَ مِنَ الغَيْبِ وَالشُّهُودِ، وَبِهِ مَرَّتْ نَفْحَةُ الحَيَوانِ عَلَى مَنْ فِي الإِمْكانِ بِأَنْ تَجْعَلَنِي قَوِيًّا بِقُوَّتِكَ الَّتِيْ أَحاطَتِ الأَرْضَ وَالسَّماءَ، وَتَحْفَظَنِي عَنْ كُلِّ سَقَمٍ وَبَلآءٍ، أَشْهَدُ أَنَّكَ أَنْتَ مالِكُ الأَسْمآءِ وَالحاكِمُ عَلَى ما تَشآءُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ المُقْتَدِرُ العَلِيمُ الحَكِيمُ، أَيْ رَبِّ قَدِّرْ لِي ما يَنْفَعُنِي فِي كُلِّ عالَمٍ مِنْ عَوالِمِكَ ثُمَّ ارْزُقْنِي ما كَتَبْتَهُ لأصْفِياءِ خَلْقِكَ الَّذِينَ ما مَنَعَتْهُمْ فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لائِمٍ وَلا شَماتَةُ مُشْرِكٍ وَلا إعْراضُ مُعْرِضٍ إِنَّكَ أَنْتَ المُهَيْمِنُ بِسُلْطانِكَ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ المُقْتَدِرُ القَدِيرُ.

(137)

سُبْحَانَكَ يا إِلهِي لَكَ الحَمْدُ بِما عَرَّفْتَنِي مَطْلَعَ رَحْمَتِكَ وَمَشْرِقَ فَضْلِكَ وَمَصْدَرَ أَمْرِكَ، أَسْئَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِيْ بِهِ ابْيَضَّتْ وُجُوهُ المُقَرَّبِينَ وَطارَتْ أَفْئِدَةُ المُخْلِصِينَ بِأَنْ تَجْعَلَنِي فِي كُلِّ الأَحْوالِ مُتَمَسِّكًا بِحَبْلِكَ وَمُنْقَطِعًا عَنْ دُونِكَ وَناظِرًا إِلى أُفُقِ وَحْيِكَ وَعامِلاً بِما أَمَرْتَنِي بِهِ فِي أَلْواحِكَ، أيْ رَبِّ زَيِّنْ ظاهِرِي وَباطِنِي بِرِداءِ أَلْطافِكَ وَعِنايَتِكَ، ثُمَّ احْفَظْنِي عَمَّا لا يُحِبُّهُ رِضائُكَ وَأَيِّدْنِي وَأَهْلِيْ عَلَى طاعَتِكَ وَالتَّجَنُّبِ عَمَّا تَشْتَهِيْ بِهِ النَّفْسُ وَالهَوی، إِنَّكَ أَنْتَ مَوْلَى الوَرى وَمالِكُ الآخِرَةِ وَالأُولى لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ العَلِيمُ الحَكِيْمُ.

(138)

اللَّهُمَّ يا إِلهَ الأَسْماءِ وَفاطِرَ السَّماءِ أَسْئَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي بِهِ ظَهَرَ مَطْلَعُ قُوَّتِكَ وَمَشْرِقُ اقْتِدارِكَ وَجَرَى كُلُّ جِسْمٍ وَحَيَّ كُلُّ جَسَدٍ وَثَبَتَ كُلُّ رُوحٍ بِأَنْ تَجْعَلَنِي مُنْقَطِعًا إِلَيْكَ وَخادِمًا لأَمْرِكَ وَمُرِيدًا ما أَرَدْتَهُ بِسُلْطانِكَ وَعامِلاً ما يُحِبُّهُ رِضائُكَ، ثُمَّ أَسْئَلُكَ يا إِلهِي بِأَنْ تُقَدِّرَ لِي ما يَجْعَلُنِي مُنْقَطِعًا عَنْ دُونِكَ، يا إِلهِي تَرَانِي مُتَوَجِّهًا إِلَيْكَ وَمُتَمَسِّكًا بِحَبْلِ إِفْضالِكَ أَنْزِلْ عَلَيَّ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِكَ ثُمَّ اكْتُبْ لِيْ ما كَتَبْتَهُ لأَصْفِيائِكَ إِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ عَلَى ما تَشاءُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ الغَفُورُ الْكَرِيمُ.

(139)

سُبْحَانَكَ يا مَنْ سَخَّرْتَ مَلأَ الإِنْشاءِ مِنْ حَرَكَةِ قَلَمِكَ الأَعْلَى وَأَظْهَرْتَ لَئالِئَ بَحْرِ العِرْفانِ إِذْ نَطَقَ لِسانُكَ بَيْنَ الأَرْضِ وَالسَّمآءِ، أَشْهَدُ أَنَّ قُدْرَتَكَ أَحَاطَتِ الكائِناتِ وَرَحْمَتَكَ سَبَقَتِ المُمْكِناتِ، ما عَجَّزَكَ سَطْوَةُ أَهْلِ العالَمِ وَما مَنَعَكَ ضَوْضآءُ الأُمَمِ، أَظْهَرْتَ فِي المُلْكَ ما أَرَدْتَهُ بِسُلْطانِكَ وَحَكَمْتَ بِما تَعَلَّقَ بِهِ مَشِيَّتُكَ، إِنَّكَ كُنْتَ لَمْ تَزَلْ فِي عُلُوِّ القُدْرَةِ وَالاسْتِقْلالِ وَلا تَزالُ فِي سُمُوِّ العَظَمَةِ وَالإِجْلالِ، أَسْئَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِيْ بِهِ تَضَوَّعَتْ نَفَحاتُ قَمِيصِ وَصْلِكَ وَمَرَّتْ عَلَى هَياكلِ الوُجُودِ أَرْياحُ جُودِكَ وَفَضْلِكَ بِأَنْ تَجْعَلَنِي فِي كُلِّ الأَحْوالِ مُؤَيَّدًا لِخِدْمَةِ أَمْرِكَ وَمُوَفَّقًا عَلَى ذِكْرِكَ وَثَنائِكَ، ثُمَّ احْفَظْنِي يا إِلهِي بِذِراعَيْ قُدْرَتِكَ وَقَدِّرْ لِي ما يَنْبَغِي لِجُودِكَ فِي كُلِّ عَالَمٍ مِنْ عَوالِمِكَ، أَيْ رَبِّ تَرَانِي مُقْبِلاً إِلى بَحْرِ فَضْلِكَ وَكَعْبَةِ عَطائِكَ، أَسْئَلُكَ بِأَنْ لا تَجْعَلَنِي مَحْرُومًا عَنْ تَرَشُّحَاتِ بَحْرِ جُودِكَ وَلا مَمْنُوعًا عَنْ أَمْطارِ سَحابِ مَرْحَمَتِكَ، أَنَا الَّذِيْ يا إِلهِي تَشَبَّثْتُ بِذَيْلِكَ المُنِيرِ وَتَمَسَّكْتُ بِحَبْلِكَ المُحْكَمِ المَتِينِ، أَشْهَدُ أَنَّكَ خَلَقْتَنِي وَرَزَقْتَنِي وَرَبَّيْتَنِي وَأَطْعَمْتَنِي وَأَغْذَيْتَنِي لِعِرْفانِ مَطْلَعِ آياتِكَ وَمَظْهَرِ بَيِّناتِكَ، فَأَحْمَدُكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي بِما جَعَلْتَنِي فائِزًا بِهذا المَقامِ الأَعْلَى وَهَذِهِ الرُّتْبَةِ العُلْيا، إِنَّكَ أَنْتَ المُعْطِ المُقْتَدِرُ الباذِلُ الغَفُورُ الْكَرِيمُ، أَيْ رَبِّ نَوِّرْ بَصَرِيْ بِأَنْوارِ أُفُقِ ظُهُورِكَ وَقَلْبِي بِتَشَعْشُعاتِ شَمْسِ عِلْمِكَ وَحِكْمَتِكَ لأَكُونَ بِكُلِّي مُتَوَجِّهًا إِلى وَجْهِكَ وَمُنْقَطِعًا عَنْ دُونِكَ بِحَيْثُ لا تَمْنَعُنِي الشُّئُوناتُ عَنْ عِرْفانِ مَظْهَرِ نَفْسِكَ وَمَطْلَعِ آياتِكَ وَمَشْرِقِ وَحْيِكَ وَمَصْدَرِ أَمْرِكَ، إِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ المُتَعالِ المُهَيْمِنُ العَزِيزُ الحَكِيمُ.

(140)

سُبْحَانَكَ يا إِلهِي قَدِ اعْتَرَفَ عَبْدُكَ هذا بِأَنَّكَ لا تُوصَفُ بِسِواكَ وَلا تُذْكرُ بِدُونِكَ، كُلَّما يَعْرُجُ أَهْلُ الحَقِيقَةِ إِلى سَماءِ ذِكْرِكَ لا يَصِلُنَّ إِلاَّ إِلى المَقامِ الَّذِيْ خُلِقَ فِي أَفْئِدَتِهِمْ بِأَمْرِكَ وَتَقْدِيرِكَ، كَيْفَ يَقْدِرُ العَدَمُ أَنْ يَعْرِفَ القِدَمَ أَوْ يَصِفَهُ بِما يَنْبَغِيْ لِسُلْطانِهِ وَعَظَمَتِهِ وَكِبْرِيائِهِ، لا وَنَفْسِكَ يا مالِكَ الأُمَمِ قَدْ شَهِدَ الكُلُّ بِعَجْزِ نَفْسِهِ وَاقْتِدارِ نَفْسِكَ وَدُنُوِّ ذاتِهِ وَعُلُوِّ ذاتِكَ، أَسْئَلُكَ بِآخِرِيَّتِكَ الَّتِي كانَتْ نَفْسَ أَوَّلِيَّتِكَ وَظَاهِرِيَّتِكَ الَّتِيْ كانَتْ عَيْنَ باطِنِيَّتِكَ بِأَنْ تَجْعَلَ أَحِبَّائَكَ وَأَبْنائَهُمْ وَذَوِيْ قَرابَتِهِمْ مَظاهِرَ تَقْدِيْسِكَ بَيْنَ خَلْقِكَ وَمَطالِعَ تَنْزِيهِكَ بَيْنَ عِبادِكَ إِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ عَلَى ما تَشاءُ وَإِنَّكَ أَنْتَ المُهَيْمِنُ القَيُّومُ.

(141)

لَكَ الحَمْدُ يا إِلهِي بِما جَعَلْتَنِيْ هَدَفًا لِسِهامِ أَعْدائِكَ فِي سَبِيلِكَ، أَشْكُرُكَ يا عَالِمَ الغَيْبِ وَالشُّهُودِ وَمالِكَ الوُجُودِ بِما جَعَلْتَنِي مَسْجُونًا فِي حُبِّكَ وَسَقَيْتَنِي كَأْسَ البَلايا لإِظْهارِ أَمْرِكَ وَإِعْلاءِ كَلِمَتِكَ، أَيْ رَبِّ أَيُّ بَلائِي أَذْكُرُهُ تِلْقآءَ وَجْهِكَ أَأَذْكُرُ ما وَرَدَ عَلَيَّ مِنْ قَبْلُ مِنْ أَشْقِياءِ خَلْقِكَ أَوْ ما أَحَاطَنِي فِي هذِهِ الأَيَّامِ فِي سَبِيلِ رِضائِكَ، أَشْكُرُكَ يا إِلهَ الأَسْماءِ وَأَحْمَدُكَ يا فاطِرَ السَّمآءِ بِما رَأَيْتُ فِي هذِهِ الأَيَّامِ مِنْ طُغاةِ عِبادِكَ وَبُغاةِ بَرِيَّتِكَ، أَسْئَلُكَ بِأَنْ تَجْعَلَنا مِنَ الَّذِينَ اسْتَقامُوا عَلَى أَمْرِكَ إِلى أَنْ طارَتْ أَرْواحُهُمْ إِلى سَمآءِ فَضْلِكَ وَهَواءِ عِنايَتِكَ إِنَّكَ أَنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.

(142)

سُبْحَانَكَ يا إِلهِي قَدْ تَوَجَّهَ وَجْهُ البَهآءِ إِلى وَجْهِكَ وَوَجْهُكَ وَجْهُهُ وَنِدائُكَ نِدائُهُ وَظُهُورُكَ ظُهُورُهُ وَنَفْسُكَ نَفْسُهُ وَأَمْرُكَ أَمْرُهُ وَحُكْمُكَ حُكْمُهُ وَجَمالُكَ جَمالهَ وَسُلْطانُكَ سُلْطَانُهُ وَعِزُّكَ عِزُّهُ وَقُدْرَتُكَ قُدْرَتُهُ، أَسْئَلُكَ يا خالِقَ الأُمَمِ وَمالِكَ القِدَمِ بِأَنْ تَحْفَظَ إِمائَكَ فِي سُرادِقِ عِصْمَتِكَ وَكفِّرْ عَنْهُنَّ ما لا يَنْبَغِي فِي أَيَّامِكَ، فَاجْعَلْهُنَّ يا إِلهِي طاهِراتٍ مِنَ الأَرْيابِ وَالشُّبُهاتِ وَمُقَدَّساتٍ عَمَّا لا يَنْبَغِيْ لِنِسْبَتِهِنَّ إِلَيْكَ يا مالِكَ الأَسْماءِ وَمُنْزِلَ الآياتِ، إِنَّكَ أَنْتَ الَّذِيْ فِي قَبْضَتِكَ زِمامُ المُمْكِناتِ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ المُقْتَدِرُ المُتَعالِ العَزِيزُ القَيُّومُ.

(143)

سُبْحَانَكَ يا إِلهِي أَسْئَلُكَ بِاسْمِكَ الَّرحْمنِ بِأَنْ تَحْفَظَ عِبادَكَ وَإِمائَكَ عِنْدَ هُبُوبِ أَرْياحِ الامْتِحانِ وَظُهُورِ شُئُوناتِ الافْتِتانِ، ثُمَّ اجْعَلْهُمْ يا إِلهِي مِنَ المُتَحَصِّنِينَ فِي حِصْنِ حُبِّكَ وَأَمْرِكَ عَلَى شَأْنٍ لا يُسَلِّطُ عَلَيْهِمْ أَعادِي نَفْسِكَ وَأَشْرارُ عبادِكَ الَّذِينَ نَقَضُوا عَهْدَكَ وَمِيثاقَكَ وَقامُوا بِأَعْلى الاِسْتِكبارِ عَلَى مَطْلَعِ ذاتِكَ وَمَظْهَرِ إِجْلالِكَ، أَيْ رَبِّ هُمْ قَدْ قامُوا لَدى بابِ فَضْلِكَ أَنِ افْتَحْ عَلَى وُجُوهِهِمْ بِمَفاتِيحِ أَلْطافِكَ إِنَّك أَنْتَ المُقْتَدِرُ عَلَى ما تَشآءُ وَالحاكِمُ عَلَى ما تُرِيدُ، أَيْ رَبِّ هؤلآءِ قَدْ تَوَجَّهُوا إِلَيْكَ وَأَقْبَلُوا إِلى مَقَرِّكَ فَاعْمَل بِهِمْ ما يَنْبَغِي لِرَحْمَتِكَ الَّتِي سَبَقَتِ العالَمِينَ.

(144)

إِلهِي وَسَيِّدِيْ أَنَا عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ قَدْ قُمْتُ عَنِ الفِراشِ فِي هذا الفَجْرِ الَّذِيْ فِيهِ أَشْرَقَتْ شَمْسُ أَحَدِيَّتِكَ عَنْ أُفُقِ سَمآءِ مَشِيَّتِكَ وَاسْتَضَاءَ مِنْها الآفاقُ بِما قُدِّرَ فِي صَحائِفِ قَضائِكَ، لَكَ الحَمْدُ يا إِلهِي عَلَى ما أَصْبَحْنا مُسْتَضِيْئًا بِنُورِ عِرْفانِكَ، أَيْ رَبِّ فَأَنْزِلْ عَلَيْنَا ما يَجْعَلُنا غَنِيًّا عَمَّا سِواكَ وَمُنْقَطِعًا عَنْ دُونِكَ، ثُمَّ اكْتُبْ لِيْ وَلأحِبَّتِيْ وَذَوِيْ قَرابَتِيْ مِنْ كُلِّ ذَكَرٍ وَأُنْثى خَيْرَ الآخِرَةِ وَالأُولی، ثُمَّ اعْصِمْنا يا مَحْبُوبَ الإِبْداعِ وَمَقْصُودَ الاخْتِراعِ بِعِصْمَتِكَ الكُبْرى مِنَ الَّذِينَ جَعَلْتَهُمْ مَظاهِرَ الخَنَّاسِ وَيُوَسْوِسُونَ فِي صُدُورِ النَّاسِ، إِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ عَلَى ما تَشآءُ وَإِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ المُهَيْمِنُ القَيُّومُ، صَلِّ اللَّهُمَّ يا إِلهِي عَلَى مَنْ جَعَلْتَهُ قَيُّومًا عَلَى أَسْمائِكَ الحُسْنى وَبِهِ فَصَّلْتَ بَيْنَ الأَتْقِياءِ وَالأَشْقِيآءِ بِأَنْ تُوَفِّقَنا عَلَى ما تُحِبُّ وَتَرْضی، وَصَلِّ اللَّهُمَّ يا إِلهِي عَلَى كَلِماتِكَ وَحُروفاتِكَ وَعَلَى الَّذِينَ تَوَجَّهُوا إِلَيْكَ وَأَقْبَلُوا إِلى وَجْهِكَ وَسَمِعُوا نِدائَك وإِنَّكَ أَنْتَ مالِكُ العِبادِ وَسُلْطانُهُمْ وَإِنَّكَ أَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

(145)

إِلهِي إِلهِي لا تَبْعَدْ عَنِّي لأنَّ الشَّدائِدَ بِكُلِّها أَحاطَتْنِي، إِلهِي إِلهِي لا تَدَعْنِي بِنَفْسِيْ لأِنَّ المَكارِهَ بِأَسْرِها أَخَذَتْنِيْ، وَمِنْ زُلالِ ثَدْيِ عِنايَتِكَ فَأَشْرِبْنِي لأنَّ الأَعْطَاشَ بِأَتَمِّها أَحْرَقَتْنِيْ، وَفِي ظِلِّ جَنَاحَي رَحْمَتِكَ فَأَظْلِلْنِيْ لأنَّ الأَعْداءَ بِأَجْمَعِها أَرادَتْنِيْ، وَعِنْدَ عَرْشِ العَظَمَةِ تِلْقاءَ تَظَهُّرِ آياتِ عِزِّكَ فَاحْفَظْنِيْ لأنَّ الذِّلَّةَ بِأَكْمَلِها مَسَّتْنِي، وَمِنْ أَثْمارِ شَجَرَةِ أَزَلِيَّتِكَ فَأَطْعِمْنِيْ لأنَّ الضَّعْفَ بِأَلْطَفِها قَرُبَتْنِي، وَمِنْ كُؤُوسِ السُّرُورِ مِنْ أَيادِي رَأْفَتِكَ فَارْزُقْنِيْ لأنَّ الهُمُومَ بِأَعْظَمِها أَخَذَتْنِيْ، وَمِنْ سَنادِسِ سُلْطانِ رُبُوبِيَّتِكَ فَاخْلَعْنِيْ لأنَّ الافْتِقارَ بِجَوْهَرِها عَرَّتْنِيْ وَعِنْدَ تَغَنِّي وَرْقاءِ صَمَدِيَّتِكَ فَأَرْقِدْنِيْ لأنَّ البَلايا بِأَكْبَرِها وَرَدَتْنِيْ، وَفِي عَرْشِ الأَحَدِيَّةِ عِنْدَ تَشَعْشُعِ طَلْعَةِ الجَمالِ فَأَسْكِنِّي لأنَّ الاضْطِرابَ بِأَقْوَمِها أَهْلَكَتْنِي، وَفِي أَبْحُرِ الغُفْرِيَّةِ تِلْقاءَ تَهَيُّجِ حُوتِ الجَلالِ فَأَغْمِسْنِي لأنَّ الخَطايا بِأَطْوَدِها أَماتَتْنِيْ.

(146)

فَسُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي أَسْئَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِيْ بِهِ اسْتَقَرَّ جَمالُكَ عَلَى عَرْشِ أَمْرِكَ، وَبِاسْمِكَ الَّذِيْ بِهِ تُبَدِّلُ كُلَّ شَيْءٍ وَتَحْشُرُ كُلَّ شَيْءٍ وَتَسْأَلُ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ وَتَجْزِيْ كُلَّ شَيْءٍ وَتَحْفَظُ كُلَّ شَيْءٍ وَتَرْزُقُ كُلِّ شَيْءٍ، وَتَرْفَعُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَنْ تَحْفَظَ هذِهِ الأَمَةَ الَّتِيْ لاذَتْ لِجِنابِكَ وَالْتَجَأَتْ بِمَظْهَرِ نَفْسِكَ وَتَوَكَّلَتْ بِذاتِكَ، فَيا إِلهِي هذِهِ مَرِيضٌ اسْتَظَلَّتْ فِي ظِلِّ شَجَرَةِ شِفائِكَ، وَعَلِيلٌ قَدْ هَرَبَتْ إِلى مَدْيَنِ حِراسَتِكَ، وَسَقِيمٌ أَرادَتْ تَسْنِيمَ مَواهِبِكَ، وَوَجْعانٌ سَرُعَتْ إِلى مَنْبَعِ سَكِينَتِكَ، وَعاصٍ تَوَجَّهَتْ إِلى شَطْرِ غُفْرانِكَ، إِذًا يا إِلهِي وَمَحْبُوبِي فَأَلْبِسْها بِسُلْطانِ عِنايَتِكَ قَمِيصَ بَرْدِكَ وَشِفائِكَ، ثُمَّ أَشْرِبْها مِنْ كَأْسِ رَحْمَتِكَ وَأَلْطافِكَ، ثُمَّ احْفَظْها عَنْ كُلِّ داءٍ وَسَقَمٍ وَوَجَعٍ وَعِلَّةٍ وَعَنْ كُلِّ ما يَكْرَهُهُ رِضاكَ، وَإِنَّكَ أَنْتَ المُقَدَّسُ عَمَّا سِواكَ وَإِنَّكَ أَنْتَ الشَّافِي الكَافِي الحافِظُ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.

(147)

أَنْتَ الَّذِيْ يا إِلهِي بِأَسْمائِكَ يَبْرَأُ كُلُّ عَلِيلٍ، وَيُشْفى كُلُّ مَرِيضٍ وَيُسْقَى كُلُّ ظَمْآنٍ، وَيَسْتَرِيحُ كُلُّ مُضْطَرِبٍ وَيُهْدَى كُلُّ مُضِلٍّ، وَيُعَزُّ كُلُّ ذَلِيلٍ وَيَغْنى كُلُّ فَقِيرٍ، وَيَفْقَهُ كُلُّ جاهِلٍ وَيَتَنَوَّرُ كُلُّ ظُلْمَةٍ، وَيَفْرَحُ كُلُّ مَحْزُونٍ وَيَسْتَبْرِدُ كُلُّ مَحْرُورٍ، وَيَسْتَرْفِعُ كُلُّ دانٍ، وَبِاسْمِكَ يا إِلهِي تَحَرَّكَتِ المَوْجُوداتُ وَرُفِعَتِ السَّمَواتُ وَاسْتَقَرَّتِ الأَرْضُ وَرُفِعَتِ السَّحَابُ وَأَمْطَرَتْ عَلَى كُلِّ الأَراضِي، وَهذا مِنْ فَضْلِكَ عَلَى الخَلائِقِ أَجْمَعِينَ، فَلَمَّا كانَ الأَمْرُ كذلِكَ أَسْئَلُكَ بَاسْمِكَ الَّذِيْ بِهِ أَظْهَرْتَ نَفْسَكَ وَأَرْفَعْتَ أَمْرَكَ عَلَى كُلِّ المُمْكِناتِ، ثُمَّ بِكُلِّ أَسْمائِكَ الحُسْنَى وَصِفاتِكَ العُلْيا وَأَذْكارِ نَفْسِكَ العَلِيِّ الأَعْلَى بِأَنْ تُنَزِّلَ فِي هذا اللَّيْلِ مِنْ سَحابِ رَحْمَتِكَ أَمْطَارَ شِفائِكَ عَلَى هذا الرَّضِيعِ الَّذِيْ نَسَبْتَهُ إِلَى نَفْسِكَ الأَبْهى فِي مَلَكُوتِ الإِنْشآءِ، ثُمَّ أَلْبِسْهُ يا إِلهِي مِنْ فَضْلِكَ قَمِيصَ العافِيَةِ وَالسَّلامَةِ، ثُمَّ احْفَظْهُ يا مَحْبُوبِي عَنْ كُلِّ بَلاءٍ وَسَقَمٍ وَمَكْرُوهٍ، وَإِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَإِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ القَيُّومُ، ثُمَّ أَنْزِلْ عَلَيْهِ يا إِلهِي خَيْرَ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ وَخَيْرَ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ وَإنَّكَ عَلَى ذلِكَ لَقَدِيرٌ حَكِيمٌ.

(148)

فَسُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي أَسْئَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِيْ بِهِ أَرْفَعْتَ أَعْلامَ هِدايَتِكَ وَأَشْرَقْتَ أَنوارَ عِنايَتِكَ وَأَظْهَرْتَ سُلْطانَ رُبُوبِيَّتِكَ، وَبِهِ ظَهَرَ مِصْباحُ أَسْمائِكَ فِي مِشْكاةِ صِفاتِكَ، وَبِهِ طَلَعَ هَيْكَلُ التَّوحِيدِ وَمَظْهَرُ التَّجْرِيدِ، وَبِهِ رُفِعَ مَناهِجُ الهِدايَةِ وَظَهَرَ سُبُلُ الإِرادَةِ، وَبِهِ تَزَلْزَلَتْ أَرْكانُ الضَّلالَةِ وَانْهَدَمَتْ آثارُ الشَّقاوَةِ، وَبِهِ تَفَجَّرَتْ يَنابِيعُ الحِكْمَةِ وَتَنَزَّلَتْ مائِدَةُ السَّماوِيَّةِ، وَبِهِ حَفَظْتَ عِبادَكَ وَنَزَّلْتَ شِفائَكَ، وَبِهِ ظَهَرَتْ مَرْحَمَتُكَ عَلَى عِبادِكَ وَمَغْفِرَتُكَ بَيْنَ خَلْقِكَ، بِأَنْ تَحْفَظَ الَّذِيْ تَوَسَّلَ إِلَيْكَ وَرَجَعَ عَلَيْكَ وَتَمَسَّكَ بِرَحْمَتِكَ وَتَشَبَّثَ بِذَيْلِ عُطُوفَتِكَ، ثُمَّ أَنْزِلْ عَلَيْهِ شِفآءً مِنْ عِنْدِكَ وَسَلامَةً مِنْ لَدُنْكَ وَصَبْرًا مِنْ جانِبِكَ وَسُكُونًا مِنْ حَضْرَتِكَ، إِذْ إِنَّكَ أَنْتَ الشَّافِي الحافِظُ النَّاصِرُ القادِرُ المُقْتَدِرُ العَزِيْزُ العَلِيمُ.

(149)

سُبْحَانَكَ يا إِلهِي لَكَ الحَمْدُ بِما أَنْطَقْتَنِي بِآياتِكَ وَأَظْهَرْتَنِي بِحُجَّتِكَ وَبُرهانِكَ عَلَى شَأْنٍ طَافَ كُلُّ حُجَّةٍ حَوْلَ إِرادَتِيْ وَكُلُّ بُرْهانٍ حَوْلَ مَشِيَّتِي، أَيْ رَبِّ تَراني بَيْنَ أَعادِيْ نَفْسِكَ الَّذِينَ أَنْكَرُوا آياتِكَ وَأَدْحَضُوا بُرْهانَكَ وَأَعْرَضُوا عَنْ جَمالِكَ وَقامُوا عَلَى سَفْكَ دَمِكَ، أَسْئَلُكَ يا مالِكَ الأَسْمآءِ بِاسْمِكَ الَّذِيْ سَخَّرْتَ بِهِ الأَشْياءَ بِأَنْ تُؤَيِّدَ عِبادَكَ وَأَحِبّائَكَ عَلَى الاسْتِقامَةِ عَلَى أَمْرِكَ، ثُمَّ أَشْرِبْهُمْ ما تَحْيى بِهِ أَفْئِدَتُهُمْ فِي أَيَّامِكَ، أَيْ رَبِّ فَاجْعَلْهُمْ فِي كُلِّ الأَحْوالِ ناظِرِينَ إِلى رِضائِكَ وَشاكِرِينَ لِظُهُوراتِ قَضائِكَ، لأنَّكَ أَنْتَ المَحْمُودُ فيما فَعَلْتَ وَتَفْعَلُ وَالمُطاعُ فِيما أَرَدْتَ وَتُرِيْدُ وَالمَحْبُوبُ فِيْما شِئْتَ وَتَشآءُ، تَنْظُرُ أَحِبَّائَكَ بِلَحَظاتِ أَعْيُنِ أَلْطافِكَ وَلا تُنَزِّلُ لَهُمْ إِلاَّ ما هُوَ خَيْرٌ لَهُمْ بِفَضْلِكَ وَمَواهِبِكَ، نَسْئَلُكَ يا غَيْثَ الجُودِ وَغِياثَ المَنْجُودِ، بِأَنْ تُوَفِّقَنا عَلَى ذِكْرِكَ وَإِظْهارِ أَمْرِكَ وَالقِيامِ عَلَى نُصْرَتِكَ، وَلَوْ إِنَّا ضُعَفآءُ وَلكِنْ تَمَسَّكْنا بِاسْمِكَ القَوِيِّ القَدِيرِ، صَلِّ يا إِلهِي عَلَى الَّذِيْنَ اسْتَقامُوا عَلَى أَمْرِكَ وَما مَنَعَتْهُمْ إِشاراتُ الفُجَّارِ عَنِ التَّوَجُّهِ إِلى وَجْهِكَ، سَرُعُوا بِالقُلُوبِ إِلى شَطْرِ فَضْلِكَ إِلى أَنْ شَرِبُوا كَوْثَرَ الحَيَوانِ مِنْ أَيادِيْ عَطائِكَ، إِنَّكَ أَنْتَ المْقْتَدِرُ عَلَى ما تَشآءُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ العَزِيزُ الْكَرِيمُ.

(150)

يا إِلهِي لَكَ الحَمْدُ بِما أَخَذَنِيْ عَرْفُ عِنايَتِكَ وَقَلَّبَتْنِيْ نَفَحاتُ رَحْمَتِكَ إِلى شَطْرِ أَلْطافِكَ، أَيْ رَبِّ أَشْرِبْنِي مِنْ أَنامِلِ عَطائِكَ الكَوْثَرَ الَّذِيْ مَنْ شَرِبَ مِنْهُ انْقَطَعَ عَمَّا سِواكَ طائِرًا فِي هَوآءِ انْقِطاعِكَ وَناظِرًا إِلى شَطْرِ رَأْفَتِكَ وَمَواهِبِكَ، أَيْ رَبِّ فَاجْعَلْنِيْ فِي كُلِّ الأَحْوالِ مُسْتَعِدًّا لِلْقِيامِ عَلَى خِدْمَتِكَ وَالإِقْبالِ إِلى كَعْبَةِ أَمْرِكَ وَجَمالِكَ، لَوْ تُرِيدُ فَاجْعَلْنِيْ نَباتَ رِياضِ فَضْلِكَ لِتُحَرِّكَنِيْ أَرْياحُ مَشِيَّتِكَ كَيْفَ تَشآءُ بِحَيْثُ لا يَبْقى فِي قَبْضَتِيْ اخْتِيارُ الحَرَكَةِ وَالسُّكُونِ، إِنَّكَ أَنْتَ الَّذِيْ بِاسْمِكَ ظَهَرَ السِّرُّ المَكْنُونُ وَالاسْمُ المَخْزُونُ وَفُكَّ الإِناءُ المَخْتُومُ وَتَعَطَّرَ بِهِ ما كانَ وَما يَكُونُ، أَيْ رَبِّ قَدْ سَرُعَ الظَّمآنُ إِلى كَوْثَرِ إِفْضالِكَ وَأَرادَ المِسْكِينُ الانْغِماسَ فِي بَحْرِ غَنائِكَ، فَوَعِزَّتِكَ يا مَحْبُوبَ العالَمِينَ وَمَقْصُودَ العارِفِينَ قَدْ أَخَذَنِيْ حُزْنُ الفِراقِ فِي الأَيَّامِ الَّتِي فِيها أَشْرَقَتْ شَمْسُ الوِصالِ لِبَرِيَّتِكَ، فَاكْتُبْ لِي أَجْرَ مَنْ فازَ بِحُضُورِكَ وَدَخَلَ ساحَةَ العَرْشِ بِإِذْنِكَ وَحَضَرَ لَدَى الوَجْهِ بِأَمْرِكَ، أَيْ رَبِّ أَسْئَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِيْ بِهِ أَنارَتِ الأَرَضُونَ وَالسَّمَواتُ بِأَنْ تَجْعَلَنِي راضِيًا بِما قَدَّرْتَهُ فِي أَلْواحِكَ بِحَيْثُ لَنْ أَجِدَ فِي نَفْسِي مُرَادًا إِلاَّ ما أَنْتَ أَرَدْتَهُ بِسُلْطانِكَ وَمَشِيَّةً إِلاَّ ما أَنْتَ قَضَيْتَهُ بِمَشِيَّتِكَ، إِلى مَنْ أَتَوَجَّهُ يا إِلهِي بَعْدَ ما لَمْ أَجِدْ سَبِيلاً إِلاَّ ما بَيَّنْتَهُ لأَصْفِيائِكَ؟ يَشْهَدُ كُلُّ الذَّرَّاتِ بِأَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ لَمْ تَزَلْ كُنْتَ مُقْتَدِرًا عَلَى ما تَشآءُ وَحاكِمًا عَلَى ما تُرِيْدُ، قَدِّرْ لِي يا إِلهِي ما يَجْعَلُنِي فِي كُلِّ الأَحْوالِ مُتَوَجِّهًا إِلى شَطْرِكَ وَمُتَمَسِّكًا بِحَبْلِ فَضْلِكَ وَمُنادِيًا بِاسْمِكَ وَمُنْتَظِرًا ما يَجْرِيْ مِنْ قَلَمِكَ، أَيْ رَبِّ أَنَا الفَقِيرُ وَأَنْتَ الغَنِيُّ المُتَعالِ، فَارْحَمْنِيْ بِبَدائِعِ رَحْمَتِكَ، ثُمَّ أَرْسِلْ عَلَيَّ فِي كُلِّ آنٍ ما أَحْيَيْتَ بِهِ قُلُوبَ المُوَحِّدِينَ مِنْ خَلْقِكَ وَالمُخْلِصِينَ مِنْ بَرِيَّتِكَ، إِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ المُتَعالِ العَلِيمُ الحَكيْمُ.

(151)

سُبْحانَكَ يا إِلهِي تَعْلَمُ بَلائِي وَما وَرَدَ عَلَيَّ مِنَ الَّذِيْنَ طافُوا حَولِي مِنَ العِبادِ الَّذِيْنَ كَفَرُوا بِآياتِكَ الكُبْرى وَأَعْرَضُوا عَنْ طَلْعَتِكَ النَّوْرآءِ، وَعِزَّتِكَ قَدْ بَلَغَتِ البَلايا إِلى مَقامٍ لا تُحْصى وَلا تَجْرِيْ مِنْ قَلَمِ الإِنْشآءِ، أَسْئَلُكَ يا مالِكَ الأسْماءِ وَفاطِرَ الأَرْضِ وَالسَّمآءِ بِأَنْ تُؤَيِّدَنِيْ عَلَى شَأْنٍ لا يَمْنَعُنِي شَيْءٌ عَنْ ذِكْرِكَ وَثَنائِكَ وَلا يَشْغَلُنِي أَمْرٌ عَمَّا أَمَرْتَنِي بِهِ فِي أَلْواحِكَ، أَقُومُ عَلَى أَمْرِكَ عَلَى شَأْنٍ أُعَرِّيْ رَأْسِيْ وَأَطْلَعُ مِنَ البَيْتِ صائِحًا بِاسْمِكَ بَيْنَ خَلْقِكَ وَناطِقًا بِذِكْرِكَ بَيْنَ عِبادِكَ، وَإِذا قَضَيْتُ ما قَضَيْتَ وَأَدَّيْتُ ما كَتَبْتَ يَجْتَمِعُ عَلَيَّ أَشْرارُ بَرِيَّتِكَ وَيَفْعَلُونَ ما يَشاؤُونَ فِي سَبِيلِكَ، أَيْ رَبِّ أَنَا المُشْتاقُ فِي حُبِّكَ بِما لا يَشْتاقُهُ أَحَدٌ هذا جَسَدِيْ بَيْنَ يَدَيْكَ وَرُوحِيْ تِلْقآءَ وَجْهِكَ فَافْعَلْ بِهِما ما شِئْتَ لإِعْلآءِ كَلِمَتِكَ وَإِبْرازِ ما كُنِزَ فِي خَزائِنِ عِلْمِكَ، إِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ عَلَى ما تَشآءُ وَإِنَّكَ أَنْتَ المُهَيْمِنُ عَلَى ما تُرِيدُ.

(152)

سُبْحَانَكَ يا إِلهِي لا أَجِدُ فِي مَمْلَكَتِكَ مَنْ يَقْدِرُ أَنْ يُقْبِلَ إِلَيْكَ حَقَّ الإِقْبالِ أَوْ يَسْتَمِعَ ما خَرَجَ مِنْ فَمِ مَشِيَّتِكَ حَقَّ الاسْتِماعِ، أَسْئَلُكَ يا مالِكَ الإِبْداعِ وَمَليْكَ الاخْتِراعِ بِأَنْ تُؤَيِّدَهُمْ عَلَى ما تُحِبُّ وَتَرْضی، ليَقُومُنَّ عَلَى أَمْرِكَ بَيْنَ خَلْقِكَ وَيَنْطِقُنَّ بِذِكْرِكَ بَيْنَ السَّمواتِ وَالأَرَضِينَ، أَيْ رَبِّ أَنْتَ الَّذِيْ سَبَقَ كَرَمُكَ وَعَلَتْ قُدْرَتُكَ وَأَحاطَتْ رَحْمَتُكَ، فَانْظُرْ إِلى بَرِيَّتِكَ بِلَحَظاتِ أَعْيُنِ أَلْطافِكَ وَلا تَدَعْهُمْ بِأَنْفُسِهِمْ وَأَهْوائِهِمْ فِي أَيَّامِكَ، وَلَوْ أَنَّهُمْ يا إِلهِي بَعِدُوا عَنْ قُرْبِكَ وَأَعْرَضُوا عَنْ وَجْهِكَ وَلكِنْ أَنْتَ الكَرِيْمُ فِي ذاتِكَ وَالرَّحِيمُ فِي نَفْسِكَ، عامِلْهُمْ بِخَفِيَّاتِ جُودِكَ وَمَواهِبِكَ، إِنَّكَ أَنْتَ الَّذِيْ أَقَرَّ كُلُّ شَيْءٍ بِقُدْرَتِكَ وَاعْتَرَفَ كُلُّ شَيْءٍ لِعَظَمَتِكَ وَاقْتِدارِكَ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ المُهَيْمِنُ القَيُّومُ.

(153)

الها معبودا مسجودا مقتدرا، شهادت ميدهم كه تو بوصف ممكنات معروف نشوى و باذكار موجودات موصوف نگردی، ادراكات عالم و عقول امم بساحت قدست على ما ينبغى راه نيابد و پى نبرد، آيا چه خطا اهل مدينهء اسماء را از افق اعلايت منع نمود و از تقرّب ببحر اعظمت محروم ساخت، يك حرف از كِتابت امّ البيان و يك كلمه از آن موجد امكان، چه ناسپاسى از عبادت ظاهر كه كلّ را از شناسائيت باز داشتی، يك قطره از درياى رحمتت نار جحيم را بيفسرد و يك جذوه از نار محبّتت عالم را بر افروزد، اى عليم اگر چه غافليم و لكن بكرمت متشبّث و اگر چه جاهليم ببحر علمت متوجّه، توئى آن جوادى كه كثرت خطا ترا از عطا باز ندارد و اعراض اهل عالم نعمتت را سدّ ننمايد، باب فضلت لازال مفتوح بوده شبنمى از درياى رحمتت كلّ را بطراز تقديس مزيّن فرمايد، و رشحى از بحر جودت تمام وجود را بغناى حقيقى فائز نمايد، اى ستّار پرده برمدار لازال ظهورات كرمت عالم را احاطه نموده و انوار اسم اعظمت بر كلّ تابيده، عبادت را از بدايع فضلت محروم منما و آگاهى بخش تا بر وحدانيّتت گواهى دهند و شناسائى ده تا بسويت بشتابند، رحمتت ممكنات را احاطه نموده و فضلت كل را اخذ كرده، از امواج بحر بخششت بحور طلب و طمع ظاهر هر چه هستى توئى ما دونت لايق ذكر نه إِلاَّ بِالدُّخُولِ فِي ظِلِّكَ وَالوُرُودِ فِي بِساطِكَ، در هر حال آمرزش قديمت را ميطلبيم و فضل عميمت را ميجوئيم، اميد چنانكه نفسى را از فضلت محروم نسازى و از طراز عدل و انصاف منع ننمائى توئى سلطان كرم و مالك عطا وَالمُهَيْمِنُ عَلَى مَنْ فِي الأَرْضِ وَالسَّمَاءِ.

(154)

إِلهِي إِلهِي فَرِّجْ هَمِّي بِجُودِكَ وَعَطائِكَ وَأَزِلْ كُرْبَتِي بِسَلْطَنَتِكَ وَاقْتِدارِكَ، تَرَاني يا إِلهِي مُقْبِلاً إِلَيْكَ حِينَ إِذْ أَحاطَتْ بِيَ الأَحْزانُ مِنْ كُلِّ الجِهاتِ، أَسْئَلُكَ يا مالِكَ الوُجُودِ وَالمُهَيْمِنُ عَلَى الغَيْبِ وَالشُّهُودِ بِاسْمِكَ الَّذِيْ بِهِ سَخَّرْتَ الأَفْئِدَةَ وَالقُلُوبَ وَبِأَمْواجِ بَحْرِ رَحْمَتِكَ وَإِشْراقاتِ أَنْوارِ نَيِّرِ عَطائِكَ، أَنْ تَجْعَلَنِي مِنَ الَّذِينَ ما مَنَعَهُمْ شَيْءٌ مِنَ الأَشْياءِ عَنِ التَّوَجُّهِ إِلَيْكَ يا مَوْلَى الأَسْمآءِ وَفاطِرَ السَّمآءِ، أَيْ رَبِّ تَرَى ما وَرَدَ عَلَيَّ فِي أَيَّامِكَ أَسْئَلُكَ بِمَشْرِقِ أَسْمائِكَ وَمَطْلَعِ صِفاتِكَ أَنْ تُقَدِّرَ لِيْ ما يَجْعَلُنِيْ قائِمًا عَلَى خِدْمَتِكَ وَناطِقًا بِثَنائِكَ إِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ القَدِيْرُ وَبِالإِجابَةِ جَدِيْرٌ، ثُمَّ أَسْئَلُكَ فِي آخِرِ عَرْضِيْ بِأَنْوارِ وَجْهِكَ أَنْ تُصْلِحَ أُمُورِي وَتَقْضِيَ دَيْنِيْ وَحَوائِجِي، إِنَّكَ أَنْتَ الَّذِيْ شَهِدَ كُلُّ ذِيْ لِسانٍ بِقُدْرَتِكَ وَقُوَّتِكَ وَذِي دِرايَةٍ بِعَظَمَتِكَ وَسُلْطانِكَ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ السَّامِعُ المُجِيبُ.

(155)

قَلْبًا طاهِرًا فَاخْلُقْ فِيَّ يا إِلهِيْ، سِرًّا ساكنًا جَدِّدْ فِيَّ يا مُنائِي، وَبِرُوحِ القُوَّةِ ثَبِّتْنِيْ عَلَى أَمْرِكَ يا مَحْبُوبِي، وَبِنُورِ العَظَمَةِ فَأَشْهِدْنِيْ عَلَى صِراطِكَ يا رَجائِي، وَبِسُلْطَانِ الرِّفْعَةِ إِلى سَمآءِ قُدْسِكَ عَرِّجْنِيْ يا أَوَّلِي، وَبِأَرْياحِ الصَّمَدِيَّةِ فَأَبْهِجْنِي يا آخِرِي، وَبِنَغَماتِ الأَزَلِيَّةِ فَاسْتَرِحْنِي يا مُؤْنِسِي، وَبِغَنآءِ طَلْعَتِكَ القَدِيمَةِ نَجِّنِي عَنْ دُونِكَ يا سَيِّدِيْ، وَبِظُهُورِ كيْنُونَتِكَ الدَّائِمَةِ بَشِّرْنِيْ يا ظاهِرُ فَوقَ ظاهِرِيْ وَالباطِنُ دُونَ باطِنِيْ.

(156)

لَكَ الحَمْدُ يا إِلهِي بِما أَيْقَظْتَنِيْ بَعْدَ نَوْمِيْ وَأَظْهَرْتَنِيْ بَعْدَ غَيْبَتِيْ وَأَقَمْتَنِيْ بَعْدَ رَقْدِيْ، أَصْبَحْتُ مُتَوَجِّهًا إِلى أَنْوارِ فَجْرِ ظُهُورِكَ الَّذِيْ بِهِ أَنارَتْ آفاقُ سَمَواتِ قُدْرَتِكَ وَعَظَمَتِكَ وَمُعْتَرِفًا بِآياتِكَ وَمُوقِنًا بِكِتابِكَ وَمُتَمَسِّكًا بِحَبْلِكَ، أَسْئَلُكَ بِاقْتِدارِ مَشِيَّتِكَ وَنُفُوذِ إِرادَتِكَ أَنْ تَجْعَلَ ما أَرَيْتَنِيْ فِي مَنامِي أَمْتَنَ أَسَاسٍ لِبُيُوتِ حُبِّكَ فِي أَفْئِدَةِ أَوْلِيائِكَ وَأَحْسَنَ أَسْبابٍ لِظُهُوراتِ فَضْلِكَ وَعِنايَتِكَ، أَيْ رَبِّ قَدِّرْ لِيْ مِنْ قَلَمِكَ الأَعْلى خَيْرَ الآخِرَةِ وَالأُولی، أَشْهَدُ أَنَّ فِي قَبْضَتِكَ زِمامَ الأُمُورِ تُبَدِّلُها كَيْفَ تَشآءُ، لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ القَوِيُّ الأَمينُ، أَنْتَ الَّذِيْ بِأَمْرِكَ تُبَدَّلُ الذِّلَّةُ بِالعِزَّةِ وَالضَّعْفُ بِالقُوَّةِ وَالعَجْزُ بِالاقْتِدارِ وَالاضْطِرابُ بِالاطْمِئْنانِ وَالرَّيْبُ بِالإِيْقانِ، لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ العَزِيْزُ المَنَّانُ لا تُخَيِّبُ مَنْ سَئَلَكَ وَلا تَمْنَعُ مَنْ أَرادَكَ قَدِّرْ لِي ما يَنْبَغِي لِسَمآءِ جُودِكَ وَبَحْرِ كَرَمِكَ إِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ القَدِيْرُ.

(157)

الها معبودا مسجودا شهادت ميدهم بوحدانيَّت تو و فردانيَّت تو و بخششهاى قديم و جديد تو، توئى آن كريمى كه امطار سحاب سماء رحمتت بر شريف و وَضيع باريده، و اشراقات انوار آفتاب بخششت بر عاصى و مطيع تابيده، اى رحيمى كه ساذج رحمت بابت را ساجد و جوهر عنايت كعبهء امرت را طائف از تو سؤآل مينمائيم فضل قديمت را ميطلبيم و جود جديدت را ميجوئيم كه بر مظاهر وجود رحم فرمائى و از فيوضات ايّامت محروم نسازى جميع محتاج و فقيرند وَأَنْتَ الغَنِيُّ الغالِبُ القَدِيرُ.

(158)

يا إِلهِي أَصْبَحْتُ فِي جِوارِكَ وَالَّذِيْ اسْتَجارَكَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي كَنَفِ حِفْظِكَ وَحِصْنِ حِمايَتِكَ، أَيْ رَبِّ نَوِّرْ باطِنِيْ بِأَنْوارِ فَجْرِ ظُهُورِكَ كما نَوَّرْتَ ظاهِرِيْ بَنُورِ صَباحِ عَطائِك.

(159)

الها كريما رحيما توئى آن سلطانى كه بيك كلمه‌ات وجود موجود گشت، و توئى آن كريمى كه اعمال بندگان بخششت را منع ننمود و ظهورات جودت را باز نداشت، از تو سؤال مينمايم اين عبد را فائز فرمائى بآنچه سبب نجات است در جميع عوالم تو، توئى مقتدر و توانا و توئى عالم و دانا.

(160)

الها معبودا مقصودا كريما رحيما جانها از تو و اقتدارها در قبضه قدرت تو، هر كه را بلند كنى از مَلَك بگذرد و بمقام وَرَفَعْنَاهُ مَكانًا عَلِيًّا رسد، و هر كه را بياندازى از خاك پست‌ تر بلكه هيچ از او بهتر، پروردگارا با تباه كارى و گناهكارى و عدم پرهيزكارى مقعد صدق ميطلبيم و لقاى مليك مقتدر ميجوئيم، امر امر تواست و حكم آن تو و عالم قدرت زير فرمان تو، هر چه كنى عدل صرف است بل فضل محض، يك تجلّى از تجلّيات اسم رحمانت رسم عصيانرا از جهان بر اندازد و محو نمايد، و يك نسيم از نسائم يوم ظهورت عالم را بخلعت تازه مزيّن فرمايد، اى توانا ناتوانان را توانائى بخش و مردگان را زندگى عطا فرما، شايد ترا بيابند و بدرياى آگاهيت راه يابند و بر امرت مستقيم مانند، اگر از لغات مختلفه عالم عرف ثناى تو متضوّع شود همه محبوب جان و مقصود روان چه تازى چه فارسى اگر از آن محروم ماند قابل ذكر نه چه الفاظ چه معانی، اى پروردگار از تو ميطلبيم كلّ را راه نمائى و هدايت فرمائى توئى قادر و توانا و عالم و بينا.

(161)

لَكَ الحَمْدُ يا إِلهِي عَلَى ما قَلَّبْتَ وُجُوهَ عِبادِكَ إِلى يَمينِ عَرْشِ أَلْطافِكَ وَقَدَّسْتَهُمْ عَمَّا دُونَكَ بِسَلْطَنَتِكَ وَإِجْلالِكَ، أَشْهَدُ بِأَنَّ أَمْرَكَ نافِذٌ وَحُكْمَكَ جارٍ وَمَشِيَّتَكَ ثابِتَةٌ وَما أَرَدْتَ هُوَ باقٍ، كُلُّ شَيْءٍ فِي قَبْضَةِ قُدْرَتِكَ أَسِيرٌ، وَكُلٌّ لَدى ظُهُورِ غَنائِكَ فَقِيرٌ، فَيا إِلهِي وَمحْبُوبِيْ وَغايَةَ أَمَلِيْ افْعَلْ بِعِبادِكَ وَبَرِيَّتِكَ ما يَنْبَغِيْ لِجَمالِكَ وَعَظَمَتِكَ وَما يَلِيقُ لِكَرَمِكَ وَمَواهِبِكَ، إِنَّكَ أَنْتَ الَّذِيْ سَبَقَتْ رَحْمَتُكَ العالَمِينَ وَأَحاط فَضْلُكَ مَنْ فِي السَّمواتِ وَالأَرَضِينَ، مَنِ الَّذِيْ ناداكَ وَما أَجَبْتَهُ؟ وَمَنِ الَّذِيْ أَقْبَلَ إِلَيْكَ وَما تَقَرَّبْتَ إِلَيْهِ؟ وَمَنِ الَّذِيْ تَوَجَّهَ بِوَجْهِهِ إِلى وَجْهِكَ وَما تَوَجَّهَتْ إِلَيْهِ لَحَظاتُ عِنايَتِكَ؟ أَشْهَدُ حِينَئِذٍ بِأَنَّ إِقْبالَكَ عِبادَكَ سَبَقَ إِقْبالَهُمْ إِيَّاكَ وَذِكْرَكَ إِيَّاهُمْ كانَ قَبْلَ ذِكْرِهِمْ إِيَّاكَ وَلَكَ الفَضْلُ يا مَنْ بِيَدِكَ مَلَكُوتُ العَطآءِ وَجَبَرُوتُ القَضآءِ، فَأَنْزِلْ عَلَى قاصِدِيكَ ما يُقَدِّسُهُمْ عَنْ دُونِكَ وَيُقَرِّبُهُمْ إِلى نَفْسِكَ وَأَيِّدْهُمْ عَلَى حُبِّكَ وَرِضائِكَ، ثُمَّ اسْتَقِمْهُمْ عَلَى صِراطِ أَمْرِكَ الَّذِيْ زَلَّ عَنْهُ أَقْدامُ المُرِيبِينَ مِنْ بَرِيَّتِكَ وَالمُعْرِضِينَ مِنْ عِبادِكَ وَإِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ العَزِيزُ العَظِيمُ.

(162)

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي أَسْئَلُكَ بِزَفَراتِ قُلُوبِ العاشِقِينَ وَدُمُوعِ عُيُونِ المُشْتاقِينَ بِأَنْ لا تَجْعَلَنِيْ مَحْرُومًا مِنْ نَفَحاتِ رَحْمانِيَّتِكَ فِي أَيَّامِكَ وَنَغَماتِ وَرْقآءِ وَحْدانِيَّتِكَ عِنْدَ ظُهُورِ أَنْوارِ وَجْهِكَ، فَيا إِلهِي أَنَا المِسْكينُ قَدْ تَشَبَّثْتُ بِذَيْلِ اسْمِكَ الغَنِيِّ وَأَنَا الفانِي قَدْ تَمَسَّكْتُ بِحَبْلِ اسْمِكَ الباقِي، إِذًا أَسْئَلُكَ بِنَفْسِكَ العَلِيِّ الأَعْلى بِأَنْ لا تَدَعَنِي بِنَفْسِيْ وَهَوايَ، خُذْ يَدِي بِأَيادِي اقْتِدارِكَ وَخَلِّصْنِيْ عَنْ غَمَراتِ الظُّنُونِ وَالأَوْهامِ وَطَهِّرْنِيْ عَنْ كُلِّ ما يَكْرَهُهُ رِضاكَ، ثُمَّ اجْعَلْنِيْ مُقْبِلاً إِلَيْكَ وَمُتَوَكِّلاً عَلَيْكَ وَلائِذًا بِحَضْرَتِكَ وَهارِبًا إِلى نَفْسِكَ، وَإِنَّكَ أَنْتَ الَّذِيْ تَفْعَلُ ما تَشَآءُ بِقُدْرَتِكَ وَتَحْكُمُ ما تُرِيدُ بِإِرادَتِكَ لا مانِعَ لِما قَضَيْتَ وَلا رادَّ لِما أَمْضَيْتَ إِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ العَزِيْزُ المَنَّانُ.

(163)

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي تَرَاني مُقْبِلاً إِلَيْكَ وَمُتَوَجِّهًا إِلى شَطْرِ فَضْلِكَ وَأَلْطافِكَ، أَسْئَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِيْ بِهِ سَقَيْتَ المُوَحِّدِينَ خَمْرَ رَحْمَتِكَ وَالمُقَرَّبِينَ كَوْثَرَ عِنايَتِكَ بِأَنْ تَجْعَلَنِيْ بِكُلِّي مُنْقَطِعًا عَنِ الأَوْهامِ وَمُقْبِلاً إِلى شَطْرِ فَضْلِكَ يا مَوْلَى الأَنامِ، يا إِلهِي أَيِّدْنِي فِي أَيَّامِ ظُهُورِ مَظْهَرِ أَمْرِكَ وَمَطْلَعِ وَحْيِكَ لأَخْرُقَ الحُجُباتِ الَّتِيْ مَنَعَتْنِيْ عَنِ الإِقْبالِ إِلَيْكَ وَالانْغِماسِ فِي بَحْرِ عِرْفانِكَ، خُذْ يَدِي بِأَيادِي قُدْرَتِكَ ثُمَّ اجْعَلْنِيْ مُنْجَذِبًا مِنْ نَغَمَاتِ وَرْقاءِ أَحَدِيَّتِكَ بِحَيْثُ لا أَرَى فِي الوُجُودِ إِلاَّ طَلْعَتَكَ يا مَقْصُودُ وَلا فِي الشُّهُودِ إِلاَّ ظُهُوراتِ قُدْرَتِكَ يا وَدُودُ، أَيْ رَبِّ أَنَا المِسْكينُ وَأَنْتَ الغَنِيُّ المُتَعالِ وَأَنَا الضَّعِيْفُ وَأَنْتَ القَوِيُّ الحاكِمُ فِي المَبْدَءِ وَالمَآبِ، لا تَجْعَلْنِي مَحْرُومًا مِنْ نَفَحاتِ وَحْيِكَ وَلا مَأْيُوسًا مِنَ الفُيُوضاتِ الَّتِيْ نُزِّلَتْ مِنْ سَمآءِ أَلْطافِكَ، قَدِّرْ لِيْ يا إِلهِي خَيْرَ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ وَما يَنْفَعُنِيْ فِي كُلِّ عالَمٍ مِنْ عَوالِمِكَ لأَنِّي لا أَعْلَمُ نَفْعِيْ وَضُرِّيْ وَإِنَّكَ أَنْتَ العَلِيْمُ الخَبِيرُ، ارْحَمْ يا إِلهِي عِبادَكَ الَّذِينَ غَرِقُوا فِي بُحُورِ الإِشاراتِ ثُمَّ أَنْقِذْهُمْ بِسُلْطانِكَ يا مالِكَ الأَسْمآءِ وَالصِّفاتِ، إِنَّكَ أَنْتَ الَّذِيْ لَمْ تَزَلْ كُنْتَ حاكِمًا عَلَى ما تَشَآءُ وَلا تَزالُ تَكُونُ بِمِثْلِ ما كُنْتَ فِي أَزَلِ الآزالِ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.

(164)

إِلهِي إِلهِي خَرَجْتُ مِنْ بَيْتِيْ مُعْتَصِمًا بِحَبْلِ عِنايَتِكَ وَأَوْدَعْتُ نَفْسِي تَحْتَ حِفْظِكَ وَحِراسَتِكَ، أَسْئَلُكَ بِقُدْرَتِكَ الَّتِيْ بِها حَفَظْتَ أَوْلِيائَكَ مِنْ كُلِّ ذِيْ غَفْلَةٍ وَذِيْ شَرارَةٍ وَكُلِّ ظالِمٍ عَنِيدٍ وَكُلِّ فاجِرٍ بَعِيدٍ بِأَنْ تَحْفَظَنِي بِجُودِكَ وَفَضْلِكَ، ثُمَّ أَرْجِعْنِيْ إِلى مَحَلِّي بِحَوْلِكَ وَقُوَّتِكَ إِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ المُهَيْمِنُ القَيُّومُ.

(165)

مِنْ أَنْهارِ كافُورِ صَمَدِيَّتِكَ فَأَشْرِبْنِيْ يا إِلهِيْ، وَمِنْ أَثْمارِ شَجَرَةِ كَيْنُونَتِكَ فَأَطْعِمْنِيْ يا رَجائي، وَمِنْ زُلالِ عُيُونِ مَحَبَّتِكَ فَاسْقِنِي يا بَهآئِي، وَفِي ظِلِّ عُطُوفَةِ أَزَلِيَّتِكَ فَأَسْكِنِّيْ يا سَنائِي، وَفِي رِياضِ القُرْبِ بَيْنَ يَدَيْكَ سَيِّرْنِي يا مَحْبُوبِي، وَعَنْ يَمِينِ عَرْشِ رَحْمَتِكَ فَأَجْلِسْنِي يا مَقْصُودِيْ، وَمِنْ أَرْياحِ طِيْبِ بَهْجَتِكَ فَأَرْسِلْنِيْ يا مَطْلُوبِي، وَفِي عُلُوِّ جَنَّةِ هُوِيَّتِكَ فَأَدْخِلْنِيْ يا مَعْبُودِيْ، وَمِنْ نَغَماتِ وَرْقآءِ الأَحَدِيَّةِ فَأَسمِعْنِيْ يا مَشْهُودِيْ، وَبِرُوحِ القُوَّةِ وَالقُدْرَةِ فَأَحْيِنِي يا رازِقي، وَعَلَى رُوحِ مَحَبَّتِكَ فَاسْتَقِمْنِيْ يا ناصِرِيْ، وَعَلَى سَبِيْلِ مَرْضاتِكَ ثَبِّتْنِيْ يا خَالِقِي، وَفِي رِضْوانِ الخُلُودِ عِنْدَ طَلْعَتِكَ فَأَخْلِدْنِيْ يا راحِمِيْ، وَعَلَى كُرْسِيِّ عِزِّكَ مَكِّنِّيْ يا صاحِبِيْ، وَإِلى سَمآءِ عِنايَتِكَ عَرِّجْنِيْ يا باعِثي وَإِلى شَمْسِ هِدايَتِكَ فَاهْدِنِيْ يا جاذِبِيْ، وَعِنْدَ ظُهُوراتِ غَيْبِ أَحَدِيَّتِكَ فَأَحْضِرْنِيْ يا مَبْدَئِيْ وَمُنايَ، وَإِلى صِرْفِ كافُورِ الجَمالِ فِي مَنْ تُظْهِرَنَّهُ فَأَرْجِعْنِيْ يا إِلهِيْ، لأنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ عَلَى ما تَشآءُ وَإِنَّكَ أَنْتَ المُتَعالِ العَزِيزُ الرَّفِيعُ.

(166)

يا مَنْ وَجْهُكَ كَعْبَتِيْ وَجَمالُكَ حَرَمِيْ وَشَطْرُكَ مَطْلَبِيْ وَذِكْرُكَ رَجائِيْ وَحُبُّكَ مُؤنِسِيْ وَعِشْقُكَ مُوجِدِيْ وَذِكْرُكَ أَنِيسِيْ وَقُرْبُكَ أَمَلِي وَوَصْلُكَ غايَةُ رَجائِي وَمُنْتَهى مَطْلَبِيْ، أَسْئَلُكَ أَنْ لا تُخَيِّبَنِيْ عَمَّا قَدَّرْتهُ لِخِيْرَةِ عِبادِكَ، ثُمَّ ارْزُقْنِيْ خَيْرَ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ وَإِنَّكَ أَنْتَ سُلْطانُ البَرِيَّةِ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ الغَفُورُ الْكَرِيمُ.

(167)

يا إِلهِي هَذا عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ الَّذِيْ آمَنَ بِكَ وَبِآياتِكَ وَتَوَجَّهَ إِلَيْكَ مُنْقَطِعًا عَنْ سِواكَ إِنَّكَ أَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ، أَسْئَلُكَ يا غَفَّارَ الذُّنُوبِ وَسَتَّارَ العُيُوبِ بِأَنْ تَعْمَلَ بِهِ ما يَنْبَغِيْ لِسَمآءِ جُودِكَ وَبَحْرِ إِفْضالِكَ وَتُدخِلَهُ فِي جِوارِ رَحْمَتِكَ الكُبْرى الَّتِيْ سَبَقَتِ الأَرْضَ وَالسَّمآءَ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ الغَفُورُ الْكَرِيمُ.

ثُمَّ يَشْرَعُ فِي التَّكْبِيْراتِ ستَّ مَرَّاتٍ اللَّهُ أَبْهی.

بايد بعد از تكبيرات قرائت شود نوزده مرتبه:

إِنَّا كُلٌّ لِلَّهِ عابِدُونَ

إِنَّا كُلٌّ لِلَّهِ ساجِدُونَ

إِنَّا كُلٌّ لِلَّهِ قانِتُونَ

إِنَّا كُلٌّ لِلَّهِ ذاكرُونَ

إِنَّا كُلٌّ لِلَّهِ شاكرُونَ

إِنَّا كُلٌّ لِلَّهِ صابِرُونَ

بايد تمام اين اذكار هر يك نوزده مرتبه گفته شود

وفِي النِّساءِ يَقُولُ هذِهِ أَمَتُكَ وَابْنَةُ أَمَتِكَ إِلى آخِرِه.

(صَلاةُ المَيِّتِ)

(168)

 

أَيْ رَبِّ فَاجْعَلْ رِزْقِي جَمالَكَ وَشَرابِي وِصالَكَ وَأَمَلِي رِضائَكَ وَعَمَلِي ثَنائَكَ وَأَنيْسِيْ ذِكْرَكَ وَمُعِينِيْ سُلْطانَكَ وَمُسْتَقَرِّي مَقَرَّكَ وَوَطَنِي المَقامَ الَّذِيْ جَعَلْتَهُ مُقَدَّسًا مِنْ حُدُوداتِ المُحْتَجِبِينَ وَإِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ العَزِيْزُ القَدِيرُ.

 

(169)

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي لا تَخْذُلْ مَنْ عَزَّزْتَهُ بِسُلْطانِ أَزَلِيَّتِكَ وَلا تُبْعِدْ مَنْ أَدْخَلْتَهُ فِي خِيامِ صَمَدِيَّتِكَ، أَتَطْرُدُ يا إِلهِي مَنْ كُنْتَ لَهُ مُرَبِّيًا؟ أَتَرُدُّ يا مُنائِيْ مَنْ كُنْتَ لَهُ مُحْصِنًا، أَوْ تُذِلُّ مَنْ كُنْتَ لَهُ مُعَزِّزًا، أَوْ تَنْسى مَنْ كُنْتَ لَهُ مُذَكِّرًا؟ فَسُبْحانَكَ سُبْحَانَكَ أَنْتَ الَّذِيْ لَمْ تَزَلْ كُنْتَ سُلْطانَ المُمْكِناتِ وَمُحَرِّكَها وَلا تَزالُ تَكُونَنَّ مَلِيكَ المَوْجُوداتِ وَمُدَبِّرَها، فَسُبْحَانَكَ يا إِلهِي إِنْ لَمْ تَرْحَمْ عِبادَكَ فَمَنْ يَرْحَمْهُمْ، وَإِنْ لَنْ تَأخُذَ أَيْدِي أَحِبَّائِكَ فَمَنْ يَأْخُذْهُمْ ؟ فَسُبْحَانَكَ سُبْحَانَكَ أَنْتَ المَعْبُودُ بِالحَقِّ وَإِنَّا كُلٌّ لَكَ عابِدُونَ، وَأَنْتَ المَشْهُودُ بِالعَدْلِ وَإِنَّا كُلٌّ لَكَ شاهِدُونَ، إِذْ هُوَ المَحْبُوبُ بِالفَضْلِ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ المُهَيْمِنُ القَيُّومُ.

(170)

يا إِلهِي اسْمُكَ شِفائِي وَذِكْرُكَ دَوائِي وَقُرْبُكَ رَجَائِيْ وَحُبُّكَ مُؤْنِسِيْ وَرَحْمَتُكَ طَبِيبِيْ وَمُعِيْنِيْ فِي الدُّنْيا وَالآخِرَةِ وَإِنَّكَ أَنْتَ المُعْطِ العَلِيمُ الحَكِيمُ.

(171)

يا إِلهِي وَسَيِّدِيْ وَمَقْصُودِيْ أَرادَ عَبْدُكَ أَنْ يَنامَ فِي جِوارِ رَحْمَتِكَ وَيَسْتَرِيحَ فِي ظِلِّ قِبابِ فَضْلِكَ مُسْتَعِينًا بِحِفْظِكَ وَحِراسَتِكَ، أَيْ رَبِّ أَسْئَلُكَ بِعَيْنِكَ الَّتِي لا تَنامُ أَنْ تَحْفَظَ عَيْنِيْ عَنِ النَّظَرِ إِلى دُونِكَ، ثُمَّ زِدْ نُورَها لِمُشاهَدَةِ آثارِكَ وَالنَّظَرِ إِلى أُفُقِ ظُهُورِكَ، أَنْتَ الَّذِيْ ضَعُفَتْ كَيْنُونَةُ القُدْرَةِ عِنْدَ ظُهُوراتِ قُدْرَتِكَ، لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ القَوِيُّ الغالِبُ المُخْتارُ.

(172)

إِلهِي إِلهِي كَيْفَ أَخْتارُ النَّوْمَ وَعُيُوْنُ مُشْتاقِيْكَ ساهِرَةٌ فِي فِراقِكَ، وَكَيْفَ أَسْتَريحُ عَلَى الفِراشِ وَأَفْئِدَةُ عاشِقِيكَ مُضْطَرِبَةٌ مِنْ هَجْرِكَ، أَيْ رَبِّ أَوْدَعْتُ رُوحِيْ وَذاتِي فِي يَمِيْنِ اقْتِدارِكَ وَأَمانِكَ، وَأَضَعُ رَأْسِيْ عَلَى الفِراشِ بِحَوْلِكَ وَأَرْفَعُ عَنْهُ بِمَشِيَّتِكَ وَإِرادَتِك. إِنَّكَ أَنْتَ الحافِظُ الحارِسُ المُقْتَدِرُ القَدِيْرُ. وَعِزَّتِكَ لا أُرِيْدُ مِنَ النَّوْمِ وَلا مِنَ اليَقْظَةِ إِلاَّ ما أَنْتَ تُرِيْدُ، أَنَا عَبْدُكَ وَفِي قَبْضَتِكَ أَيِّدْنِيْ عَلَى ما يَتَضَوَّعُ بِهِ عَرْفُ رِضائِكَ، هذا أَمَلِي وَأَمَلُ المُقَرَّبِيْنَ الحَمْدُ لَكَ يا إِلهَ العالَمِيْنَ

(173)

الها معبودا ملكا مقصودا بچه لسان ترا شكر نمايم، غافل بودم آگاهم فرمودی، معرض بودم بر اقبال تأييد نمودی، مرده بودم از آب حيات زندگى بخشيدی، پژمرده بودم از كوثر بيان كه از قلم رحمن جارى شده تازگى عطا كردی، پروردگارا وجود كُلّ از جودت موجود از بحر كرمت محروم مفرما و از درياى رحمتت منع مكن در هر حال توفيق و تأييد ميطلبم و از سماء فضل بخشش قديمت را سائلم توئى مالك عطا و سلطان ملكوت بقا.

(174)

إِلهِي إِلهِي أَسْئَلُكَ بِبَحْرِ شِفائِكَ وَإِشْراقاتِ أَنْوارِ نَيِّرِ فَضْلِكَ وَبِالاسْمِ الَّذِيْ سَخَّرْتَ بِهِ عِبادَكَ وَبِنُفُوذِ كَلِمَتِكَ العُلْيا وَاقْتِدارِ قَلَمِكَ الأَعْلى وَبِرَحْمَتِكَ الَّتِيْ سَبَقَتْ مَنْ فِي الأَرْضِ وَالسَّمآءِ، أَنْ تُطَهِّرَنِي بِماءِ العَطآءِ مِنْ كُلِّ بلآءٍ وَسَقَمٍ وَضَعْفٍ وَعَجْزٍ، أَيْ رَبِّ تَرَى السَّائِلَ قائِمًا لَدى بابِ جُودِكَ وَالآمِلَ مُتَمَسِّكًا بِحَبْلِ كَرَمِكَ، أَسْئَلُكَ أَنْ لا تُخَيِّبَهُ عَمَّا أَرادَ مِنْ بَحْرِ فَضْلِكَ وَشَمْسِ عِنايَتِك. إِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ عَلَى ما تَشآءُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ الغَفُورُ الْكَرِيمُ.

(175)

أَصْبَحْتُ يا إِلهِي بِفَضْلِكَ وَأَخْرُجُ مِنَ البَيْتِ مُتَوَكِّلاً عَلَيْكَ وَمُفَوِّضًا أَمْرِيْ إِلَيْكَ فَأَنْزِلْ عَلَيَّ مِنْ سَماءِ رَحْمَتِكَ بَرَكَةً مِنْ عِنْدِكَ ثُمَّ أَرْجِعْنِيْ إِلى البَيْتِ سالِمًا كما أَخْرَجْتَنِيْ مِنْهُ سالِمًا مُسْتَقِيمًا لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ الفَرْدُ الواحِدُ العَليْمُ الحَكِيْم.

(176)

لَكَ الحَمْدُ يا إِلهِي وَإِلهَ العالَمِينَ وَمَقْصُودِي وَمَقْصُودَ العارِفِينَ وَمَحْبُوبِيْ وَمَحْبُوبَ المُوَحِّدِينَ وَمَعْبُودِيْ وَمَعْبُودَ المُقَرَّبِيْنَ وَمُنايَ وَمُنَى المُخْلِصِيْنَ وَرَجائِي وَرَجاءَ الآمِلِينَ وَمَلاذِي وَمَلاذَ القاصِدِيْنَ وَمَلْجَأيْ وَمَلْجَأَ اللآئِذِينَ وَمَقْصَدِيْ وَمَقْصَدَ المُتَوَجِّهِينَ وَمَنْظَرِيْ وَمَنْظَرَ النَّاظِرِيْنَ وَجَنَّتِي وَجَنَّةَ البالِغِينَ وَكَعْبَتِيْ وَكَعْبَةَ المُشْتاقِينَ وَجَذْبِي وَجَذْبَ العاشِقِينَ وَنُورِيْ وَنُورَ الهائِمِينَ التَّائِبِينَ وَوَلَهِيْ وَوَلَهَ الذَّاكرِينَ وَكَهْفِيْ وَكَهْفَ الهارِبِينَ وَحِصْنِيْ وَحِصْنَ الخائِفِينَ وَرَبِّيْ وَرَبَّ مَنْ فِي السَّمَواتِ وَالأَرَضِيْنَ، بِما جَعَلْتَنِيْ مُنْجَذِبًا بِآياتِكَ وَمُتَوَجِّهًا إِلى أُفُقٍ مِنْهُ أَشْرَقَتْ أَنْوارُ شَمْسِ وِجْهَتِكَ وَمُقْبِلاً إِذْ كانَ مُعْرِضًا أَكثَرُ خَلْقِكَ، أَنْتَ الَّذِيْ يا إِلهِي فَتَحْتَ بابَ السَّمآءِ بِمِفْتاحِ اسْمِكَ الأَقْدَسِ الأَعَزِّ الأَعْظَمِ الأَبْهى وَدَعَوْتَ الكُلَّ إِلى بَحْرِ اللِّقآءِ، فَلَمَّا ارْتَفَعَ نِدائُكَ الأَحْلى أَخَذَ جَذْبُ النِّدآءِ مَنْ فِي مَلَكُوتِ الأَسْمآءِ وَالمَلأِ الأَعْلی، وَبِهِ مَرَّ عَرْفُ قَمِيصِ ظُهُورِكَ عَلَى العاشِقِينَ مِنْ خَلْقِكَ وَالمُشْتاقِينَ مِنْ بَرِيَّتِكَ، قامُوا وَسَرُعُوا إِلى بَحْرِ وِصالِكَ وَأُفُقِ جَمالِكَ وَخِباءِ ظُهُورِكَ وَمَجْدِكَ وَفُسْطاطِ عِزِّكَ وَلِقائِكَ، وَأَسْكَرَهُمْ رَحِيقُ الوِصالِ عَلَى شَأْنٍ انْقَطَعُوا عَمَّا عِنْدَهُمْ وَما عِنْدَ النَّاسِ، أُولئِكَ عِبادٌ ما مَنَعَتْهُمْ سَطْوَةُ الفَراعِنَةِ عَنِ التَّوَجُّهِ إِلى سُرادِقِ عَظَمَتِكَ وَما خَوَّفَتْهُمْ جُنُودُ الجَبابِرَةِ عَنِ النَّظَرِ إِلى مَشْرِقِ آياتِكَ وَمَطْلَعِ بَيَّناتِكَ، وَعِزَّتِكَ يا إِلهَ الوُجُودِ وَمُرَبِّيَ الغَيْبِ وَالشُّهُودِ إِنَّ الَّذِيْ شَرِبَ كَوْثَرَ حُبِّكَ مِنْ يَدِ عَطائِكَ لا تَمْنَعُهُ شؤُوناتُ خَلْقِكَ وَلا يَضْطَرِبُ مِنْ إِعْراضِ مَنْ فِي مَمْلَكَتِكَ، يُنادِيْ بِأَعْلى النِّدآءِ بَيْنَ الأَرْضِ وَالسَّمآءِ وَيُبَشِّرُ النَّاسَ بِأَمْواجِ بَحْرِ عَطائِكَ وَإِشْراقاتِ شُمُوسِ سَمآءِ مَواهِبِكَ، إِنَّ السَّعِيدَ مَنْ أَقْبَلَ إِلى كَعْبَةِ لِقائِكَ وَانْقَطَعَ عَنْ سَوائِكَ وَالعَزِيزَ مَنِ اعْتَرَفَ بِعِزِّكَ وَتَوَجَّهَ إِلى شَمْسِ عِنايَتِكَ وَالعَلِيمَ مَنِ اطَّلَعَ بِظُهُورِكَ وَأَقَرَّ بِشُئُوناتِكَ وَآياتِكَ وَبَيِّناتِكَ وَالبَصيرَ مَنْ تَنَوَّرَتْ عَيْناهُ بِنُورِ جَمالِكَ وَعَرَفَكَ إِذِ ارْتَفَعَ نِدائُكَ وَالسَّميعَ مَنْ فازَ بِإِصْغآءِ بَيانِكَ وَتَقَرَّبَ إِلى طَمْطامِ بَحْرِ آياتِكَ، أَيْ رَبِّ هذا غَرِيْبٌ سَرُعَ إِلى وَطَنِهِ الأَعْلى فِي ظِلِّ رَحْمَتِكَ وَمَرِيضٌ تَوَجَّهَ إِلى بَحْرِ شِفائِكَ، فَانْظُرْ يا إِلهِي وَمُضْرِمَ النَّارِ فِي كَبِدِيْ إِلى عَبَراتِ عَيْنَيَّ وَزَفَراتِ قَلْبِي وَاحْتِراقِ كَبِدِيْ وَاشْتِعالِ جَوارِحِي، وَعِزَّتِكَ يا بَهآءَ العالَمِ إِنَّ البَهآءَ يَحْتَرِقُ فِي كُلِّ حِينٍ بِنارِ مَحَبَّتِكَ عَلَى شَأْنٍ لَوْ يَتَقَرَّبُ إِلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِكَ وَيَتَوَجَّهُ إِلَيْهِ بِسَمْعِ الفِطْرَةِ ليَسْمَعُ زَفِيرَ النَّارِ مِنْ كُلِّ عِرْقٍ مِنْ عُرُوقِهِ، قَدْ أَخَذَنِيْ جَذْبُ بَيانِكَ وَسُكْرُ رَحِيقِ أَلْطافِكَ عَلَى شَأْنٍ لا يَنْقَطِعُ نِدائِي وَلا تَرْجِعُ إِلَيَّ يَدُ رَجائِيْ، أَيْ رَبِّ تَرَى عَيْنِيْ ناظِرَةً إِلى شَطْرِ فَضْلِكَ وَسَمْعِي مُتَوَجِّهًا إِلى مَلَكُوتِ بَيانِكَ وَلِسانِيْ ناطِقًا بِثَنائِكَ وَوَجْهِيْ مُتَوَجِّهًا إِلى وَجْهِكَ بَعْدَ فَنآءِ ما خُلِقَ بِكَلِمَتِكَ وَيَديْ مُرتَفِعَةً إِلى سَمآءِ جُودِكَ وَعَطائِكَ، هَلْ تَمْنَعُ الغَرِيبَ الَّذِيْ دَعَوْتَهُ إِلى الوَطَنِ الأَعْلى فِي ظِلِّ جَناحَيْ رَحْمَتِكَ، وَهَلْ تَطْرُدُ المِسْكِينَ الَّذِيْ سَرُعَ إِلى شَاطِئِ بَحْرِ غَنائِكَ، وَهَلْ تُغْلِقُ بابَ فَضْلِكَ عَلَى وُجُوهِ خَلْقِكَ بَعْدَ إِذْ فَتَحْتَهُ بِعِزِّكَ وَسُلْطانِكَ، وَهَلْ تُسَكِّرُ أَبْصارَ بَرِيَّتِكَ بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَهُمْ إِلى مَشْرِقِ جَمالِكَ وَمَطْلَعِ أَنْوارِ وَجْهِك؟ لا وَعِزَّتِكَ لَيْسَ هذا ظَنِّيْ وَظَنَّ المُقَرَّبِينَ مِنْ عِبادِكَ وَالمُخْلِصِينَ مِنْ بَرِيَّتِكَ، أَيْ رَبِّ تَعْلَمُ وَتَرَى وَتَسْمَعُ بِأَنَّ عِنْدَ كُلِّ شَجَرٍ ارْتَفَعَ نِدائِي وَعِنْدَ كُلِّ حَجَرٍ ارْتَفَعَ ضَجِيجِيْ وَصَرِيْخِيْ، هَلْ خَلَقْتَنِيْ يا إِلهِي لِلْبَلآءِ أَوْ لإِظْهارِ أَمْرِكَ فِي مَلَكُوتِ الإِنْشآءِ، تَسْمَعُ وَتَرَى يا إِلهِيْ حَنِيْنِيْ وَأَنِيْنِيْ وَعَجْزِيْ وَفَقْرِيْ وَفاقَتِيْ وَضُرِّيْ وَمَسْكَنَتِي، وَعِزَّتِكَ إِنَّ البُكآءَ مَنَعَنِيْ عَنْ ذِكْرِكَ وَثَنائِكَ وَارْتَفَعَ نَحِيبُهُ عَلَى شَأْنٍ تَحَيَّرَتْ بِهِ الثَّكْلى وَمَنَعَها عَنْ بُكائِها وَزَفَراتِها، أَيْ رَبِّ أَسْئَلُكَ بِالسَّفِينَةِ الَّتِيْ بِها ظَهَرَ سُلْطانُ مَشِيَّتِكَ وَنُفُوذُ إِرادَتِكَ وَتَمُرُّ بِقُدْرَتِكَ عَلَى البَرِّ وَالبَحْرِ بِأَنْ لا تَأْخُذَنِي بِجَرِيراتِي العُظْمى وَخَطِيَئاتِي ‌الْكُبْری، وَعِزَّتِكَ قَدْ شَجَّعَتْنِيْ بُحُورُ غُفْرانِكَ وَرَحْمَتِكَ وَما سَبَقَ مِنْ مُعامَلَتِكَ مَعَ المُخْلِصِينَ مِنْ أَصْفِيائِكَ وَالمُوَحِّدِينَ مِنْ سُفَرائِكَ، أَيْ رَبِّ أَرى أَنَّ ظُهُوراتِ عِنايَتِكَ اجْتَذَبَتْنِيْ وَرَحِيقَ بَيانِكَ أَخَذَنِيْ مِنْ كُلِّ الجِهاتِ بِحَيْثُ لا أَرى مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ وَقَدْ يُعَرِّفُنِيْ وَيُذَكِّرُنِيْ بِآياتِكَ وَظُهُوراتِكَ وَشُئُوناتِكَ، وَعِزَّتِكَ كُلَّما يَتَوَجَّهُ طَرَفُ طَرْفِي إِلى سَمائِكَ يُذَكِّرُنِي بِعُلُوِّكَ وَارْتِفاعِكَ وَسُمُوِّكَ وَاسْتِعْلائِكَ، وَكُلَّما أَلْتَفِتُ إِلى الأَرْضِ إِنَّها تُعَرِّفُنِيْ ظُهُوراتِ قُدْرَتِكَ وَبُرُوزاتِ نِعْمَتِكَ، وَكُلَّما أَنْظُرُ البَحْرَ يُكُلِّمُنِيْ فِي عَظَمَتِكَ وَاقْتِدارِكَ وَسَلْطَنَتِكَ وَكِبْرِيائِكَ، وَلَمَّا أَتَوَجَّهُ إِلى الجِبالِ تُرِينِي أَلْوِيَةَ نَصْرِكَ وَأَعلامَ عِزِّكَ وَعِزَّتِكَ، يا مَنْ فِي قَبْضَتِكَ زِمامُ العالَمِ وَأَزِمَّةُ الأُمَمِ، قَدْ أَخَذَتْنِيْ حَرارَةُ حُبِّكَ وَسُكْرُ رَحِيقِ تَوحِيدِكَ عَلَى شَأْنٍ أَسْمَعُ مِنْ هَزِيزِ الأَرْياحِ ذِكْرَكَ وَثَنائَكَ وَمِنْ خَرِيْرِ المآءِ نَعْتَكَ وَأَوْصافَكَ وَمِنْ حَفِيْفِ الأَشْجارِ أَسْرارَ قَضائِكَ الَّتِيْ أَوُدَعْتَها فِي مَمْلَكَتِكَ، سُبْحانَكَ يا إِلهَ الأَسْمآءِ وفَاطِرَ السَّماءِ لَكَ الحَمْدُ بِما عَرَّفْتَ عِبادَكَ هذا اليَوْمَ الَّذِيْ فيْهِ جَرى كَوْثَرُ الحَيَوانِ مِنْ إِصْبَعِ كَرَمِكَ وَظَهَرَ رَبِيْعُ المُكاشَفَةِ وَاللِّقاءِ بِظُهُورِكَ لِمَنْ فِي سَمائِكَ وَأَرْضِكَ أَيْ رَبِّ هذا يَومٌ قَدْ جَعَلْتَ نُورَهُ مُقَدَّسًا عَنِ الشَّمْسِ وَإِشْراقِها، أَشْهَدُ أَنَّهُ تَنَوَّرَ مِنْ نُوْرِ وَجْهِكَ وَإِشْراقِ أَنْوارِ صُبْحِ ظُهُورِكَ، وَهذا يَوْمٌ فِيهِ تَرَدَّى كُلُّ مَأْيُوسٍ بِرِدآءِ الرَّجآءِ وَتَزَيَّنَ كُلُّ عَلِيلٍ بِقَمِيصِ الشِّفاءِ وَتَقَرَّبَ كُلُّ فَقِيرٍ إِلى بَحْرِ الغَنآءِ، وَجَمالِكَ يا سُلْطانَ القِدَمِ وَالمُسْتَوِيْ عَلَى العَرْشِ الأَعْظَمِ إِنَّ مَطْلَعَ آياتِكَ وَمَظْهَرَ شُئُوناتِكَ مَعَ بَحْرِ عِلْمِهِ وَسَمآءِ عِرْفانِهِ اعْتَرَفَ بِعَجْزِهِ عَنْ عِرْفانِ أَدْنى آيَةٍ مِنْ آياتِكَ الَّتِي تُنْسَبُ إِلى قَلَمِكَ الأَعْلى فَكَيْفَ ذاتِكَ الأَبْهى وَكَيْنُونَتِكَ العُلْيا، لَمْ أَدْرِ يا إِلهِي بِأَيِّ ذِكْرٍ أَذْكُرُكَ وَبِأَيِّ وَصْفٍ أَصِفُكَ وَبِأَيِّ ثَنآءٍ أُثْنِيْكَ لَوْ أَصِفُكَ بِالأَسْمآءِ أَرى أَنَّ مَلَكُوتَها خُلِقَ بِحَركةِ إِصْبَعِكَ وَتَرتَعِدُ فَرآئِصُهُ مِنْ خَشْيَتِكَ، وَلَوْ أُثْنِيكَ بِالصِّفاتِ أُشاهِدُ أَنَّها خَلْقُكَ وَفِي قَبْضَتِكَ وَلا يَنْبَغِيْ لِمَظاهِرِها أَنْ تَقُومَ تِلْقآءَ بَابِ مَدْيَنِ ظُهُورِكَ وَكَيْفَ المَقامِ الَّذِيْ فِيْهِ اسْتَوَيْتَ عَلَى عَرْشِ عَظَمَتِكَ، وَعِزَّتِكَ يا مالِكَ الأَسْمآءِ وَفَاطِرَ السَّمآءِ، كُلُّ ما تَزَيَّنَ بِقَمِيْصِ الأَلْفاظِ إِنَّهُ خُلِقَ فِي مَمْلَكَتِكَ وَذُوِّتَ بِإِرادَتِكَ وَلا يَنْبَغِيْ لِحَضْرَتِكَ وَلا يَلِيقُ لِجَنابِكَ، فَلَمَّا ثَبَتَ تَقْدِيسُ نَفْسِك العُلْيا عَنْ كُلِّ ما خُلِقَ فِي الإِنشآءِ وَخَطَرَ فِي قُلُوبِ الأَصْفِياءِ وَأَفْئِدَةِ الأَوْلِياءِ يَلُوحُ أُفُقُ التَّوحِيدِ وَيَظْهَرُ لِكُلِّ حُرٍّ وَعَبِيْدٍ أَنَّكَ وَاحِدٌ فِي ذاتِكَ وَوَاحِدٌ فِي أَمْرِكَ وَواحِدٌ فِي ظُهُورِكَ طُوبى لِمَنِ انْقَطَعَ فِي حُبِّكَ عَنْ سَوائِكَ وَسَرُعَ إِلى أُفُقِ ظُهُورِكَ وَفَازَ بِهذِهِ الكَأْسِ الَّتِيْ جَعَلَتِ البُحُورَ كُلَّها دُونَ مَقامِها، أَسْئَلُكَ يا إِلهِي بِقُوَّتِكَ وَقُدْرَتِكَ وَسُلْطانِكَ الَّذِيْ أَحاطَ مَنْ فِي سَمآئِكَ وَأَرْضِكَ بِأَنْ تُعَرِّفَ العِبادَ هذا السَّبِيلَ المُبِينَ وَهذا الصِّراطَ المُسْتَقِيمَ ليَعْتَرِفُوا بِوَحْدانِيَّتِكَ وَفَرْدانِيَّتِكَ بِيَقِينٍ لا تَعْتَرِيهِ أَوْهامُ المُرِيبِينَ وَلا تَحْجُبُهُ ظُنُونُ الهآئِمِينَ، أَيْ رَبِّ أَنِرْ أَبْصارَ عِبادِكَ وَقُلُوبَهُمْ بِنُورِ عِرْفانِكَ لِيَطَّلِعُوا بِهذا المَقامِ الأَسْنى وَالأُفُقِ الأَبْهى لِئَلا يَمْنَعَهُمُ النُّعاقُ عَنِ النَّظَرِ إِلى إِشْراقِ نُورِ التَّوْحِيدِ وَلا يَصُدَّهُمْ عَنِ التَّوَجُّهِ إِلى أُفُقِ التَّجْرِيْدِ، أَيْ رَبِّ هذا يَوْمٌ بَشَّرْتَ الكُلَّ فِيهِ بِظُهُورِكَ وَطُلُوعِكَ وَإِشْراقِكَ وَأَخَذْتَ عَهْدَ مَشْرِقِ وَحْيِكَ فِي كُتُبِكَ وَزُبُرِكَ وَصُحُفِكَ وَأَلواحِكَ وَجَعَلْتَ البَيانَ مُبَشِّرًا لِهذا الظُّهُورِ الأَعْظَمِ الأَبْهى وَهذا الطُّلُوعِ الأَنْوَرِ الأَسْنی، فَلَمَّا أَنارَ أُفُقُ العالَمِ وَأَتى الاسْمُ الأَعْظَمُ كَفَرُوا بِهِ وَبِآياتِهِ إِلاَّ مَنْ أَخَذَتْهُ حَلاوَةُ ذِكْرِكَ وَثَنائِكَ وَوَرَدَ عَلَيْهِ ما لا يُحْصِيهِ إِلاَّ عِلْمُكَ المُهَيْمِنُ عَلَى مَنْ فِي سَمائِكَ وَأَرْضِكَ، وَأَنْتَ تَعْلَمُ يا إِلهِي بِأَنَّ مُنْزِلَ البَيانِ وَصَّى مَنْ فِي الإِمْكانِ بِأَمْرِكَ وَظُهُورِكَ وَسُلْطانِكَ، قَالَ وَقَوْلُهُ الأَحْلى إِيَّاكُمْ أَنْ يَمْنَعَكُمُ البَيانُ وَحُرُوفاتُهُ عَنِ الرَّحْمنِ وَسُلْطانِهِ، وَقالَ إِنَّهُ لَوْ يَأْتِي بِآيَةٍ لا تُنْكِرُوهُ أَسْرِعُوا إِلَيْهِ لَعَلَّ يُنْزِلُ لَكُمْ مِنْ فَضلِهِ ما أَرادَ وَإِنَّهُ لَمالِكُ العِبادِ وَمَلِيكُ الإِيِجادِ إِذًا تَرَى يا مَحْبُوبَ العالَمِ وَالظاهِرُ بِالاسْمِ الأَعْظَمِ إِنَّهُ قَدْ أَتَى بِمَلَكُوتِ الآياتِ عَلَى شَأْنٍ شَهِدَتِ الذَّرَّاتُ بِأَنَّها مَلَئَتِ الآفاقَ، مَعَ هذا الظُّهُورِ الأَظْهَرِ الأَبْهى وَهذِهِ الآياتِ الَّتِيْ لا يُحْصِيها إِلاَّ عِلْمُكَ يا مالِكَ الأَسْمآءِ تَرَى وَتُشاهِدُ إِعْراضَهُمْ عَنْ مَشْرِقِ ذاتِكَ وَاعْتِراضَهُمْ عَلَى مَنْبَعِ عِلْمِكَ وَآياتِكَ، قَدْ أَخَذَتْهُمُ العِزَّةُ بِالإِثْمِ عَلَى شَأْنٍ أَنْكَرُوا ظُهُوراتِكَ وَبُرُوزاتِكَ وَآثارَكَ الَّتِي يَرى كُلُّ بَصِيرٍ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ ما يَشْهَدُ بِعَظَمَتِكَ وَسُلْطانِكَ وَيَعْتَرِفُ بِظُهُورِكَ وَاقْتِدارِكَ وَقالُوا فِي حَقِّهِ مَا ناحَ بِهِ سُكَّانُ سُرادِقِ الأَبْهى وَالمَلإِ الأَعْلى وَذابَتْ مِنْ أَقْوالِهِمْ أَكْبادُ أَصْفِيآئِكَ وَقُلُوبُ أَوْليائِكَ وَأَخَذَتْهُمُ الغَفْلَةُ عَلَى شَأْنٍ نَبَذُوا آياتِكَ الكُبْرى وَأَخَذُوا أَوْهامَهُمْ يا مالِكَ الأَسْماءِ وَمَليْكَ العَرْشِ وَالثَّری، وَأَنْتَ الَّذِيْ يا إِلهِي وَمَحْبُوبَ فُؤآدِي زَيَّنْتَ بِذِكْرِ هذَا الْيَوْمِ لَوْحَكَ الَّذِيْ ما اَطَّلَعَ بِهِ إِلاَّ نَفْسُكَ وَسَمَّيْتَهُ بِيَوْمِ اللَّهِ لِئَلا يُرى فِيْهِ إِلاَّ نَفْسُكَ العُلْيا وَلا يُذْكرَ فيْهِ إِلاَّ ذِكْرُكَ الأَحْلی، فَلَمَّا ظَهَرَ أَخَذَتِ الزَّلازِلُ أَرْكانَ القَبآئِلِ وانْصَعَقَ فِيهِ كُلُّ عالِمٍ وَتَحَيَّرَ كُلُّ عارِفٍ إِلاَّ مَنْ تَقَرَّبَ بِحَوْلِكَ وَأَخَذَ رَحِيْقَ وَحْيِكَ مِنْ يَدِ فَضْلِكَ وَشَرِبَ بِاسْمِكَ وَقالَ لَكَ الحَمْدُ يا مَقْصُودَ العالَمِينَ، وَلَكَ الثَّنآءُ يا وَلَهَ أَفْئِدَةِ المُشْتاقِينَ، يا إِلهِي وَسَيِّدِي وَغايَةَ رَجآئِي وَمُنْتَهى أَمَلِي تَرَى وَتَسْمَعُ حَنِينَ المَظْلُومِ مِنَ البِئْرِ الظَّلْمآءِ الَّتِيْ بُنِيَتْ مِنْ أَوْهامِ أَعْدائِكَ وَفِي حُفْرَةٍ عَمْياءِ الَّتِي حُفِرَتْ مِنْ ظُنُونِ طُغاةِ خَلْقِكَ، وَجَمالِكَ يا أَيُّها الظَّاهرُ بِالجَلالِ إِنِّي لا أَجْزَعُ مِنَ البَلايا فِي حُبِّكَ وَلا مِنَ الرَّزايا فِي سَبِيْلِكَ بَلِ اخْتَرْتُها بِحَوْلِكَ وَأَفْتَخِرُ بِها بَيْنَ المُقَرَّبِينَ مِنْ خَلْقِكَ وَالمُخْلِصِينَ مِنْ عِبادِكَ، وَلكِنْ يا مُرَبِّيَ العالَمِ وَمالِكَ الأُمَمِ أَسْئَلُكَ فِي هذا الحِينِ الَّذِيْ أَكُونُ آخِذًا بِيَدِ الرَّجآءِ أَذْيالَ رِدآءِ كَرَمِكَ وَرَحْمَتِكَ بِأَنْ تَغْفِرَ عِبادَكَ الَّذِينَ طارُوا فِي هَوآءِ قُرْبِكَ وَتَوَجَّهُوا إِلى أَنْوارِ وَجْهِكَ وَأَقْبَلُوا إِلى أُفُقِ رِضآئِكَ وَتَقَرَّبُوا إِلى بَحْرِ رَحْمَتِكَ وَنَطَقُوا فِي أَيَّامِهِمْ بِذِكْرِكَ وَاشْتَعَلُوا بِنارِ حُبِّكَ، قَدِّرِ اللَّهُمَّ يا إِلهِي لَهُمْ قَبْلَ صُعُودِهِمْ وَبَعْدَهُ ما يَنْبَغِي لِعُلُوِّ كَرَمِكَ وَسُمُوِّ عِنايَتِكَ، أَيْ رَبِّ أَسْكِنِ الَّذِيْنَ صَعِدُوا إِلَيْكَ فِي الرَّفِيقِ الأَعْلى فِي ظِلِّ خِبآءِ مَجْدِكَ وَسُرادِقِ عِزِّكَ، أَيْ رَبِّ رَشِّحْ عَلَيْهِمْ مِنْ بَحْرِ عَفْوِكَ ما يَجْعَلُهُمْ مُسْتَحِقِّينَ لإِبْقآئِهِمْ بِدَوامِ المُلْكَ فِي مَلَكُوتِكَ الأَعْلى وَجَبَرُوتِكَ الأَسْنى وَإِنَّكَ أَنْتَ فَعَّالٌ لِمَا تَشآءُ، أَيْ رَبِّ لا تَحْرِمْ أَحِبَّائَكَ مِنْ نَفَحاتِ هذا اليَوْمِ الَّذِيْ فِيْهِ ظَهَرَتْ أَسْرارُ اسْمِكَ القَيُّومِ وَما كانَ مَخْزُونًا فِي خَزآئِنِ عِلْمِكَ، أَيْ رَبِّ هذا يَوْمٌ اهْتَزَّ فِيهِ كُلُّ ذَرَّةٍ مِنَ الذَّرَّاتِ وَتَقُولُ يا مُنْزِلَ الآياتِ وَسُلْطانَ الكائِناتِ إِنِّي أَجِدُ عَرْفَ وِصالِكَ كَأَنَّكَ أَظْهَرْتَ نَفْسَكَ وَفَتَحْتَ بابَ لِقائِكَ عَلَى مَنْ فِي سَمآئِكَ وَأَرْضِكَ، أَيْ رَبِّ مِنْ عَرْفِ قَمِيصِكَ أَيْقَنْتُ بِأَنَّ العالَمَ تَشَرَّفَ بِقُدُومِكَ وَفازَ بِنَفَحاتِ وَصْلِكَ، وَلكِنْ يا مَحْبُوبَ العالَمِ وَمَقْصُودَ الأُمَمِ لَمْ أَدْرِ بِأَيِّ مَقامٍ اسْتَقَرَّ عَرْشُ عَظَمَتِكَ وَأَيُّ مَقَرٍّ فازَ بِقُدُومِكَ وَتَنَوَّرَ بِأَنْوارِ وَجْهِكَ وَعِزَّتِكَ يا مَوْلَى الوُجُودِ وَمالِكَ الغَيْبِ وَالشُّهُودِ قَدْ تَحَيَّرَ كُلُّ ذِيْ عِلْمٍ فِي عِرْفانِكَ وَكُلُّ ذِيْ حِكْمَةٍ فِي إِدْراكَ آياتِ عَظَمَتِكَ عَلَى شَأْنٍ اعْتَرَفَ الكُلُّ بِالقُصُورِ عَنِ العِرْفانِ وَبِالعَجْزِ عَنِ الصُّعُودِ إِلى سَمآءٍ فيها تَجَلَّتْ شَمْسٌ مِنْ شُمُوسِ مَظاهِرِ عِلْمِكَ وَمَشارِقِ حِكْمَتِكَ ما لأَحَدٍ وَذِكْرُ هذا المَقامِ الأَعْلى وَالمَقَرِّ الأَسْنى المَقامِ الَّذِيْ جَعَلْتَهُ فَوْقَ عِرْفانِ خَلْقِكَ وَشَهاداتِ عِبادِكَ، لَمْ يَزَلْ كانَ مَسْتُورًا عَنِ الإِدْراكَ وَالعُلُومِ وَمَخْتومًا بِخِتامِ اسْمِكَ القَّيُّومِ، وَعِزَّتِكَ وَسَلْطَنَتِكَ المُهَيْمِنَةِ عَلَى المُلْكِ وَالمَلَكُوتِ لَوْ أَحَدٌ مِن أَصْفِيائِكَ وَسُفَرآئِكَ يَتَفَكَّرُ فِي شُئُوناتِ قَلَمِكَ الأَعْلى الَّذِيْ تُحَرِّكُهُ إِصْبَعُ إِرادَتِكَ وَيَتَفَكَّرُ فِي أَسْرارِهِ وَآثارِهِ وما يَظْهَرُ مِنْهُ لَيَتَحَيَّرُ عَلَى شَأْنٍ يَرَى اللِّسانَ عاجِزًا عَنِ الذِّكْرِ وَالبَيانِ وَالقَلْبَ قاصِرًا عَنِ العِرْفانِ، لأنَّهُ يَرى مَرَّةً يَجْرِيْ مِنْهُ مآءُ الحَيَوانِ فِي الإِمْكانِ وَسُمِّيَ مِنْ عِنْدِكَ بِالصُّورِ وَيَقُومُ بِهِ مَنْ فِي القُبُورِ وَطَوْرًا تَظْهَرُ مِنْهُ النَّارُ كأَنَّها أُوْقِدَتْ مِنْ نارِ الظُّهُورِ وَتَكَلَّمَ الكَلِيْمُ فِي الطُّورِ، فَما أَعْجَبَ شُئُوناتِ قُوَّتِكَ وَما أَعْظَمَ ظُهُوراتِ قُدْرَتِكَ، كُلُّ عَلِيمٍ اعْتَرَفَ بِالجَهْلِ عِنْدَ إِشْراقاتِ أَنْوارِ شَمْسِ عِلْمِكَ، وَكُلُّ قَوِيٍّ اعْتَرَفَ بِالعَجْزِ عِنْدَ أَمْواجِ بَحْرِ قُوَّتِكَ، وَكُلُّ غَنِيٍّ اعْتَرَفَ بِالفَقْرِ لَدى ظُهُوراتِ خَزآئِنِ غَنآئِكَ، وَكُلُّ عارفٍ أَقَرَّ بِالفَنآءِ لَدى تَجَلِّياتِ أَنْوارِ جَمالِكَ، وَكُلُّ عَزيزٍ أَقَرَّ بِالذُّلِّ عِنْدَ إِشْراقِ شَمْسِ عِزِّكَ، وَكُلُّ ذِي عَظَمَةٍ اعْتَرَفَ بِفَنآئِهِ وَفَنآءِ غَيْرِهِ وَبَقآءِ عَظَمَتِكَ وَسُلْطانِكَ وَعُلُوِّكَ وَاقْتِدارِكَ، يا إِلهِي وَإِلهَ كُلِّ شَيْءٍ وَسُلْطانِي وَسُلْطانَ كُلِّ شَيْءٍ وَمَحْبُوبِي وَمَقْصُودِي تَعْلَمُ أَنِّيْ أَذْكُرُكَ اليَوْمَ مِنْ قِبَلِ المُنْقَطِعِينَ مِنْ خَلْقِكَ وَأَصِفُكَ بِلِسانِ المُوَحِّدِينَ مِنْ بَرِيَّتِكَ لَعَلَّ يَسْطَعُ مِنْ زَفَراتِ قُلُوبِهِمْ فِي حُبِّكَ وَهَواكَ ما يَحْتَرِقُ بِهِ كُلُّ ما يَمْنَعُ عِبادَكَ عَنِ التَّوَجُّهِ إِلى جَبَرُوتِ عِرْفانِكَ وَمَلَكُوتِ آياتِكَ، فَيا إِلهِي وَإِلهَ الأَسْمآءِ وَفاطِرَ الأَرْضِ وَالسَّمآءِ هذا يَوْمٌ فِيهِ يُناجِيكَ مَنِ اشْتَعَلَ صَدْرُهُ مِنْ نارِ وَصْلِكَ، فَأَيْنَ الفَصْلُ يا إِلهِي لِيُعْرَفَ بِهِ الوَصْلُ عِنْدَ ظُهُورِ نُورِ فَرْدانِيَّتِكَ وَبُرُوزِ إِشْراقِ شَمْسِ وَحْدانِيَّتِكَ، أَسْتَغْفِرُكَ يا إِلهِي عَنْ كُلِّ ذلِكَ وَعَنْ كُلِّ ما جَرى وَيَجْرِيْ عَلَيْهِ قَلَمِي فِي أَيَّامِكَ، أَشْهَدُ بِأَنَّكَ ما جَعَلْتَ المُنَاجاةَ شَأْنِي بَلْ شَأْنَ مَنْ سَبَقَنِي بِأَمْرِكَ وَإِرادَتِكَ وَجَعَلْتَ الآياتِ مَخْصُوصَةً بِهذا الظُّهُورِ العَظِيمِ وَالنَّبَأِ الَّذِيْ تَزَيَّنَتْ بِهِ صَحآئِفُ مَجْدِكَ وَلَوْحُكَ الحَفِيظُ، يا مُضْرِمَ النَّارِ فِي صَدْرِ البَهآءِ وَمُظْهِرَ النُّورِ فِي قَلْبِ البَهآءِ أَشْكُرُكَ بِما عَلَّمْتَ عِبادَكَ ذِكْرَكَ وَسُبُلَ مُناجاتِكَ مِنْ لِسانِكَ الأَقْدَسِ الأَعْلَى وَبَيانِكَ الأَعَزِّ الأَسْنی، لَوْلا إِذْنُكَ مَنْ يَقْدِرُ أَنْ يَصِفَكَ بِالعِزِّ وَالكِبريآءِ وَلَوْلا تَعْلِيمُكَ مَنْ يَعْرِفُ سُبُلَ الرِّضاءِ فِي مَلَكُوتِ الإِنشآءِ، أَسْئَلُكَ يا مالِكَ الجُودِ وَسُلْطانَ الوُجُودِ بِأَنْ تَحْفَظَ عِبادَكَ مِنْ خَطَراتِ قُلوبِهِمْ، ثُمَّ أَصْعِدْهُمْ إِلى مَقامٍ لا تَزِلُّ أَقْدامُهُمْ مِنْ ظُهُوراتِ فِعْلِكَ الَّتِيْ اقْتَضَتْها شُئُوناتُ حِكْمَتِكَ وَسَتَرْتَ أَسْرارَها عَنْ وَجْهِ بَرِيَّتِكَ وَخَلْقِكَ، أَيْ رَبِّ لا تَمْنَعْهُمْ عَنْ بَحْرِ عِلْمِكَ وَلا تَحْرِمْهُمْ عَمّا قَدَّرْتَهُ لِلْمُقَرَّبِينَ مِنْ أَصْفِيائِكَ وَالمُخْلِصِينَ مِنْ أُمَنآئِكَ، ثُمَّ ارْزُقْهُمْ مِنْ بَحْرِ الاطْمِئْنانِ ما يَسْكُنُ بِهِ اضْطِرابُهُمْ، وَبَدِّلِ اللَّهُمَّ يا إِلهِي ظُلْمَةَ أَوْهامِهِمْ، بِنُورِ اليَقِينِ ثُمَّ اجْعَلْهُمْ قَائِمِينَ مُسْتَقِيمِينَ عَلَى صِراطِكَ المُسْتَقِيمِ لِئَلاّ يَمْنَعَهُمُ الكِتابُ عَنْ مُنْزِلِهِ وَالأَسْمآءُ عَنْ خالِقِها وَرازِقِها ومَبْدَئِها وَسُلطانِها وَمُظْهِرِها وَمُهْلِكها وَمُعِزِّها وَمُذِلِّها وَالمُقْتَدِرِ عَليها وَالمُهَيْمِنِ عَلَى مُسَمَّياتِها، إِنَّكَ يا إِلهِي وَرَبِّي أَنْزَلْتَ الكِتابَ لإِظْهارِ أَمْرِيْ وَإِعْلآءِ كَلِمَتِي وَبِهِ أَخَذْتَ عَهْدَ نَفْسِيْ عَنْ كُلِّ ما خُلِقَ فِي مَمْلَكَتِكَ، وَتَرَى يا مَحْبُوبَ العالَمِ أَنَّ طُغاةَ خَلْقِكَ جَعَلُوهُ حِصْنًا لَهُمْ وَبِهِ أَعْرَضُوا عَنْ جَمالِكَ وَكَفَروا بِآياتِكَ، وَأَنْتَ الَّذِيْ يا إِلهِي وَصَّيْتَهُمْ فِي كِتابِكَ العَظِيمِ وَقُلْتَ يا مَلأَ البَيانِ اتَّقُوا الرَّحْمنَ وَلا تَكْفُرُوا بِالَّذِيْ جَعَلْتُ البَيانَ وَرَقَةً مِنْ أَوْراقِ جَنَّتِهِ، وَإِنَّهُ كانَ هَدِيَّةً مِنْ عِنْدِيْ إِلَيْهِ إِنْ فازَ بِالقَبُولِ إِنَّهُ لَهُو الفَضَّالُ وَإِنْ طُرِدَ وَما فازَ إِنَّهُ لَهُو الحاكِمُ بِالحَقِّ وَالمَحْمُودُ فِي أَفْعالِهِ وَالمُطَاعُ فِي أَوامِرِهِ لَيْسَ لأحَدٍ أَنْ يَعْتَرِضَ عَلَيْهِ، فَيا إِلهِي تَرَى المَظْلُومَ بَيْنَ أَيْدِي الَّذِينَ أَنْكَروا حَقَّكَ وَأَعْرَضُوا عَنْ سُلْطانِكَ، إِنَّ الَّذِيْ تَطُوفُ الحُجَّةُ حَوْلَهُ وَالبُرْهانُ يُنادِيْ بِأَعْلى النِّدآءِ بَيْنَ الإِمْكانِ بِاسْمِهِ وَسُلْطانِهِ قَدْ فَعَلُوا فِي أَيَّامِهِ ما لا يَقْدِرُ القَلَمُ أَنْ يَقُومَ بِوَصْفِهِ وَارْتَكبُوا ما ناحَ بِهِ الرُّوحُ وَصاحَ مَنْ فِي المَلَكُوتِ وَأَهْلُ سُرادِقِ الجَبَرُوتِ، لَوْ يَتَوَجَّهُ أَحَدٌ بِسَمْعِ الفِطْرَةِ لَيَسْمَعُ حَنِينَ الأَشْيآءِ وَأَنِينَها بِما وَرَدَ عَلَى مَظْلُومِ الآفاقِ مِنَ الَّذِينَ أَخَذْتَ مِنْهُمُ المِيثاقَ فِي يَوْمِ الطَّلاقِ، هَلْ مِنْ مُنْصِفٍ يا إِلهِي يُنْصِفُ فِي أَمْرِكَ وَهَلْ مِنْ ذِي بَصَرٍ يَنْظُرُ بِعَيْنِكَ؟ وَهَلْ مِنْ ذِي سَمْعٍ يَسْمَعُ بِأُذُنِكَ وَهَلْ مِنْ ذِيْ لِسانٍ يَنْطِقُ بِالحَقِّ فِي أَيَّامِكَ؟ وَعِزَّتِكَ يا أَيُّهَا النَّاظِرُ مِنْ أُفُقِكَ الأَبْهى وَالسَّامِعُ ما تَنْطِقُ بِهِ سِدْرَةُ المُنْتَهى لَوْ أَحَدٌ يَنْظُرُ إلى كُتُبِكَ الَّتِي سَمَّيْتَها بِالبَيانِ وَيَتَفَكَّرُ فِيما نُزِّلَ فِيها لَيَجِدُ كُلَّ كِتابٍ مِنْها مُبَشِّرًا بِظُهُوريْ وَناطِقًا بِاسْمي وَشاهِدًا لِنَفْسِي وَمُنَادِيًا بِأَمْرِيْ وَذِكْرِيْ وَطُلوعي وَإِشْراقي، وَمَعَ إِعْلانِكَ يا إِلهِي وَبَيانِكَ يا مَحْبُوبِي سَمِعْتَ وَرَأَيْتَ ما قالُوا فِي حَقِّيْ وَارْتَكبُوا فِي أَيَّامِيْ، أَيْ رَبِّ أَشْهَدُ فِي مَوْقِفِي هذا رَغْمًا لِمَنْ أَعْرَضَ عَنْكَ أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ، وَهذا يَوْمُكَ الَّذِي تَزَيَّنَ بِذِكْرِهِ صَحَائِفُكَ وَكُتُبُكَ وَأَلْواحُكَ وَالَّذِيْ يَنْطِقُ إِنَّهُ لَهُو الكَنْزُ المَخْزُونُ وَالغَيْبُ المَكْنُونُ وَاللَّوْحُ المَحْفوظُ وَالسِّرُّ المَسْتُورُ وَالكِتابُ المَمْهُورُ، وَإِنَّهُ لَهُو المُطاعُ فِي كُلِّ ما حَكَمَ وَأَمَرَ وَأَظْهَرَ وَالمَحْبُوبُ فِيما يَأْمُرُ بِسُلْطانِهِ وَيَحْكُمُ بِقُدْرَتِهِ، مَنْ يَتَوَقَّفُ أَقَلَّ مِنْ آنٍ إِنَّهُ أَنْكَرَ حَقَّكَ وَكُلَّ ما أَنْزَلْتَهُ فِي كُتُبِكَ وَصُحُفِكَ وَأَرْسَلْتَها مَعَ أَصْفِيآئِكَ وَأَنْبِيآئِكَ وَسُفَرآئِكَ وَأُمَنآئِكَ، أَسْئَلُكَ يا مَنْ بِيَدِكَ مَلَكُوتُ السَّمواتِ وَالأَرْضِ وَفِي قَبْضَتِكَ مَنْ فِي جَبَرُوتِ الأَمْرِ وَالخَلْقِ بِأَنْ لا تَمْنَعَ لِحاظَ أَلْطافِكَ عَنِ الَّذِينَ حَمَلُوا الشَّدآئِدَ فِي سَبِيلِكَ وَذاقُوا كَأْسَ البَلايا فِي حُبِّكَ وَدَخَلُوا السِّجْنَ بِاسْمِكَ وَوَرَدَ عَلَيْهِمْ ما لا وَرَدَ عَلَى خَلْقِكَ وَبَرِيَّتِكَ، أَيْ رَبِّ إِنَّهُمْ عِبادُكَ الَّذِينَ أَجابُوا إِذِ ارْتَفَعَ نِدآئُكَ وَتَوَجَّهُوا إِذْ أَشْرَقَتْ أَنْوارُ وَجْهِكَ وَأَقْبَلُوا إِذْ لاحَ أُفُقُكَ الأَعْلى بَاسْمِكَ الَّذِيْ بِهِ انْصَعَقَ مَنْ فِي أَرْضِكَ وَسَمائِكَ، أَيْ رَبِّ قَدِّرْ لَهُمْ ما قَدَّرْتَهُ لأَصْفِيائِكَ الَّذِينَ اسْتَقْبَلُوا سِهَامَ المُشْرِكينَ فِي أَمْرِكَ وَحُبِّكَ وَسَرُعُوا إِلى مَشْرِقِ البَلآءِ بِاسْمِكَ وَذِكْرِكَ، أَنْتَ الَّذِيْ يا إِلهِي وَعَدْتَ فِي مُحْكَمِ آياتِكَ بِأَنْ تَذْكُرَهُمْ فِي كِتابِكَ جَزآءَ أَعْمالِهِمْ فِي أَيَّامِكَ، صَلِّ اللَّهُمَّ عَلَيْهِمْ وَكَبِّرِ اللَّهُمَّ عَلَى وُجُوهِهِمْ بِتَكْبِيرٍ أَشْرَقَتْ شَمْسُهُ مِنْ أُفُقِ فَمِ مَشِيَّتِكَ وَظَهَرَتْ أَنْوارُهُ مِنْ مَلَكُوتِ بَيانِكَ، أَيْ رَبِّ أَغْمِسْهُمْ فِي بَحْرِ رَحْمَتِكَ وَنَوِّرْهُمْ بِأَنْوارِ فَجْرِ ظُهُورِكَ، ثُمَّ اغْفِرْ يا إِلهِي آبائَهُمْ وَأُمَّهاتِهِمْ بِجُودِكَ وَكَرَمِكَ وَأَلطافِكَ، ثُمَّ أَرْسِلْ عَلَيْهِمْ عَنْ يَمِينِ جَنَّتِكَ العُلْيا نَفَحَاتِ قَمِيْصِ جَمالِكَ الأَبْهی، إِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ عَلَى ما تَشآءُ وَإِنَّكَ أَنْتَ الحاكِمُ الآمِرُ المُعْطِ الغَفُورُ الكَرِيمُ، وَالحَمْدُ لَكَ يا مَحْبُوبَ العالَمِ وَيا أَيُّها المَذْكُورُ فِي قُلوبِ العارِفِينَ.

(177)

أَللَّهُمَّ إِنِّيْ أَسْئَلُكَ بِالآيَةِ الكُبْرى وَظُهُورِ فَضْلِكَ بَيْنَ الوَرَى أَنْ لا تَطْرُدَنِي عَنْ بابِ مَدِينَةِ لِقائِكَ وَلا تُخَيِّبَنِي عَنْ ظُهُوراتِ فَضْلِكَ بَيْنَ خَلْقِكَ، تَرَانِي يا إِلهِي مُتَمَسِّكًا بِاسْمِكَ الأَقْدَسِ الأَنْوَرِ الأَعَزِّ الأَعْظَمِ العَلِيِّ الأَبْهى وَمُتَشَبِّثًا بِذَيْلٍ تَشَبَّثَ بِهِ مَنْ فِي الآخِرَةِ وَالأُولی، أَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْئَلُكَ بِنِدائِكَ الأَحْلى وَالكَلِمَةِ العُلْيا أَنْ تُقَرِّبَنِي فِي كُلِّ الأَحْوالِ إِلى فِناءِ بابِكَ وَلا تُبْعِدَنِي عَنْ ظِلِّ رَحْمَتِكَ وَقِبابِ كَرَمِكَ، تَرَانِي يا إِلهِي مُتَمَسِّكًا بِاسْمِكَ الأَقْدَسِ الأَنْوَرِ الأَعَزِّ الأَعْظَمِ العَلِيِّ الأَبْهى وَمُتَشَبِّثًا بِذَيْلٍ تَشَبَّثَ بِهِ مَنْ فِي الآخِرَةِ وَالأُولی، أَللَّهُمَّ إِنِّيْ أَسْئَلُكَ بِضِياءِ غُرَّتِكَ الغَرّآءِ وَإِشْراقِ أَنْوارِ وَجْهِكَ مِنَ الأُفُقِ الأَعْلى أَنْ تَجْذِبَنِيْ مِنْ نَفَحاتِ قَمِيصِكَ وَتُشْرِبَنِي مِنْ رَحِيقِ بَيانِكَ، تَرانِيْ يا إِلهِي مُتَمَسِّكًا بِاسْمِكَ الأَقْدَسِ الأَنْوَرِ الأَعَزِّ الأَعْظَمِ العَلِيِّ الأَبْهى وَمُتَشَبِّثًا بِذَيْلٍ تَشَبَّثَ بِهِ مَنْ فِي الآخِرَةِ وَالأُولی، أَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْئَلُكَ بِشَعَراتِكَ الَّتِيْ تَتَحَرَّكَ عَلَى صَفَحاتِ الوَجْهِ كما يَتَحَرَّكَ عَلَى صَفَحاتِ الأَلْواحِ قَلَمُكَ الأَعْلى وَبِها تَضَوَّعَتْ رائِحَةُ مِسْكَ المَعَانِي فِي مَلَكُوتِ الإِنْشآءِ أَنْ تُقيمَنِي عَلَى خِدْمَةِ أَمْرِكَ عَلَى شَأْنٍ لا يَعْقُبُهُ القُعُودُ وَلا تَمْنَعُهُ إِشاراتُ الَّذِينَ جادَلُوا بِآياتِكَ وَأَعْرَضُوا عَنْ وَجْهِكَ، تَرَانِي يا إِلهِي مُتَمَسِّكًا بِاسْمِكَ الأَقْدَسِ الأَنْوَرِ الأَعَزِّ الأَعْظَمِ العَلِيِّ الأَبْهى وَمُتَشَبِّثًا بِذَيْلٍ تَشَبَّثَ بِهِ مَنْ فِي الآخِرَةِ وَالأُولی، أَللَّهُمَّ إِنِّيْ أَسْئَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِيْ جَعَلْتَهُ سُلْطانَ الأَسْمآءِ وَبِهِ انْجَذَبَ مَنْ فِي الأَرْضِ وَالسَّمآءِ أَنْ تُرِيَنِيْ شَمْسَ جَمالِكَ وَتَرْزُقَنِيْ خَمْرَ بَيانِكَ، تَرَانِي يا إِلهِي مُتَمَسِّكًا بِاسْمِكَ الأَقْدَسِ الأَنْوَرِ الأَعَزِّ الأَعْظَمِ العَلِيِّ الأَبْهى وَمُتَشَبِّثًا بِذَيْلٍ تَشَبَّثَ بِهِ مَنْ فِي الآخِرَةِ وَالأُولی، أَللَّهُمَّ إِنِّيْ أَسْئَلُكَ بِخِباءِ مَجْدِكَ عَلَى أَعْلَى الجِبالِ وَفُسْطاطِ أَمْرِكَ عَلَى أَعْلَى الأَتْلالِ أَنْ تُؤَيِّدَنِي عَلَى ما أَرادَ بِهِ إِرادَتُكَ وَظَهَرَ مِنْ مَشِيَّتِكَ، تَرَانِي يا إِلهِي مُتَمَسِّكًا بِاسْمِكَ الأَقْدَسِ الأَنْوَرِ الأَعَزِّ الأَعْظَمِ العَلِيِّ الأَبْهى وَمُتَشَبِّثًا بِذَيْلٍ تَشَبَّثَ بِهِ مَنْ فِي الآخِرَةِ وَالأُولی، أَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْئَلُكَ بِجَمالِكَ المُشْرِقِ مِنْ أُفُقِ البَقآءِ الَّذِيْ إِذا ظَهَرَ سَجَدَ لَهُ مَلَكُوتُ الجَمالِ وَكَبَّرَ عَنْ وَرائِهِ بِأَعْلى النِّدآءِ أَنْ تَجْعَلَنِي فانِيًا عَمَّا عِنْدِي وَباقِيًا بِما عِنْدَكَ، تَرَانِي يا إِلهِي مُتَمَسِّكًا بِاسْمِكَ الأَقْدَسِ الأَنْوَرِ الأَعَزِّ الأَعْظَمِ العَلِيِّ الأَبْهى وَمُتَشَبِّثًا بِذَيْلٍ تَشَبَّثَ بِهِ مَنْ فِي الآخِرَةِ وَالأُولی، أَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْئَلُكَ بِمَظْهَرِ اسْمِكَ المَحْبُوبِ الَّذِيْ بِهِ احْتَرَقَتْ أَكْبادُ العُشَّاقِ وَطارَتْ أَفْئِدَةُ مَنْ فِي الآفاقِ أَنْ تُوَفِّقَنِي عَلَى ذِكْرِكَ بَيْنَ خَلْقِكَ وَثَنائِكَ بَيْنَ بَرِيَّتِكَ، تَرَانِي يا إِلهِي مُتَمَسِّكًا بِاسْمِكَ الأَقْدَسِ الأَنْوَرِ الأَعَزِّ الأَعْظَمِ العَلِيِّ الأَبْهى وَمُتَشَبِّثًا بِذَيْلٍ تَشَبَّثَ بِهِ مَنْ فِي الآخِرَةِ وَالأُولی، أَللَّهُمَّ إِنِّيْ أَسْئَلُكَ بِحَفِيفِ سِدْرَةِ المُنْتَهى وَهَزِيزِ نَسَماتِ أَيَّامِكَ فِي جَبَرُوتِ الأَسْمآءِ أَنْ تُبْعِدَنِي عَنْ كُلِّ ما يَكْرَهُهُ رِضائُكَ وَتُقَرِّبَنِي إِلى مَقامٍ تَجَلَّى فِيْهِ مَطْلَعُ آياتِكَ، تَرَانِي يا إِلهِيْ مُتَمَسِّكًا بِاسْمِكَ الأَقْدَسِ الأَنْوَرِ الأَعَزِّ الأَعْظَمِ العَلِيِّ الأَبْهى وَمُتَشَبِّثًا بِذَيْلٍ تَشَبَّثَ بِهِ مَنْ فِي الآخِرَةِ وَالأَولی، أَللَّهُمَّ إِنِّيْ أَسْئَلُكَ بِالحَرْفِ الَّتِي إِذا خَرَجَتْ مِنْ فَمِ مَشِيَّتِكَ ماجَتِ البِحارُ وَهاجَتِ الأَرْياحُ وَظَهَرَتِ الأَثْمارُ وَتَطاوَلَتِ الأَشْجارُ وَمَحَتِ الآثارُ وَخُرِقَتِ الأَسْتارُ وَسَرُعَ المُخْلِصُونَ إِلى أَنْوارِ وَجْهِ رَبِّهِمِ المُخْتارِ أَنْ تُعَرِّفَنِي ما كانَ مَكْنُونًا فِي كَنائِزِ عِرْفانِكَ وَمَسْتُورًا فِي خَزائِنِ عِلْمِكَ، تَرَانِي يا إِلهِي مُتَمَسِّكًا بِاسْمِكَ الأَقْدَسِ الأَنْوَرِ الأَعَزِّ الأَعْظَمِ العَلِيِّ الأَبْهى وَمُتَشَبِّثًا بِذَيْلٍ تَشَبَّثَ بِهِ مَنْ فِي الآخِرَةِ وَالأُولی، أَللَّهُمَّ إِنِّيْ أَسْئَلُكَ بِنارِ مَحَبَّتِكَ الَّتِيْ بِها طارَ النَّوْمُ عَنْ عُيُونِ أَصْفِيائِكَ وَأَوْليائِكَ وَأَقامَتْهُمْ فِي الأَسْحارِ لِذِكْرِكَ وَثَنائِكَ أَنْ تَجْعَلَنِيْ مِمَّنْ فازَ بِما أَنْزَلْتَهُ فِي كِتابِكَ وَأَظْهَرْتَهُ بِإِرادَتِكَ، تَرَانِي يا إِلهِي مُتَمَسِّكًا بِاسْمِكَ الأَقْدَسِ الأَنْوَرِ الأَعَزِّ الأَعْظَمِ العَلِيِّ الأَبْهى وَمُتَشَبِّثًا بِذَيْلٍ تَشَبَّثَ بِهِ مَنْ فِي الآخِرَةِ وَالأُولی، أَللَّهُمَّ إِنِّيْ أَسْئَلُكَ بِنُورِ وَجْهِكَ الَّذِيْ سَاقَ المُقَرَّبِينَ إِلى سِهامِ قَضائِكَ وَالمُخْلِصِينَ إِلى سُيُوفِ الأَعْداءِ فِي سَبِيلِكَ أَنْ تَكْتُبَ لِي مِنْ قَلَمِكَ الأَعْلى ما كتَبْتَهُ ِلأُمَنائِكَ وَأَصْفِيائِكَ، تَرَانِي يا إِلهِي مُتَمَسِّكًا بِاسْمِكَ الأَقْدَسِ الأَنْوَرِ الأَعَزِّ الأَعْظَمِ العَلِيِّ الأَبْهى وَمُتَشَبِّثًا بِذَيْلٍ تَشَبَّثَ بِهِ مَنْ فِي الآخِرَةِ وَالأُولی، أَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْئَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِيْ بِهِ سَمِعْتَ نِدآءَ العاشِقِينَ وَضَجِيْجَ المُشْتاقِينَ وَصِرِيخَ المُقَرَّبِينَ وَحَنِينَ المُخْلِصِينَ وَبِهِ قَضَيْتَ أَمَلَ الآمِلِينَ وَأَعْطَيْتَهُمْ ما أَرادُوا بِفَضْلِكَ وَأَلْطافِكَ وَبِالاسْمِ الَّذِيْ بِهِ ماجَ بَحْرُ الغُفْرانِ أَمامَ وَجْهِكَ وَأَمْطَرَ سَحابُ الكَرَمِ عَلَى أَرِقَّائِكَ أَنْ تَكْتُبَ لِمَنْ أَقْبَلَ إِلَيْكَ وَصَامَ بِأَمْرِكَ أَجْرَ الَّذِينَ لَمْ يَتَكَلَّمُوا إِلاَّ بِإِذْنِكَ وَأَلْقَوْا ما عِنْدَهُمْ فِي سَبِيلِكَ وَحُبِّكَ، أَيْ رَبِّ أَسْئَلُكَ بِنَفْسِكَ وَبِآياتِكَ وَبَيِّناتِكَ وَإِشْراقِ أَنْوارِ شَمْسِ جَمالِكَ وَأَغْصانِكَ بِأَنْ تُكَفِّرَ جَرِيراتِ الَّذِيْنَ تَمَسَّكُوا بِأَحْكامِكَ وَعَمِلُوا بِما أُمِرُوا بِهِ فِي كِتابِكَ، تَرَانِي يا إِلهِي مُتَمَسِّكًا بِاسْمِكَ الأَقْدَسِ الأَنْوَرِ الأَعَزِّ الأَعْظَمِ العَلِيِّ الأَبْهى وَمُتَشَبِّثًا بِذَيْلٍ تَشَبَّثَ بِهِ مَنْ فِي الآخِرَةِ وَالأُولی.

(178)

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي أَسْأَلُكَ بِالَّذِيْ أَظْهَرْتَهُ وَجَعَلْتَ ظُهُورَهُ نَفْسَ ظُهُورِكَ وَبُطُونَهُ نَفْسَ بَطُونِكَ، وَبِأَوَّلِيَّتِهِ حُقِّقَ أَوَّلِيَّتُكَ وَبِآخِرِيَّتِهِ ثَبَتَ آخِرِيَّتُكَ، وَبِقُدْرَتِهِ وَسُلْطانِهِ شَهِدَ كُلُّ ذِيْ قُدْرَةٍ بِاقْتِدارِكَ وَبِعَظَمَتِهِ شَهِدَ كُلُّ ذِيْ عَظَمَةٍ بِعَظَمَتِكَ وَكِبْرِيائِكَ وَبِقَيُّومِيَّتِهِ عُرِفَ قَيُّومِيَّتُكَ وَإِحاطَتُكَ، وَبِمَشِيَّتِهِ ظَهَرَتْ مَشِيَّتُكَ وَبِوَجْهِهِ لاحَ وَجْهُكَ وَبِأَمْرِهِ ظَهَرَ أَمْرُكَ وَبِآياتِهِ مُلِئَتِ الآفاقُ مِنْ بَدائِعِ آياتِ سَلْطَنَتِكَ وَالسَّماءُ مِنْ ظُهُوراتِ عِزِّ أَحَدِيَّتِكَ وَالبِحارُ مِنْ لآلِئِ قُدْسِ عِلْمِكَ وَحِكْمَتِكَ وَزُيِّنَتِ الأَشْجارُ بِأَثْمارِ مَعْرِفَتِكَ، وَبِهِ سَبَّحَكَ كُلُّ شَيْءٍ وَتَوَجَّهَ كُلُّ الأَشْياءِ إِلى شَطْرِ رَحْمانِيَّتِكَ، وَأَقْبَلَ كُلُّ الوُجُوهِ إِلى بَوارِقِ أَنْوارِ وَجْهِكَ وَكُلُّ النُّفُوسِ إِلى ظُهُوراتِ عِزِّ أَحَدِيَّتِكَ، ما أَعْلى قُدْرَتَكَ وَما أَعْلى سَلْطَنَتَكَ وَما أَعْلى اقْتِدارَكَ وَما أَعْلى عَظَمَتَكَ وَما أَعْلى كِبْرِيائَكَ الَّذِيْ ظَهَرَ مِنْهُ وَأَعْطَيْتَهُ بِجُودِكَ وَكَرَمِك، فَيا إِلهِي أَشْهَدُ بِأَنَّ بِهِ ظَهَرَتْ آياتُكَ الكُبْرى وَسَبَقَتْ رَحْمَتُكَ الأَشْياءَ لَوْلاهُ ما هَدَرَتِ الوَرْقاءُ وَما غَنَّ عَنْدَلِيْبُ السَّنآءِ فِي جَبَروتِ القَضَاءِ، وَأَشْهَدُ بِأَنَّ مِنْ أَوَّلِ كَلِمَةٍ خَرَجَتْ مِنْ فَمِهِ وَأَوَّلِ نِداءٍ ارْتَفَعَ مِنْهُ بِمَشِيَّتِكَ وَإِرادَتِكَ انْقَلَبَتِ الأَشْياءُ كُلُّها وَالسَّماءُ وَما فِيْها وَالأَرْضُ وَمَنْ عَلَيْها، وَبِها انْقَلَبَتْ حَقائِقُ الوُجُودِ وَاخْتَلَفَتْ وَتَفَرَّقَتْ وَانْفَصَلَتْ وَائْتَلَفَتْ وَاجْتَمَعَتْ وَظَهَرَتِ الْكلِماتُ التَّكوِينِيَّةُ فِي عالَمِ المُلْكَ وَالْمَلَكُوتِ وَالظُّهُوراتُ الْوَاحِدِيَّةُ فِي عالَمِ الْجَبَرُوتِ وَالآياتُ الأَحَدِيَّةُ فِي عَالَمِ اللاَّهُوتِ، وَبِذلِكَ النِّداءِ بَشَّرْتَ الْعِبادَ بِظُهُورِكَ الأَعْظَمِ وَأَمْرِكَ الأَتَمِّ فَلَمَّا ظَهَرَ اخْتَلَفَتِ الأُمَمُ وَظَهَرَ الانْقِلابُ فِي الأَرْضِ وَالسَّماءِ وَاضْطَرَبَتْ أَرْكانُ الأَشْياءِ، وَبِهِ ظَهَرَتِ الفِتْنَةُ وَفُصِّلَتِ الْكَلِمَةُ وَبِها ظَهَرَ الامْتِيازُ بَيْنَ كُلِّ ذَرَّةٍ مِنْ ذَرَّاتِ الأَشْياءِ وَبِها سُعِّرَتِ الْجَحِيْمُ وَظَهَرَ النَّعِيْمُ، طُوبى لِمَنْ أَقْبَلَ إِلَيْكَ فَوَيْلٌ لِمَنْ أَعْرَضَ عَنْكَ وَكَفَرَ بِكَ وَبِآياتِكَ فِي هذا الْظُهُورِ الَّذِيْ فِيْهِ اسْوَدَّتْ وُجُوهُ مَظاهِرِ النَّفْيِ وَابْيَضَّتْ وُجُوهُ مَطالِعِ الإِثْباتِ يا مالِكَ الأَسْماءِ وَالصِّفاتِ، وَفِي قَبْضَتِكَ زِمامُ المَوْجُوْداتِ عَمَّا خُلِقَ بَيْنَ الأَرَضِينَ وَالسَّمَواتِ. فَلَكَ الْحَمْدُ يا إِلهِي حَمْدًا حَمِدْتَ بِهِ نَفْسَكَ وَلا يَعْرِفُهُ أَحَدٌ دُونَكَ وَلا يُحْصِيْهِ نَفْسٌ سِواكَ، أَيْ رَبِّ أَنْتَ الَّذِيْ عَرَّفْتَنِيْ نَفْسَكَ فِي أَيَّامٍ فِيْها غَفَلَ عِبادُكَ الَّذِيْنَ بِانْتِسابِهِمْ إِلى نَفْسِكَ حَكَمُوا عَلَى مَنْ عَلَى الأَرْضِ وَافْتَخَرُوْا عَلَى الأُمَمِ وَإِنِّيْ يا إِلهِي لَوْ حَكَمْتُ عَلَى شَرْقِ الأَرْضِ وَغَرْبِها وَمَلَكْتُ خَزَائِنَها كُلَّها وَأَنْفَقْتُ فِي سَبِيْلِكَ ما بَلَغْتُ إِلى هذا المَقامِ إِلاَّ بِحَوْلِكَ وَقُوَّتِكَ، وَلَوْ أَشْكُرُكَ يا إِلهِي بِدَوامِ عِزِّ أَحَدِيَّتِكَ وَبَقاءِ سَلْطَنَتِكَ وَاقْتِدارِكَ لا يُعادِلُ بِذِكْرٍ مِنَ الأَذْكارِ الَّتِيْ عَلَّمْتَنِيْ بِفَضْلِكَ وَأَمَرْتَنِيْ بِأَنْ أَدْعُوْكَ وَأَذْكُرَكَ بِهِ، فَلَمَّا كانَ شَأْنُ ذِكْرٍ مِنْ أَذْكارِكَ هذا فَما مَقامُ مَنْ عَرَفَ نَفْسَكَ وَفَازَ بِلِقائِكَ وَاسْتَقامَ عَلَى أَمْرِكَ؟ وَإِنِّيْ بِعَيْنِ الْيَقِينِ رَأَيْتُ وَبِعِلْمِ اليَقِيْنِ أَيْقَنْتُ بِأَنَّكَ لَمْ تَزَلْ كُنْتَ مُقَدَّسًا عَنْ ذِكْرِ المَوْجُوْداتِ وَلا تَزالُ تَكوْنُ مُتَعالِيًا عَنْ وَصْفِ المُمْكِناتِ، لا يَنْبَغِيْ لَكَ ذِكْرُ أَحَدٍ إِلاَّ ذِكْرُكَ أَوْ ذِكْرُ مِثْلِكَ وَإِنَّكَ كُنْتَ وَلَمْ تَزَلْ وَلا تَزالُ مُقَدَّسًا عَنِ الشِّبْهِ وَالمِثْلِ وَمُتَعالِيًا عَنِ الْكفْوِ والْعِدْلِ، فَلَمَّا ثَبَتَ تَقْدِيْسُ ذاتِكَ عَنِ الْمِثْلِيَّةِ وَتَنْزِيْهُ نَفْسِكَ عَنِ الشِّبْهِيَّةِ يَثْبُتُ بِأَنَّ الذِّكْرَ مِنْ أَيِّ ذاكرٍ كانَ يَرْجِعُ إِلى نَفْسِهِ وَحَدِّهِ وَلا يَرْتَقِيْ إِلى سُلْطانِ عِزِّ أَحَدِيَّتِكَ وَمَقَرِّ قُدْسِ عَظَمَتِكَ، فَما أَحْلى ذِكْرَكَ ذاتَكَ وَوَصْفَكَ نَفْسَكَ، أَشْهَدُ يا إِلهِي بِاَنَّكَ لا تَزالُ ما نَزَّلْتَ عَلَى عِبادِكَ إِلاَّ ما يُصْعِدُهُمْ إِلى سَماءِ قُرْبِكَ وَمَقَرِّ عِزِّ تَوْحِيدِكَ، وَوَضَعْتَ الْحُدُوْدَ بَيْنَهُمْ وَجَعَلْتَها مَطْلَعَ عَدْلِكَ وَمَظْهَرَ فَضْلِكَ بَيْنَ خَلْقِكَ وَحِصْنَ حِمايَتِكَ بَيْنَ بَريَّتِكَ لِئَلا يَظْلِمَ أَحَدٌ أَحَدًا فِي أَرْضِكَ، طُوْبى لِمَنْ نَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى وَاتَّبَعَ ما رُقِمَ مِنْ قَلَمِكَ الأَعْلى حُبًّا لِجَمالِكَ وَطَلَبًا لِرِضائِكَ إِنَّهُ مِمَّنْ فازَ بِكُلِّ الْخَيْرِ وَاتَّبَعَ الْهُدی، أَيْ رَبِّ أَسْئَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِيْ بِهِ عَرَّفْتَ نَفْسَكَ عِبادَكَ وَبَرِيَّتَكَ وَاجْتَذَبْتَ أَفْئِدَةَ الْعارِفِيْنَ إِلى مَقَرِّ عِزِّ وَحْدانِيَّتِكَ وَأَفْئِدَةَ المُقَرَّبِيْنَ إِلى مَطْلَعِ ظُهُورِ فَرْدانِيَّتِكَ بِأَنْ تُوَفِّقَنِيْ عَلَى الصِّيامِ خالِصًا لِوَجْهِكَ يا ذاْ الجَلالِ وَالإِكْرامِ، ثُمَّ اجْعَلْنِي يا إِلهِي مِنَ الَّذِيْنَ تَمَسَّكُوْا بِسُنَنِكَ وَحُدُوْداتِكَ خالِصِينَ لِوَجْهِكَ مِنْ دُوْنِ أَنْ يَكوْنُوا ناظِرِيْنَ إِلى غَيْرِكَ، أُوْلئِكَ كانَتْ خَمْرُهُمْ ما خَرَجَ مِنْ فَمِ مَشِيَّتِكَ الأُولى وَرَحِيقُهُمْ نِدَائَكَ الأَحْلى وَسَلْسَبِيلُهُمْ حُبَّكَ وَجَنَّتُهُمْ وَصْلَكَ وَلِقائَكَ لأنَّكَ كُنْتَ مَبْدَأَهُمْ وَمُنْتَهَاهُمْ وَغايَةَ أَمَلِهِمْ وَرَجائِهِمْ، عَمِيَتْ عَيْنٌ تَرَى ما لا تُحِبُّ وَانْعَدَمَتْ نَفْسٌ تُرِيْدُ ما لا تُرِيْدُ، فَيا إِلهِي أَسْئَلُكَ بِنَفْسِكَ وَبِهِمْ بِأَنْ تَقْبَلَ أَعْمالَناَ بِفَضْلِكَ وَعِنايَتِكَ وَلَوْ أَنَّها لا تَلِيقُ لِعُلُوِّ شَأْنِكَ وَسُمُوِّ قَدْرِكَ يا حَبِيْبَ قُلُوبِ المُشْتاقِيْنَ وَطَبِيْبَ أَفْئِدَةِ الْعارِفِينَ، فَأَنْزِلْ عَلَيْنا مِنْ سَماءِ رَحْمَتِكَ وَسَحابِ إِفْضَالِكَ ما يُطَهِّرُنا عَنْ شَائِبَةِ النَّفْسِ وَالهَوى وَيُقَرِّبُنا إِلى مَظْهَرِ نَفْسِكَ الْعَلِيِّ الأَبْهى وَإِنَّكَ رَبُّ الآخِرَةِ وَالأُوْلى وَإِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيْرٌ، صَلِّ اللَّهُمَّ يا إِلهِي عَلَى النُّقْطَةِ الأُوْلى الَّذِيْ بِهِ دارَتْ نُقْطَةُ الْوُجُودِ فِي الْغَيْبِ وَالشُّهُودِ وَجَعَلْتَهُ مَرْجِعًا لِما يَرْجِعُ إِلَيْكَ وَمَظْهَرًا لِما يَظْهَرُ مِنْكَ وَعَلَى حُرُوفاتِهِ مِنَ الَّذِيْنَ ما أَعْرَضُوْا عَنْكَ وَاسْتَقَرُّوْا عَلَى حُبِّكَ وَرِضائِكَ وَعَلَى الَّذِيْنَ هُمْ اسْتُشْهِدُوا فِي سَبِيْلِكَ بِدَوَامِ نَفْسِكَ وَبَقاءِ ذاتِكَ وَإِنَّكَ أَنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيْمُ، ثُمَّ أَسْئَلُكَ يا إِلهِي بِالَّذِيْ بَشَّرْتَنا بِهِ فِي كُلِّ أَلْواحِكَ وَكُتُبِكَ وَزُبُرِكَ وَصُحُفِكَ وَبِهِ انْقَلَبَ مَلَكُوْتُ الأَسْماءِ وَظَهَرَ ما سُتِرَ فِي صُدُورِ الَّذِيْنَ اتَّبَعُوْا النَّفْسَ وَالْهَوى بِأَنْ تَجْعَلَنا ثابِتِينَ عَلَى حُبِّهِ وَمُسْتَقِيمِيْنَ عَلَى أَمْرِهِ وَمَوالِيَ لأوْلِيائِهِ وَأَعادِيَ لأعْدائِهِ، ثُمَّ احْفَظْنا يا إِلهِي مِنْ شَرِّ الَّذِيْنَ كَفَرُوْا بِلِقائِكَ وَأَعْرَضُوْا عَنْ وَجْهِكَ وَأَرادُوْا قَتْلَ مَظْهَرِ نَفْسِك، يا إِلهِي وَسَيِّدِيْ تَعْلَمُ بِأَنَّهُمْ ضَيَّعُوْا أَمْرَكَ وَهَتَكُوْا سِتْرَ حُرْمَتِكَ بَيْنَ بَرِيَّتِكَ وَتَمَسَّكُوا بِأَعْدائِكَ تَضْيِيْعًا لأَمْرِكَ وَبَغْيًا عَلَى نَفْسِكَ، أَيْ رَبِّ خُذْهُمْ بِقَهْرِكَ وَقُوَّتِكَ ثُمَّ اهْتِكَ ما سُتِرَ بِهِ عُيُوبُهُمْ وَشَقْوَتُهُمْ لِيَظْهَرَ ما فِي صُدُوْرِهِمْ عَلَى أَهْلِ مَمْلَكَتِكَ يا مُنْزِلَ النِّقَمِ وَخالِقَ الأُمَمِ وَسابِغَ النِّعَمِ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ العَزِيْزُ الْكرِيْمُ.

(179)

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي تَشْهَدُ أَلْسُنُ المُمْكِناتِ عَلَى سَلْطَنَتِكَ وَاقْتِدارِكَ وَعَلَى فَقْرِيْ وَافْتِقارِيْ عِنْدَ ظُهُوراتِ غَنائِكَ، اِذًا يا إِلهِي فَانْظُرْ هذا الْعاصِيَ الَّذِيْ طَرْفُهُ لَمْ يَزَلْ كانَ ناظِرًا إِلى شَطْرِ غُفْرانِكَ وَقَلْبُهُ مُتَوَجِّهًا إِلى أُفُقِ فَضْلِكَ وَمَواهِبِكَ، وَإِنِّيْ يا إِلهِي مِنْ أَوَّلِ الْيَوْمِ الَّذِيْ خَلَقْتَنِيْ بِأَمْرِكَ وَأَحْيَيْتَنِيْ مِنْ نَسَماتِ جُودِ رَحْمانِيَّتِكَ ما تَوَجَّهْتُ إِلى أَحَدٍ دُونَكَ، وَقُمْتُ فِي مُقابَلَةِ الأَعْدآءِ بِسَلْطَنَتِكَ وَاقْتِدارِكَ وَدَعَوْتُ الكُلَّ إِلى شَاطِئِ بَحْرِ توحِيْدِكَ وَسَمآءِ عِزِّ تَفْرِيْدِكَ، وَما أَرَدْتُ فِي أَيَّامِيْ حِفْظَ نَفْسِيْ مِنْ طُغاةِ خَلْقِكَ بَلْ إِعْلآءِ ذِكْرِكَ بَيْنَ بَرِيَّتِكَ، وَبِذلِكَ وَرَدَ عَلَيَّ ما لا حَمَلَهُ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِكَ، وَكَمْ مِنْ أَيَّامٍ يا إِلهِي كُنْتُ فَرِيْدًا بَيْنَ المُذْنِبِينَ مِنْ عِبادِكَ، وَكَمْ مِنْ لَيالٍ يا مَحْبُوبِي كُنْتُ أَسِيرًا بَيْنَ الغافِلِينَ مِنْ خَلْقِكَ، وَفِي مَوارِدِ البَأْسآءِ وَالضَّرَّاءِ كُنْتُ ناطِقًا بِثَناءِ نَفْسِكَ بَيْنَ سَمائِكَ وَأَرْضِكَ وذاكرًا بِبَدائِعِ ذِكْرِكَ فِي مَلَكُوتِ أَمْرِكَ وَخَلْقِكَ، وَلَوْ أَنَّ كُلَّ ما ظَهَرَ مِنِّيْ لا يَنْبَغِيْ لِسُلْطانِ عِزِّ وَحْدانِيَّتِكَ وَلا يَلِيْقُ لِشَأْنِكَ وَاقْتِدارِكَ، فَوَعِزَّتِكَ يا مَحْبُوبِي لَمْ أَجِدْ لِنَفْسِيْ وُجُودًا تِلْقآءَ مَدْيَنِ عِزِّكَ وَكُلَّما أُرِيْدُ أَنْ أُثْنِيَ نَفْسَكَ بِثَنآءٍ يَمْنَعُنِي فُؤادِيْ لأَنَّ دُونَكَ لَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَطِيرَ فِي هَوآءِ مَلَكُوتِ قُرْبِكَ أَوْ أَنْ يَصْعَدَ إِلى سَمآءِ جَبَرُوْتِ لِقائِكَ، فَوَعِزَّتِكَ أُشاهِدُ بِأَنِّيْ لَوْ أَسْجُدُ لِكَفٍّ مِنَ التُّرابِ إِلى الآخِرِ الَّذِيْ لا آخِرَ لَهُ لِنِسْبَتِهِ إِلى اسْمِكَ الصَّانِعِ لأَجِدُ نَفْسِيْ بَعِيْدًا عَنِ التَّقَرُّبِ إِلَيْهِ وَأُشاهِدُ بِأَنَّ عَمَلِي لا يَنْبَغِيْ لَهُ بَلْ كانَ مَحْدُودًا بِحُدُوداتِ نَفْسِيْ، وَلَوْ أَخْدِمُ أَحَدًا مِنْ عِبادِكَ بِحَيْثُ أَقُومُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِدَوامِ مَلَكُوتِكَ وَبَقاءِ جَبَرُوتِكَ لِنِسْبَتِهِ إِلى اسْمِكَ الخالِقِ فَوَعِزَّتِكَ لأَجِدُ نَفْسِي مُقَصِّرًا عَنْ أَدآءِ خِدْمَتِهِ وَمَحْرُوْمًا عَمَّا يَلِيْقُ لَهُ، لأنَّ فِي هذا المَقامِ لا يُرى إِلاَّ نِسْبَتُهُمْ إِلى أَسْمائِكَ وَصِفاتِك، إِنَّ الَّذِيْ كانَ شَأْنُهُ ذلِكَ كَيْفَ يَقْدِرُ أَنْ يَذْكُرَ الَّذِيْ بِإِشارَةٍ مِنْ إِصْبَعِهِ خُلِقَتِ الأَسْماءُ وَمَلَكُوتُها وَالصِّفاتُ وَجَبَرُوتُها، وَبِإِشارَةٍ أُخْرى رُكِّبَتِ الكافُ بِالنُّونِ وَظَهَرَ مِنْها ما عَجِزَ عَنْ عِرفانِهِ أَعْلى أَفْئِدَةِ المُقَرَّبِينَ مِنْ أَصْفِيائِكَ وَأَبْهى مَشاعِرِ المُخْلِصِينَ مِنْ أَوِدّائِكَ، فَوَعِزَّتِكَ يا مَحْبُوبِيْ صِرْتُ مُتَحَيِّرًا فِي مَظاهِرِ صُنْعِكَ وَمَطالِعِ قُدْرَتِكَ وَأُشاهِدُ نَفْسِي عاجِزًا عَنْ عِرْفانِ أَدْنى آيَتِكَ وَكَيْفَ عِرْفانِ نَفْسِكَ، إِذًا أَسْئَلُكَ يا إِلهِي بِاسْمِكَ الَّذِيْ بِهِ طَيَّرْتَ العاشِقِينَ فِي هَواءِ إِرادَتِكَ وَهَدَيْتَ بِهِ المُشْتاقِينَ إِلى رِضْوانِ قُرْبِكَ وَوِصَالِكَ، بِأَنْ تُهِبَّ مِنْ رِضْوانِ عِنايَتِكَ رَوائِحَ الاطْمِئْنانِ عَلَى المُضْطَرِّيْنَ مِنْ أَحِبَّائِكَ فِي هذِهِ الأَيَّامِ الَّتِيْ أَحاطَتْهُمْ أَرْياحُ الافْتِتانِ مِنْ كُلِّ الجِهاتِ، بِحَيْثُ اضْطَرَبَتِ النُّفُوسُ مِنْ سَطْوَةِ قَضائِكَ وَتَزَلْزَلَتْ أَرْكانُ الوُجُودِ عَمَّا نُزِّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ سَمآءِ تَقْدِيْرِكَ، وَبَلَغَ اضْطِرابُهُمْ إِلى مَقامٍ يَكادُ أَنْ يَخْمُدَ فِي مِشْكاةِ قُلُوبِهِمْ سِراجُ حُبِّكَ وَذِكْرِكَ، وَإِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ عَلَى ما تَشاءُ وَإِنَّكَ أَنْتَ الغَفُورُ الكَرِيْمُ، فَيا إِلهِي وَسَيِّدِيْ تَسْمَعُ ضَجِيْجَ مُحِبِّيْكَ وَصَرِيخَهُمْ مِنْ كُلِّ الأَقْطارِ بِما وَرَدَ عَلَيْهِمْ مِنْ الَّذِيْنَ كانَتْ قُلُوبُهُمْ مَحْرُومَةً عَنْ نَفَحاتِ حُبِّكَ وَلَيْسَ لَهُمْ مِنْ مُعِينٍ لِيُعِيْنَهُم وَلا مِنْ ناصِرٍ لِيَنْصُرَهُمْ. وَكذلِكَ لَيْسَ لأَعْدائِهِمْ مِنْ مانِعٍ لِيَمْنَعَهُمْ عَنْ ضُرِّ هؤُلآءِ لِذا يَفْعَلُونَ ما يُرِيْدونَ وَيَعْمَلُونَ ما يَشاؤُونَ، إِذًا فانْصُرْ يا إِلهِي بِبَدائِعِ نَصْرِكَ أَحِبّائَكَ الَّذِيْنَ ما اسْتَنْصَرُوا مِنْ غَيْرِكَ وَما تَوَجَّهُوا إِلى دُونِكَ وَكانَتْ عُيُونُهُمْ مُنْتَظِرَةً لِبَدائِعِ مَواهِبِكَ وَأَلْطافِكَ، ثُمَّ ارْحَمْهُمْ يا إِلهِي بِبَدائِعِ رَحْمَتِكَ ثُمَّ أَدْخِلْهُمْ فِي حِصْنِ حِمايَتِكَ وَعِنايَتِكَ، وَإِنَّكَ أَنْتَ الَّذِيْ يا إِلهِي لَمْ تَزَلْ كُنْتَ مَأْمَنَ الْخائِفِينَ وَمَلْجَأَ المُضْطَرِّيْنَ، أَسْئَلُكَ بِأَنْ لا تَحْرِمَ هؤُلاءِ الضُّعَفآءِ عَنْ بَدائِعِ جُودِكَ وَإِفْضالِكَ، وَلا تَدَعَهُمْ بَيْنَ أَيْدِيْ الَّذِيْنَ ما خُلِقَتْ كَيْنوناتُهمْ إِلاَّ مِنْ نارِ غَضَبِكَ وَقَهْرِكَ وَما وَجَدُوا رَوائِحَ الرَّحْمِ وَالإِنْصافِ وَغَرَّتْهُمُ الدُّنْيا بِغُرُورِها عَلَى شَأْنٍ أَنْكَرُوا بُرْهانَكَ وَأَشْرَكُوا بِنَفْسِكَ وَكَفَروا بِآياتِكَ وَسَفَكُوا دَمَ أَحِبَّائِكَ وَأُمَنائِكَ، فَوَعِزَّتِكَ يا مَحْبُوبِيْ ارْتَكبُوا ما لَمْ يَرْتَكبْهُ أَحَدٌ مِنْ قَبْلُ، وَبِذلِكَ اسْتَحَقُّوا غَضَبَكَ وَسِياطَ قَهْرِكَ خُذْهُمْ بِسُلْطانِكَ ثُمَّ سَلِّطْ عَلَيْهِمْ مَنْ لا يَرْحَمُهُمْ إِلاَّ بِأَنْ يَرْجِعُوا إِلَيْكَ وَيَدْخُلُوا فِي ظِلِّ عِنايَتِكَ وَيَتُوبُوا إِلَيْكَ، وَإِنَّكَ أَنْتَ لَمْ تَزَلْ كُنْتَ قادِرًا وَلا تَزالُ تَكُونُ مُقْتَدِرًا وَإِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ المُتَعالِ العادِلُ الحَكِيمُ، سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي فَانْظُرْ هذا المَظْلُومَ الَّذِيْ ابْتُلِيَ بَيْنَ الظَّالِمِينَ مِنْ خَلْقِكَ وَالمُشْرِكينَ مِنْ أَعْدائِكَ بَعْدَ الَّذِيْ ما تَنَفَّسَ إِلاَّ بِإِذْنِكَ وَأَمْرِكَ، قَدْ كُنْتُ يا إِلهِي راقِدًا عَلَى المِهادِ وَمَرَّتْ عَلَيَّ أَرْياحُ فَضْلِكَ وَأَلْطافِكَ وَأَيْقَظْتَنِيْ بِها بِسُلْطانِكَ وَمَواهِبِكَ وَأَقَمْتَنِيْ بَيْنَ عِبادِكَ بِثَنآءِ نَفْسِكَ وَإِعْلآءِ كَلِمَتِكَ، إِذًا اعْتَرَضَ عَلَيَّ أَكثَرُ بَرِيَّتِكَ فَوَعِزَّتِكَ يا إِلهِي ما ظَنَنْتُ فِي حَقِّهِمْ ما ظَهَرَ مِنْهُمْ بَعْدَ الَّذِيْ إِنَّكَ بَشَّرْتَهُمْ بِهذا الظُّهُورِ فِي صَحائِفِ أَمْرِكَ وَأَلْواحِ قَضائِكَ وَما نَزَّلْتَ مِنْ عِنْدِكَ كَلِمَةً إِلاَّ وَقَدْ أَخَذْتَ بِها عَهْدَ هذا الغُلامِ مِنْ خَلْقِكَ وَبَرِيَّتِكَ، إِذًا صِرْتُ مُتَحَيِّرًا يا إِلهِي وَلَمْ أَدْرِ ما أَفْعَلُ بَيْنَ هؤُلآءِ وَكُلَّما أَصْمُتُ عَنْ بَدائِعِ ذِكْرِكَ يُنْطِقُنِي الرُّوحُ بَيْنَ سَمائِكَ وَأَرْضِكَ، وَكُلَّما أَسْكُنُ يُهَزِّزُنِي ما تَهُبُّ عَنْ يَمِينِ مَشِيَّتِكَ وَإِرادَتِكَ وَأَجِدُ نَفْسِيْ كَالْوَرَقَةِ الَّتِيْ تُحَرِّكُها أَرْياحُ قَضائِكَ وَتَذْهَبُ بِها كَيْفَ تَشاءُ بِأَمْرِكَ وَإِذْنِكَ وَبِما ظَهَرَ مِنِّي يُوقِنُ كُلُّ بَصِيرٍ بِأَنَّ الأَمْرَ لَيْسَ بِيَدِيْ بَلْ بِيَدِكَ وَلَمْ يَكُنْ زِمامُ الاخْتِيارِ فِي قَبْضَتِيْ بَلْ فِي قَبْضَتِكَ وَاقْتِدارِكَ، مَعَ ذلِكَ يا إِلهِي اجْتَمَعُوا عَلَيَّ أَهْلُ مَمْلَكَتِكَ وَيُنَزِّلُنَّ فِي كُلِّ حِينٍ ما تَفْزَعُ بِهِ حَقائِقُ أَصْفِيائِكَ وَأُمَنائِكَ، إِذًا أَسْئَلُكَ يا إِلهِي بِاسْمِكَ الَّذِيْ بِهِ هَدَيْتَ العاشِقِينَ إِلى كَوْثَرِ فَضْلِكَ وَأَلْطافِكَ وَاجْتَذَبْتَ المُشْتاقِينَ إِلى رِضْوانِ قُرْبِكَ وَلِقائِكَ، بِأَنْ تَفْتَحَ أَبْصارَ بَرِيَّتِكَ لِيَشْهَدُنَّ فِي هذا الظُّهُورِ ظُهُورَ عِزِّ فَرْدانِيَّتِكَ وَطُلُوعَ أَنْوارِ وَجْهِكَ وَجَمالِكَ، ثُمَّ طَهِّرْهُمْ يا إِلهِي مِنَ الظُّنُونِ وَالأَوْهامِ لِيَجِدُنَّ رَوائِحَ التَّقْدِيسِ مِنْ قَمِيْصِ ظُهُورِكَ وَأَمْرِكَ لَعَلَّ لا يَرِدُ مِنْهُمْ عَلَيَّ ما تَمْنَعُ بِهِ أَنْفُسَهُمْ مِنْ نَفَحاتِ شُئُونِ رَحْمانِيَّتِكَ فِي أَيَّامِ ظُهُورِ مَظْهَرِ نَفْسِكَ وَمَطْلَعِ أَمْرِكَ، وَلا يَرْتَكِبُنَّ ما تَجْعَلُ بِهِ ذَواتَهُمْ مُسْتَحِقَّةً لِظُهُوراتِ قَهْرِكَ وَغَضَبِكَ، وَأَنْتَ تَعْلَمُ يا إِلهِي بِأَنِّي كُنْتُ بَيْنَ مَلإِ البَيَانِ كَأَحَدٍ مِنْهُمْ وَعاشَرْتُ مَعَهُمْ بِالشَّوْقِ وَالاشْتِياقِ وَدَعَوْتُهُمْ إِلى نَفْسِكَ فِي العَشِيِّ وَالإِشْراقِ بِبَدائِعِ وَحْيِكَ وَإِلهامِكَ، وَوَرَدَ عَلَيَّ مِنْهُمْ ما عَجِزَتْ عَنْ ذِكْرِهِ سُكَّانُ مَدائِنِ إِنْشائِكَ، فَوَعِزَّتِكَ يا مَحْبُوبِي ما أَصْبَحْتُ إِلاَّ وَقَدْ صِرْتُ هَدَفًا لِسِهامِ غِلِّهِمْ، وَما أَمْسَيْتُ إِلاَّ وَقَدْ وَرَدَ عَلَيَّ رِماحُ بُغْضِهِمْ، وَمَعَ ما جَعَلْتَنِي عالِمًا بِما فِي أَنْفُسِهِمْ وَقادِرًا عَلَيْهِمْ سَتَرْتُ وَصَبَرْتُ ناظِرًا إِلى مِيقاتِكَ، فَلَمَّا جاءَ الوَعْدُ وَتَمَّ المِيْقاتُ حَرَّكْتَ ذَيْلَ السِّتْرِ أَقَلَّ مِنْ أَنْ يُحْصَى إِذًا فَزَعَ مَنْ فِي جَبَرُوتِ الأَمْرِ وَالخَلْقِ إِلاَّ الَّذِيْنَ خَلَقْتَهُمْ مِنْ نارِ حُبِّكَ وَهَوآءِ شَوْقِكَ وَماءِ عِنايَتِكَ وَتُرابِ فَضْلِكَ، أُولئِكَ يُصَلِّيَنَّ عَلَيْهِمُ المَلأُ الأَعْلى وَسُكَّانُ مَدائِنِ البَقاءِ، فَلَكَ الحَمْدُ يا إِلهِي بِما عَصَمْتَ المُوَحِّدِينَ وَأَهْلَكتَ المُشْرِكينَ وَفَصَّلْتَ بَيْنَ الكُلِّ بِكَلِمَةٍ أُخْرى الَّتِيْ خَرَجَتْ مِنْ فَمِ مَشِيَّتِكَ وَظَهَرَتْ مِنْ قَلَمِ إِرادَتِكَ، وَبِذلِكَ اعْتَرَضَ عَلَيَّ العِبادُ الَّذِيْنَ هُمْ خُلِقُوا بِكَلِمَةِ أَمْرِكَ وَبُعِثُوا بِإِرادَتِكَ وَبَلَغُوا فِي الإِعْراضِ إِلى مَقامٍ كَفَرُوا بِكَ وَبِآياتِكَ وَحارَبُوا بِنَفْسِكَ، فَوَعِزَّتِكَ يا مَحْبُوبِي لَنْ يَقْدِرَ القَلَمُ أَنْ يَذْكُرَ ما وَرَدَ مِنْهُمْ عَلَى مَظْهَرِ أَمْرِكَ وَمَطْلَعِ وَحْيِكَ وَمَشْرِقِ إِلْهامِكَ، فَلَكَ الحَمْدُ فِي كُلِّ ذلِكَ وَإِنِّي وَعِزَّتِكَ يا إِلهِي قَدْ كُنْتُ مُشْتاقًا لِما قُدِّرَ فِي سَمآءِ قَضائِكَ وَمَلَكُوتِ تَقْدِيْرِكَ لأنَّ ما يَرِدُ عَلَيَّ فِي سَبِيْلِكَ هُو مَحبوبُ ذاتِي وَمَقْصُودُ نَفْسِيْ، وَهذا لَمْ يَكنْ إِلاَّ بِحَوْلِكَ وَقُوَّتِكَ، أَنَا الَّذِيْ يا إِلهِي بِحُبِّكَ اسْتَغْنَيْتُ عَنْ كُلِّ مَنْ فِي السَّمَواتِ وَالأَرْضِ وَبِهِ لَنْ أَجْزَعَ وَلَوْ يَرِدُ عَلَيَّ ضُرُّ العالَمِينَ، فَيا لَيْتَ كانَ الحِينُ حِينًا فِيهِ يُسْفَكَ دَمِي عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ بَيْنَ يَدَيْكَ، وَتَشْهَدُنِي عَلَى الحالَةِ الَّتِيْ بِها شَهِدْتَ المُقَرَّبِينَ مِنْ عِبادِكَ وَالمُصْطَفِينَ مِنْ خِيرَةِ خَلْقِكَ، فَلَكَ الحَمْدُ يا إِلهِي عَلَى ما قَضَيْتَ بِسُلْطانِ قَضائِكَ وَتَقْضِي بِتَقْدِيرِكَ وَإِمْضائِكَ، أَسْئَلُكَ يا مَحْبُوبِي بِاسْمِكَ الَّذِيْ بِهِ رُفِعَتْ أَعْلامُ أَمْرِكَ وَأَشْرَقَتْ أَنْوارُ وَجْهِكَ بِأَنْ تُنْزِلَ عَلَيَّ وَعَلَى المُخْلِصِينَ مِنْ عِبادِكَ كُلَّ خَيرٍ قَدَّرْتَهُ فِي الأَلْواحِ، ثُمَّ اجْعَلْ لَنا مَقْعَدَ صِدْقٍ عِنْدَكَ يا مَنْ بِيَدِكَ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ العَزِيْزُ الرَّحْمنُ.

(180)

أَلْثَّناءُ الَّذِيْ ظَهَرَ مِنْ نَفْسِكَ الأَعْلى وَالبَهاءُ الَّذِي طَلَعَ مِنْ جَمالِكَ الأَبْهی، عَلَيْكَ يا مَظْهَرَ الْكِبْرِياءِ وَسُلْطانَ الْبَقآءِ وَمَلِيْكَ مَنْ فِي الأَرْضِ وَالسَّماءِ، أَشْهَدُ أَنَّ بِكَ ظَهَرَتْ سَلْطَنَةُ اللَّهِ وَاقْتِدارُهُ وَعَظَمَةُ اللَّهِ وَكِبْرِياؤُهُ، وَبِكَ أَشْرَقَتْ شُمُوسُ الْقِدَمِ فِي سَماءِ الْقَضاءِ وَطَلَعَ جَمالُ الْغَيْبِ عَنْ أُفُقِ الْبَداءِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ بِحَرَكَةٍ مِنْ قَلَمِكَ ظَهَرَ حُكْمُ الْكافِ وَالنُّونِ وَبَرَزَ سِرُّ اللَّهِ الْمَكْنُونُ، وَبُدِئَتِ المُمْكِناتُ وَبُعِثَتِ الظُّهُوْراتُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ بِجَمالِكَ ظَهَرَ جَمالُ الْمَعْبُودِ وَبِوَجْهِكَ لاحَ وَجْهُ الْمَقْصُودِ وَبِكَلِمَةٍ مِنْ عِنْدِكَ فُصِّلَ بَيْنَ الْمُمْكِناتِ وَصَعَدَ المُخْلِصُونَ إِلَى الذِّرْوَةِ الْعُلْيا وَالْمُشْرِكوْنَ إِلَى الدَّركاتِ السُّفْلی، وَأَشْهَدُ بِأَنَّ مَنْ عَرَفَكَ فَقَدْ عَرَفَ اللَّهَ، وَمَنْ فازَ بِلِقائِكَ فَقَدْ فازَ بِلِقاءِ اللَّهِ، فَطُوْبى لِمَنْ آمَنَ بِكَ وَبِآياتِكَ وَخَضَعَ بِسُلْطانِكَ وَشُرِّفَ بِلِقائِكَ وَبَلَغَ بِرِضائِكَ وَطافَ فِي حَوْلِكَ وَحَضَرَ تِلْقاءَ عَرْشِكَ، فَوَيْلٌ لِمَنْ ظَلَمَكَ وَأَنْكَرَكَ وَكَفَرَ بِآياتِكَ وَجاحَدَ بِسُلْطانِكَ وَحارَبَ بِنَفْسِكَ وَاسْتَكْبَرَ لَدى وَجْهِكَ وَجادَلَ بِبُرْهانِكَ وَفَرَّ مِنْ حُكُومَتِكَ وَاقْتِدارِكَ وَكانَ مِنَ الْمُشْرِكِيْنَ فِي أَلْواحِ الْقُدْسِ مِنْ إِصْبَعِ الأَمْرِ مَكْتُوبًا، فَيا إِلهِي وَمَحْبُوْبِيْ فَأَرْسِلْ إِلَيَّ عَنْ يَمِيْنِ رَحْمَتِكَ وَعِنايَتِكَ نَفَحاتِ قُدْسِ أَلْطافِكَ لِتَجْذِبَنِيْ عَنْ نَفْسِيْ وَعَنِ الدُّنْيا إِلى شَطْرِ قُرْبِكَ وَلِقائِكَ وَإِنَّكَ أَنْتَ الْمُقْتَدِرُ عَلَى ما تَشاءُ وَإِنَّكَ كُنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُحِيْطًا، عَلَيْكَ يا جَمالَ اللَّهِ ثَناءُ اللَّهِ وَذِكْرُهُ وَبَهاءُ اللَّهِ وَنُورُهُ أَشْهَدُ بِأَنَّ ما رَأَتْ عَيْنُ الإِبْداعِ مَظْلُومًا شِبْهَكَ كُنْتَ فِي أَيَّامِكَ فِي غَمَراتِ الْبَلايا مَرَّةً كُنْتَ تَحْتَ السَّلاسِلِ وَالأَغْلالِ وَمَرَّةً كُنْتَ تَحْتَ سُيُوفِ الأَعْداءِ وَمَعَ كُلِّ ذلِكَ أَمَرْتَ النَّاسَ بِما أُمِرْتَ مِنْ لَدُنْ عَلِيْمٍ حَكِيْمٍ. رُوْحِيْ لِضُرِّكَ الْفِداءُ وَنَفْسِيْ لِبَلائِكَ الْفِداءُ أَسْأَلُ اللَّه بِكَ وَبِالَّذِيْنَ اسْتَضائَتْ وُجُوهُهُمْ مِنْ أَنْوارِ وَجْهِكَ وَاتَّبَعُوْا ما أُمِرُوا بِهِ حُبًّا لِنَفْسِكَ أَنْ يَكْشِفَ السُّبُحاتِ الَّتِيْ حالَتْ بَيْنَكَ وَبَيْنَ خَلْقِكَ وَيَرْزُقَنِيْ خَيْرَ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ إِنَّكَ أَنْتَ الْمُقْتَدِرُ الْمُتَعالِ الْعَزِيْزُ الْغَفُورُ الرَّحِيْمُ، صَلِّ اللَّهُمَّ يا إِلهِي عَلَى السِّدْرَةِ وَأَوْراقِها وَأَغْصانِها وَأَفْنانِها وَأُصُولِها وَفُرُوْعِها بِدَوامِ أَسْمائِكَ الْحُسْنى وَصِفاتِكَ الْعُلْيا ثُمَّ احْفَظْها مِنْ شَرِّ المُعْتَدِيْنَ وَجُنُودِ الظَّالِمِيْنَ إِنَّكَ أَنْتَ الْمُقْتَدِرُ الْقَدِيْرُ، صَلِّ اللَّهُمَّ يا إِلهِي عَلَى عِبادِكَ الْفائِزِيْنَ وَإِمائِكَ الْفائِزاتِ إِنَّكَ أَنْتَ الْكَرِيْمُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيْمِ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ الْغَفُوْرُ الْكَرِيْمُ.

زيارت نامه

(181)

أَشْهَدُ يا إِلهِي بِأَنَّكَ خَلَقْتَنِيْ لِعِرْفانِكَ وَعِبادَتِكَ، أَشْهَدُ فِي هذا الْحِيْنِ بِعَجْزِيْ وَقُوَّتِكَ وَضَعْفِيْ وَاقْتِدارِكَ وَفَقْرِيْ وَغَنائِكَ، لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ المُهَيْمِنُ القَيُّومُ.

( صلاة صغير كه از زوال بزوال تلاوت ميشود)

(182)

ومَنْ أَرادَ أَنْ يُصَلِّيَ له أن يغسل يديه وفي حين الغسل يقول:

إِلهِي قَوِّ يَدِيْ لِتَأْخُذَ كِتابَكَ بِاسْتِقامَةٍ لا تَمْنَعُها جُنُودُ الْعالَمِ ثُمَّ احْفَظْها عَنِ التَّصَرُّفِ فِي ما لَمْ يَدْخُلْ فِي مِلْكِها، إِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ القَدِيْرُ.

وفي حين غسل الوجه يقول:

أَيْ رَبِّ وَجَّهْتُ وَجْهِيْ إِلَيْكَ نَوِّرْهُ بِأَنْوارِ وَجْهِكَ ثُمَّ احْفَظْهُ عَنِ التَّوَجُّهِ إِلى غَيْرِك.

وبَعْدُ لَهُ أَنْ يَقُومَ مُتَوَجِّهًا إِلى القِبْلَةِ وَيقول:

شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُو لَهُ الأَمْرُ وَالخَلْقُ، قَدْ أَظْهَرَ مَشْرِقَ الظُّهُوْرِ وَمُكُلِّمَ الطُّوْرِ الَّذِيْ بِهِ أَنارَ الأُفُقُ الأَعْلى وَنَطَقَتْ سِدْرَةُ الْمُنْتَهى وَارْتَفَعَ النِّداءُ بَيْنَ الأَرْضِ وَالسَّماءِ قَدْ أَتَى المالِكُ الْمُلْكُ وَالْمَلَكُوْتُ وَالْعِزَّةُ وَالجَبَرُوْتُ لِلّهِ مَوْلَى الْوَرى وَمالِكَ الْعَرْشِ وَالثَّری.

ثُمّ يركع وَيقول :

سُبْحَانَكَ عَنْ ذِكْرِيْ وَذِكْرِ دُوْنِيْ وَوَصْفِي وَوَصْفِ مَنْ فِي السَّمَواتِ وَالأَرَضِيْنَ.

ثمّ يقوم للقنوت وَيقول:

يا إِلهِي لا تُخَيِّبْ مَنْ تَشَبَّثَ بِأَنامِلِ الرَّجاءِ بِأَذْيالِ رَحْمَتِكَ وَفَضْلِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِيْنَ.

ثمّ يقعد وَيقول:

أَشْهَدُ بِوَحْدانِيَّتِكَ وَفَرْدانِيَّتِكَ وَبِأَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ قَدْ أَظْهَرْتَ أَمْرَكَ وَوَفَيْتَ بِعَهْدِكَ وَفَتَحْتَ بابَ فَضْلِكَ عَلَى مَنْ فِي السَّمَواتِ وَالأَرَضِينَ وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ وَالتَّكْبِيْرُ وَالْبَهاءُ عَلَى أَوْلِيائِكَ الَّذِيْنَ ما مَنَعَتْهُمْ شُئُوناتُ الْخَلْقِ عَنِ الإِقْبالِ إِلَيْكَ وَأَنْفَقُوْا ما عِنْدَهُمْ رَجاءَ ما عِنْدَكَ إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُوْرُ الْكرِيْمُ.

اگر نفسى مقام آيهء كبيره.

“شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُو المُهَيْمِنُ الْقَيُّومُ”.

قرائت نمايد كافى است و همچنين در قعود: ” أَشْهَدُ بِوَحْدانِيَّتِكَ وَفَرْدانِيَّتِكَ وَبِأَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ”. كافى است.

(صلاة وسطى كه در بامداد و حين زوال و اصيل تلاوت ميشود).

(183)

لِلْمُصَلِّي أَنْ يَقُومَ مُقْبِلاً إِلى اللَّهِ وَإِذا قامَ وَاسْتَقَرَّ فِي مَقامِهِ يَنْظُرُ إِلى اليَمِينِ وَالشِّمالِ كمَنْ يَنْتَظِرُ رَحْمَةَ رَبِّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ثُمَّ يَقُولُ:

يا إِلهَ الأَسْمآءِ وَفاطِرَ السَّماءِ أَسْئَلُكَ بِمَطالِعِ غَيْبِكَ الْعَلِيِّ الأَبْهى بِأَنْ تَجْعَلَ صَلاتِي نارًا لِتُحْرِقَ حُجُباتِيَ الَّتِي مَنَعَتْنِي عَنْ مُشاهَدَةِ جَمالِكَ وَنُورًا يَدُلُّنِيْ إِلى بَحْرِ وِصالِك.

ثُمَّ يَرْفَعُ يَدَيْهِ لِلْقُنُوتِ لِلَّهِ تَبارَكَ وَتَعالى وَيَقُولُ:

يا مَقْصُودَ الْعالَمِ وَمَحْبُوبَ الأُمَمِ تَرَانِي مُقْبِلاً إِلَيْكَ مُنْقَطِعًا عَمَّا سِواكَ مُتَمَسِّكًا بِحَبْلِكَ الَّذِيْ بِحَرَكتِهِ تَحَرَّكتِ المُمْكِناتُ، أَيْ رَبِّ أَنَا عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ أَكوْنُ حاضِرًا قائِمًا بَيْنَ أَيادِيْ مَشِيَّتِكَ وَإِرادَتِكَ وَما أُرِيْدُ إِلاَّ رِضَائَكَ، أَسْئَلُكَ بِبَحْرِ رَحْمَتِكَ وَشَمْسِ فَضْلِكَ بِأَنْ تَفْعَلَ بِعَبْدِكَ ما تُحِبُّ وَتَرْضى وَعِزَّتِكَ الْمُقَدَّسَةِ عَنِ الذِّكْرِ وَالثَّناءِ كُلُّ ما يَظْهَرُ مِنْ عِنْدِكَ هُو مَقْصُودُ قَلْبِي وَمَحْبُوبُ فُؤآدِيْ، إِلهِي إِلهِي لا تَنْظُرْ إِلى آمالِي وَأَعْمالِيْ بَلْ إِلى إِرادَتِكَ الَّتِيْ أَحاطَتِ السَّمَواتِ وَالأَرْضِ، وَاسْمِكَ الأَعْظَمِ يا مالِكَ الأُمَمِ ما أَرَدْتُ إِلاَّ ما أَرَدْتَهُ وَلا أُحِبُّ إِلاَّ ما تُحِبُّ.

ثُمَّ يَسْجُدُ وَيَقُولُ:

سُبْحَانَكَ مِنْ أَنْ تُوْصَفَ بِوَصْفِ ما سِواكَ أَوْ تُعْرَفَ بِعِرْفانِ دُوْنِك.

ثُمَّ يَقُومُ وَيَقُولُ:

أَيْ رَبِّ فَاجْعَلْ صَلاتِي كَوْثَرَ الْحَيَوانِ لِيَبْقى بِهِ ذاتِي بِدَوامِ سَلْطَنَتِكَ وَيَذْكُرَكَ فِي كُلِّ عالَمٍ مِنْ عَوالِمِك.

ثُمَّ يَرْفَعُ يَدَيْهِ لِلْقُنُوتِ مَرَّةً أُخْرى وَيَقُولُ:

يا مَنْ فِي فِراقِكَ ذابَتِ الْقُلُوْبُ وَالأَكْبادُ وَبِنارِ حُبِّكَ اشْتَعَلَ مَنْ فِي الْبِلادِ، أَسْئَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِيْ بِهِ سَخَّرْتَ الآفاقَ بِأَنْ لا تَمْنَعَنِيْ عَمّا عِنْدَكَ يا مالِكَ الِّرقابِ، أَيْ رَبِّ تَرَى الْغَرِيْبَ سَرُعَ إِلى وَطَنِهِ الأَعْلى ظِلِّ قِبابِ عَظَمَتِكَ وَجِوارِ رَحْمَتِكَ وَالعاصِيَ قَصَدَ بَحْرَ غُفْرانِكَ وَالذَّلِيْلَ بِساطَ عِزِّكَ وَالْفَقِيْرَ أُفُقَ غَنائِكَ، لَكَ الأَمْرُ فِيما تَشاءُ. أَشْهَدُ أَنَّكَ أَنْتَ الْمَحْمُوْدُ فِي فِعْلِكَ وَالْمُطاعُ فِي حُكمِكَ وَالمْخْتارُ فِي أَمْرِك.

ثُمَّ يَرْفَعُ يَدَيْهِ وَيُكبِّرُ ثَلاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ يَنْحَنِي لِلرُّكوْعِ لِلَّهِ تَبارَكَ وَتَعالى وَيَقُولُ:

يا إِلهِي تَرَى رُوْحِيْ مُهْتَزًّا فِي جَوارِحِيْ وَأَرْكانِي شَوْقًا لِعِبادَتِكَ وَشَغَفًا لِذِكْرِكَ وَثَنائِكَ وَيَشْهَدُ بِما شَهِدَ بِهِ لِسانُ أَمْرِكَ فِي مَلَكُوْتِ بَيانِكَ وَجَبَرُوْتِ عِلْمِكَ، أَيْ رَبِّ أُحِبُّ أَنْ أَسْئَلَكَ فِي هذا الْمَقامِ كُلَّ ما عِنْدَكَ لإِثْباتِ فَقْرِيْ وَإِعْلاءِ عَطائِكَ وَغَنائِكَ وَإِظْهارِ عَجْزِيْ وَإِبْرازِ قُدْرَتِكَ وَاقْتِدارِك.

ثُمَّ يَقُومُ وَيَرْفَعُ يَدَيهِ لِلْقُنُوتِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرى وَيَقُولُ:

لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ الْعَزِيْزُ الْوَهّابُ، لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ الْحاكِمُ فِي المَبْدَءِ وَالْمَآبِ، إِلهِي إِلهِي عَفْوُكَ شَجَّعَنِيْ وَرَحْمَتُكَ قَوَّتْنِي وَنِدائُكَ أَيْقَظَنِيْ وَفَضْلُكَ أَقامَنِيْ وَهَدانِي إِلَيْكَ وَإِلاَّ مالِيْ وَشَأْنِي لأقُوْمَ لَدى بابِ مَدْيَنِ قُرْبِكَ أَوْ أَتَوَجَّهَ إِلَى الأَنْوارِ الْمُشْرِقَةِ مِنْ أُفُقِ سَماءِ إِرادَتِكَ، أَيْ رَبِّ تَرَى الْمِسْكينَ يَقْرَعُ بابَ فَضْلِكَ وَالْفانِيَ يُرِيْدُ كَوْثَرَ الْبَقاءِ مِنْ أَيادِيْ جُوْدِكَ لَكَ الأَمْرُ فِي كُلِّ الأَحْوالِ يا مَوْلَى الأَسْماءِ وَلِيَ التَّسْلِيْمُ وَالرِّضاءُ يا فاطِرَ السَّماءِ.

ثُمَّ يَرْفَعُ يَدَيْهِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ وَيَقُولُ:

اللَّهُ أَعْظَمُ مِنْ كُلِّ عَظِيْمٍ.

ثُمَّ يَسْجُدُ وَيَقُولُ:

سُبْحانَكَ مِنْ أَنْ تَصْعَدَ إِلى سَماءِ قُرْبِكَ أَذْكارُ الْمُقَرَّبِيْنَ أَوْ أَنْ تَصِلَ إِلى فِناءِ بابِكَ طُيُوْرُ أَفْئِدَةِ الْمُخْلِصِيْنَ، أَشْهَدُ أَنَّكَ كُنْتَ مُقَدَّسًا عَنِ الصِّفاتِ وَمُنَزَّهًا عَنِ الأَسْماءِ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ الْعَلِيُّ الأَبْهی.

ثُمَّ يَقْعُدُ وَيَقُولُ:

أَشْهَدُ بِما شَهِدَتِ الأَشْياءُ وَالْمَلأُ الأَعْلى وَالْجَنَّةُ الْعُلْيا وَعَنْ وَرائِها لِسانُ العَظَمَةِ مِنَ الأُفُقِ الأَبْهى أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ وَالَّذِي ظَهَرَ إِنَّهُ هُو السِّرُّ الْمَكْنُونُ وَالرَّمْزُ الْمَخْزُونُ الَّذِيْ بِهِ اقْتَرَنَ الْكافُ بِرُكنِهِ النُّوْنُ، أَشْهَدُ أَنَّهُ هُو الْمَسْطُوْرُ مِنَ القَلَمِ الأَعْلى وَالْمَذْكوْرُ فِي كُتُبِ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ وَالثَّری.

ثُمَّ يَقُومُ مُسْتَقِيمًا وَيَقُولُ:

يا إِلهَ الْوُجُودِ وَمالِكَ الْغَيْبِ وَالشُّهُودِ تَرَى عَبَراتِي وَزَفَراتِي وَتَسْمَعُ ضَجِيْجِيْ وَصَرِيْخِيْ وَحَنِيْنَ فُؤادِيْ وَعِزَّتِكَ اجْتِراحاتِي أَبْعَدَتْنِيْ عَنِ التَّقَرُّبِ إِلَيْكَ وَجَريْراتِي مَنَعَتْنِي عَنِ الْوُرُودِ فِي ساحَةِ قُدْسِكَ، أَيْ رَبِّ حُبُّكَ أَضْنانِي وَهَجْرُكَ أَهْلَكَنِيْ وَبُعْدُكَ أَحْرَقَنِي أَسْئَلُكَ بِمَوْطِئِ قَدَمَيْكَ فِي هذا الْبَيْداءِ وَبِلَبَّيْكَ لَبَّيْكَ أَصْفيائِكَ فِي هذا الْفَضاءِ وبِنَفَحاتِ وَحْيِكَ وَنَسَماتِ فَجْرِ ظُهُورِكَ بِأَنْ تُقَدِّرَ لِيْ زِيارَةَ جَمالِكَ وَالْعَمَلَ بِما فِي كِتابِك.

ثُمَّ يُكبِّرُ ثَلاثُ مَرَّاتٍ وَيَرْكعُ وَيَقُولُ:

لَكَ الْحَمْدُ يا إِلهِي بِما أَيَّدْتَنِيْ عَلَى ذِكْرِكَ وَثَنائِكَ وَعَرَّفْتَنِيْ مَشْرِقَ آياتِكَ وَجَعَلْتَنِي خاضِعًا لِرُبُوبِيَّتِكَ وَخاشِعًا لأُلُوهِيَّتِكَ وَمُعْتَرِفًا بِما نَطَقَ بِهِ لِسانُ عَظَمَتِك.

ثُمَّ يَقُومُ وَيَقُولُ:

إِلهِي إِلهِي عِصْيانِيْ أَنْقَضَ ظَهْرِيْ وَغَفْلَتِيْ أَهْلَكتْنِيْ كُلَّما أَتَفَكرُ فِي سُوْءِ عَمَلِيْ وَحُسْنِ عَمَلِكَ يَذُوْبُ كَبِدِيْ وَيَغْلِيْ الدَّمُ فِي عُرُوْقِيْ، وَجَمالِكَ يا مَقْصُوْدَ الْعالَمِ إِنَّ الْوَجْهَ يَسْتَحِي أَنْ يَتَوَجَّهَ إِلَيْكَ وَأَيادِيَ الرَّجاءِ تَخْجَلُ أَنْ تَرْتَفِعَ إِلى سَماءِ كَرَمِكَ، تَرَى يا إِلهِي عَبَراتِي تَمْنَعُنِيْ عَنِ الذِّكْرِ وَالثَّنآءِ يا رَبَّ الْعَرْشِ وَالثَّری، أَسْئَلُكَ بِآياتِ مَلَكُوْتِكَ وَأَسْرارِ جَبَرُوْتِكَ بِأَنْ تَعْمَلَ بِأَوْليائِكَ ما يَنْبَغِيْ لِجُوْدِكَ يا مالِكَ الوُجُودِ وَيَلِيْقُ لِفَضْلِكَ يا سُلْطانَ الْغَيْبِ وَالشُّهُوْدِ.

ثُمَّ يُكبِّرُ ثَلاثُ مَرَّاتٍ وَيَسْجُدُ وَيَقُولُ:

لَكَ الْحَمْدُ يا إِلهَنا بِما أَنْزَلْتَ لَنا ما يُقَرِّبُنا إِلَيْكَ وَيَرْزُقُنا كُلَّ خَيْرٍ أَنْزَلْتَهُ فِي كُتُبِكَ وَزُبُرِكَ، أَيْ رَبِّ نَسْئَلُكَ بِأَنْ تَحْفَظَنا مِنْ جُنُودِ الظُّنُونِ وَالأَوْهامِ، إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيْزُ العَلامُ.

ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ وَيَقْعُدُ وَيَقُولُ:

أَشْهَدُ يا إِلهِي بما شَهِدَ بِهِ أَصْفِيائُكَ وَأَعْتَرِفُ بِما اعْتَرَفَ بِهِ أَهْلُ الفِردَوْسِ الأَعْلى وَالجَنَّةِ العُلْيا وَالَّذِيْنَ طَافُوا عَرْشَكَ الْعَظِيْمَ، المُلْكُ وَالمَلَكُوتُ لَكَ يا إِلهَ العالَمِينَ.

(صلاة كبير كه تلاوت آن در شب و روز يك بار كافى است).

(184)

إِنَّكَ أَنْتَ يا إِلهِي لَمَّا اسْتَوَيْتَ عَلَى كُرْسِيِّ عِزِّ فَرْدانِيَّتِكَ وَتَعَلَّيْتَ عَلَى عَرْشِ رَحْمَةِ وَحْدانِيَّتِكَ، يَنْبَغِيْ بِأَنْ تَمْحُوَ عَنْ قُلُوبِ المُمْكِناتِ ما يَمْنَعُهُمْ عَنِ الدُّخُولِ فِي حَرَمِ أَسْرارِ رُبُوبِيَّتِكَ، وَيَحْجُبُهُمْ عَنِ الوُرُودِ فِي سُرادِقِ أُلُوهِيَّتِكَ، لِيَجْعَلَ كُلَّ القُلُوبِ مِرْآةً لِجَمالِكَ وَمُدِلاًّ عَلَيْكَ وَحاكِيًا عَنْكَ، لِيَظْهَرَ فِي كُلِّ شَيْءٍ آثارُ عِزِّ سَلْطَنَتِكَ وَإِشْراقُ أَنْوارِ قُدْسِ حُكُومَتِكَ، لِيُوَحِّدَكَ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَواتِ وَالأَرْضِ بِما تَجَلَّيْتَ لَهُمْ بِهِمْ بِمَظْهَرِ تَفْرِيْدِكَ، ثُمَّ عَرِّ يا إِلهِي عِبادَكَ عَنْ قَمِيْصِ النَّفْسِ وَالهَوی، أَوْ عَرِّجْ عُيُونَ بَرِيَّتِكَ إِلى مَقامِ الَّذِيْ لا يُشاهِدُنَّ فِي الهَوى إِلاَّ هُبُوبَ هَوآءِ عِزِّ صَمَدانِيَّتِكَ، وَلا يَنْظُرُنَّ فِي النَّفْسِ إِلاَّ ظُهُورَ نَفْسِ رَحْمانِيَّتِكَ، لِيُطَهَّرَ الأَرْضُ وَما عَلَيْها عَنِ الدَّلالَةِ لِغَيْرِكَ وَالتَّحَكِّي عَنْ مَظاهِرِ نَفْيِكَ، وكُلُّ ذلِكَ يَظْهَرُ فِي المُلْكِ بِقَوْلِكَ كُنْ فَيَكُونُ بَلْ أَقْرَبَ مِنْ ذلِكَ، وَلكِنَّ النَّاسَ هُمْ لا يَشْعُرُونَ، سُبْحَانَكَ سُبْحَانَكَ يا مَحْبُوبِيْ فَوَعِزَّتِكَ حِيْنَئِذٍ أُشاهِدُ بِأَنَّكَ اسْتَجَبْتَ لِيْ كُلَّ ما دَعَوْتُكَ بِهِ فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ الْمُبارَكَةِ الَّتِيْ جَعَلْتَها حاكِيَةً عَنْ أَنِيسِ جَمالِكَ وَمُصاحِبِ وَجْهِكَ قَبْلَ ذِكْرِيْ بَيْنَ يَدَيْكَ وَإِظهارِيْ فِي ساحَةِ قُدْسِكَ، بِحَيْثُ جَعَلْتَ كُلَّ شَيْءٍ مَظْهَرَ أَمْرِكَ وَمَطْلَعَ فِعْلِكَ وَمَكْمَنَ عِلْمِكَ وَمَخْزَنَ حِكْمَتِكَ، وَأُشاهِدُ بِأَنَّ كُلَّ ما خُلِقَ بِقُدْرَتِكَ وَذُوِّتَ بِاقْتِدارِكَ لَوْ يُنْقَصُ مِنْهُ عَلَى قَدْرِ خَرْدَلٍ مِنْ ظُهُوراتِ صِفاتِكَ وَأَسْمائِكَ لَنْ يَتِمَّ أَرْكانُ صُنْعِ صَمَدانِيَّتِكَ وَلَنْ يَكْمُلَ جَواهِرُ حِكْمَةِ رَبَّانِيَّتِكَ، لأنَّ حُرُوفاتِ النَّفْيِ مَعَ بُعْدِهِنَّ عَنْ نَفَحاتِ قُدْسِ عِرْفانِكَ وَمَعَ غَفْلَتِهِنَّ عَنْ بَدائِعِ إِشْراقِ فَجْرِ جَمالِكَ فِي سَمآءِ إِجْلالِكَ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي مُلْكِكَ كَيْفَ يَعْلُو كَلِماتُ إِثْباتِكَ، فَوَعِزَّتِكَ يا مَحْبُوبِي كُلُّ الْوُجُودِ وُجِدَ لإِعْلآءِ نَصْرِكَ وَانْتِصارِكَ، وَكُلُّ الحُدُوداتِ آياتٌ لِسَلْطَنَتِكَ وَمُنادٍ لاقْتِدارِكَ، تَعالى تَعالى بَدائِعُ قُدْرَتِكَ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِحَيْثُ جَعَلْتَ أَدْنى خَلْقِكَ مَطْلَعًا لأَعْلى صِفاتِكَ وَأَحْقَرَ صُنْعِكَ مَحَلاًّ لأَعْظَمِ أَسْمائِكَ، بِحَيْثُ جَعَلْتَ الفَقْرَ مَظْهَرًا لِغَنائِكَ وَالذُّلَّ سَبِيلاً لِعِزِّكَ وَالخَطَأَ سَبَبًا لِغُفْرانِكَ، وَبِهِمْ تُثْبَتُ لِنَفْسِكَ أَسْمائَكَ الحُسْنى وَلِذاتِكَ بَدائِعَ صِفاتِكَ العُلْيا، إِذًا يا إِلهِي لَمَّا أَرَدْتَ أَنْ تُدْخِلَ كُلَّ الأَشْياءِ فِي سُرادِقِ عِزِّ فَضْلِكَ وَإِفْضالِكَ، وَتُهِبَّ عَلَى كُلِّ الوُجُوْدِ مِنْ أَرْياحِ قَمِيْصِ عِزِّ فَرْدانِيَّتِكَ، وَتَنْظُرَ كُلَّ شَيْءٍ بِلَحَظاتِ أَعْيُنِ جُودِكَ وَوَحْدانِيَّتِكَ، أَسْئَلُكَ بِحُبِّكَ الَّذِيْ جَعَلْتَهُ عِلَّةَ ظُهُوراتِ قُدْسِ صَمَدانِيَّتِكَ وَشُعْلَةَ قُلُوبِ الْمُشْتاقِينَ مِنْ خَلْقِكَ، بِأَنْ تَخْلُقَ حِينَئِذٍ لِمُخْلِصِيْكَ مِنْ بَرِيَّتِكَ وَمُحِبِّيكَ مِنْ أَحِبَّتِكَ مِنْ جَوْهَرِ الجُودِ وَالعَطآءِ وَساذِجِ الفَضْلِ وَالبَهآءِ رِضْوانَ قُدْسِكَ الأَعْلی، وَتَجْعَلَهُ مُقَدَّسًا عَنْ كُلِّ ما سِواكَ وَمُنَزَّهًا عَنْ دُونِكَ، ثُمَّ اخْلُقْ يا إِلهِي فِيها مِنْ أَنْوارِ عَرْشِكَ مُغَنِّياتٍ مِنْ بَدائِعِ صُنْعِكَ الأَحْلى لِيَذْكُرْنَكَ بِكَلِماتِ الَّتِي جَعَلْتَها مُطَهَّرًا عَمَّا سَمِعَتْها أُذُنُ الخَلِيقَةِ مِنْ أَهْلِ أَرْضِكَ وَسَمائِكَ وَمُقَدَّسًا عَنْ عِرْفانِ بَرِيَّتِكَ، ثُمَّ افْتَحْ أَبْوابَ هذِهِ الجَنَّةِ عَلَى وَجْهِ أَحِبَّائِكَ لَعَلَّ يَدْخُلُونَ فِيْها بِاسْمِكَ وَسَلْطَنَتِكَ، لِيَتِمَّ بِذلِكَ سُلْطانُ مَواهِبِكَ عَلَى أَصفِيائِكَ وَمَلِيْكَ عَطائِكَ عَلَى أُمَنائِكَ، لِيَذْكُرَنَّكَ فِيْها بِنَغَماتِ الَّتِيْ لَنْ يَقْدِرَ أَحَدٌ أَنْ يَتَغَنَّيَ بِها أَوْ يَتَكَلَّمَ عَلَيْها حَتَّى لا يَخْطُرَ عَلَى قَلْبِ أَحَدٍ مِنْ بَرِيَّتِكَ التَّلَبُّسُ بِأَثْوابِ صَفْوَتِكَ وَالتَّظَهُّرُ بِظُهُوراتِ أَحِبَّتِكَ، وَلِئَلا يَشْتَبِهَ عَلَيَّ أَحَدُ مُحِبِّيكَ عَنْ مُبْغِضِيكَ وَمُخْلِصِيكَ عَنْ مُعانِدِيكَ، وَإِنَّكَ أَنْتَ عَلَى كُلِّ ما تُرِيْدُ لَقادِرٌ مُقْتَدِرٌ قَدِيْرٌ، سُبْحانَكَ سُبْحانَكَ يا مَحْبُوبِي مِنْ أَنْ تُعْرَفَ بِأَعْلى عِرْفانِ المَوْجُوداتِ، سُبْحَانَكَ سُبْحَانَكَ مِنْ أَنْ تُوصَفَ بِأَبْهى وَصْفِ المُمْكِناتِ، لأَنَّ مُنْتَهى عِرْفانِ العِبادِ فِي مُنْتَهى ذُرْوَةِ الْقُصْوى لَنْ يَقْدِرَ أَنْ يَصْعَدَ عَنْ حَدِّ الإِنْشآءِ، وَلَنْ يُمْكِنَ أَنْ يَتَعارَجَ عَنْ شَأْنِ الإِمْكانِ وَبِما قُدِّرَ لَهُ مِنْ شُئُونِ القَضآءِ، فَكَيْفَ يَقْدِرُ ما خُلِقَ بِمَشِيَّةِ الإِمْكانِيَّةِ فِي رُتْبَةِ الإِمْكانِ أَنْ يَصْعَدَ إِلى هَوآءِ قُدْسِ عِرْفانِكَ أَوْ يَصِلَ إِلى مَقَرِّ عِزِّ اقْتِدارِكَ، سُبْحَانَكَ سُبْحَانَكَ مِنْ أَنْ يَطِيْرَ الفانِيْ إِلى عَرْشِ بَقائِكَ أَوْ يَصِلَ الفَقِيرُ إِلى ذُرْوَةِ اسْتِغْنائِكَ، لَمْ تَزَلْ وَاصِفَ نَفْسِكَ لِنَفْسِكَ بِنَفْسِكَ وَناعِتَ ذاتِكَ لِذاتِكَ بِذاتِكَ، فَوَعِزَّتِكَ يا مَحْبُوبِي لَمْ يَكُنْ غَيْرُكَ مَذْكُورًا حَتَّى يَعْرِفَكَ وَلا دُونُكَ مَوْجُودًا لِيَذْكُرَكَ، أَنْتَ الَّذِيْ لَمْ تَزَلْ كُنْتَ فِي مُلْكِكَ بِظُهُورِ عِزِّ وَحْدانِيَّتِكَ وَطُلُوعِ قُدْسِ كِبْرِيائِيَّتِكَ، وَلَوْ يُذْكَرُ فِي مَمالِكِ الإِنْشآءِ مِنْ أَعْلى نُقْطَةِ البَقآءِ إِلى مُنْتَهى رُتْبَةِ الثَّرى أَحَدٌ دُونُكَ كَيْفَ يُثْبَتُ اسْتوائُكَ عَلَى عَرْشِ فَرْدانِيَّتِكَ وَيَعْلُو بَدائِعُ ذِكْرِكَ فِي كَلِمَةِ تَوْحِيدِكَ وَوَحْدانِيَّتِكَ، وَأَشْهَدُ حِيْنَئِذٍ بِما شَهِدْتَ بِهِ لِنَفْسِكَ قَبْلَ خَلْقِ السَّمَواتِ وَالأَرْضِ، بِأَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ لَمْ تَزَلْ كُنْتَ قادِرًا بِمَظاهِرِ قُدْرَتِكَ لآياتِ قُدْرَتِكَ وَعالِمًا بِمَطالِعِ عِلْمِكَ بِكَلِماتِ عِلْمِكَ، وَلَمْ يَكُنْ دُونُكَ مِنْ شَيْءٍ لِيُذْكَرَ تِلْقآءَ مَدْيَنِ تَوْحِيْدِكَ وَلا غَيْرُكَ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يُوصَفَ فِي ساحَةِ قُدْسِ تَفْرِيدِكَ، فَلَكَ الحَمْدُ يا إِلهِي عَلَى ظُهُورِ مَواهِبِكَ وَعَطائِكَ، فَلَكَ الحَمْدُ يا مَحْبُوبِي عَلَى طُلُوعِ شَمْسِ عِنايَتِكَ وَإِفْضالِكَ، فَلَكَ الحَمْدُ حَمْدًا يَهْدِي المُضِلِّينَ إِلى تَشَعْشُعِ أَنْوارِ صُبْحِ هِدايَتِكَ وَيُوصِلُ المُشْتاقِينَ إِلى مَكْمَنِ إِشْراقِ نُورِ جَمالِكَ، فَلَكَ الحَمْدُ حَمْدًا يُقَرِّبُ المَرِيْضَ إِلى مَعِينِ شِفائِكَ وَالبَعِيدَ إِلى كَوْثَرِ لِقائِكَ، فَلَكَ الحَمْدُ حَمْدًا يَنْزَعُ عَنْ هَياكلِ العِبادِ قَمِيْصَ الذُّلِّ وَالفَنآءِ وَيُلْبِسُهُمْ رِداءَ العِزِّ وَالبَقآءِ وَيَهْدِي الفُقَرآءَ إِلى شاطِئِ القُدْسِ وَالاسْتِغْنآءِ، فَلَكَ الحَمْدُ حَمْدًا بِهِ تَنْطِقُ الْوَرْقاءُ عَلَى أَفْنانِ سِدْرَةِ البَقاءِ، بِأَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ لَمْ تَزَلْ كُنْتَ مُقَدَّسًا عَنْ ذِكْرِ دُونِكَ وَمُتَعالِيًا عَنْ وَصْفِ ما سِواكَ، فَلَكَ الحَمْدُ حَمْدًا بِهِ تَغَنُّ عَنْدَلِيبُ البَهآءِ فِي جَبَرُوتِ العَمآءِ بِأَنَّ عَلِيًّا عَبْدُكَ الَّذِيْ اصْطَفَيْتَهُ بَيْنَ رُسُلِكَ وَصَفْوَتِكَ وَجَعَلْتَهُ مَظْهَرًا لِنَفْسِكَ فِي كُلِّ ما يَرْجِعُ إِليْكَ مِنْ ظُهُوراتِ صِفاتِكَ وَبُرُوزاتِ أَسْمائِكَ، فَلَكَ الحَمْدُ حَمْدًا بِهِ تُقِيْمُ كُلَّ شَيْءٍ بِثَنآءِ نَفْسِكَ وَذِكْرِ ذاتِكَ وَتُنْطِقُ كُلَّ الوُجُودِ بِأَذْكارِ سُلْطانِ جَمالِكَ، فَلَكَ الحَمْدُ حَمْدًا يَمْلأُ السَّمَواتِ وَالأَرْضَ مِنْ آياتِ عِزِّ هُوِيَّتِكَ وَيُدْخِلُ كُلَّ شَيْءٍ فِي سُرادِقِ قُرْبِكَ وَلِقائِكَ، فَلَكَ الحَمْدُ حَمْدًا يَجْعَلُ كُلَّ شَيْءٍ كِتابَ وَصْفِكَ وَصَحِيْفَةَ ذِكْرِكَ، فَلَكَ الحَمْدُ حَمْدًا بِهِ تَسْتَوِي ظُهُوراتُ سَلْطَنَتِكَ عَلَى عَرْشِ حُكومَتِك وتَسْتَقِرُّ شُئُوناتُ إِجْلالِكَ عَلَى كُرْسِيِّ أُلُوهِيَّتِكَ، فَلَكَ الحَمْدُ حَمْدًا بِهِ تُثْمِرُ أَشْجارُ اليابِسَةِ مِنْ نَسَماتِ قُدْسِ إِكْرامِكَ وَيُجَدَّدُ هَياكِلُ المَوجُوداتِ مِنْ أَرْياحِ عِزِّ إِفْضالِكَ، فَلَكَ اَلحَمْدُ حَمْدًا بِهِ تُنَزِّلُ آياتِ عِزِّ تَوْحيْدِكَ مِنْ سَمآءِ قُدْسِ تَفْرِيدِكَ، فَلَكَ الحَمْدُ حَمْدًا بِهِ تُعَلِّمُ كُلَّ شَيْءٍ مِنْ جَواهِرِ عِلْمِكَ وَساذِجِ حِكْمَتِكَ وَلا يُخَيَّبُ المَساكِيْنُ عَنْ أَبْوابِ رَحْمَتِكَ وَإِحْسانِكَ، فَلَكَ الحَمْدُ حَمْدًا بِهِ يَسْتَغْنِي كُلُّ مَنْ فِي السَّمَواتِ وَالأَرْضِ مِنْ كَنائِزِ اسْتِغْنائِكَ وَيَتَعَلَّى المُمْكِناتُ إِلى ذُرْوَةِ عِزِّ أَلْطافِكَ، فَلَكَ الحَمْدُ حَمْدًا بِهِ تَطِيرُ قُلُوبُ العُشَّاقِ فِي هَوآءِ القُرْبِ وَالاشْتِياقِ وَيَسْتَضِيءُ نُورُ النُّورِ فِي شَطْرِ العِراقِ، فَلَكَ الحَمْدُ حَمْدًا بِهِ يَنْقَطِعُ المُقَرَّبُونَ عَنْ كُلِّ الجِهاتِ وَيَجْذِبُهُمْ إِلى عَرْشِ الأَسْمآءِ وَالصِّفاتِ، فَلَكَ الحَمْدُ حَمْدًا بِهِ تَغْفُرُ الخَطَأَ وَالعِصْيانَ وَتَقْضِي حَوائِجَ كُلِّ الأَدْيانِ وَتُهِبُّ رَوائِحَ الغُفْرانِ عَلَى الإِمْكانِ، فَلَكَ الحَمْدُ حَمْدًا بِهِ يَصْعَدُ المُوَحِّدُونَ إِلى مَعارِجِ حُبِّكَ وَيَرْتَقِي المُخْلِصُونَ إِلى رِضْوانِ وَصْلِكَ، فَلَكَ الحَمْدُ حَمْدًا بِهِ يُقْضى حَوائِجُ الطَّالِبِينَ وَمَقاصِدُ العارِفِينَ، فَلَكَ الحَمْدُ حَمْدًا بِهِ تَمْحُو عَنِ القُلُوبِ إِشاراتُ التَّحْدِيْدِ وَتُثْبَتُ آياتُ التَّوْحِيدِ، فَلَكَ الحَمْدُ حَمْدًا بِهِ حَمِدْتَ نَفْسَكَ فِي أَزَلِ الآزالِ وَجَعَلْتَهُ مُقَدَّسًا عَنِ الشِّبْهِ والضِّدِّ وَالمِثالِ، يا مَنْ بِيَدِكَ جَبَرُوتُ الفَضْلِ وَالإِفْضالِ وَمَلَكُوتُ العِزِّ وَالإِجْلالِ، سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي وَسَيِّدِي تَشْهَدُ وَتَرَى وَتَعْلَمُ ما وَرَدَ عَلَى أَحِبَّتِكَ فِي أَيَّامِكَ وَنَزَلَ عَلَى صَفْوَتِكَ مِنْ تَرادُفِ بَلاياكَ وَتَتابُعِ قَضاياكَ وَتَوالِي رزاياكَ، حَيْثُ ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ وَأَخَذَتْهُمْ شُئُوناتُ قَهْرِكَ مِنْ كُلِّ الجِهاتِ وَآثارُ خَشْيَتِكَ مِنْ كُلِّ الأَقْطارِ، وَسُدَّتْ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَبْوابُ رَحْمَتِكَ وَعِنايَتِكَ وَمُنِعَتْ عَنْ رِضْوانِ قُلُوبِهِمْ أَمْطارُ فَيْضِ فَضْلِكَ وَأَلْطافِكَ، أَتَحْرِمُ يا إِلهِي مُحِبِّيكَ عَنْ بَدائِعِ نَصْرِكَ وَانْتِصارِكَ، أَتُخَيِّبُ يا مَحْبُوبِيْ مُخْلِصِيْكَ عَنْ جَوامِعِ جُودِكَ وَإِنْعامِكَ، أَتَمْنَعُ يا سَيِّدِيْ عارِفِيْكَ عَنْ شاطِئِ قُدْسِ عِرْفانِكَ، وَهَلْ تَقْطَعُ عَنْ أَفْئِدَةِ مُرِيدِيكَ أَمْطارَ عِزِّ إِفْضالِكَ؟ لا فَوَعِزَّتِكَ أَشْهَدُ حِيْنَئِذٍ بِأَنَّ رَحْمَتَكَ سَبَقَتِ المُمْكِناتِ وَعِنايَتَكَ أَحاطَتْ كُلَّ مَنْ فِي الأَرَضِينَ وَالسَّمَواتِ، لَمْ تَزَلْ كانَتْ أَبْوابُ جُودِكَ مَفْتُوحَةً عَلَى وَجْهِ عِبادِكَ، وَلا تَزالُ نَسَماتُ فَضْلِكَ سارِيَةً عَلَى قُلُوبِ خَلْقِكَ وَأَمْطارُ مَكْرُمَتِكَ جارِيَةً عَلَى بَرِيَّتِكَ وَأَهْلِ مَمْلَكَتِكَ، وَأَعْلَمُ بِأَنَّكَ تَأَخَّرْتَ ظُهُوراتِ نَصْرِكَ فِي الإِنْشآءِ لِما سَبَقَ بِهِ عِلْمُكَ مِنْ أَسْرارِ القَضآءِ وَخَفِيَّاتِ ما قُدِّرَ خَلْفَ حُجُباتِ الإِمْضاءِ، لِيُفْصَلَ بِذلِكَ مَنْ دَخَلَ فِي ظِلِّ رَحْمَتِكَ الكُبْرى عَنِ الَّذِي اسْتَكْبَرَ عَلَيْكَ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنِ اللِّقآءِ عِنْدَ ظُهُورِ جَمالِكَ الأَعْلی، فَسُبْحانَكَ فَسُبْحَانَكَ يا مَحْبُوبِيْ لَمَّا فُصِّلَ فِي المُلْكِ أَحِبَّائُكَ مِنْ أَعْدائِكَ وَتَمَّ حُجَّتُكَ الأَعْظَمُ وَبُرْهانُكَ الأَقْوَمُ عَلَى كُلِّ مَنْ فِي السَّمَواتِ وَالأَرْضِ، إِذًا فَارْحَمِ الَّذِيْنَ هُمْ اسْتُضْعِفُوا فِي أَرْضِكَ بِما وَرَدَ عَلَيْهِمْ فِي سَبِيلِكَ، ثُمَّ ارْفَعْهُمْ يا إِلهِي بِاقْتِدارِكَ وَمَشِيَّتِكَ ثُمَّ أَظْهِرْهُمْ عَلَى الأَمْرِ بِسَلْطَنَتِكَ وَإِرادَتِكَ، فَوَعِزَّتِكَ ما أَرَدْتَ فِي ظْهُوراتِ نَصْرِكَ إِلاَّ ارْتِفاعَ أَمْرِكَ وَإِعْلآءَ كَلِمَتِكَ، وَإِنِّيْ لأَيْقَنْتُ بِأَنَّكَ لَوْ تُؤَخِّرُ فِي إِنْزالِ نَصْرِكَ وَإِظْهارِ قُدْرَتِكَ لَتَمْحُو آثارُ سَلْطَنَتِكَ فِي مُلْكِكَ وَتَضْمَحِلُّ آياتُ حُكُومَتِكَ فِي مَمْلَكَتِكَ، فَيا إِلهِي قَدْ ضَاقَ صَدْرِيْ وَأَخَذَنِيَ الهَمُّ وَالغَمُّ عَنْ كُلِّ الجِهاتِ بِما أَسْمَعُ كُلَّ ذِكْرٍ بَيْنَ عِبادِكَ دُوْنَ بَدائِعِ ذِكْرِكَ، وَأَرى كُلَّ شَيْءٍ بَيْنَ بَرِيَّتِكَ إِلاَّ ما أَمَرْتَهُمْ بِهِ بِأَمْرِكَ وَقَضَيْتَ لَهُمْ بِسُلْطانِ مَشِيَّتِكَ وَقَدَّرْتَ لَهُمْ بِمَلِيكِ تَقْدِيْرِكَ، وَبَلَغُوا فِي الغَفْلَةِ إِلى مَقامِ الَّذِيْ لَوْ أَحَدٌ مِنْ أَحبَّائِكَ يُلْقِي عَلَيْهِمْ مِنْ بَدائِعِ آياتِ تَوْحِيدِكَ وَجَواهِرِ كَلِماتِ عِزِّ تَفْرِيْدِكَ يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ وَيَعْتَرِضُونَ َعَلَيْهِ وَيَسْتَهْزِئُونَ بِهِ، وَإِنَّكَ أَنْتَ أَحْصَيْتَ كُلَّ ذلِكَ بِإِحاطَةِ قَيُّومِيَّتِكَ وَأَحَطْتَ بِاقْتِدارِ رُبُوبِيَّتِكَ، سُبْحَانَكَ سُبْحَانَكَ يا سَيِّدِيْ فَانْظُرْ إِلى صُدُورِ الَّتِيْ تَشَبَّكَتْ مِنْ سِهامِ أَعْدائِكَ فِي مَحَبَّتِكَ، وَعَلَى رُؤُوسِ الَّتِي ارْتَفَعَتْ عَلَى القَناةِ لإِعْلآءِ أَمْرِكَ وَارْتِفاعِ ذِكْرِكَ، ثُمَّ ارْحَمْ قُلُوبَ الَّتِيْ احْتَرَقَتْ مِنْ نارِ حُبِّكَ وَوَرَدَ عَلَيْهِمْ ما أَنْتَ تَعْلَمُ بِعِلْمِكَ، سُبْحانَكَ يا إِلهِي أَنْتَ تَعْلَمُ ما قُضِيَ مِنْ أَيَّامِكَ فِي عِشْرِيْنَ مِنَ السِّنِينَ إِلى أَنْ بَلَغَ الزَّمانُ إِلَى الحِينِ وَوَرَدَ عَلَى أَصْفِيائِكَ فِي هذِهِ المُدَّةِ البَعِيْدَةِ ما لا يُحْصى بِالبَيانِ وَلا يُذْكَرُ بِاللِّسانِ، بِحَيْثُ ما وَجَدُوا مَوْطِنَ أَمْنٍ وَلا مَقْعَدَ صِدْقٍ، إِذًا يا إِلهِي بَدِّلْ خَوْفَهُمْ بِظُهُوراتِ أَمْنِكَ وَأَمانِكَ وَذُلَّهُمْ بِسُلْطانِ عِزِّك وَفَقْرَهُمْ بِمَلِيكَ غَنائِكَ وَاضْطِرابَهُمْ بِبَدائِعِ اسْتِقْرارِكَ، وَهُبَّ عَلَيْهِمْ مِنْ نَسَماتِ عِزِّكَ وَرَحْمَتِكَ، ثُمَّ أَنْزِلْ عَلَيْهِمْ مِنْ بِدائِعِ عِنايَتِكَ ما يُغْنِيْهِمْ عَنْ دُوْنِكَ وَيَنْقَطِعُهُمْ عَمَّا سِواكَ لِيَظْهَرَ سُلْطانُ أَحَدِيَّتِكَ وَمَلِيكُ فَضْلِكَ وَإِفْضالِكَ، أَما تَنْظُرُ يا إِلهِي عَلَى دُمُوعِ الَّتِيْ جَرَتْ عَلَى خُدُودِ أَحِبَّتِكَ؟ وَأَما تَرْحَمُ يا مَحْبُوبِيْ عُيُونَ الَّتِيْ عَمَتْ فِي فِراقِكَ وَتَعْطِيلِ آياتِ نَصْرِكَ؟ وَأَما تَنْظُرُ يا سَيِّدِيْ قُلُوبَ الَّتِيْ اسْتَدَفَّتْ فِيها وَرْقاءُ عِشْقِكَ وَشَوْقِكَ؟ فَوَعِزَّتِكَ كادَ الأَمْرُ يَصِلُ إِلى مَقامٍ يَمْحُو الرَّجآءُ عَنْ أَفْئِدَةِ أَصْفِيائِكَ وَيأْخُذُهُمْ نَقَماتُ اليَأْسِ بِما وَرَدَ عَلَيْهِمْ فِي أَيَّامِكَ، فَها أَنَا ذا يا إِلهِي هَرَبْتُ عَنْ نَفْسِيْ إِلى نَفْسِكَ وَعَنْ ذاتِيْ إِلى تَجَلِّياتِ أَنْوارِ ذاتِكَ، وَعَنْ شُئُوناتِ بُعْدِيْ وَغَفْلَتِيْ إِلى نَفَحاتِ قُرْبِكَ وَذِكْرِكَ، وَوَفَدْتُ عَلَى تُرابِ مَدْيَنِ مَغْفِرَتِكَ وَإِحْسانِكَ وَسَكَنْتُ فِي جِوارِ رَحْمَتِك الْكُبْری، وَأَسْتَشْفِعُ بِسُلْطانِ ذِكْرِكَ فِي قَمِيصِ جَمالِكَ الأَلْطَفِ الأَعْلی، بِأَنْ تُنَزِّلَ فِي هذِهِ السَّنَةِ عَلَى أَحِبَّتِكَ ما يَنْفَعُهُمْ عَنْ دُونِكَ وَيُخَلِّصُهُمْ لِظُهُوراتِ مَلِيْكِ مَشِيَّتِكَ وَسُلْطانِ إِرادَتِكَ، بِحَيْثُ لا يُرِيْدُونَ إِلاَّ ما أَرَدْتَ لَهُمْ بِأَمْرِكَ وَلا يَشاؤُونَ إِلاَّ بِما شِئْتَ لَهُمْ بِمَشِيَّتِكَ، ثُمَّ طَهِّرْ يا إِلهِي أَبْصارَهُم لِمُشاهَدَةِ أَنْوارِ جَمالِكَ وَسَمْعَهُمْ لاسْتِماعِ نَغَماتِ وَرْقاءِ عِزِّ هُوِيَّتِكَ، ثُمَّ امْلأْ قُلُوبَهُمْ مِنْ بَدائِعِ حُبِّكَ ثُمَّ احْفَظْ لِسانَهُمْ عَنْ ذِكْرِ غَيْرِكَ وَوُجُوهَهُمْ عَنِ التَّوَجُّهِ إِلى غَيْرِكَ، وَإِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ عَلَى ما تَشآءُ وَإِنَّكَ أَنْتَ العَزِيْزُ المُهَيْمِنُ القَيُّومُ، ثُمَّ احْفَظْ يا مَحْبُوبِي بِمَحَبَّتِكَ إِيَّاهُمْ وَمَحَبَّتِهِمْ إِيَّاكَ هذا العَبْدَ الَّذِيْ فَدى بِكُلِّهِ لِحَضْرَتِكَ وَأَنْفَقَ كُلَّ ما أَعْطَيْتَهُ فِي سَبِيلِ مَحَبَّتِكَ وَمَناهِجِ رِضائِكَ عَنْ كُلِّ ما يَكْرَهُهُ نَفْسُكَ، ثُمَّ مِنْ كُلِّ ما يَمْنَعُنِي عَنِ الدُّخُولِ فِي سُرادِقِ قُدْسِ سَلْطَنَتِكَ وَالوُرُودِ إِلى مَقاعِدِ عِزِّ أَحَدِيَّتِكَ، ثُمَّ اجْعَلْنِي يا إِلهِي مِنَ الَّذِيْنَ ما شَغَلَهُمْ شَيْءٌ عَنْ زيارَةِ جَمالِكَ وَالتَّفَكُّرِ فِي بَدائِعِ صُنْعِ أَزَليَّتِكَ حَتَّى لا أَسْتَأْنِسَ بِأَحَدٍ دُونَكَ وَلا أَلْتَفِتَ إِلى نَفْسٍ سِواكَ، وَلا أَرى فِي شَيْءٍ عَمَّا خَلَقْتَهُ فِي مَلَكُوتِ مُلْكِ السَّمَواتِ وَالأَرْضِ إِلاَّ بَدِيعَ جَمالِكَ وَظُهُورَ أَنْوارِ وَجْهِكَ، وَأَسْتَغْرِقَ فِي طَماطِمِ سُلْطانِ رُبُوبِيَّتِكَ وَيَمايِمِ قُدْسِ أَحَدِيَّتِكَ عَلَى مَقامِ الَّذِيْ أَنْسى كُلَّ الأَذْكارِ دُونَ أَذْكارِ عِزِّ هُوِيَّتِكَ، وَأَغْفَلُ عَنْ كُلِّ الإِشاراتِ يا مَنْ بِيَدِكَ جَبَرُوتُ الأَسْماءِ وَالصِّفاتِ، فَسُبْحَانَكَ يا مَقْصُودِيْ فَوَعِزَّتِكَ أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ عَلَى شَأْنِ الَّذِيْ لَوْ يَحْضُرْنَ بَيْنَ يَدَيَّ طَلَعاتُ اللَّواتِي كُنَّ فِي غُرَفاتِ عِصْمَتِكَ، وَسَتَرْتَ جَمالَهُنَّ عَنْ مُلاحَظَةِ المَوْجُوداتِ وَطَهَّرْتَ وُجُوهَهُنَّ عَنْ مُشاهَدَةِ المُمْكِناتِ وَيَظْهَرْنَ بِظُهُوراتِ أَنْوارِ جَمالِكَ المَنِيْعِ، لا أَلْتَفِتُ عَلَيْهِنَّ وَلا أَتَوَجَّهُ إِلَيْهِنَّ إِلاَّ لِمُلاحَظَةِ أَسْرارِ صُنْعِكَ الَّذِيْ تَحَيَّرَتْ فِيْهِ أَفْئِدَةُ المُقَرَّبِينَ وَكاعَتْ أَنْفُسُ العارِفِينَ، وَأَرْتَقِي بِحَوْلِكَ وَقُوَّتِكَ إِلى مَقامِ الَّذِيْ لَنْ يَشْغَلَنِيْ شَأْنٌ عَنْ شُئُوناتِ عِزِّ قَيُّومِيَّتِكَ وَلا تَحْجُبُنِيْ هَنْدَسِيَّاتُ المُلْكيَّةِ عَنْ ظُهُوراتِ قُدْسِ أُلُوْهِيَّتِكَ، سُبْحَانَكَ سُبْحانَكَ يا إِلهِي وَمَحْبُوبِي وَسَيِّدِيْ وَمَقْصُودِيْ لا تُخَيِّبْ هذَا الذَّلِيْلَ عَنْ شاطِئِ عِزِّكَ، وَلا تَحْرِمْ هذَا المِسْكِينَ عَنْ مَيادِيْنِ غَنائِكَ، وَلا تَطْرُدْ هذَا السَّائِلَ عَنْ أَبْوابِ فَضْلِكَ وَإِحْسانِكَ وَمَوْهِبَتِكَ، ثُمَّ ارْحَمْ هذَا المُفْتَقِرَ الَّذِيْ ما اتَّخَذَ لِنَفْسِهِ وَلِيًّا دُونَكَ وَلا أَنِيْسًا سِواكَ وَلا مُصاحِبًا غَيْرَكَ وَلا مَحْبُوبًا إِلاَّ أَنْتَ وَلا مَقْصُودًا إِلاَّ إِيَّاكَ، ثُمَّ انْظُرْنِيْ يا إِلهِي بِلَحَظاتِ رَحْمَتِكَ ثُمَّ اغْفِرْ جَرِيْراتِي وَجَرِيراتِ أَحِبَّتِكَ الَّتِيْ حالَتْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ إِنْزالِ نَصْرِكَ وَإِفْضالِكَ، ثُمَّ كَفِّرْ عَنَّا سَيِّئاتِ الَّتِيْ احْتَجَبَتْ بِها وُجُوهُنا عَنْ مُلاحَظَةِ أَنْوارِ شَمْسِ أَلْطافِكَ، وَإِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ عَلَى ما تَشآءُ وَتَحْكُمُ كَيْفَ تَشآءُ لا تُسْئَلُ عَمَّا شِئْتَ بِسُلْطانِكَ وَلا تُرَدُّ عَمَّا قَضَيْتَ بِقَضائِكَ، لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ العَزِيْزُ القادِرُ الحَيُّ الرَّؤُوفُ.