ألوان كوكبنا الجميل
ألوان كوكبنا الجميل

ألوان كوكبنا الجميل

في صباحٍ مشرقٍ من أيّام الرّبيع، جلست ليلى الصّغيرة في الحديقة تتأمّل الألوان من حولها. رأت الزّهور الحمراء والصّفراء والبنفسجيّة تبتسم لها، والفراشات ترفرف فوقها كأنّها ترسم لوحاتٍ في الهواء. نظرت إلى السّماء، فرأت قوس قزح يزيّن الأفق بعد المطر.

فسألت جدّتها بحماس: “جَدَّتي، لماذا توجد كلّ هذه الألوان؟ لماذا لا يكون كلّ شيء بلون واحد؟” ضحكت الجدّة بحنان، وقالت: “يا صغيرتي، الألوان ليست مُجرّد زينة، إنّها مثل قلوب البشر … مختلفة، لكنّها تتناغم معًا لتجعل الحياة جميلة”.

فكّرت ليلى قليلاً وقالت: “مثل أصدقائي في المدرسة! نحن نبدو مختلفين، لكنّنا نلعب معاً ونضحك ونتشارك الطّعام.” أومأت الجدّة قائلة: “بالضّبط! الألوان تعلّمنا أنّ الاختلاف لا يعني التّفرقة، بل هو نعمة، لأنّ كلّ لون يُكمّل الآخر، مثل لوحةٍ لا تكتمل إلّا بجميع ألوانها.”

ثمّ أشارت إلى السّماء وقالت: “تخيّلي لو أنّ كلّ الألوان اختفت وبقي لون واحد فقط! ستبدو الدّنيا مـملّة، أليس كذلك؟” ضحكت ليلى وقالت: “نعم! ستكون كأنّها قصّة بلا صور.”

ثمّ همست الجدّة وكأنّها تخبر سرًّا: “نحن جميعًا نعيش على كوكبٍ واحد، بيتٍ واحد اسمه الأرض، ولسنا وحدنا فيه، بل مع عائلة كبيرة اسمها الإنسانيّة. لا أحد سيأتي من كوكبٍ آخر ليُصلح العالم، نحن من يجب أن نحبّ بعضنا، ونساعد بعضنا، ونبني عالمًا أجمل معًا.” سكتت ليلى لحظة، ثمّ قالت: “إنّني أعشق هذا النّصّ وأردّده باستمرار: {ليس الفخر لحبّكم أنفسكم بل لحبّ أبناء جنسكم، وليس الفضل لمن يحبّ الوطن بل لمن يحبّ العالم*}”.

ابتسمت الجدّة ثمّ قالت: “انظري، حتّى في الصّلاة، أسرتنا وأصدقائنا وجميع النّاس من حولنا نُصلّي بطرق مختلفة … لكنّنا جميعًا نشعر بالسّكينة. نعم یا لیلی، العالم مثل سيمفونيّة جميلة، فيها ألحان كثيرة: لغات، أناشيد، أدعية، وصلوات … بعضها يُقال بصوتٍ عالٍ، وبعضها يُهمَس في القلب. لكن كلّها تصعد إلى السّماء، وتصل إلى الله.” صمتت للحظة ثمّ قالت: “ما أجمل أن نتعلّم أنّ لا أحد يشبه الآخر تمامًا … حتّى الأشجار لا تتشابه، ولا الغيوم، ولا الطّيور. وهذا ليس عيبـًا، بل هبة عظيمة. فعندما نحبّ التّنوّع ونفرح به، تنمو المحبّة، ويكبر قلبنا، ونتقارب أكثر.”

هزّت ليلى رأسها وقالت بفرح: “أنا أحبّ أن أكون زهرة بين أزهار مختلفة”. ضحكت الجدّة وربّتت على كتفها: “وأنا أحبّ أن أراكِ تنشرين الحبّ، مثل قوس قزح صغير بين النّاس”. وابتسمت الأرض في صمت، وهي تستمع إلى هذه القصّة التي تشبه ألوانها… وظلّت الزّهور تردّد: “نحن مختلفون، لكنّنا واحد… بالحبّ، بالتّسامح، وبالوحدة”.

مجموعة الواح حضرة بهاء الله بعد الكتاب الاقدس، لوح الحكمة