«إِنَّ قَلْبِيَّ الْآنَ مَشْغُولٌ بِذِكْرِكُمْ فِي مُنْتَهَى الْهَيْجَانِ،
وَلَوْ عَرَفْتُم مَبْلَغَ اِنْجِذَابِي نَحوَ الْأَحِبَّاءِ لَبَلَغَ بِكُمُ السُّرُورُ وَالْحُبورُ
دَرَجَةً تَولَّهَ فِيهَا بَعْضُكُمْ بَعْضاً.»
(حضرة عبد البهاء، مقتطف من ألواح الخطة الإلهيَّة-المجموعة الأولى- اللوح الثَّامن)
«كُن جَدِيرًا بثِقة جارِكَ، وانظُر إليهِ بوجهٍ مُشْرِقٍ ووَدُودٍ.»
– حضرة بهاء الله – (ترجمة غير مُعتَمدة)
من هو الصَّديق؟
مُدَّ لي يدَيكَ يا صَدِيقِي
نَسمُو بِبَعضِنا فِي رِحلةِ الحياةِ
نَملَؤُها جَمالًا وبَهاءً
نَنشُرُ فيهَا بَعضًا مِنَّ المحبَّةِ الَّتِي جَذَبتْ رُوحَيْنَا
هذا صَديقِي
مُؤنِسِي ورَفِيقِي
فإن أتعبَتنِي هُمُومُ الحيَاةِ
أجِدُ في سَندِكَ سَلامًا وموطِنًا
سامِحْ أخطائِيَّ الَّتِي لا أُسَامِحُهَا
واحْتَضِنْ جِرَاحِي لتُدَاوِيَهَا
هذا الوَفِيُّ صَدِيقِي
مُؤنِسِي ورَفِيقي
يدُكَ بيدِي
صُعودُ الجِبالِ أهوَنُ
وصِعابُ الطَّريقِ أَسلَسُ
فجوهَرُ صَداقتِنَا
مَحبَّةٌ أزليَّةٌ في أروَاحِنا
بَارَكَ الله بِها دُرُوبَنَا
لِنعمل معًا
لِنَجْعَلَ العَالمَ حَولَنا مَكانًا أجْمَلَ
هَذا صَدِيقي مُؤنِسِي ورَفِيقي
لُعبة تكوين الصَّداقات (التَّعارف وتبادل التَّحيَّة)
1) الأطفال يَجلسُون في دائرة.
2) تَبدأ إحدى الأطفال بمُغادرة مِقعدِها، وتمرُّ عَبر الدَّائرة، ثم تُصافِحُ الطِّفلة الَّتي تجلِسُ أمامَها (أي الَّتي تجلسُ في الكُرسيِّ المُقابل لها في الدَّائرة) والَّتي سَتقِفُ لاستقبالِ من تُصافِحُها.
3) ثمَّ تُقدِّم نفسها، قائلة على سَبيلِ المِثالِ: «مرحبًا، أنا سوزان. سعيدةٌ جِدًا برؤيتك.»
4) ثم تأخذُ سُوزان مِقعدَ الطِّفلة التي قامت بتَحيتِها، وتَعبرُ الطِّفلة الثَّانيَّة الدَّائرة لمُصافحةِ وقول مرحبًا لطفلٍ ثالثٍ.
5) يَستمرُّ هذا حتَّى يُتِمَّ تحيَّة الجميع وتَقديم الجَميعِ.
1) اللُّعبة تَعتَمدُ على الطِّفل الأوَّل الَّذي يحملُ كُرة مطاطيَّةً ناعمةً (أو بالون) ويُنادِي على أيِّ طفلٍ آخر باسمِهِ وفي الوقتِ نفسهِ يقُوم برَمي الكُرة إليهِ.
2) يقُوم الطّفل الَّذي أمسكَ الكُرة بسُرعةٍ بالتَّوجُّه إلى طفلٍ آخرَ ويُنادي عليه باسمهِ ثمَّ يَقومُ بِرميِّ الكُرة إليهِ.
3) وهكذَا يستمرُّ الأطفال في هذه اللُّعبة حتى يَحصل الجميعُ على العديدِ من الرَّمياتِ ومن التِقاط الكُرة، وتُتاحَ الفُرصَة لكُلِّ واحدٍ مِنهم كي يَتعرَّف على جميعِ الأسماءِ.
1) يَشتركُ كلُّ طفلٍ مع الطِّفل المُجاور له في حَدِيثٍ (عمل ثُنائِي)
2) يُخبر كلُّ طفلٍ شريكَهُ عن ثلاثةِ أشياءَ يُحبُّها، على سَبيلِ المِثال، لونُهُ المُفَضَّلُ، وحيَوانُهُ المُفضَّلُ، وما يُحِبُّ القِيام به في وقتِ فرَاغِه.
3) ضَرُورَةُ التَّأكدِ من تبادل الأدوارِ حتَّى يحصُلَ الجميعُ على فُرصةٍ للتَّحدُثِ، حيثُ يقوم الطِّفلُ الثَّانِي كذلك بإخبارِ شريكهِ عن ثلاثةِ أشياء يُحِبُّها.
4) يَعُودُ جميعُ الأطفال للجُلوسِ حولَ الدَّائرةِ، حيثُ يُخبر كلُّ طفلٍ الجَميع عن اسمِ شريكهِ وثلاثةِ أشياءَ عنهُ. على سبيل المثال: «هذا هُو عمر. وهو يُحِبُّ لعِب ألعابِ الكُمبيوتر، ولونُهُ المفضَّل هو الأخضرُ، ويحبُّ النُّمُورَ».
ذاتَ يومٍ بينما كنتُ عائِدًا في طريقِي من المدرسة إلى منزلِي رَأيتُ ولدًا نحِيلًا يُدعى كايل. كانَ يبدُو وكأنَّهُ يحمِلُ كُلَّ كتبِهِ معهُ، وتساءلتُ فِي نفسِي:
«لماذا يحملُ ولدٌ جَميعَ كتُبِهِ إلى المنزِلِ يوم الجمعة؟ لماذا لا يجدُ لنفسهِ أشياءَ أكثرَ تسليَةَ؟»
كُنتُ قد خَطَّطتُ لنفسي عُطلة نهايةَ أسبوعٍ مُمتِعةً بما في ذلك مُباراة كُرَة القدمِ مع أصدقائِي، لذلك تجاهلتُ المشهدَ الَّذي شاهدته وتابعتُ سَيرِي.
وفيما كنتُ أسيرُ، شاهدتُ مجموعةً من الأطفال يركُضون باتِّجاهِ ذلك الولد ثم قامُوا بإسقاطِ جميع كُتبه من يديه ثُمَّ أوقَّعُوهُ في التُّرابِ. طَارت نَظَّارَتُهُ، ورأيتُها تسقطُ وَسَط العُشبِ على بُعدِ حوالي عشرةِ أقدامٍ مِنهُ. ولَمَا رفعَ رأسَهُ رأيتُ نظرةَ حُزنٍ شديدة في عَينَيْهِ. تأثرَ قلبِي لحالِهِ. لِذا، رَكضتُ نحوَهُ وهُو يَزحَفُ بحثًا عن نظَّارتِه، ورأيتُ دَمعةً في عَينيهِ. وعِندما سلَّمتُه نَظَّارتَهُ، نظرَ إليَّ وقال لي: «مَهلاً، شكرًا!» ثُمَّ ظهرت ابتسامةٌ عريضةٌ على مُحَيَّاهُ. إنَّها تِلك الابتسامةُ الَّتي تعكسُ الامتنانَ الحَقيقيَّ.
سَاعدتُهُ في جمعِ كُتبه وسألتُه عن مكان سكنه. وتبيَّن لي أنَّهُ يعيش بالقرب من سكنِي، فسألتهُ لماذا لم أرهُ من قبل؟ قال إنَّه قد انتقل للتَّوِّ إلى تلك المنطقة. وتبادلنا الحديث طِوال الطَّريق إلى المنزل، وحملتُ معِي بعضَ كُتبِهِ. وأدركتُ أنَّهُ طفل وَدُودٌ ورائِعٌ.
ثمَّ سألتُهُ إذا كان يرغَبُ في مُشاركتِي مع أصدقائِي لبعض الوقتِ في لعَب كرة القدم، فأجابنِي: نَعم. هكذَا أمضَينا وقتًا مُمتِعًا طِوالَ عُطلة الأسبُوع، وكلَّما تعرَّفتُ على كايل أكثر، زاد إعجابِي به، كما أحَبَّهُ أيضًا أصدقائِي.
حلَّ صباحُ يوم الاثنين وها هو كايل يظهرُ مُجددًا بكومة ضخمة من الكتب. توقفتُ أمامَه وقلتُ له: «يا فتَى، ستبنِي عَضلاتٍ قويَّةً حقًا بهذه الكومةِ من الكُتبِ الَّتي تحمِلُها كُلَّ يومٍ!» ابتسم فقط وسلَّم لي نصف الكُتب لأحمِلها مَعي، وعلى مدى السَّنوات الأربع المُقبلةِ، أصبحنا أنا وكايل أفضلَ الأصدقاء. وعِندما أصبحنا في سِنٍّ أكبر بَدأنَا نُفكِّر في الكُلِّيَّة. قرر كايل مُتابعة دراسته ليُصبِح طبيبًا بينمَا كنتُ قد اخترتُ لنفسِي مَسَارَ دِراسةِ إدارةِ الأعمَال. وعلى الرَّغم من أنَّنا عَزمنَا على التَّوجُهِ لكُلياتٍ مُختلفةٍ فقد أدركتُ أنَّنا سنبقَى أصدِقاء دومًا. كان كايل أحد أُولئك الشَّبابِ الَّذين تفَوَّقُوا بالفعل خِلال سنواتِ الدِّراسةِ الثَّانويَّة، وكان يَحظَى بشعبيَّةٍ كبيرةٍ بين الجميع. في آخِر يومٍ من أيامِنا في المدرسة، طُلِبَ منهُ إعدادُ خِطابٍ للتَّخرج لأنَّه كان من أبرزِ الطَّلبة على رأسِ صفِنا، وكُنتُ سعيدًا جدًّا بذلك لأنَّه لم يكُن عليَّ أن أصعد وأتحدثَ إلى الجُمهورِ.
وعِندما لاحظتُ أنَّه كان مُتوتِرًا بشأنِ الخِطاب الَّذي سيُلقيه، قُمتُ بضربِه بكلِّ لُطفٍ على ظَهرهِ وقلتُ لهُ: «هيا أيُّهَا الشّاب، أنا متأكد بانَّك ستكون رائعًا».
نظر إليّ بإحدى تلك النَّظرَات المُمتنة حقًا وقال مُبتسمًا: «شكرًا!». وكم بَدَا عظِيمًا بنظرَاتهِ وثقتهِ على تِلك المِنصَّةِ فالجميعُ قد أحبَّهُ.
فعِندما بدأ خِطابَهُ، قامَ بتلطيفِ صَوتِ حُنجرتِهِ وشَرع يقُول: «إنَّ التَّخرُّجَ هو الوَقتُ المُناسِبُ لشُكر أولئِك الَّذين ساعدُوك على تَجاوزِ تِلك السَّنواتِ الصَّعبة. والِديك، وأساتذتُكَ، وإخوتُك وأخَواتُك، ورُبَما حتَّى المُدرِّبُ… ولكِن بشكلٍ خاص أصدِقاءُك… أنا هُنا لأقُولَ لكُم جميعًا أنَّ الصَّدَاقةَ هِي أعظمُ هديّةٍ يُمكنكَ تَقدِيمُها لِشخصٍ مَا. سأحكِي لكُم قِصَّةً..».
ونظرتُ إلى صَديقي وهو يُلقي كلماتِه وأنا لا أُصدِّق أنَّهُ يحكِي لهُم قِصَّةَ أوَّل يومٍ التقينَا فيهِ. وصرَّحَ أنَّهُ كان غاضِبًا جِدًّا في ذلك اليوم لدرجةِ أنَّه كان عازِمًا أنَّ لا يعُودَ إلى المدرسة بعد نِهايةِ العُطلةِ الأسبوعيّة، ولهذا السَّبب حَملَ جَميعَ كُتُبهِ مَعهُ إلى المَنزلِ. ثُمَّ نظرَ إليّ بِتَمَعُّنٍ ومنَحنِي ابتسامةً صغيرةً وتابعَ كلامَهُ: «لِحُسنِ الحَظِّ، أنقذَنِي صَدِيقِي هَذا». ثمَّ رأيتُ والدتهُ ووالدَهُ ينظُرانِ إليّ ويبتسِمانِ بِنفسِ الابتسامةِ المُمتنَّةِ. لم أُدرِك حتَّى تِلك اللَّحظة مدى تأثيرِ فِعلٍ واحدٍ للطِّيبة النَّابِعةِ من القلبِ وكيف يُمكنُ أن يصِلَ تأثيرُ ذلك الفِعل لدرجةِ تَغيير مَصيرِ حياة إنسان. حقًّا، إنَّ الله يضعُ كُلَّ واحدٍ مِنَّا في حياةِ الآخرِ لمُساعدةِ بعضِنَا البعضِ.
لِكَيْ تَمتلكَ أَصْدِقَاءً جَيِّدِين، يَجبُ أَنْ تَكُون أَنتَ أَيضًا صديقًا جَيِّدًا…
فيما يلي بَعضُ الطُّرقِ الَّتي يُمكِنكَ مِن خِلالِها أن تكُون صدِيقًا جيِّدًا:
الأصدِقاءُ الْحَقِيقِيُّونَ يَتَحَدَّثُونَ مَع بَعضِهم البَعض. كما أَنَّهُمْ يَستَمِعُونَ بِاهْتِمَامٍ لِبَعضِهِم البَعضِ، ويُحاوِلُونَ فهمَ مَشَاعِرِ بَعضِهِمْ البَعضِ، ويَغفِرُونَ لِبَعضِهِمْ الْبَعضَ عِندَمَا يَكُونُونَ فِي مَزَاجٍ سَيِّئٍ أَحْيَانًا.
الأصدِقاءُ الْحَقِيقِيُّونَ يَهتمُّون بِبعضِهِم البَعضِ. إِذَا قام صَدِيقُكَ بِعَمَلٍ جَيِّدٍ حَقًّا، فَإِنَّكَ سَتكُونُ سَعِيدًا مِثلهُ، وَتَستمتعُ بِنجاحهِ كما لَو كان نجاحك.
الأصدِقاءُ الحَقيقيُّون لا يُهِينُونَ بَعْضَهُم البَعضَ ولَا يُؤْذُونَ مَشَاعِرَ بَعْضِهِم البَعض.
لِتَكُونَ صَدِيقًا جَيِّدًا، يَجِبُ أَن تكونَ جَدِيرًا بِالثِّقَةِ وَصَادِقًا.
الأصدقاء الجَيِّدُونَ يَحتَرِمُونَ بَعْضَهُم البَعضَ، لا يَجبُ عَلَيهِم أَن يَتَشَابَهُوا فِي كُلِّ شَيْءٍ، فَقَد يَخْتَلِفُونَ فِي الأَطْعِمَةِ الَّتِي يُحِبُّونَهَا، وَالْمُوسِيقَى الَّتِي يَسْتَمِعُونَ إِلَيهَا، وَالْبَرَامِجِ التِّلفَزِيُونِيَّةِ الَّتِي يُشَاهِدُونهَا. ومَعَ ذلك، يَظلُّونَ أَصْدِقَاءً جَيِّدِينَ لأَنَّهُمْ يُقَدِّرُونَ بَعْضَهُم البَعضَ وَيَتَفَهَّمُونَ التَّنوُّعَ فِي اهْتِمَامَاتِهِم وفي أَذْوَاقِهِم.
إِذَا حَدَث خِلَافٌ بَينَكَ وبَيْنَ صَدِيقِكَ، عُدْ فِي وَقتٍ لاحقٍ وَحَاوِل أَنْ تُصلِّحَ الأَمرَ.
لا تَخَف أَبَدًا مِنْ قَوْلِ «آسِف» إِنْ أخطأتَ.
أيُّها الحبِيبُ
«فِي رَوْضَةِ الْقَلْبِ غَيْرَ وَرْدِ الْعِشْقِ لَا تَغْرِسْ، وَعَنْ بُلْبُلِ الْحُبِّ وَالشَّوْقِ لَا تُرْخِ قَبْضَتَكَ عُدّ مُصاحبَةَ الأبرَارِ غنِيمَةً، وانْفُضْ يَدَكَ وَجِنَانَكَ مِنْ مُرَافَقَةِ الأَشْرَارِ.»
حضرة بهاء الله
الكلمات المكنونة الفارسيّة (الترجمة العربيّة) – من منشورات دار النشر البهائية في البرازيل – حزيران 1995م النص رقم 2
* مُصاحبةُ مَن تُعدُّ غَنِيمَةً؟
يا أحبائِي
«سِيرُوا فِي سَبِيلِ رِضَاءِ الْمَحْبُوبِ وَفِي رِضَا الْخَلْقِ كَانَ رِضَاؤُهُ وَيَكُونُ فَلَا يَدْخُلَنَّ صَدِيقٌ بَيْتَ صَدِيقِهِ بِلَا رِضَاهُ، وَلَا يَتَصَرَّفَنَّ فِي أَمْوَالِهِ وَلَا يَرْجَحَنَّ رِضَاءَهُ عَلَى رِضَائِهِ، وَلَا يَعُدَّنَّ نَفْسَهُ مُقَدَّمًا عَلَيْهِ فِي أَمْرٍ مِنَ الأمُور فتفكَّرُوا فِي ذلكَ يَا أُولِي الأفكَار.»
حضرة بهاء الله
الكلمات المكنونة الفارسيّة (الترجمة العربيّة) – من منشورات دار النشر البهائية في البرازيل – حزيران 1995م النص رقم 28
* في سبيلِ مَن يجبُ أن نَسير؟ وماهيَ الأمور التي يَجب أن نَلتزمَ بها؟
يا أبناءَ الغفلةِ والهَوَى
«أَدْخَلْتُمْ عَدُوِّي فِي بَيْتِي، وَأَقْصَيْتُمْ عَنْكُمْ مَحْبُوبِي كَمَا أَنْزَلْتُمْ فِي قُلُوبِكُمْ حُبَّ غَيْرِي. اسْمَعُوا بَيَانَ الْمَحْبُوبِ وإلى رِضوَانِهٍ أَقْبِلُوا: مَا زَالَ أَصْدِقَاءُ الظَّاهِرِ يُحِبُّونَ بَعْضَهُمْ بَعْضًا مِنْ أَجْلِ مَصَالِحِهِمْ الشَّخْصِيَّةِ إِلَّا أَنَّ الصَّدِيقَ الْحَقَّ أَحَبَّكُمْ وَيُحِبُّكُمْ مِنْ أَجْلِ أَنْفُسِكُمْ لَا بَلْ إِنَّهُ قَبِلَ بَلَايَا لَا تُحْصَى فِي سَبِيلِ هِدَايَتِكُمْ فَلَا تَجْفُوا مِثْلَ هَذَا الصَّدِيقِ وَسَارِعُوا إِلَى مَقَامِهِ. هَذِهِ شَمْسُ كَلِمَةِ الصِّدْقِ وَالْوَفَاءِ الَّتِي أَشْرَقَتْ مِنْ أُفُقِ إِصْبَعِ مالكِ الأسمَاءِ افْتَحُوا آذَانَكُمْ لِإِصْغَاءِ كَلِمَةِ اللهِ الْمُهَيْمِنِ الْقَيُّومِ.»
حضرة بهاء الله
الكلمات المكنونة الفارسيّة (الترجمة العربيّة) من منشورات دار النشر البهائية في البرازيل- حزيران 1995م النص رقم 37
كُنتُ مريضًا وكنتُ أُقِيمُ في دارِ مُسنِّين لِبضعةِ أسابيع حتَّى أشفى تمامًا. كان مكانًا جمِيلًا، مع وُجودِ زُهورٍ على جانِبَي الطَّريق المُؤدِّي إلى الباب الأمامِيِّ ونَوافذَ كبيرة تَدْخُلُ الشَّمسُ من خِلالِها. وكانتِ المُمرِّضَاتُ لطِيفاتٍ جدًّا، على الرَّغم من أنَّهنَّ عادةً ما يكُنَّ مشغُولاتٍ جدًا بحيث لا يتوقَّفنَ للتَّحدّث، حيث إنَّهنَّ يَعتنينَّ بالعديدِ من المرضَى الآخرِين، وليس بِي فقَط.
وفي يَومٍ من الأيَّام، عِندمَا شعرتُ بالوَحْدةِ، قَرَّرتُ أن أذهبَ عبرَ القاعةِ إلى غُرفةِ الجُلوسِ لأرى ما إذا كان يُوجدُ أيُّ شخصٍ هناك. المُشكلةُ الوحيدةُ كانت أنَّهُ في الطَّريق إلى غُرفةِ الجُلوس، كان عليَّ أن أمُرَّ بجِوارِ بابٍ مفتُوحٍ لغرفةٍ يوجد فيها طائرٌ محبوسٌ في قفَصٍ. وكان الطَّائر دائِمًا يُصدِرُ صَوتًا عاليًا ومُزعِجًا كُلَّمَا رأى شَخصًا يمرُّ. فكان يَصرخُ بأعلَى صوتِهِ ويضرِبُ نفسَهُ بين القضبانِ، مُسبِّبًا أحيانًا تَساقطَ ريش جَناحيْهِ على أرضِيَّةِ القَفص. وكان يَستمرُّ في الصُّراخ حتّى يختَفِي الشّخصُ عن الأنظار مرَّةً أُخرى.
كان الجميعُ يَكرهُون ذلك الطَّائِر ويقولون إنَّه مجنون ويجب التَّخلصُ منه. تساءلتُ عمَّا يجب عليَّ فعلهُ بشأن هذه المُشكلةِ حيث إنَّني كنتُ أشعرُ بالشَّفقةِ عليهِ، ولكنَّني لا أستطيعُ تحمُّلَ الضَّوضاء أيضًا. نظرًا لأنَّنِي كنتُ أجلسُ في كرسيٍّ متحركٍ، لم أستطِع أن أركضَ بجِوارِ الباب. ونظرًا لأنَّه كان عليَّ استخدامُ يديَّ لدفعِ نفسِي، لم أستطِع وضعَ أصابعي في أذُني لمنعِ الصَّوتِ. لذا فعلتُ شيئًا آخر، دَخلتُ الغرفةَ.
قفز ذلك الطَّائر صُعُودًا وهُبُوطًا وصَاح في وجهِي بلغة الطُّيور لفترةٍ طويلةٍ! ولكن عندمَا لم أتحرك، واكتفيتُ بالجُلوس هناك، بدأ بالهُدوءِ تَدْرِيجِيًّا. لم أحرِّك أيَّ إصبعٍ، وظلَّ الطَّائرُ وأنا نتأمَّلُ بعضنا البَعضَ. كان بحجمِ حمامةٍ ولكنَّهُ أجملُ من ذلِك.
كان ببغاءً مُروَّضًا، على الرَّغم من أنَّ أجدادهُ ربَّما كانُوا في البريِّة يَطيرُون بحُريّة في غابات الأمطار في إفريقيا. يُقال إن الببغاواتِ هي أذكَى الطُّيور في العالمِ، وَهي قادرةٌ على تعلُّم كُلِّ أنواعِ الحِيل وحتَّى ألفَي كلِمة! ليس من العجبِ أنَّ هذا الببغاء كان يُحاولُ أن يُخبرنَا كم كان يَشعرُ بالمللِ، وهو مَحبوسٌ في قفصٍ صغيرٍ بعيدًا عن الجَميعِ! وفيما بعد علِمتُ أنَّ صاحِبهُ قد تُوُفِّيَ، ولذلك كان غير سعيدٍ.
قُلتُ لهُ كَم هو جَميلٌ فأدار رأسهُ إلى جِهتِي ونظرَ إليَّ بعينيهِ السَّاطِعتين المليئتَينِ بالأسئلةِ. كان لديهِ مِنقارٌ قويٌّ جدًّا، لذا لم أحاولُ لَمسَهُ، على الأقلِّ في ذلك الوقتِ.
كلُّ يومٍ كُنت أُزورُ الببغاء وأتحدَّثُ إليهِ. وعلى الرَّغم من أنَّه لا يزالُ يثير الضَّجَّة عندما يمُرُّ النَّاس، إلَّا أنَّه توقفَ عن الصُّراخ المُرعبِ.
وبعد أسبوعٍ فتحتُ بابَ قفصِه، ومنعتُهُ من الهُرُوب بِذِرَاعَيَّ، وببطءٍ وضعتُ يدِي داخِلَ القفصِ، مُسنِدًا إيَّاها على قاعِ القفصِ. نظرَ إليها لمدَّة دقيقةٍ ثم قفزَ على إصبُعِي.
كانت تلك من أجملَ اللَّحظاتِ على الإطلاقِ. بقيتُ ثابتًا جدًّا مُتجنِبًا إخافتهُ بأيَّة حركةٍ تصدرُ منِي، وجلسَ هناكَ لِوقتٍ طويلٍ، أحيانًا يَمُدُّ رأسَهُ ليتناولَ الطَّعام من وِعاءِ بذُورهِ ويشربُ من الماء، وهُو مُسترخٍ وسعيدٌ تمامًا. ثُمَّ رفعتُ يدِي بحَذرٍ حتَّى أُصبحت على مُستوى عَصَا مَقعَدِهِ، فقفز عليهَا. كان يثقُ بي، وكنتُ أثِقُ به عن طريقِ فتح باب القفصِ والسَّماحِ لهُ بالخرُوج. كان يجلِسُ على يدِي ولم يُحاول أبدًا الطَّيران خارجَ الغُرفةِ.
كنتُ أحكي له القِصصَ وكان يصدرُ أصواتَ همهمةٍ ناعمةٍ من أعماقِ حُنجُرتهِ ويُرفرِفُ بجناحيهِ بِرضًا. تُرى، كم كان وَحِيدًا، كان يرغبُ فقط في أن يكُون لديهِ شخصٌ لطيفٌ معهُ وصديقٌ لهُ. أنا أيضًا أردتُ صديقًا وفي النِّهايةِ وجدَ كلٌّ منا الآخرَ.
العربيَّة: صدِيق
الفارسِيَّة: دُوست
الإنجليزيَّة: Friend
الفرنسِيَّة: Ami
الإسبانيَّة: Amigo
الألمانيَّة: Freund
الإيطالِيَّة: Amico
الرُّوسيَّة: Drug
الصِّينيَّة: Péng yǒu
اليابانيَّة: Tomodachi
البُرتغاليّة: Amigo
الهنديّة: Mitra
الإندُونيسيّة: Teman
السَّواحليّة : Rafiki
«لا تَرضُوا لأحدٍ ما لا تَرْضَوْنَهُ لأنفسِكُم …»
حضرة بهاء الله –الكتاب الأقدس الفقرة 148
اقرأ هذه الكلمات لِحضرةِ بهاء الله بِعناية: جميعُ رسلِ الله قَد أعطَونا نَفسَ النَّصِيحة. لا أحد مِنا يُحِبُّ أن يَتعرضَ للأذَى أو يكون غير سَعيدٍ، لذا يجبُ علينا ألا نفعَل أيَّ شيءٍ يُمكنُ أن يَجعل شخصًا آخر حزينًا أو غَير سعيدٍ.
ماهي الأشياءُ الجيِّدة الَّتي نتمناهَا لأنفُسِنا؟ مُعظمنا يرغبُ في أن يَكُون سعيدًا وبِصِحَّة جيدة ومَحبُوبًا ومُوَاسِيًا. وأن يَتعاملَ الآخرُونَ معهُ بطريقةٍ عادلةٍ ومُنصفةٍ، وأن يُعامِلُوه بلُطفٍ ويتحدَّثُوا إليهِ بأدبٍ. وأن يتَسامحُوا معه عندما يَرتكِبُ الأخطاءَ، وأنْ يمُدُّوا له يَدَ المُساعدةِ عندما يُواجهُ صعوبةً.
كما يَتمنى أن يكُون لديه شعُورٌ قويٌّ بالارتباطِ والقُربِ من الله. ونَفسُ هذه الأُمنيات هي الَّتي يَجبُ أن تتمناهَا للآخَرين كما تتمناهَا لنفسِك.
ما هي الأشياءُ الأخرى الَّتي تتمناهَا لِنفسك؟
كانَ هناك بَعض الأشخاص يُكِنُّون العَداءَ لحضرة بهاء الله في بَغداد وكانُوا يُخطِّطون لإيذائِه. عِندما سَمِع المُؤمنون ذلك، تَوسَّلُوا إليه أن يختبِئَ وأن لا يُغادرَ مَنزِلَهُ. ولكن حضرة بهاء الله لم يكُن قلقًا واستمرَّ في التَّجَوُلِ في الشَّوارع، وزيارةِ النَّاس، والذَّهاب وحدهُ في اللَّيل للمَشيِّ والصَّلاة بِجانبِ نهر دِجلة. قال حضرة بهاء الله للأصدقاء «لَقد أشعلنا نَار الحُبِّ» و«لن نَهرب». ومع ذلك، كان المؤمنونَ لا يزالون قَلقِين. وليلةً بعد لَيلةٍ، كانُوا يَقومُون بالحِراسةِ خارج مَنزلهِ وهم قلقون عليهِ.
في إحدى اللَّيالي، مشى أكثر من مائة عَدُوٍّ في الشَّارع الَّذي يَعيشُ فيه حضرة بهاء الله. كانُوا يَضربُون صُدُورهُم ويَنْعَونَ بصوتٍ عَالٍ، مُتظاهِرين بأنَّ شخصًا ما توَفَّي. وعِندما وَصلُوا إلى مَنزلِ حَضرة بهاء الله، تَوقَّفُوا. واستَعدَّ المؤمِنُون الَّذين كانُوا يَحرسُون حضرتهُ لمُواجهتِهِم، ولكنَّهم فوجئُوا عندما قال حضرة بهاء الله: «إنَّهُم ضيُوفنَا، افتحُوا البابَ ودَعُوهُم يَدخُلُون». اندفعَ الرِّجال الغاضِبُونَ إلى المَّنزل، يَعتزمُون إثارةَ المَشاكلِ. ولكنَّ حَضرة بهاء الله لم يكُن خائِفًا. استقبلهُم وتحدَّث إليهِم بِلُطفٍ. قَدَّم لهم مَشروباتٍ لذيذةً من شرابِ ماءِ الوَردِ وأكوابًا من الشَّاي السَّاخن والحُلوِ.
كان الرِّجال يُخطِّطُون لمُهاجمةِ حضرة بهاء الله، ورُبَّما حتَّى قَتلهِ. وهو يَبتسم ويَستقبلُهم بِكُلِّ تِرحابٍ! فتَساءلُوا في أنفسهم: “من هو هذا الشَّخص؟”. لقد شعرُوا بِحُبِّهِ العَظيم ونظرُوا إلى بعضِهم البَعض، لا يَعرفُون ماذا يَفعلُون. ولكونِ حَضرة بهاء الله كان مُهذَّبًا ولَطيفًا جِدًّا، شَعرُوا بالخجل من سُوءِ سُلوكهم. فقد جاءُوا إلى مَنزلهِ كأعداءَ، ولكنَّهم جميعًا غادروهُ كأصدقاءٍ.
ما الَّذي جعل الأعداء أصدقاء؟